رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمال حسان: "عيد غريب" بطل نصفها الغائب شخصية خيالية لها صدى واقعي

جمال حسان
جمال حسان

الشخصية الروائية، قد تتمرد على خالقها وتقتنص مصائرها بنفسها، وترسم دروبها بمفردها، ومنها المذعن الذي يرضخ لـ"ألاعيب السرد والحبكة" فتكون حياته خيوط عرائس ماريونيت يحركها المبدع كما يشاء، وبين هذه الشخصيات ومبدعيها، نقدم لكم في "الدستور"، هذه السلسلة من الشخصيات الروائية، يتحدث عنها مبدعوها، كيف خلقوها، خلفيات هذه الشخصيات الاجتماعية والتاريخية، وهل الشكل الأخير الذي وصلت لنا بهذه الشخصيات، هو نفسه الذي خلقه مبدعها في المبتدأ.

وفي هذه الحلقة - السابعة - تحدثت الكاتبة الشابة حسان جمال عن أحدث إبداعاتها السردية، رواية "نصفها الغائب"، والصادرة عن دار العين للنشر، خلال فعاليات الدورة 55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

"عيد غريب" بطل نصفها الغائب شخصية خيالية لها صدي واقعي

 

وتبدأ "حسان" حديثها عن الشخصية الروائية، مشيرة إلى أن جفاف شريان الإبداع هو المحنة الكبرى بالنسبة للروائي المعروف والصحفي الناجح "عيد غريب" في روايتي نصفها الغائب بعد أن تدهورت أحواله الصحية والنفسية عقب انتحار زوجته غرقًا. تطارده التفاصيل وينهشه الفزع منذ شهور، فيسأل نفسه: متى وكيف تلتئم الجراح؟

ويتجنب الصدام مع مدير التحرير ودار النشر والصحفي الذي يسعى إليه لإجراء حوار حول فوزه بجائزة مرموقة عن مخطوط روايته الأخيرة، لكن بذرة الشك في قدراته تسللت إلى روحه، فصار يتجنب زملاءه وذكرياته، وفي جوفه وجع يرتع ليل نهار كأنه خيل عاصية.

وتمضي "حسان" في حديثها عن الشخصية الروائية: يذهب أخيرًا إلى الطبيب تحت إلحاح من ابنته الوحيدة "فرح"، لكنه يضيق بعد زيارتين من طريقة الطبيب الصارمة في تحذيره من الإهمال في صحته وضرورة الالتزام بالعلاج ومخاصمة التدخين. خرج من العيادة مكسور الخاطر، لكنه في ذات الوقت متحفزًا لاستعادة بوصلة أيامه بنفسه.

كل ما يريد هو شرارة إبداع تلهب خياله من جديد ليكتب. فيما سبق، حين كانت تهب عليه رائحة الكلمات، كان يسرف في الخيال بأنه على ظهر طائر كبير عجيب في قوته، يحط على شرفته فيمتطيه. يجوب به الآفاق وهو ممسك برقبته، فيبصر عوالمًا مسحورة بين إندلاع الفجر وظلال المغيب، ثم يحط به في واحة فواحة بكل ما يسر؛ يأكل ويشرب ما لذ وطاب ويمارس الجنس في نفس الوقت وينسج الحكايات.

في سفرياته الكثيرة لدواعي المساهمة في مؤتمرات ولقاءات ثقافية، كانت له مغامرات وتجارب من مدادها ينبعث قلمه براحة في كتابة مشوقة تراكمت من رصيده الإبداعي وحضوره المتميز في كل مكان.

وتتابع "حسان" عن الشخصية الروائية: الآن كيف يغلق صفحة مآساته الشخصية ويبدأ من جديد؟ برق في خاطره حلم الحرية والانعتاق من كل القيود والذكريات كعاشق أبدى لكل ما يهفو إليه من أول الطريق. قرر الذهاب إلى مطعمه المفضل في شارع ليس بعيد من عيادة الطبيب، وقد عقد العزم ألا يراه مرة أخرى. مع وجبة دسمة وطبق حلويات وعلبة سجائره سيبدأ أفضل هدنة دون منغصات.

فجأة أوقفته فتاة في عمر ابنته، إنطبع محياها وقوامها في مخيلته بـ "عنفوان الجمال الحي". أخبرته الفتاة أنها تسعى إلى لقائه منذ فترة، فهو كاتبها المفضل وتريد أن تستفيد من رأيه في كتابة نصها الإبداعي الأول "لو بيني وبينك رغبات مشروعة".

يترك نفسه لمغامرة غير محسوبة، فيتغير مجرى حياته وينعكس ذلك على مجرى حياة ابنته فرح التي تعتزم السفر إلى بريطانيا بعيدًا عن البيت، وصدى الذكريات برفقة شاب إنجليزي التقته في القاهرة مصادفة.

تحكى فرح كل ما حدث، حدث بسرعة غريبة. جهزت خطتي في جملة محكمة وضعتها أمام أبي مع فنجان قهوته المضبوط في أحد الصباحات. "أنا عاوزة أسافر إلى لندن للدراسة واكتساب خبرة، وكمان أتحمل مسؤولية نفسي، وكل طلباتي هي ثمن تذكرة سفر من جيب حضرتك العامر... يارب دائمًا عامر."

وتختم "حسان" حديثها لـ "الدستور" عن الشخصية الروائية مؤكدة على: شخصية "عيد غريب"، بطل روايتي نصفها الغائب، اختارت موقعها في الرواية وهي خيالية، لكن هذا لا ينفي أن خيال أي روائي هو صدى لبعض الواقع.