رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هشام عبدالعزيز رئيس حزب الإصلاح والنهضة يكتب: المتحدة والحلول العملية لمعضلة الإعلام والمجتمع

ما زالت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تثبت أنها "ترجمة حية لقوة مصر الناعمة"، وقد ظهر هذا بشكل واضح في السباق الإعلامي الرمضاني لهذا العام، حيث قدمت الشركة المتحدة 20 عملًا بين 30 حلقة و15 حقلة، وموضوعات متنوعة بين التاريخي والكوميدي والدرامي وأطفال وغيرها، ولكني أرى أن الريادة التي قدمتها المتحدة لا تكمن فقط في كثرة الأعمال وتنوعها، ولكن لأنها أنهت جدلًا ثقافيًّا كان ممتدًا منذ عقود من الزمان.


فمنذ ستينيات القرن الماضي أصبح شهر رمضان الكريم فرصة لكل صانعي الدراما والمحتوى لتقديم وجبة تليفزيونية دسمة على مدار ثلاثين يومًا، إلا أن هذا العرض كان دومًا يثير مجموعة من الأسئلة الجدلية بين المثقفين والسياسيين خاصة في السنوات الأخيرة حيث الفوضى بعد 2011 التي امتد أثرها إلى أروقة الإنتاج الإعلامي السينمائي والتليفزيوني، مثل: هل الإعلام له حرية أن يطرح ما يشاء دون أي قيد أو شرط؟ هل هناك ما يسمى بالإعلام الهادف؟ هل من حق الإعلام أن يبرز القضية التي يريدها أم عليه أن ينتقي وفق منظومة أولويات قيمية أو اجتماعية؟.


تلك الأسئلة الجدلية وغيرها كانت دومًا تمثل صراعًا بين فريقين بعد كل موسم رمضاني، بين فريق يرى أن فرض أي قيود قيمية أو اجتماعية على الإعلام يتصادم مع حرية الإبداع ويعني تحويله إلى خطاب وعظي، وهذا أبعد ما يكون عن طبيعة الدراما فضلًا عن كونه لا يراعي الأبعاد الاقتصادية لصناعة الدراما، وبين فريق آخر يدرك مدى تأثير القوى الناعمة ويشغله تماسك المجتمع، وبالتالي يريد توظيف تلك الأداة السحرية فيما يساهم في تعزيز تماسك المجتمع لا تفكيكه.


لا شك أن دور الإعلام والفن أصيل في بناء الوعي وصياغة الشخصية المصرية وأن معركة الوعي تمثل ركنًا أصيلًا في الأمن القومي والتماسك المجتمعي، ولذلك، فالحل الذي قدمته شركة المتحدة من وجهة نظري يكمن في أمرين: 


الأمر الأول: الاحترافية: فجميع الأعمال المقدمة تتبع قواعد الإنتاج الاحترافية من فكرة وسيناريو وحوار متقن وتصوير وديكور متقن وفنانين ومخرجين على أعلى قدر من الاحترافية، وقد شاهدنا كواليس بناء مدينة كاملة لتصوير المسلسل التاريخي الرائع الحشاشين ما أعاد إلى الذهن الدور الرائد التي كانت تقوم به مدينة الإنتاج الإعلامي، إلى جانب التسويق الاحترافي لهذا المحتوى بما يحقق الأرباح التي تساعد على إنتاج المزيد من تلك الأعمال.


الأمر الثاني والأهم: المعالجة: وهذا من وجهة نظري هو مكمن الصراع بين الطرفين، القضية ليست في تبني التوجيه القيمي المباشر أو في حجب بعض القضايا دون الأخرى، الفكرة في معالجة أي قضية يتم طرحها بصورة احترافية تتبع قواعد العمل الدرامي ومدارسه المختلفة، فلا يمكن أن نمنع أي صاحب إبداع من أن يعرض فكرته ما دامت لم تخالف الدستور، المهم أن تكون المعالجة لا تعكس مدارس نفسية وفلسفية تتصادم مع قيم المجتمع مثل الوجودية أو الإلحادية وغيرهما.


الفكرة في أن يكون هناك ما يمثل التيار العام في المجتمع الذي يمثل الوسط الاجتماعي المصري، بما لديه من مشاكل وما يطمح من حلول، وأتصور أن هذا ما نجحت فيه المتحدة، مثلما نجحت القيادة السياسية الممثلة في السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في كل التحديات التي واجهتها عبر استراتيجية "صناعة النموذج الملهم"، وهذا هو ما يحدث الآن في المتحدة التي تشكل القوى الناعمة المصرية في طريق بلدنا نحو "حلم التنمية المصري".

 

د. هشام عبدالعزيز 

رئيس حزب الإصلاح والنهضة