رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شخصيات روائية 11

بيتر ماهر الصغيران: شخصية حليم من أكثر الشخصيات الروائية التي أحببتها

بيتر ماهر الصغيران
بيتر ماهر الصغيران

الشخصية الروائية، قد تتمرد على خالقها وتقتنص مصائرها بنفسها، وترسم دروبها بمفردها، ومنها المذعن من يرضخ لــ “ألاعيب السرد والحبكة” فتكون حياته خيوط عرائس ماريونيت يحركها المبدع كما يشاء.

 

ونقدم لكم في الـ “الدستور”، هذه السلسلة من الشخصيات الروائية، يتحدث عنها مبدعيها، كيف خلقوها، خلفيات هذه الشخصيات الاجتماعية والتاريخية، وهل الشكل الأخير الذي وصلت لنا بهذه هذه الشخصيات، هو نفسه الذي خلقه مبدعها في المبتدا، وغيرها في هذه الزاوية الأسبوعية.

 

وفي هذه الحلقة ــ 11 ــ يحدثنا الكاتب بيتر ماهر، عن شخصية حليم، بطل روايته “سيرة وحيدة لقرية صغيرة”، والصادرة عن دار بتانة للنشر 2021.

 

شخصية حليم من أكثر الشخصيات الروائية التي أحببتها

 

واستهل “الصغيران” حديثه مشيرا إلي: شخصية حليم من أكثر الشخصيات الروائية التي أحببتها، ربما لأنها كانت مستوحاة من البيئة التي عشت بها فهي تحمل الكثير من الواقعية.

جاءت شخصية حليم من رجل يمكن أن نطلق عليه ـ رجل البر والإحسان ـ بلغة عصره. فقد اهتم ببناء مدرسة ومطحن ودار للعبادة. كل تلك الأجواء جعلته شخصية ملمهة بالنسبه لي، فقد اعتبرته كجزء من مفهوم البدايات التي نكتب عنها،عند الحديث عن مشروع حضاري جاد.

 

وتابع “الصغيران” عن شخصية حليم:  بما أن الشخصية الروائية الأصلية كانت من مواليد القرن التاسع عشر، فما وصل عنه يعتبر قليل جدا، فقد قمت بتركيب الكثير والكثير من الأحداث لكي تناسب مع العمل الروائي،

 

المعضلة التي تواجه أي كاتب يريد أن يكتب عن شخصية منذ زمن مضى، ستكون نقص المعلومات التي كانت شبه غائبة في حالتنا الروائية، حتى مع عمل محاولة استقصائية عن تتبع بداياته أو أصوله فقد باءت بالفشل.

 

واستدرك “الصغيران” عن شخصية حليم: مع هذا ظلت الشخصية نفسها في شكلها الخارجي تراودني بالكتابة عنها كأنها حلم لا يريد أن ينتهي إلا بالكتابة عنه، قد كان هذا بالفعل مع إعادة تقيم المعلومات المتاحة عنه.

حيث صممت شخصية عصامية بدأت من القاع إلى القمة، تخللها عدد من الأحداث والمواقف، مع وجود فترات سقوط وهروب وفرح وحزن وفقد وهجر.

 

ثم قررت تغيير الاسم الأصلي إلى اسم آخر له مدلول روائي داخل الأحداث، هذا التحول جعلني أعطي لأسماء الشخصيات التي حوله أبعاد ومدلولات حتى تتناسب مع شخصية البطل. مع عمل أحداث جاءت بالكامل من وحي خيالي مع هذا تناسبت جميعها مع الإطار العام للرواية.

 

علاف الرواية

 

الباشا المناقض لشخصية حليم

 

ويستكمل “الصغيران”: في مقابل شخصية حليم البطل، جاءت شخصية (الباشا) الذي مثل النقيض المضاد لشخصية حليم، فهو شخصية مستوحاة من الواقع أيضا بحسب الروايات المتواترة عنه، كان شخصا فظا متغطرسا كثرت الحكايات حوله وحول مصدر ثروته.

ظل قصره كشاهد على نهاية عصر ما وبداية عصر اّخر، مع حدوث نفس المعاناة والصعوبات التي واجهتني مع البطل الرئيسي وهي ـ صعوبة نقص المعلومات ـ فقد جاءت أحداث حياته كلها من وحي الخيال مع الاعتماد على معلومة وحيدة وهي اسمه فقط.

 

واختتم “الصغيران” مشددا علي: في الواقع ما دفعني للكتابة عن شخصية حليم، هو اهتمامه بتحويل قرية صغيرة إلى ما يشبه البندر بلغة عصره. حاول حليم أن يجدد شكل القرية التي عاش بها حتى أنه سعى لعمل محطة سكة حديد.

جاءت أهم أحلام حليم، في محاولاته المستمرة في نيل مكانة والده الذي تحول إلى أيقونة أو بطل شعبي.

على الرغم من الغموض الذي أحاط بشخصية الأب رزق مما جعل أحد أحفاده يسعى لمعرفة حقيقة وجوده من عدمه إلا أنه سعى إلى حلم ما أيضا، وهو أن يكون نصيرا للضعفاء.

مع اختلاف العصر تبدلت أحلام حليم، أصبحت طموحاته مادية مع تخليه عن جزء كبير منها. اختيارات حليم كانت بمثابة خارطة طريق لتنفيذ حلم من حوله ليكون هو رزق الجديد، لكن يمكن أن نرى أعيان القرية أجهضوا أحلامه مع دمجه معهم، مما جعله يندم في ختام حياته على ترك فكرة البطل الشعبي والسعي خلف أحلام أخرى حتى لو كانت ستخدم أهل القرية لكنها في النهاية صبت في تعظيم مجده الشخصي.