رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبده المصري: جائزة معرض الكتاب لكل جيل الثمانينيات.. والثقافة حائط صد ضد هدم الإنسانية (حوار)

جانب من الحدث
جانب من الحدث

كان لفوزديوانه "الحياة ما كانتش أحلى" بجائزة معرض القاهرة الدولي في دورته الخامسة والخمسين، عن أفضل ديوان شعر عامية بالغ الأثر في مصداقية تلك الجوائز وماهية إقتناصها_ سواء من قبل الشاعر عبده المصري أو من اللجنة التحكيمية التي أعادت للجائزة وللشعر، الكثير من المصداقية في الوصول لمستحقيها_ بجدارة وبلاغة اختلاف قصيدته وعلاقتها بالإرث الجمالي والدلالي للقصيدة من قبل الشاعر_ وقبل القراء في مصر. 

هو الشاعر عبده المصري والمولود بمدينة بورسعيد الساحلية في العام 1959 والحاصل على ليسانس الحقوق، صدر له دواوين " ضمير الغياب_1998_ وطبعة ثانية بمكتبة الأسرة " نسوان الصبح بدري" عن دار " الدار للنشر والتوزيع" " الورد عابر سبيل" عن "دار ميريت" " على هامش البهجة" عن دار ميتا بوك" وديوانة الأخير الأيقونة." الحياة ماكانتش أحلى" الفائز بجائزة المعرض.. الدستور التقت الشاعر عبده المصري، وإلى نص الحوار..

صورة لغلاف ديوان على هامش البهجة للشاعر عبده المصرى.

_ ما هو شعورك بعد فوز ديوانك الحياة ماكانتش أحلى بجائزة معرض القاهرة للكتاب؟ وما هو رد فعلك؟

في الحقيقة كان الخبر بمثابة مفاجأة كاملة بالنسبة فأنا شخص بعيد عن المشهد الثقافي في مصر، أعيش في مدينة الإسماعيلية، ولا أعمل في مؤسسة صحفية، ولا مؤسسة ثقافية حكومية أو خاصة ولست عضوا في اتحاد الكتاب ولا تتم دعوتي لأنشطة المجلس الأعلى للثقافة اكتب فقط على صفحتي على الفيس بوك وانشر على نفقتي الخاصة فيما عدا الديوان الأخير فقد قمت بإرساله للشاعر محمود الحلواني للاستئناس برأيه الفني والنقدي وفوجئت به يتصل بي ويخبرني هل لديك رغبه في النشر في هيئة الكتاب وعلمت ساعتها أنه مسئول عن السلسلة التي صدر منع الكتاب فوافقت على الفور وبعد صدور الديوان لم ينشر عنه أي خبر ولو على سبيل المجاملة ومن ثم استبعدت فكره الفوز بالمسابقة التي دخلتها وأنا أتصور أنها جزء من إجراءات التعاقد وحقوق هيئة الكتاب ومن هنا كان شعوري بالبهجة والفرح بالفوز بالجائزة التي لم أسع إليها وأعادت لي الثقة في الجسد الثقافي المصري الذي لا زال قادرا على الحكم بنزاهة وحياد وموضوعية على ما يقدم في المسابقات ولا سيما تلك التي تشرف عليها لجان تحكيم محترمه تسعى فقط لإعادة الاعتبار للثقافة المصرية باعتبارها القوة الأكثر تأثيرا في الثقافة العربية.

بورتريه للشاعر عبدة المصري.

_عن إصرارك على استعادة الماضي والحنين إليه في قصائدك هل هو تأبيد لحالة الماضوية أم هو رفض للواقع؟

في الحقيقة أنا أكتب عما أعرف وعما عايشته عن البيوت والمقاهي والوجوه ليس فقط من قبيل النوستالجيا والبحث عن زمن مفقود وليس تأييدا لمشهدية غابت فهي كما عبرت في قصائد الديوان لم تكن أفضل ولا أجمل كانت تحمل حزنها ومرارتها وشجنها وبؤس الذين عاشوها ربما فقط كانت الأحلام والقدرة على تحقيقها في مجتمع كنا نملك فيه حد أدنى من التكافؤ بين الناس وكنت تستطيع التمييز بين الغث والثمين والجميل والقبيح
كان زمن مختلف أستعيده ليس رفضا للواقع الذي علينا أن نحياه ولكن لأني- بصدق- لا أعرف سواه، أنا الآن كما قال الفيلسوف الصيني "لاو تسي" أشاهد العالم كله من نافذة صغيرة مفتوحة، وأنا أشاهد العالم من شرفه بيتي في الدور الثامن، أشاهد البشر والسيارات من بعيد فاستعيد عالما الذي عشته واكتب عنه وأعتقد أن الكتابة الحقيقية هي إضاءة على مناطق مظلمة في الروح تحاول إعادة اكتشافها عبر استعادتها وهذا كان درسا تعلمته من أستاذنا يحيي حقي أن أكتب عما أعرف.

 

صورة تجمع الشاعر عبده المصري بالشاعر أحمد الجعفري..

_ بعد حصولك على الجائزة وأنت فى العقد السابع من عمرك.. ماهو شعورك وأنت تحصل على الجائزة فى هذا العمر؟ وما هى علاقتك بالجوائز؟

أولا هى ليست أول جائزة أحصل عليها؛ فقد سبق أن فاز ديوانى الأول “ضماير الغياب” بالجائزة الأولى في مسابقة النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وتم تكريمى من الرئيس السادات فى أحد أعياد الفن، ولم أكن قد أتممت عامى الثامن عشر، وفاز ديوانى الثانى “نسوان الصبح بدرى” بجائزة أفضل كتاب عام ٢٠٠٥ من أحمد المواقع، وهذا يعنى أن مسألة الجوائز ليست هى الموضوع، هى مجرد تكريم فقط لاسم شخص على ما قدمه، وتخضع لمعايير بعضها له علاقة بالإبداع وبعضها له علاقة بأشياء أخرى خارج الكتابة، كالموقف من السلطة أو التواجد الدائم فى دهاليز المؤسسات الثقافية، أما عن هذه الجائزة بالتحديد فأنا أعتقد أنها تكريم لجيل الثمانينات الذى ظلم كثيرا، ومات كثيرًا من مبدعيه دون أن يحصلوا على شئ، هى تكريم للمرحوم محمد عبد المعطى وعمر نجم ومحمد الحسينى وفتحى عبدالله وأشرف عامر وسمير سعدى وتكريم لعمر الصاوى وأمين حداد وعمرو حسنى وكثير من مبدعى هذا الجيل الذين يستحقون هذه الجائزة التى أهديها لهم فهم فى الحقيقة أصحابها .

 

لقطة للشاعر عبده المصري عقب فوزه بجائزة أفضل ديوان شعري بمعرض الكتاب الاخير..

_عن الحروب بالإنابة والأوبئة والصراع عبر الهوية والديانات والجغرافيا.. كيف ترى مستقبل الأدب والفن فى ظل هذه المأساة الإنسانية؟

ياصديقى عبر التاريخ الإنساني ومنذ تعلم الإنسان الصيد واكتشف النار وصولا إلى الأسلحة الذرية والنيوترونية وما خفي من وسائل القتل والتدمير فإن الإنسانية تعيش صراعا أبديا على امتلاك الثروة والقوة وعبر التاريخ كانت المذابح ولو كنت مغرما بالتاريخ مثلى وأعتقد أنك كذلك فهذه المشاهد متكررة وربما بصورة أكثر دموية مما نراه ونعيشه وحتى الأوبئة والزلازل والبراكين كل هذه الكوارث مرت بها البشرية من قبل ربما فقط لنستعيدها وربما نشعر بفداحة ما يحدث في العالم الآن لأن العالم تحول لقرية صغيرة وفي يد كل منا جهاز صغير ينقل لك الصور والمشاهد في التو واللحظة عاشت وماتت أساطير وأيدولوجيات وحارب الناس تحت عناوين عديدة الدين والمذهب والقومية ولكن بقي الإنسان القادر على تجاوز المحن والكوارث وخلق عالم جديد شجاع كما كتب الدوس هيسكلى في روايته الشهيرة.
والفن والأدب قادر عبر الحكاية والموسيقى والشعر والمسرح والسينما على بعث روح المقاومة والتمسك بالحياة ليبقى الإنسان يسقط ويستعيد قدرته على المقاومة والتجاوز عبر الفن والأدب مرأيا أو مسموعا.

الحياة ماكنتش أحلى

_عن كثرة الجوائزفى مصر في العقد الأخير وتحديدا في الرواية والشعر.. كيف ترى هذه الظاهرة؟

بالعكس أنا لا أرى أنها ظاهرة سيئة بل هى حميدة ومحفزة للإبداع وبالذات لدى جيل المبدعين الشباب الذين يحتاجون للدعم والمساندة ماديا ومعنويا، وهى فى مصر قيم متينة جدا فى ظل حاله التضخم الاقتصادى الذى نعيشه ولا تقاس بجوائز تمنحها دول اخرى ولكن قيمه الجوائز فى مصر إنها جائزة تحصل عليها من دوله ذات ثقل ثقافى تاريخى وقوه ناعمة هائلة ممثلة فى كتابها وفنانيها فقيمة الجائزة المصرية أكبر من أى جائزه تحصل عليها خارج مصرحتى لو تضاءلت قيمتها المادية ولا توجد جائزة سيئة، وجائزة أفضل ولكن توجد لجان تحكيم كلما تمتعت بالجدارة والحياد والموضوعية كلما كان الاختيار للأفضل وأعتقد ان هذا يحدث بدرجة كبيرة سواء فى معرض الكتاب أو فى جوائز الدولة وربما انا لدى تفسير للظاهرة يتعلق بالحالة المصرية العامة التى تستدعى المثلين الحقيقيين لقوتها الناعمة حين تتعرض لتحدىات وجودية حدث هذا بعد ثورة ١٩١٩.

وأيضا فى فترة الستينيات وفى الفترة التى تلت هزيمة يونيو ويحدث هذا الآن، مصر تستدعى قوتها الناعمة فنرى هذا الزخم الكبير، معارض فن تشكيلي ومهرجانات سينما ومسرح وموسيقى وغناء، هذا الزخم الكبير بعضه جيد وبعضه سئ ولكن مع الوقت سيفرز هذا النشاط كتاب رواية وشعراء وموسيقيين وفنانين تشكيليين يدافعون عن الهوية المصرية ويمثلونها خير تمثيل _عن "شعر العامية".

_ هل هناك تعمد مقصود لمحو القصيدة العامية وتجاهلها بشكل عام من قبل النقاد وبعضا من ذائقة اللجان التحكيمية؟

ليس صحيحا فلا أحد يستطيع محو أو تجاهل شعر العامية المصرية بالذات ربما تكون فرص النشر أقل فى الصحافة الورقية والحال حاليا أفضل كثيرا فقد عشنا فى عصر لم يكن يتم النشر فيه الا عبد الفتاح الجمل فى جريدة المساء وعم فؤاد حداد فى المساء وقبل هذا العصر كان الزجالين المصريين الكبار ينشرون قصائدهم كعمنا بيرم التونسي ومحمود رمزى نظيم والدكتور سعيد عبده وقبلهم كلهم عم بديع خيرى وكانو ينشرون بصفه منتظمة وكان لهم حضور كبير ولكن المسأله أعقد لأن القصائد المكتوبة بالعامية تعبر بصورة ماعن الثقافة غير الرسمية وتم اصطناع خلاف بين الثقافة الرسمية واللغة التى تعبر عنها واللغة غير الرسمية والثقافة غير الرسمية والثقافة التى تعبر عنها وهى ثقافة مقاومة لمظاهر الظلم الاجتماعى والسياسي وهى أقرب فى التاثير على الناس الذين يتلقون تلك القصائد فكانت قصيدة العامية وشاعر العاميه محل تشكك دائم من السلطه لانه كان دائما على النقيض منعا ومن توجهاتها كما انها قصيده متحرره فى تناول كل مايهم الناس الآن الحال افضل كثير من الجرائد والمجلات تنشر قصائد بالعامية وتم تخصيص جوائز لشعر العامية وكتابات نقدية وتم تناول الكثير من التجارب لشعراء كثر يكتبون بالعامية بالدرس النقدى فى رسائل جامعيه لذا اتصور ان هناك اهتمام اكثر بالعاميه المصريه شعرا ونثرا حاليا.

عبده المصري

_حدثنا عن الخارطة النقدية في المشهد الشعرى المصري انطلاقا من تعامله مع قصائدك؟

أتصور أن المشهد النقدي لتجربه العامية المصرية شديد الثراء كتابات دكتور أحمد مجاهد ومحمد على عزب ودكتور أحمد الصغير وكتابات مسعود شومان المؤسسة لفهم الأشكال الفنية والبنى الإيقاعية وهي كتابات مهمة جدا وأكيد فيه نقاد كثير غيرهم كتبوا عن التجارب الجديدة والقديمة في شعر العامية المصرية وهي مهمة ومؤثرة وأنا بالنسبة لي أعتقد أن تجربتي ليه ماتكتبش عنها بالقدر اللازم مع أنى فوجئت لما ورشه الزيتون لما عملت ندوة لتكريمي عند صدور ديواني الورد عابر سبيل وده كان ديوانا مهما من وجهه نظري لأنه كان نقله على مستوى الإيقاع وبناء الجملة الشعرية والمجاز والتخلص من سطوه الأيدولوجيا وحضرها كتاب وشعراء كتبوا دراسات عن تجربتي كمسعود شومان والدكتور يسرى عبد الله والدكتورة فاطمة الصعيدي والشاعر يسرى حسان وأيضا كتب الشاعر محمد بغداد وعبده الزراع ودكتور حمدي سليمان عن ديوان على هامش البهجة وسبق للدكتور حمدى سليمان نشر دراسه عن ديوان على هامش البهجه واعتقد انه تم تناول ديوان نسوان الصبح بدرى كثير وكنت فرحان بما كتب لانه من قراء عاديين فى موقع وورلد بوكس وايضا الديوان الاول الذى فاز فى مسابقه هيئه قصور الثقافه والمعنون ضمائر الغياب وربما هناك اخرين كتبوا ولكن لم تصلنى كتاباتهم ولكن فى الحقيقه انا لست مستاء فالجيل كله واقصد. جيل الثمانيات لم يكتب عنه بعمق ولم يتم تناول شعرائه وتجاربهم بالقدر الكافي وربما في المستقبل وبعد حصولي على الجائزة يتم الالتفات للتجربة كلها وليس لتجربتي فقط فنعيد قراءة عمر نجم ومحمد الحسيني ومحمد عبد المعطي وخالد عبد المنعم وغيرهم .

عبده المصري

_هل أنت مؤمن بأن هناك مثل أعلى فى الشعر وأن هناك رموز شعرية وما هو الرمز بالنسبة لك؟ 

مثل أعلى في الشعر لا يوجد في البدايات الأولى ممكن يبقى فيه تأثير وتأثر وقد يتماهى صوتك مع بعض الأصوات الأخرى لكن رحلة الكتابة هي محاولة التخلص من الأصوات المتداخلة في التجربة الشعرية للوصول لصوتك الخاص وإيقاعك الخاص الذي لا يشبه الآخرين أما عن التأثير في البدايات فقد قرأت لكل من كتب حرف بالعامية والغريب أن المحفز الأول للخروج من الفصحى التي كنت أكتبها واقرأ لكتابها من الشعر الجاهلي حتى أدونيس ودرويش وشعراء أضاءه وأصوات مرورا بصلاح عبد الصبور الذي كنت مفتونا به وكنت أردد قصائده واحفظها وطبعا أمل دنقل وأحمد عبد المعطي حجازي كنت أقرأ لكل الشعراء عرب وأجانب أحببت مايكوفسكى ويسنين واراجون وبول ايلوار ورامبو وبودلير ولكني أحببت الرواية أكثر ولا زلت أحبها أكثر من الشعر التجربة الروائية أكثرا خصبا من الشعر الروايه عالم متسع رحب ولكن الشعر لحظه محدوده مهما اتسعت رؤيه الشاعر

فى العاميه كانت دواوين زين العابدين فؤاد وسيف ومجدى نجيب هى اول ما قرأت واحببت مجدى نجيب جدا ولكن بعد ذلك انفتح العالم للابنودى وصلاج جاهين ونجم الي ان اكتشفت الكنز المسمى بفؤاد.حداد وفؤاد قاعود فتغيرت رؤيتى للكتابه وللشعر ولكنى لا اعتقد انى تاثرت باى منهم فقراءه الروايه والافتنان بها انقذتنى من الوقوع فى فخ الشعراء الكبار.

_حدثنا عن مشروعاتك القادمه فى شعر العامية.. وماهو تقييمك للمشهد الشعري الحالي فى مصر؟

أنا انتهيت تقريبا من إنجاز ديوان جديد اسمه المتن والهامش عن البشر العاديين الذين لا يأبه لهم أحد الفقراء وبسطاء الناس الذين يعبرون الحياة ويجاورونك في القطار والميكروباص ويجلسون على المقهى ويقفون في طوابير الخبز عن النساء الذاهبات للعمل بعد أن يقوموا بتوصيل الأبناء للمدرسة والذهاب بهم للدروس وعن المتن الذي يفقد سيطرته تدريجيا على هذا الهامش الذي يتسع كلما انهارت الطبقة الوسطى ودخل عديد من أفرادها إلى طابور الفقراء والمهمشين ولدى حلم لا يمكن إنجازه بكتابه رواية عن بيت المهاجرين في طلخا وعن قدم أبي المقطوعة احلم بإنجازها واهدائها لروح ابي.

أما عن تقييمي للمشهد الشعرى الحالي فهو عبارة عن زحمه فيها شعراء كثر وشعر قليل تجارب صاعدة ملفتة ولكنها قليلة ومشهد نقدي غير قادر حتى الآن على الإمساك بها توجد تجارب جيدة ولكن لا يوجد ما يمكن أن نطلق عليه تيارا أو مجموعة تعبر عن هذا الزخم من الأحداث في الوقوع والغريب أن الرواية عبرت أكثر عن تحولات الواقع أكثر من الشعر رغم أن المفروض أن يكون العكس باعتبار عن الشعر أكثر حساسية في التعبير عن اللحظة المعاشه ولكن اعتقد انها لحظه انتقال طالت قليلا ولكن حينما تستقر الامور سنرى شعراء يمسكون بهذه اللحظه ويعبرون عنها بصدق.

صورة لغلاف ديوان الورد عابر سبيل للشاعر عبده المصري…..