رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزارة الدفاع ووثائق الفخار الأكتوبرية

خبر مهم وطيب أن تفرج وزارة الدفاع المصرية عن بعض وثائق حرب أكتوبر العظيمة بعد مرور نصف قرن على وقوع أحداث تلك الحرب المجيدة.. ولعلنا بذلك القرار نحقق ما طالب به زعيم الحرب والسلام محمد أنور السادات، عندما توقع وأشار لأهمية تفاصيل وقرارات وخطط ونظم إدارة تلك الحرب، قال "إن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلًا بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه خلال الساعات الست الأولى".. 
عبر متابعات كثيرة لأحداث وقرارات تاريخية يبرز السؤال المتكرر (من يكتب التاريخ ؟.. وإلى أي مدى يمكن اعتماد مصداقية السرد وأمانة عرض التفاصيل؟).. وفي الكثير من الأحيان يكون الاعتمادــ على سبيل المثال ــ على ما يكتبه شهود الأحداث من كتب وإصدارات متنوعة من مذكرات لا يمكن الاطمئنان لحياديتها وأمانة عرضها بشكل كامل، بل ونرصد في كثير من الحالات منازلات فكرية وتاريخية بين كتاب بعض الوقائع التاريخية مهما بلغت درجات المعارف العامة الرئيسية حول تفاصيلها..
وقد أكد الموقع الرسمي لوزارة الدفاع، أن الإعلام المصري خرج إلى نطاق التأثير الإقليمي والدولي وتوجه نشاطه لكشف النوايا الإسرائيلية، والتحكم بالأحداث العربية والعالمية، واكتسب الإعلام ثقة المواطن والشعب المصري بمصداقيته، خاصهً أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973م، رغم أنه لم يتمكن من تغطيتها مباشرة بسبب حرص القيادة المصرية على تحقيق السرية وعدم كشف نيه الهجوم يوم السادس من أكتوبر.. 
وتحدث الموقع حول التخطيط الاستراتيجي العسكري المصري لحرب أكتوبر 1973م واعتبره أنه يرقى إلى أعلى درجات الفكر العسكري العالمي، حيث شمل التوجيه السياسي العسكري للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وإعداد فكر الاستخدام للقوات المسلحة، وقرار القائد العام وإعداد خطط العمليات والخطط التكميلية وتنظيم التعاون الاستراتيجي والإشراف والمراجعة واختبار التخطيط بما يؤكد قدرة القوات المسلحة على تنفيذ المهام المخططة.. 
ومعلوم أن الحرب قد شملت عدة معارك، وتثبت الوثائق أن مصر فازت في نحو 8 معارك، فيما فازت إسرائيل بمعركة ونصف المعركة تتمثل في الجزء الأول من ثغرة السويس ومعركة التطوير العسكري، وتُعد تلك الوثائق هي الأولى التي يتم الكشف عنها، وتخص حرب أكتوبر، وتتضمن التخطيط المصري الصحيح للمعركة، بناء على رؤية عسكرية واضحة أتت بعد دراسة للموقف، ويوجد بها الكثير من الدروس المستفادة لنقاط القوة ونقاط الضعف التي يمكن تلاشيها في المستقبل..
وقد تضمنت الوثائق الجديدة بعض تفاصيل الاستعداد للحروب التي خاضتها مصر، كما تناولت كذلك دور بعض الأشقاء العرب في دعم مصر خلال حربها مع العدو، وسلطت الضوء على دور الإعلام العسكري والإعلام بصفة عامة خلال هذه الحرب ونقل صوت مصر خارجيًا..
كما تضمنت الوثائق التى كشفها الموقع الرسمي لوزارة الدفاع، كيفية تصفية الثغرة ممثلة في الخطة شامل وشامل المعدلة، بالإضافة لفض الاشتباك، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وكذلك بعض مذكرات القادة.
وأرى أن تلك الوثائق تُعد خير رد على الادعاءات الإسرائيلية التي تطلقها أجهزتها الإعلامية من آن إلى آخر وحتى الآن، والتي كانت تشير إلى امتلاك القوة والتفوق آنذاك، لكن التفوق المصري كان واضحًا، ولم تستطع تل أبيب استغلال قوتها لتفادي الضربة المصرية..
لقد ظللنا نحلم ونطالب بسينما ودراما تليفزيونية ترصد وتوثق أعظم حرب خاضتها مصر، وأعتقد أن توالي الإفراج عن وثائق أكتوبرية معتمدة وبخط اليد وبتوقيع قيادات ورموز عسكرية عظيمة من شأنها إثراء المعروض على صناع الدراما ومبدعيها من أحداث ملهمة وبطولات خارقة وقرارات تاريخية.. ويا صناع الدراما بكل وسائطها نحن في الانتظار..
وبمناسبة الإفراج عن تلك الوثائق التاريخية أرى أهمية عقد بروتوكولات تعاون مع الشركة المتحدة وقناة "الوثائقية" لإنتاج برامج فيلمية للعرض والتحليل، وتعاون مع وزارة الثقافة لتضمين تلك الوثائق في إصدارات تتناول عرضها بالمناقشات والمتابعات العلمية والتاريخية، وأيضًا التعاون مع وزارة التربية والتعليم لتضمين المناهج الدراسية في مجالات التاريخ واللغة العربية والتربية الوطنية أهم تلك الوثائق التي تعزز وتُعلي من قيم الفخار والانتماء والولاء والوطنية لدى أجيالنا الطالعة، وكذلك التعاون مع مراكز الأبحاث المعنية برصد وتحليل الأحداث التاريخية لدعمها بذلك الرصيد الوثائقي الوطني المهم..
وبالمناسبة، نأمل إصدار قرارات مماثلة للإفراج عن المزيد من وثائق ثورة 23 يوليو وما تبعها من أحداث وقرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي..