رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروم الأرثوذكس في مصر تحتفل بحلول مناسبة أحد الدينونة أو أحد مرفع اللحم

كنيسة الروم الأرثوذكس
كنيسة الروم الأرثوذكس

تحتفل كنيسة الروم الأرثوذكس في مصر بحلول مناسبة أحد الدينونة أو (أحد مرفع اللحم)، وقال الأنبا نيقولا أنطونيو متحدث الكنيسة، في  كتاب "رؤية أرثوذكسية في تفسير سفر الرؤيا"، إنه في الأصحاح (20) من سفر الرؤيا يُبيِّن يوحنا حال الأموات من البشر، ففي الآية (12) يقول يوحنا: "وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ، صِغَارًا وَكِبَارًا، وَاقِفِينَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ، بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ".

"الأَمْوَاتُ" هم البشر جميعًا الأموات منذ بداية الحياة، الصالحين والطالحين. وقوله: "صغارًا وكبارًا" يشير إلى جميع البشر سواء من ناحية العمر السِّنِّي، أو من ناحية الوضع الاجتماعي، أو من ناحية الوضع المالي، أو من ناحية الوضع تجاه الله، أي البعد أو القرب من الله. و"العرش" يشير إلى الجالس عليه وهو يسوع المسيح.

و"الأسفار" هي أسفار أعمال البشر الأموات، فالأموات سيدانون ليس فقط بحسب إيمانهم بل أيضًا بحسب أعمالهم، ليست فقط الخارجية بل كذلك بما هو مخفي في قلوبهم وضمائرهم وغير المعلوم لغيرهم من البشر لكنه معلوم أمام الله، وهذا القول ليوحنا هنا يَدحض القول إن الخلاص بالإيمان فقط، كما يقول البروتستانت.

وهذا يوضح أن الدينونة في القيامة العامة تتوقف على الشخص نفسه بشخصه "بحسب أعماله" المعروفة لله، وليس باختيار الله لأشخاصٍ بعينهم دون غيرهم. وهذا دلالة على عدل الله في عقابه للأشرار وثوابه للأبرار. 

ثم يقول في نفس الآية: "وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ، الَّذِي هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ، بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ". 

"سِفْرُ الْحَيَاةِ" يشير سفر الحياة الأبدية. وقوله "وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ، بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ"، هذه أسفار هي التي ذكرها يوحنا في بداية هذه الآية.

وفي الآية (13) يقول يوحنا: "وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ"، وهذا يوضح أن جميع ماتوا في البحر والذين أكلتهم الوحوش وجميع البشر الذين ماتوا منذ بدء الخليقة كل هؤلاء ستعود أجسادهم إلى عناصرها وتتركب وتقوم، ثم يقول في نفس الآية: "وَسَلَّمَ الْمَوْتُ والْجَحِيمَ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا"، وهذا يشير إلى الصالحين والطالحين الـذين في انتظـار الدينونة العامة ولا يعرفون حكم الله فيهم، ونفوسهم في موت الخوف وجحيم القلق. هذا القول ليوحنا هنا يؤكد ويشير إلى الدينونة العامة. 

وفي الآية (14) يقول يوحنا: "وَطُرِحَا الْمَوْتُ والْجَحِيمَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ"، وهذا يعني أن الشيطان الذي يملك على الموت والجحيم بعد أن سلم الأموات الذين فيه طرحه الله في بحيرة النار وكل من تبعوه من البشر، و"الموت والجحيم" يمثلان أبشع صورة لنتائج الخطية وجراحاتها التي حلت بالبشر. "بحيرة النار" هي العقاب الأبدي الذي يطرح الله فيه إبليس وأعوانه ومَن يتبعونه، وبهذا الله يُنهي ويُزيل آخر مقاوميه وأعداء الإنسان.

ثم يقول في نفس الآية: "هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي، الْطَرْحُ فِي الْنَارِ"، وهنا يوجد تمييز بين "الموت الأول" الذي هو الموت الجسدي الطبيعي لجميع البشر، وبين "الموت الثاني" الذي هو العقاب الأبدي بالطرح في بحيرة النار لكلِّ مَنْ لم يوجد في سفر الحياة، 

وفي الآية (15) يقول يوحنا: "وَمَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ"، و

هؤلاء الذين لم يوجدوا في سفر الحياة وطُرحوا في بحيرة النار هم الذين "دِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ"، وفي هذه الأقوال ليوحنا في الآيات السابقة دلالة على أنه لن يُدان شخص بسبب أعمال غيره، ولن يُؤخذ شخص بسبب جريرة غيره، ولن يُبرَّر شخص بسبب بِر غيره. فكل شخص يتحمل شخصيًّا وزر عمله إن كان صالحًا أو طالحًا. هذا الانتصار الأخير للمسيح على كل أعدائه في مجيئه الثاني، ويكون يوم الدينونة للأبرار وللأشرار.