رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أستاذ الدراما.. كيف خالف عبد الرحيم كمال التوقعات في مسلسل الحشاشين؟

الحشاشين
الحشاشين

ربما تكون أهم مميزات عبد الرحيم كمال في كتابته للدراما هو أنه يمنحك كل المعطيات والشخصيات حتى تتوقع ما الذي يمكن أن يحدث، ولكنه يخالف كل توقعاتك ويمنحك سيناريوهات مغايرة تمامًا، والقصة نفسها سمحت له بذلك، فما وصل من سيرة حسن الصباح لعصرنا الحالي وعدم اكتمالها سمح لعبد الرحيم كمال بالتدخل وإضافة أبعاد أخرى للشخصية من خلال تحليلها والعمل عليها ودراسة دوافعها وتوقع ما حدث لها من تحولات، كما أنه قام بإضافة شخصيات وغيرها.

مقتل دنيا زاد
دنيا زاد هي زوجة حسن الصباح في الحشاشين، وبالرغم من أن عبد الرحيم كمال منح الجميع الرؤية الشخصية الخاصة لحسن الصباح واعتقاده أنه الإله، له الحق في موت الناس من أجله، وقتل كل المخالفين لعقيدته وأوامره حتى قتل ابنه الحسين على اعتبار أنه قصاص، إلا أن أحدًا لم يتوقع منه قتل زوجته دنيا زاد. فبالرغم من محبته الكبيرة لها، إلا أنها كانت تقف عائقًا ضد دعوته، وتنذر الجميع في أصفهان بأن الصباح قاتل وأنه يعتقد أنه إله. فما كان منه إلا أن أمر بقتلها وقبل كل هذا توجه لابنه الهادي وقال له "عظم الله أجرك في أمك".

شخصية حسن الصباح

كان عبد الرحيم كمال عبقريا في تناوله لشخصية حسن الصباح في هذا السياق، فالمعلومات والمصادر عن الرجل قليلة للغاية، الصباح الذي انصاعت له جباه المغفلين والبسطاء ممن لا يعرفون دينهم، ومنحوه حيواتهم فداء له بطرق فيها الكثير من التدليس على اعتبار انه صاحب مفتاح الجنة.

ويورد عبد الرحيم كمال بالمواقف كيف جن جنون الصباح واعتقد انه اله أو ظل الله على الأرض، فمات فيه الانسان والاحساس حد انه يقتل ابنه وزوجته، ورفيقه وصديقه والزواج من أخرى على اعتبار انه يريد فقط ولدا لحسن الصباح منها، وتركها ورجع إلى قلعة ألموت، وبرغم كل هذا لكنه كان ذكيا فحين منح الراعي جلبابه والكثير من الدنانير وقال له اذهب إلى قلعة ألموت، كان ذلك لشكه في برزك أميد، ولجعله الشك وسيلة للتعامل مع الجميع، فحين قتل الراعي كان ذلك دليلا على أن قلعة ألموت لا زالت تدين لحسن الصباح بالولاء..

قتل حسن الصباح في مسيرته الكثير ومنهم صديقه نظام الملك، ورفيقه زيد بن سيحون، وولده الحسين بن الصباح وزوجته دنيا زاد، والعديد من الشخصيات التي كانت تقف مثل متراس ضد دعوته، قتلهم بدم بارد دون ان يطرف له رمش، وهو ما يؤكد ان كان مصابا بأمراض نفسيه هيأت له القدرة على تصور نفسه في منزلة الرب، وأدار عبد الرحيم كمال شخصيته بقدرة وكيف استطاع ان يستميل معظم الناس بمعسول الكلام وبتصور الرؤى، وبجنته المزعومة.

مقتل يحيي

توقع الجميع ان يكون يحيي هو من يقتل حسن الصباح في النهاية، فما مر به يحيي من قتل ابويه بإيعاز من حسن الصباح، ومقتل رفيقيه وأمره ليحيي برميهما من فوق قلعة ألموت، كلها أمور كانت تؤجج وتشحن في صدر يحيي، حتى أنه قال لزوجته وحبيبته نورهان أنه سيقتل حسن الصباح او يموت شهيدا، وتوقع الجميع ان يكون يحيي هو قاتل حسن الصباح في النهاية نظرا لتطور الشخصية الدرامي، لكن عبد الرحيم كمال خالف كل التوقعات وتم اعدام يحيي في ميدان عام بأمر من وزير الدولة السلجوقية الخائن سراج.

كيف عاش حسن الصباح

أبرز عبد الرحيم كمال أن الشك في الجميع هو وسيلة حسن الصباح في الحياة، والشك هنا في أقرب المقربين، فكان يعرف عداء زوجته دنيا زاد ومحاولتها لقتله، لكن دنيا زاد عدو صريح لا يخشاه حسن الصباح، وكشف كل محاولاتها لقتله، وتركها لانها لم تكن تشكل خطرا عليه، ولكن حين هربت ووجهت لسانها بالحديث عنه للسيدات في أصفهان قتلها..

تماما مثلما كانت العلاقة بين برزك أميد وزيد بن سيحون، كلها علاقة قائمة على التنافس والتشكيك فجعلهما ينظران لبعضهما ومحاولاتهما التفوق كل على الآخر والإدانة بالولاء أكثر لحسن الصباح، وواجه الصباح برزك اميد بشكه فما كان من الأخير إلا أن أخرج خنجره وكان سيغرزه في حلقه فنهاه الصباح لكنه لم يتوقف عن الشك فيه حتى بعد محاولة برزك اميد قتل نفسه من أجله، وربما تكون شخصية حسن الصباح واحدة من أعجب الشخصيات التي تناولتها الدراما المصرية، وبرع عبد الرحيم كمال في إضفاء العديد من الأمور التي جعلت الجميع يصدقون الشخصية تماما، وكيف كانت من العبقرية حد اكتشاف المؤامرات والدسائس والخيانات والعديد من الأمور التي جعلت الصباح واحدا من اقوي الشخصيات في التاريخ الإسلامي بجماعته الحشاشين والتي ادان له فيها بالولاء كل من تبعه حد قتل نفسه من اجله.

الغزالي

على الجانب الآخر كانت هناك شخصيات تعيش في زمن حسن الصباح ومن أعظم الشخصيات هي شخصية الإمام الغزالي الذي ترعاه عين الله، فبالرغم من محاولة حسن الصباح قتله لكن الغزالي كان بصيرا وكان إيمانه قويا وقادرا على إدارة دفة أي قاتل بالعقل والمنطق، وفشلت محاولات قتله وكان عداؤه لحسن الصباح وجماعته صريحا وواضحا وألف الكتب في تفسير منهجهما ومنهما كتاب فضائح الباطنية، كان الغزالي عصيا على القتل، عصيا على حسن الصباح وجماعته، قادرا على الوقوف بإيمانه في وجه كل ضال، وكان إبراز عبد الرحيم كمال لشخصية الغزالي هو في الحقيقة دحض لخرافات الصباح وجماعته والكثير من الإشارات التي وردت على لسان الغزالي كانت تقول ان هذه الجماعة ليس لها أساس في الدين وان من يتبعونها هم في ضلال مبين.

برزك أوميد

ربما كانت شخصية برزك أوميد هل الأعلى عملا عليها، فبرزك استغل كذب الصباح في سياقات اتصاله بالإمام ومن خلاله بالله ليلعب على هذه الوتيرة، فيقسم ان ابن الصباح الهادي رفع للسماء رفعا، ومع ان الصباح تاعمل بشك كبير جدا مع الامر لكنه ظل يسأل برزك اوميد أين الهادي ولم يصل لنتيجة وترك الامر تماما، بينما حينما كبرت خديجة وقف لها برزك وطلب يدها فلم توافق فأخبرها أنها هي من ستأتي إليه وذلك بعد تحديد الإقامة الجبرية للحسن الصباح بعد إصابته بـ ألزهايمر.

كان برزكهو الاكثر فهما لشخصية الصباح وأنه يريد خليفة له على قلعة ألموت فتخلص من الهادي وقتل بن الصباح من الراعية وقال للصباح ان الجنود الذين قتلوه قالوا انه كان يشبهه كثيرا، ويعرف برزك اوميد انه ابن الصباح بالفعل وما كان قتله إلا لتخلو له القلعة بكامل رمتها  ليبسط سلطانه عليها مستفيدا من سياق حديث ابن الصباح وتزوير بعض كلامه في أنه قال له ان أوامره هي اوامر الصباح..

وهنا التدرج الطبيعي لشخصية برزك لعبه عبد الرحيم كمال ببراعة منقطعة النظير فظل يصعد درجة درجة حتى وصل لأن يكون الخليفة للصباح رغما عن الصباح نفسه والذي كان يعرف هذا وقال له بفمه أنه اسوأ خليفة يمكن ان يأتي بعده.

اقرأ ايضًا..

مسلسل الحشاشين.. من الإخوان وصولًا لداعش كيف تمتهن الجماعات الدينية المرأة؟