رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بشائر الخروج من الأزمة الاقتصادية.. خبراء: زيادة الاحتياطى الأجنبى لـ٤٠ مليار دولار تسهم فى جذب الاستثمارات المباشرة

الخروج من الأزمة
الخروج من الأزمة الاقتصادية

أكد خبراء اقتصاديون أهمية ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى ٤٠.٣٦١ مليار دولار، فى نهاية مارس ٢٠٢٤، مقارنة بنحو ٣٥.٣ مليار دولار، فى نهاية فبراير السابق عليه، بزيادة قدرها ٥ مليارات دولار، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ٢٥ شهرًا، وفق ما أعلنه البنك المركزى المصرى.

ورأى الخبراء، فى حديثهم مع «الدستور»، أن هذا الارتفاع يمثل طفرة اقتصادية مهمة، تعمل على جذب المزيد من الاستثمارات، ودعم مناخ الاستثمار بشكل عام، بعد إعادة ثقة الأجانب فى قدرة الدولة على تلبية مطالبهم، خاصة ما يتعلق بتحويل أرباحهم إلى الخارج.

أحمد سعدة: دعم جهود القضاء على السوق السوداء للعملة 

قال أحمد أنور سعدة، المحلل الاقتصادى، إن ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى لدى البنك المركزى جاء نتيجة لعدة عوامل، أبرزها ارتفاع عوائد السياحة خلال الفترة الأخيرة، ودخول استثمارات أجنبية مباشرة فى أكثر من قطاع، مثل الطاقة والمنسوجات والأجهزة الكهربائية.

وأضاف «سعدة» أن الفترة الماضية شهدت ضخ استثمارات تركية، بعد توقيع بعض الاتفاقيات بين البلدين، فضلًا عن دخول باكورة عائد صفقة «رأس الحكمة»، التى دعمت الاحتياطى بشكل مباشر، علاوة على ارتفاع تمويل مصر من صندوق النقد الدولى إلى ٨ مليارات دولار، واقتراب حصولها على مليار و٢٥٠ مليون دولار كدفعة أولى من هذا التمويل، إلى جانب تمويل آخر من البنك الدولى بقيمة ٦ مليارات دولار، مشيرًا إلى أن كل هذه العوامل أسهمت فى تعظيم الاحتياطى الدولارى لدى البنك المركزى، ليتخطى ٤٠ مليار دولار لأول مرة منذ ٢٥ شهرًا.

وواصل: «ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى سينعكس بالإيجاب على جميع المناحى الاقتصادية، بداية من سيطرة الدولة على سعر صرف الدولار ومنع المضاربات، وبالتالى القضاء على السوق السوداء للعملة الأجنبية، فضلًا عن المساهمة فى سداد فوائد القروض خلال العام الجارى ٢٠٢٤، المقدرة بنحو ٤٢ مليار دولار، وخفض تكلفة الاقتراض، وبالتبعية تحسن الأداء الاقتصادى».

وأكمل: «زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى ستسهم فى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لأن ثبات سعر الصرف يعنى قدرة المستثمرين على تحويل أرباحهم إلى الخارج»، متوقعًا ثبات سعر صرف الدولار الأمريكى عند ٤٥ جنيهًا حتى نهاية العام الجارى.

وتابع: «تعظيم الاحتياطى يعمل، أيضًا، على حل أزمة الإفراج عن مستلزمات الإنتاج والخامات للمصانع المحلية، ما يؤدى إلى ارتفاع الإنتاج الداخلى، وتشجيع التصدير، وبالتبعية سد الفجوة بين العرض والطلب فى السوق».

أحمد السيد: عامل مساعد فى تحسن التصنيف الائتمانى

وصف الدكتور أحمد السيد، الخبير الاقتصادى، ارتفاع الاحتياطى الأجنبى إلى أكثر من ٤٠ مليار دولار بأنه خطوة لها دلالة مهمة للاقتصاد الوطنى، خاصة أنه أعلى مستوى منذ أكثر من عامين، أى منذ بداية الأزمة الاقتصادية الأخيرة.

وقال «السيد»: «إذا أضفنا الانخفاض الذى شهده صافى عجز الأصول الأجنبية، واختفاء السوق الموازية، وارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى، يمكن القول إن الاقتصاد المصرى خرج من الأزمة الخانقة التى تعرض لها بشكل كبير».

وأضاف الخبير الاقتصادى: «هذا الارتفاع يعيد الثقة فى الاقتصاد المصرى بشكل كبير، وسيكون عاملًا مساعدًا مهمًا فى تحسن التصنيف الائتمانى لمصر، خاصة مع مزيد من الارتفاع فى الاحتياطى خلال الفترة المقبلة، بعد تسلم الدفعة الثانية من صفقة (رأس الحكمة)، التى تقدر بنحو ١٥ مليار دولار، إلى جانب التمويلات المنتظر الحصول عليها من صندوق النقد والبنك الدوليين، فضلًا عن منح الاتحاد الأوروبى، وعودة (الأموال الساخنة) من جديد، ليسجل هذا الاحتياطى أعلى مستوياته على الإطلاق خلال الأشهر المقبلة».

واعتبر أن الأكثر أهمية خلال الفترة المقبلة ليس زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى، بل البدء فورًا فى خطط متوسطة وطويلة المدى لبناء اقتصاد مستدام، قادر على النمو والمنافسة، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، خاصة مع الإمكانات القوية للاقتصاد المصرى، التى يمكن أن تسهم فى جذب أكثر من ١٠٠ مليار دولار سنويًا، خلال سنوات قليلة، من خلال قطاعات الصادرات والسياحة وقناة السويس والاستثمار الأجنبى.

وواصل: «هذا أمر ليس بالمستحيل، وحققته دول أقل من مصر فى الإمكانات، فقط يجب أن تكون هناك خطط زمنية بمسئوليات وبتناغم بين مختلف الجهات، وتحت إشراف جهة مؤسسية عليا، من أجل الوصول إلى هذا الهدف».

محمد عبدالهادى: زيادة القدرة على تدبير الاحتياجات الأساسية من السلع الاستراتيجية

أوضح الدكتور محمد عبدالهادى، المحلل الاقتصادى، أن أهمية الاحتياطى النقدى تكمن فى قدرته على تدبير احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة، وكلما ارتفع زادت ثقة المستثمرين وسارعوا لإيداع أموالهم لدى البنوك وزيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، وكل هذا يحسن صورة الاقتصاد فى تقارير المؤسسات العالمية. 

وأضاف أن الاحتياطى من النقد الأجنبى ارتفع بمقدار ٥ مليارات دولار، من عدة مصادر، على رأسها أموال صفقة رأس الحكمة، والمال الساخن أو الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى، مؤكدًا أن الزيادة تسهم فى ضبط سعر صرف الدولار، وغيره من العملات الأجنبية مقابل الجنيه، إضافة إلى خفض التضخم.

هانى أبوالفتوح: مؤشر إيجابى على جدية الحكومة فى مواجهة التحديات الاقتصادية وتعزيز النمو

أكد الخبير المصرفى، هانى أبوالفتوح، أن ارتفاع الاحتياطى النقدى يعكس الجهود الرامية لتعزيز الاقتصاد المصرى وتحقيق الاستقرار المالى، وهو إشارة إيجابية تؤكد جدية الحكومة فى مواجهة التحديات الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأضاف أن من بين العوامل التى أسهمت فى هذا الارتفاع الاتفاقيات والصفقات الاستثمارية التى أبرمتها مصر، مؤخرًا، إضافة إلى تعزيز الثقة فى الاقتصاد المصرى بفضل قرض صندوق النقد الدولى وحزمة المساعدات من الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى.

وأشار إلى أن زيادة الاحتياطى من النقد الأجنبى تأتى فى وقت تشهد فيه مصر جهودًا مستمرة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى وتعزيز النمو، ما يسهم فى تحسين سوق الصرف الأجنبى، وتقليل التقلبات فى أسعار العملات الأجنبية.

ولفت إلى أهمية أن تواصل الحكومة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز الشفافية والحوكمة المالية، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية لضمان استدامة هذا النمو، وتحقيق الفوائد الاقتصادية للمواطنين بشكل عام.

وليد جاب الله: يعزز الثقة فى العملة المحلية

أشار الخبير الاقتصادى، وليد جاب الله، إلى أن ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى كان متوقعًا بعد دخول الدفعة الأولى من أموال صفقة مشروع تطوير رأس الحكمة مع دولة الإمارات الشقيقة، متوقعًا استمرار ارتفاع الاحتياطيات النقدية خلال شهرى أبريل ومايو، مع دخول الدفعة الثانية، وتمويلات الشركاء الدوليين وصندوق النقد والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى.

وأضاف أن زيادة الاحتياطى النقدى تعكس قدرة الدولة على مواجهة الصدمات والتحديات الداخلية والخارجية، مشيرًا إلى أن هذا يؤثر بشكل كبير على استقرار أسعار صرف الدولار ويؤدى إلى تراجع أسعاره خلال الفترة المقبلة.

وأوضح أن ارتفاع النقد الأجنبى، أيضًا، يعزز الثقة فى العملة المحلية، وهذا أدى إلى القضاء تمامًا على السوق السوداء والمضاربات التى كانت تحدث خلال الفترات السابقة، موضحًا أنه مرتبط أيضًا بعودة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين وأذون الخزانة مرة أخرى إلى طبيعتها.

أحمد معطى: عودة تحويلات المصريين فى الخارج إلى معدلاتها الطبيعية 

رأى الخبير الاقتصادى، أحمد معطى، أن البنك المركزى المصرى أدار حصيلة السيولة الدولارية بشكل جيد ومثالى، ما عزز من صافى الاحتياطيات النقدية وأسهم فى ارتفاعها ٥ مليارات دفعة واحدة، بفضل التخطيط الجيد والتمويلات الكبيرة التى دخلت من مشروع رأس الحكمة، إضافة إلى عودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى معدلاتها الطبيعية مرة أخرى، وعودة التنازلات من الأفراد والشركات عن العملة لصالح البنوك وشركات الصرافة أو «تسييل الدولار»، ما أدى إلى زيادة الحصيلة الدولارية.

وأضاف أن البنك المركزى استطاع إدارة ملف السياسة النقدية بشكل جيد، حيث جرى توجيه السيولة الدولارية لزيادة الاحتياطى من النقد الأجنبى والإفراجات الجمركية عن البضائع من الموانئ وضبط سوق الصرف. وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن المؤشرات النقدية جيدة، وهناك تحسن فى صافى الأصول الأجنبية فى مصر، وفق تقرير البنك المركزى الأخير، ما يشير إلى عودة وزيادة تحويلات المصريين فى الخارج، ما سيؤدى إلى تشجيع المواطنين والشركات الموجودة داخل مصر على تحويل مدخراتها من العملات الأجنبية إلى جنيه مصرى، ما يسهم فى خفض سعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة.

وأكد أن ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى يؤدى بالتبعية إلى عودة الاستثمارات الأجنبية إلى مصر بسبب استقرار سعر الصرف، ما يعنى حدوث انتعاشة قوية للاقتصاد.