رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة المارونية تحتفل بذكرى عيد شهداء صور الخمسمئة

الكنيسة
الكنيسة

تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى عيد شهداء صور الخمسمئة، و مات هؤلاء الشهداء على عهد الملك ديوكليسيانس. نذكر منهم الأسقفَين تيرانيوس وسيلوانس والكاهن زينوبيوس. هؤلاء بذلوا دمهم في سبيل المحافظة على الإيمان المسيحيّ.

وأمر فيتوريوسُ القائدُ العسكريّ جميعَ أَبناء صور بتقديم البخور للآلهة الوثنيّة. فتقدّم الأسقفان والكاهن ومَن معهم من المؤمنين بجرأة وأَعلنوا إيمانهم بالمسيح. ذاقوا أَشدَّ العذاب، إذ مزّق الجلاّدون أجسادهم تمزيقًا بضرب المجالد. وطُرحوا للوحوش الضارية فلم تؤذِهم. ثمّ عذّبوا بالنار والحديد إلى أن ضُربت أعناقهم فنالوا أكاليل الشهادة سنة 304.

وبهذه المناسبة القت الكنيسة عظة احتفالية قالت فيها: 

"العديد من الذين نبذوا ثروات كبيرة وكميّات ضخمة من الذهب والفضّة ومساحات شاسعة من الممتلكات الرّائعة من أجل اتّباع الرّب يسوع المسيح، قد تركوا أنفسهم فيما بعد ينفعلون بسبب فرشاة أو مخرز أو إبرة أو قصبة للكتابة... 

وبعد أن وزّعوا جميع أموالهم حبًّا بالرّب يسوع المسيح، احتفظوا بأهوائهم القديمة ووظّفوها في أمور تافهة، وكانوا سريعي الغضب للدفاع عنها. نتيجة لذلك، أُصيبت حياتهم بالعقم لأنّه لم تكن لديهم المحبّة التي تحدّث عنها القدّيس بولس. 

وتنبّأ القدّيس بولس الرّسول بهذه المأساة حين قال: "لَو فَرَّقتُ جَميعَ أَموالي لإِطعامِ المَساكين، ولَو أَسلَمتُ جَسَدي لِيُحرَق، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما يُجْديني ذلكَ نَفْعًا" هذا دليل واضح على أنّنا لا نصل إلى الكمال بخطوة واحدة لمجرّد التخلّي عن الثروة واحتقار التكريم، إن لم نكن نتمتّع بهذه المحبّة التي وصف الرّسول جوانبها كافّة.

غير أنّ المحبّة ليست سوى في طهارة القلب. "فالمَحبَّةُ... لا تَحسُدُ ولا تَتَباهى ولا تَنتَفِخُ مِنَ الكِبْرِياء...ولا تَسْعى إِلى مَنفَعَتِها، ولا تَحنَقُ ولا تُبالي بِالسُّوء، ولا تَفرَحُ بِالظُّلْم، بل تَفرَحُ بِالحَقّ" ألا تعني هذه الأمور كلّها إهداء قلب كامل ونقيّ إلى الله باستمرار، وحمايته من أيّ تقلبات في الأهواء؟ إذًا، يمكن القول إنّ طهارة القلب هي الهدف الوحيد لأعمالنا ولرغباتنا.

حين نسمع هذه الكلمة الرائعة والمليئة بالهدوء والمحبّة والسلام غير المتزعزع: "يا أبتِ اغفرْ لهم" ماذا يمكننا أن نضيف على عذوبة ومحبّة هذه الصلاة؟ ورغم ذلك، أضاف الربّ شيئًا آخر. لم يكتفِ بالصلاة؛ أراد أيضًا أن يعطي عذرًا لعملهم، فأضاف: "يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لأنّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون".

هم بلا شك خطأة كبار، لكنّهم بالكاد يعرفون ذلك؛ لذلك، أبتِ، اغفرْ لهم. يصلبون، ولكنّهم لا يعرفون مَن يصلبون... يعتقدون أنّ الأمر يتعلّق بمتجاوِزٍ للشريعة، أو بمغتصِبٍ للألوهة، أو بمغرِّر للشعب. لقد حجبت وجهي عنهم فلم يعرفوا بهائي. لذا، "يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لأنّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون".