رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كنيسة الروم الأرثوذكس في مصر تحتفل بحلول سبت الأموات

كنيسة الروم الأرثوذكس
كنيسة الروم الأرثوذكس

تحتفل كنيسة الروم الأرثوذكس، اليوم السبت، بمناسبة سبت الأموات، وعلى خافية الاحتفالات قال الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا والغربية للروم الأرثوذكس، في كتاب "رؤية أرثوذكسية في تفسير سفر الرؤيا" إن الكنيسة الأرثوذكسية تُؤمن وتُعلم أن كل مَنْ يموت يذهب إلى مكان يُسمى "مكان الانتظار"، انتظارًا للدينونة العامة. وهذا المكان هو "الجحيم"  وهو "مثوى الأموات"، أو "مقر الموتى"، وبالأكثر هو "مقر الأنفس"؛ إنه مكان انتظار جميع الأموات للدينونة، وهو عبارة عن موضع مؤقت وليس أبديًا. 

وهذا يتوضح من قول يسوع في مثاله عن الغني ولعازر المسكين: “وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ .. فَقَالَ (الغني) أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي أَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا”.. وهذا يوضح إلى أنه ليس في الدينونة العامة.  والرب يسوع المسيح بعد موته بالجسد على الصليب نزل إلى الجحيم بالنفس وأنتشل منه جميع أبرار وصديقون العهد القديم الذين كانوا في حالة انتظار لمجيئه.

 كما يُقال في إعداد الذبيحة الإلهية غير الدموية في القداس الإلهي لكل من القديس يوحنا الذهبي الفم والقديس باسيليوس الكبير: «لقد كنت في القبر بالجسد وفي الجحيم بالنفس كإله وفي الفردوس مع اللص، وعلى العرش مع الآب والروح مالئًا الكل أيها المسيح غير المحصور». والأيقونة الأرثوذكسية توضح هذا القول ففيها يُصور الرب يسوع المسيح وهو في الجحيم واقفًا دائسًا على أبواب الجحيم محطمًا إياها تحت قدميه، ومادًا يده اليمنى ينتشل بها أنبياء وصدِّيقون العهد القديم، ومادًا يده اليسري ينتشل بها نبيات وصدِّيقات العهد القديم. 

قول يوحنا: "وَسَلَّمَ الْمَوْتُ والْجَحِيمَ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا"، يشير إلى يُشير إلى الدينونة العامة. في وقت الدينونة العامة الذين في الجحيم الصـالحين والطـالحين الـذين في انتظـارها لا يعرفون حكم الله فيهم نفوسهم في موت الخوف وجحيم القلق؛ لأنه عند موت البشر، خاصةً في ساعة موتهم، يبث الشيطان في نفوسهم عدم إمكانية خلاصهم. 

من أجل هذا رتبت الكنيسة الأرثوذكسية صلوات كي يتحنن الله على الأموات كي يريحهم بأن يبث الطمأنينة في نفوسهم ويخفف القلق عنهم؛ لأن جميع البشر عند ساعة موتهم يتذكرون أعمالهم المعلومة والخفية عن الآخرين، خاصة الطالحة منها خوفًا من الدينونة، لإدراكهم أن نهاية وجودهم على الأرض حاضرة وأنهم بعدها سيمثلون أمام الديان العادل وليس هناك وقت للتوبة.

وذلك كالطالب الذي أدى امتحانه وفي انتظار النتيجة، متطلعًا إلى النجاح وفي خوف من الرسوب. من هذه الصلوات في الكنيسة الأرثوذكسية الصلاة التالية التي تُتلى على الموتى في صلاة تجنيزهم وفي ذكرى يوم مماتهم وفي يوم سبت الأموات، الذي فيه يُصلَّى فيه من أجل جميع الذين رقدوا منذ البدء، بالقول: «مع القديسين أرح أيها المسيح الإله نفوس عبيدك (عبدك أو عبدتك) حيث لا وجع ولا بكاء ولا تنهد بل حياة لا تَفنى». فالكنيسة تصلي إلى المسيح أن يُريح نفوس الراقدين ويُسكنهم الملكوت؛ لأن جميع الأموات أمام الكنيسة هم مخلصون وهي لا تحكم على أحد، لأن الحكم هو لله وحده. 

كما سبق القول أن الكنيسة الأرثوذكسية تُؤمن وتُعلم أن كل مَنْ يموت يذهب إلى مكان يُسمى "مكان الانتظار"، انتظارًا للدينونة العامة. بالإضافة إلى هذا فإنها لكنها لا تُؤمن وتُعلم أن كل مَنْ يموت يذهب إلى "المطهر"، الذي تُؤمن وتُعلم به في عقيدتها الكنيسة الكاثوليكية، وتُحدده بأنه مكان تذهب إليه نفوس الأموات الذين ماتوا في حالة النعمة من دون أن يُكَفِّروا عن جميع خطاياهم، لتمر بحالة تطهير قبل الدينونة العامة. وهذا القول بتطهير مَنْ ماتوا في حالة النعمة وعدم تطهير الفئات الأخرى من البشر يُبطل عدل الله، وما كان لبولس الرسول أن يقول: "لأَنَّ نَجْمًا يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ"، بمعنى أن جميع البشر سيقفون سواسية أمام الله وهو له المجد الذي سيفرز بينهم، كما قال يسوع: "وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" .