رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقوال مُرسلة دون دليل.. أسباب براءة محمد رمضان من نشر أخبار كاذبة

 محمد رمضان
محمد رمضان

أودعت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر بمحكمة جنوب الجيزة، حيثيات الحكم ببراءة الفنان محمد رمضان من تهمة إذاعة أخبار كاذبة وإلقاء الرعب بين الناس والإضرار بالمصلحة العامة.

صدرت الحيثيات في القضية رقم 8340 لسنة 2023 جنح مستأنف 6 أكتوبر، برئاسة المستشار محمود يحيى محمد وعضوية المستشارين أحمد هشام ومحمد سراج، وبحضور حسن مصطفى ممثل النيابة العامة.

 

أسباب براءة محمد رمضان 

 

وقالت المحكمة في حيثيات حكم الفنان محمد رمضان، إنه بعد تلاوة تقرير التلخيص بمعرفة رئيس الدائرة وسماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونًا، تلخصت الواقعة في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه في يوم ٢٠٢١/٦/٥ بدائرة قسم ثان زايد، أذاع عمدًا إشاعة كاذبة بأن ظهر بمقطع مرئى على صفحته الشخصية بموقعى التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"إنستجرام" زاعمًا تلقيه اتصالًا هاتفيًا من أحد موظفى البنك التجاري الدولي CIB، يبلغه بأن الدولة قد تحفظت على أمواله المودعة بالبنك، وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الرعب بين الناس والإضرار بالمصلحة العامة على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت عقابه بموجب المادة ۱۰۲ مكررًا/ ۱ قانون العقوبات.

وعلى سند ما أبلغ به الشاكى (حسن عمر إبراهيم عمر) - محامٍ - وما شهد به الأخير بتحقيقات النيابة العامة من تضرره من المشكو فى حقه الفنان محمد رمضان لقيامه بإذاعة أخبار كاذبة عبر حسابه الشخصي على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك وإنستجرام" بواسطة مقطع مرئي مصور بلغت مدته الزمنية "تسعة وثلاثون ثانية" ٣٩ ثانية، وقيام الأخير بالظهور محدثًا متابعيه - زاعمًا تلقيه اتصالًا هاتفيًا من أحد موظفى البنك التجارى الدولى وإخبار الأخير له بسبق قيام الدولة بالتحفظ على أمواله، وقد نجم جراء فعل المشكو فى حقه ضرر تمثل في عزوف أحد عملاء الشاكى الأجانب - لم يذكر اسمه عن الاستثمار بداخل جمهورية مصر العربية تخوفًا من التحفظ على أمواله وعقب أن أثار ذلك المقطع المصور ضجة أثرت سلبًا على أصحاب رءوس الأموال وخاصة الأجانب منهم وهو الأمر الذى حدا بالشاكي التقدم بشكواه.

وتابعت الحيثيات في قضية محمد رمضان، أنه بسؤال مدير حسابات كبار العملاء بالبنك التجارى الدولي قرر أنه سبق وأن قام بإخبار المشكو في حقه هاتفيًا أنه سبق الحجز على جزء من أموال الأخير المودعة بحسابه المصرفي بالبنك، نفاذًا لحكم قضائى وأرسل له عبر تطبيق الواتس آب صورة من أمر الحجز قضائى - فبادر المشكو في حقه بإخباره العزم على نشر مقطع مرئى على مواقع التواصل، وقد أثار ذلك المقطع الكثير من استفسارات كبار المودعين حول قيام البنك بالتحفظ على أموال المشكو في حقه ما أثر سلبًا على حركة التعامل في البنك - وعلى إثر ذلك قامت الإدارة المختصة بالبنك بنشر بيان عبر الحساب الرسمي للبنك على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وبمواجهة الأخير بالمقطع التصويرى أقر بسابقة الاطلاع عليه بمواقع التواصل الاجتماعي لكونه قد نمى إلى علمه إحداث ذلك المقطع التصويري لجلبة في نفوس عملاء المصرف محل عمله "البنك التجارى الدولي"، إلا أنه قرر بعدم صحة ما قرره المشكو فى حقه بالمقطع المرئى. وأضاف أن المكالمة الهاتفية من هاتفه الشخصى وغير مسجلة.

وأضافت الحيثيات في براءة محمد رمضان إذ ثبت بتحقيقات نيابة استئناف القاهرة وعقب الاطلاع على الحساب الموثق للمشكو في حقه محمد رمضان محمود حجازي على موقعي الفيسبوك - Mohamed Ramadan وإنستجرام mohamedramadanws استباق الأخير بنشره للمقطع المرئى موضوع التحقيقات والمنشور على الصفحات بتاريخ الثالث من شهر يونيو في الساعة الثانية وأربعة وخمسين دقيقة مساءً، وأظهر المقطع التصويرى إطلالة المشكو فى حقه محدثًا متابعيه من رواد مواقع التواصل الإجتماعى مردفًا بقوله "صباح الخير صحيت النهاردة من النوم على تليفون من بنك CIB قالى الأستاذ محمد رمضان قلتلة أفندم قالى الدولة تحفظت على فلوسك فقلتلة أنا وفلوسى وبيوتي ولحم كتافى ملك بلدي وملك أهل بلدى إيه المشكلة يعنى، قالى أنا قلت أقولك علشان متتحطش في موقف محرج يعني تكون بتشترى بالفيزا يمكن متلقيش فلوس فقلتله الشعبيين اللى زى حالاتي والفلاحين والصعايدة قد ما يخطو فى البنك قد ما بيسيبوا في بيوتهم مستورة صباح الخير يا مصر".

وحيث إنه وبجلسة ۲۰۲۲/٥/۳۰ قضت محكمة أول درجة غيابيًا بحبس المتهم مع الشغل وكفالة قدرها ألفا جنيه والمصاريف، وحيث إن ذلك القضاء لم يصادف قبولًا لدى المتهم فطعن عليه بطريق المعارضة وبجلسة ٢٠٢٣/٧/١٧ حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلًا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه والمصاريف، وحيث إن ذلك القضاء لم يصادف قبولًا لدى المتهم فطعن عليه بطريق الاستئناف وبجلسة ٢٠٢٣/٩/٢٧ حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلًا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصاريف، وحيث إن ذلك القضاء لم يصادف قبولًا لدى المتهم فطعن عليه بطريق المعارضة الاستئنافية بموجب تقرير أودع قلم كتاب المحكمة بتاريخ ٢٠٢٤/١/٣، وبجلسة اليوم حضر المتهم ومعه محامٍ وقدم دليل عذر ودفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وطلب البراءة تأسيسًا على عدم ثبوت التهمة وانتفاء أركان الجريمة ولعدم صحة الإسناد وانعدام الدليل ولقصور تحقيقات النيابة العامة، وبمناقشة المحكمة للمتهم عن سبب نشر المقطع المرئى المصور وقصده من ذلك قرر أن الموظف المختص بالبنك قد هاتفه وأخبره بالتحفظ على أمواله ولم يحدد أن تلك الأموال تخص قضية بعينها، وأضاف أن القصد من نشر المقطع المصور هو اعتياده على توثيق الكثير من أموره الشخصية من خلال تلك المقاطع ومشاركة جمهوره تلك اللحظات وذلك نظرًا لطبيعة عمله ولم يقصد من النشر توجيه أي إساءة أو نشر أخبار كاذبة، مشيرًا إلى أن المقطع المصور لم يشتمل على أي ألفاظ غير لائقة أو الإساءة للدولة أو للبنك.

وتضمنت حيثيات براءة محمد رمضان حيث إنه وعد شكل المعارضة الاستئنافية فإنه من المقرر وفقًا لنص المادة ۳۹۸ من قانون الإجراءات الجنائية أن ميعاد المعارضة يبدأ من تاريخ إعلان الحكم الغيابي أو الحضوري الاعتباري. وكان البين من مطالعة الأوراق أن المتهم لم يعلن بالحكم الغيابي الاستئنافى، ومن ثم يظل ميعاد المعارضة مفتوحًا أمامه ومن ثم تكون المعارضة قد تمت في الميعاد المحدد قانونًا عن حكم قابل لذلك واستوفت أوضاعها القانونية، ومن ثم تقضى المحكمة بقبولها شكلًا عملًا بالمواد ۳۹۸، ٤۰۰۰، ٤۱۸٠ من قانون الإجراءات الجنائية، وحيث إنه عن شكل الاستئناف.. فلما كان الحكم المعارض فيه قد قضى غيابيًا بقبول الاستئناف شكلًا ومن ثم فلا مجال لإعادة بحثه مرة أخرى لاستنفاد المحكمة ولايتها بهذا الشأن.

وحيث إنه عند موضوع الاستئناف فإن المقرر بنص المادة ١٠٢ مكرر ١ من قانون العقوبات علـى أنـه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهًا ولا تجاوز مائتى جنيه كل من أذاع عمدًا أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة متى كان ذلك فإن قيام تلك الجريمة يتطلب توافر أركان ثلاثة، الركن الأول: نشر بسوء قصد  أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة، والركن الثاني: أن يكون من شأن ذلك تكدير السلم العام وإثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، والركن الثالث: القصد الجنائي فيجب أن يتوافر لدى الجانى العلم والإرادة المتجهين إلى كافة عناصر الجريمة.

كما أنه من المقرر قضاءً لما كان ذلك وكان يكفي لتحقق الركن المادي للجريمة المؤثمة بالمادة ١٠٢ مكرر/ ٣.١ من قانون العقوبات حيازة أو إحراز المتهم لمحررات أو مطبوعات تتضمن ما من شأنه تكدير الأمن العام أو بث الرعب بين الناس أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة، وإعداده لتلك المنشورات أو المطبوعات للتوزيع وإطلاع الغير عليها بأية وسيلة تتيح ذلك كما يكفي لتوافر القصد الجنائي لتلك الجريمة توافر القصد العام وهو اتجاه إرادة المتهم بتلك الأفعال إلى تكدير الأمن العام أو بث الرعب بين الناس أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة الطعن رقم ١٠٣٤٥ لسنة ٨٥ قضائية - الصادر بجلسة ٢٠١٦/٥/٧ ومن المقرر أصل البراءة مفترض فى كل متهم. فقد ولد الإنسان حرًا. مطهرًا من الخطيئة ودنس المعصية، لم تنزلق قدماه إلى شر، ولم تتصل يده بجور أو بهتان، ويفترض وقد كان سويًا حين ولد حيًا. أنه ظل كذلك متجنبًا الآثام على تباينها، نائيًا عن الرذائل على اختلافها ملتزمًا طريقًا مستقيمًا لا يتبدل اعوجاجًا. وهو إفتراض لا يجوز أن يهدم توهمًا، بل يتعين أن ينقض بدليل مستنبط من عيون الأوراق وبموازين الحق، وعن بصر وبصيرة.

وجاءت الأحكام القضائية تترى لتؤكد على هذا الحق فقد قضت المحكمة الدستورية أن حرية التعبير، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها، لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق مارستها سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها، إذ يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها - وعلانية - تلك الأفكار التي تجول فى عقولهم ويطرحونها عزمًا، ومن ثم وجب القول بأن حرية التعبير التي كفلها الدستور هي القاعدة فى كل تنظيم ديمقراطى فلا يقوم إلا بها، ولا ينهض مستويًا إلا عليها، متى كان ما تقدم من قواعد قانونية وكان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة للمتهم لكي تقضى له بالبراءة، إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم.

وتبين للمحكمة خلو أوراق الدعوى من أى دليل يشير إلى كون العبارات التى تضمنها المقطع المرئى الذى نشره المتهم على حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعي Instagram عبارات كاذبة، حيث لم يقدم البنك التجارى الدولى المكالمة المسجلة للحديث الذي دار بين المتهم والاستاذ كريم يسرى كمال - مدير حسابات كبار العملاء بالبنك - حتى تستطيع المحكمة الوقوف على ما أبلغ به المتهم وما نشره على موقع التواصل الاجتماعي خاصته لاستبيان مدى كذب تلك الأخبار من عدمه وقد قرر الموظف سالف الذكر أن المكالمة من هاتفه الشخصى المسلم إليه من البنك ولم تكن مسجلة، فضلًا عن أن مقدم الشكوى الأستاذ حسن عمر إبراهيم المحامي - قرر بالتحقيقات أنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من موكله وهو أحد المستثمرين من دولة الكويت والذى كان يرغب في تأسيس شركة أخبره فيها عزوفه عن تأسيس تلك الشركة لقلقه من الاستثمار فى جمهورية مصر العربية وذلك عقب نشر المتهم المقطع المرئى السالف الإشارة إليه، إلا أنه لم يذكر اسم المستثمر أو تقديم أى مستندات أو أوراق تفيد بدء تأسيس الشركة ثم التوقف عنها وإنما رفض ذكر أي بيانات عنه حفاظًا على سرية بيانات موكله.

هو ما تكون معه تلك الأقوال مجرد أقوال مرسلة دون دليل يقيني على صحتها تلتفت عنها المحكمة، بالإضافة إلى أنه وبإطلاع المحكمة على المقطع المرئى تبين أن المتهم يسرد الحديث الذي دار بينه وموظف البنك دون توجيه أى عبارات تشكل الركن المادى للجرم المؤثم بالمادة ۱۰۲ مكرر من قانون العقوبات، ولم تتبين المحكمة وفقًا لما استقر بوجدانها أن المتهم اتجهت إرادته إلى تكدير الأمن العام أو بث الرعب بين الناس أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة.

لا سيما أن المحكمة قد أطمأنت لأقوال المتهم التي أدلى بها أمامها من أن الموظف المختص بالبنك قد هاتفه وأخبره بالتحفظ على أمواله ولم يحدد أن تلك الأموال تخص قضية بعينها وأضاف أن القصد من نشر المقطع المصور هو اعتياده على توثيق الكثير من أموره الشخصية من خلال تلك المقاطع، ومشاركة جمهوره تلك اللحظات وذلك نظرًا لطبيعة عمله ولم يقصد من النشر توجيه أى إساءة أو نشر أخبار كاذبة مضيفًا بأن المقطع المصور لم يشتمل على أى ألفاظ غير لائقة، وهو ما ينفى عنه القصد الجنائي بركني العلم والإرادة المتجهين إلى كافة عناصر الجريمة، الأمر الذي تنهار معه أركان هذه الجريمة ويضحى مردها إلى فناء كسراب يرى في أعين الناظرين ماء لا حقيقة له وكانت المحكمة غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام؛ لأن فى إغفال التحدث عنها ما يفيد أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم. وكان لا يقدح في سلامة الحكم سكوته عن التعرض لبعض أدلة الاتهام الأخرى، إذ إن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام قد داخلتها الريبة والشك فى عناصر الإثبات، ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنًا أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم ولا يصح على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات قد تصح لدى غيرها.

ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلًا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه استئنافيًا والقضاء ببراءة محمد رمضان مما أسند اليه.