رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار في حياة شيخ المبتهلين عبد الرحيم دويدار.. صادق النقشبندي وغيرت النكسة مساره (حوار)

الشيخ عبدالرحيم دويدار
الشيخ عبدالرحيم دويدار

قال أيمن عبدالرحيم دويدار، نجل شيخ المبتهلين، آخر أمراء مملكة الابتهال الشيخ عبدالرحيم دويدار، إن والده صنع اسمه ومكانته بين عمالقة الجيل الذهبي وأصبحت له مدرسة خاصة لم يسبقه بها أحد، ليصير أحد عمالقة الابتهال الديني في مصر والعالم الإسلامي. 

وأوضح خلال حواره لـ"الدستور" أن والده تحمل مسئولية أسرته في سن صغيرة، وحفظ القرآن في عام واحد، وزامل كبار قراء القرآن الكريم، واتجه إلى الابتهال الذي تميز به، حيث وصفه الشيخ نصر الدين طوبار بالتمكن والصوت البديع المزخرف. 

وكشف عن محطات مهمة في مسيرته من تنظيم الشعر، وتأليف وتلحين القصص الدينية، واللقب المحبب إلى قلبه، وكيف كانت رحلته بالإذاعة، والصداقة القوية التي جمعته بالشيخ النقشبندي.


وإلى نص الحوار:

 

تحمل الشيخ عبدالرحيم مسئولية أسرته صغيرًا.. كيف كانت طفولته؟

 

نشأ الشيخ عبدالرحيم في أسرة قرآنية، فوالده الشيخ محمد أحمد دويدار كان عالما في القراءات السبع والعشر وكان يعطي الإجازة لحافظي القرآن، وشقيقه الأكبر هو الشيخ زكي دويدار، قارئ للقرآن.

ولد الشيخ عبدالرحيم في قرية محلة مرحوم، مركز طنطا بمحافظة الغربية، يوم 17 مارس 1937، وعندما بلغ سن 5 سنوات توفى والده وأصبح يتيمًا، وتوفى بعده بـ5 سنوات شقيقه الأكبر، وأصبح هو المسئول عن نفسه ووالدته وشقيقتيه وهو في العاشرة من عمره، وترك الطفولة وأصبح عائل الأسرة.

تعاطف أهالي قريته محلة مرحوم معه لأنه أصبح عائل الأسرة، وبدأوا باصطحابه معهم في المآتم لقراءة القرآن، حيث كان يحفظ بعض الأجزاء خلال دراسته بالمدرسة، ولكنه لم يكن قد أتم حفظ القرآن، وأصبح زملاؤه وأصدقاؤه يلقبونه بـ"الشيخ".

تبناه الشيخ مغاوري القاضي صديق والده ليحفظ القرآن، وأتم حفظه في خلال عام واحد، وكان في هذا الوقت يدرس في المدرسة الأولية الراقية التي من يتخرج فيها يصبح مدرسًا.


كيف بدأت مسيرته مع التلاوة.. ولماذا اتجه إلى الإنشاد والابتهال؟

بعد إتمام حفظ القرآن يُنصح بالاستماع إلى كبار القراء مثل الشيخ محمد رفعت، والحصري، ومصطفى إسماعيل، والبنا والمنشاوي وغيرهم من عمالقة التلاوة في هذا الوقت. أنا شخصيًا أحب قراءة الشيخ البنا كثيرًا وتأثر به، ولكنه كان يسعى لأن يكون له طريقة خاصة في التلاوة بحيث لا يكون مقلدًا لأحد، وكان يشارك ويقرأ مع كبار القراء في المناسبات رغم صغر سنه.

في عام 1965 كانت نقطة التحول، حيث كان لديه طموح أن يكون مختلفًا ومتميزًا، فوجد نفسه يتجه إلى الإنشاد وكانت لديه ملكة كتابة الشعر وذائقته الشعرية كانت بديعة. في ذلك الوقت، كان هناك كوكبة كبيرة من المنشدين والمبتهلين مثل الشيخ نصر الدين طوبار، والشيخ الطوخي، والشيخ محمد عمران، والشيخ سعيد حافظ، والشيخ وحيد الشرقاوي. كان يعمل بطانة مع بعض المشايخ، وكان يتعلم المقامات الصوتية، وبدأت خبرته تزداد ليكون له شخصية خاصة.

بما وصفه الشيخ نصر الدين طوبار.. وكيف بدأت صداقته بالشيخ النقشبندي؟

والدي كان يحب الكثير من قراء القرآن وتأثر بهم، وكان قارئا متميزا في الإنشاد والابتهال أكثر من كونه قارئا للقرآن، وكان الشيخ نصر الدين طوبار يقول له "يا شيخ عبدالرحيم، صوتك مزخرف ولديه جمال في العرب ومهارة في الانتقال بين المقامات". بدأت صداقته بالشيخ سيد النقشبندي عندما التقيا في إحياء ليلة رمضانية بمنزل كبير في مدينة طنطا، وكان النقشبندي له مدرسة خاصة به. تزاملا في أماكن عدة وتصادقا وأصبحا أقرب الأصدقاء لبعضهما، واستمرت هذه الصداقة حتى وفاة الشيخ النقشبندي. كان والدي يقول لي إن صوت الشيخ النقشبندي ليس له شبيه من قبل ولن يكون له شبيه بعد، إنه جوهرة فريدة ومنحة إلهية ربانية.

 

 كان الشيخ عبدالرحيم صاحب مدرسة خاصة فى الإنشاد اشتهر بها.. حدثنا عنها؟

تمت بداية شهرة الوالد كمنشد بأن أسس مدرسة إنشادية خاصة به، حيث كان يقوم بتغيير الكلمات العادية إلى كلمات دينية تتناسب مع الألحان المشهورة للمطربين الكبار. وكان من أوائل المنشدين الذين أسسوا هذه المدرسة، مثل أغنية الفنانة فايزة أحمد (خي) التي غيرها إلى «حي حي ماله شريك في الملك حي يا حي.. ربي ربي أرضى علينا برضاك يا حي».

ثم ومن خلال حبه القراءة خاصة الكتب الدينية، بدأ يألف القصص الدينية ويكتبها ويلحنها، ثم يتم عمل بروفات عليها لينشدها في الحفلات. وبدأ بقصتين هما قصة سيدنا يوسف وقصة إسلام سيدنا عمر، وبدأت القصص تعجب الناس، وفي ذلك الوقت انتشر صيته، وكان وقتها الإعلامي طاهر أبوزيد يقدم برنامج إذاعي اسمه "جرب حظك"، فاستضافه في فقرة المواهب الجديدة وسمع جزءا من قصة سيدنا يوسف وأعجب بها. وختم الوالد القصة بـ"تتمة" اسمها وعنوانها بشكل موسيقى جميل.. «مداح جمال طه المختار عبدالرحيم بن دويدار، بقول كلام كله معاني أنا أصلي زادي باهي الأنوار مدحه بيحلالي أكمنه رأس مالي يا مغرمًا بالعدناني».

وعده الإعلامي طاهر أبوزيد بالظهور في البرنامج مرة أخرى، وانهال الطلب على الإذاعة بتواجد الشيخ مجددًا بالفعل تمت استضافته في حلقة أخرى بالبرنامج ولاقى نجاحا كبيرا وانطلقت شهرة الوالد كمنشد ديني وانهالت عليه عروض في كل أنحاء الجمهورية.

 

برغم الشهرة الكبيرة التي حققها.. لماذا خفض الشيخ عبدالرحيم أجره؟

عقب نكسة 1967 لم يكن تقام حفلات أو موالد واستمر الأمر عامين، وكانت الشهرة التي حققها الشيخ عبدالرحيم بدأت تقل، فبدأ ببناء اسمه من جديد وخفض أجره بعد أن كان وصل أجره لرقم كبير، كما بدأ في تنويع وزيادة القصص التي كان يقدمها ومنها قصص: معجزات الرسول، في بيت أهل البيت، إسلام سيدنا بلال، حديث الإفك، وكثير من القصص الدينية والشعبية أيضًا مثل الإخوة الأعداء وسالم وسلمى، وملاحم وقصص دينية كثيرة، واستمر يبني في اسمه حتى استرد شهرته.

 

كيف كانت رحلته مع الإذاعات الإقليمية حتى الاعتماد بالإذاعة والتليفزيون؟
 

عقب الاتجاه إلى الابتهال الديني، بدأ المشاركة بالإذاعات الإقليمية المحلية، واعتمد في إذاعة وسط الدلتا من طنطا منشدا ومبتهلا، وقدم بها مجموعة من الابتهالات بلغت 35 عملًا تقريبًا فأثرى إذاعة وسط الدلتا بمجموعة من الإنشادات والابتهالات، وفي عام 1983 تقدم إلى لجنة الاعتماد بالإذاعة والتليفزيون واعتمد كمبتهل وبدأت مسيرته كمبتهل، ولكنه لم يترك مسيرة الإنشاد الديني، فكان يحيي حفلات الإنشاد الديني بفرقته الموسيقية.

 

حدثني عن مكتبته الخاصة ومحتوياتها.. وكيف كان لحبه للقراءة دور فى مسيرته؟


كان الوالد يهوى القراءة منذ صغره وكون مكتبة كبيرة في منزله لم تقتصر على الكتب الدينية ولكن كانت تضم كتبا في جميع المجالات فكانت مكتبة متنوعة، وكان يقرأ الشعر القديم والحديث، والذي كان يأخد منه كتابة الابتهالات فكان عندما يقرأ نصا شعريا ويعجب به ويدونه في مفكرته ويقوم بتنظيمه وإزالة الأبيات الصعبة أو الثقيلة على المستمع ليتوافق النص مع مدة الابتهال المخصصة للمبتهل، وكان له باع طويل في تنوع نصوص الابتهالات، وهو ما جعل لغته ومخارج حروفه صحيحة وممتازة.

ولحبه الكتابة القصصية، درس بمدرسة تحسين الخطوط، وتخرج فيها وكان خطه جميلا جدا وكل القصص الدينية مكتوبة بخط يده ومحفوظة في مكتبه بمنزله حتى الآن، ما زالت مكتبته في قريته "محلة مرحوم" نحافظ عليها كجزء من تراثه، كما ننسق لنقلها في أحد منازل أولاده للحفاظ عليها، خاصة لاحتوائها على كتابات بخط يده، كما يوجد بالمكتبة الإجازة الخاصة بجدي، الذي كان يعطي بها إجازة للشيوخ، فضلا عن مصحف كامل مكتوب بخط يد جدي.


كان للشيخ عبدالرحيم دويدار تأثير كبير فى زيارته خارج مصر.. كيف أسلم شاب على يديه؟


كان يبتعث الشيخ عبدالرحيم من وزارة الأوقاف في رمضان في بعض الدول العربية والإفريقية والأوروبية كقارئ، فكانت له جولات كبيرة لتمثيل وزارة الأوقاف في شهر رمضان في كثير من الدول على مدار سنوات عديدة، وفي آخر زيارة له لرومانيا عام 2016 وخلال تواجده في أحد المساجد تقدم شاب روماني إليه ليعلن إسلامه ونطق الشهادتين.

كما انتخب عضوا في نقابة القراء عام 2008 وكان هو المبتهل الوحيد في نقابة القراء، وكان نقيبًا للقراء بمحافظة الغربية، فهو قارئ وحافظ القرآن كاملًا وممثل للمبتهلين بالنقابة، كذلك حصل على عدة تكريمات، منها مؤسسة بيت الإنشاد برعاية الشيخ محمود التهامي على جهوده طوال حياته، وتم تكريمه من مؤسسة الحبيب علي الجفري على نشر محبة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في مصر والدول العربية والإسلامية، وحصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من مؤسسة مشكاه للدراسات الإنسانية والإسلامية.


كيف كان الشيخ عبدالرحيم دويدار فى بيته.. وكم عدد أبنائه؟


الوالد كان هو عميد الأسرة، سواء لوالدته وشقيقاته، أو زوجته وأبنائه، فنحن 6 أبناء، 4 من الأولاد و2 من البنات وهم محمد وأيمن ونادر وأحمد، وحنان ورحاب، وكان تعامله معنا بالصداقة فكان أبا وصديقا في نفس الوقت، نتناقش معه ونأخد رأيه، وكان أبًا حنونًا، وعقابه لأحد من أبنائه هو عدم الحديث معه، حتى شعور الشخص بخطئه، وكان يتأثر بالمواقف الإنسانية ودموعه قريبة جدًا، وفي السنوات الأخيرة بسبب مرضه انتقل للعيش في القاهرة حتى توفي في العام الماضي.



لُقب الشيخ دويدار بعدة ألقاب.. أيهما كان يفضل وما أحب أعماله إليه؟


كان الشيخ عبدالرحيم دويدار من أكبر المبتهلين سنًا فكانت من بين ألقابه شيخ المبتهلين، وشيخ المداحين لأنه قضى معظم حياته في مدح الرسول، عليه الصلاة والسلام، بالإضافة لزعيم المنشدين، وكان يحب لقب "مداح الرسول" وهو أكثر لقب كان يسعده، وكان يتميز بأن لديه موسوعة من الابتهالات، وكان أكثر المبتهلين في الإذاعة تنوعا في الابتهالات، كانت جميعها محببة له، ولكن كان هناك نص دائمًا كان يُطلب منه ومحبب لقلبه هو «محمدُ بشرٌ، في نوره قمرٌ.. في طُهره ملكٌ يمشي على قدم».

الشيخ عبد الرحيم دويدار مع اسرته
الشيخ عبد الرحيم دويدار مع اسرته
الشيخ عبد الرحيم دويدار
الشيخ عبد الرحيم دويدار
الشيخ عبد الرحيم دويدار ونجله
الشيخ عبد الرحيم دويدار ونجله
إجازة والد الشيخ عبد الرحيم دويدار
إجازة والد الشيخ عبد الرحيم دويدار
الشيخ عبد الرحيم دويدار
الشيخ عبد الرحيم دويدار
الشيخ عبد الرحيم دويدار
الشيخ عبد الرحيم دويدار