رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وين بدنا نروح؟.. نازحون فى رفح لـ«الدستور»: نعيش فى رعب مستمر خوفًا من المجزرة

نازحون فى رفح
نازحون فى رفح

معاناة ومأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى يعيشها النازحون الفلسطينيون فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، التى لجأ إليها أكثر من ١.٥ مليون فلسطينى، هربًا من العدوان الإسرائيلى المستمر على القطاع، منذ السابع من أكتوبر الماضى.

فى حديثهم التالى إلى «الدستور»، يروى عدد من هؤلاء النازحين تفاصيل ما يعيشونه حاليًا من أوضاع صعبة، فى ظل قصف الاحتلال الإسرائيلى المدينة بالطائرات، وتهديده اليومى بالاجتياح البرى لها، مشددين على أنهم يعيشون فى رعب مستمر من هذه التهديدات، لأن تنفيذها يعنى وقوع مجزرة كبيرة.

سامح أبودية: ابنى أصيب بـ«تبول لا إرادى» من أصوات الطائرات والأشلاء المتناثرة فى الطرقات

رأى سامح أبودية، الصحفى الفلسطينى النازح من غزة إلى مدينة رفح، أن الأوضاع فى رفح لا توصف، فى ظل سيطرة القلق والخوف من المجهول على الجميع، وضبابية المشهد وتردد سؤال رئيسى هو: «إلى أين سنذهب؟»، مشيرًا إلى وجود تخوف كبير من تهديد الاحتلال باجتياح المدينة، والذى سيجعل مصيرها نفس مصير خان يونس وشمال غزة، من حيث المجازر وحرب الإبادة.

وأضاف «أبودية» أن السؤال الأبرز والأكثر شيوعًا بين النازحين الآن، وعلى رأسهم الأطفال بطبيعة الحال: «وين بدنا نروح؟!»، معتبرًا أن هذا «سؤال ليست له إجابة نهائيًا، فقط ننتظر منشورات الاحتلال بشأن المكان الآمن الذى سننتقل إليه، مع سيطرة مشاعر القلق والرعب المستمر علينا، والتى نعيشها منذ بدء العدوان، قبل أن تزداد خلال الأيام الماضية مع التهديدات الإسرائيلية».

وواصل: «بدأنا نضع الخطط بشأن ما الذى سنفعله حال تنفيذ الاجتياح البرى لمدينة رفح، لكن المشكلة أنه لم يعد هناك مكان آمن فى غزة كلها»، مشيرًا إلى ما شهدته الأيام السابقة من موجة نزوح عكسية، وذلك من رفح إلى المحافظة الوسطى ودير البلح.

وأكمل: «دير البلح أصبحت شبيهة برفح، أصبحت مدينة خيام، وبها أعداد كبيرة من النازحين، ومصير الناس هناك أيضًا مجهول، خاصة أن القصف ما زال مستمرًا فى كل مكان، فى النصيرات والمحافظة الوسطى، وصولًا إلى رفح، حيث اشتد القصف فى الفترة الأخيرة». 

وأفاد «أبودية» بأن «أصوات القصف ليست قريبة فقط، بل كانت بجوار خيمتنا، شظايا القصف المتطايرة وقعت على الخيمة وحرقتها، أيضًا التراب والأسمنت المتطاير من القصف نزل على رءوسنا».

وتابع الصحفى الفلسطينى: «لم أعد أعلم إلى أين أذهب أنا وعائلتى، أصوات الطائرات العالية جدًا كل ليلة لا تجعلنا ننام، لا فى رفح ولا فى غير رفح، فى كل مناطق غزة، أصواتها مخيفة جدًا، خاصة بالنسبة للأطفال».

وأوضح أن «الأطفال فى رفح الآن يعيشون حالة من الخوف والرعب، أثرت عليهم صحيًا وجسديًا ونفسيًا، حتى إن طفلى الصغير أصبح يعانى من مشكلة التبول اللا إرادى، بسبب الخوف الشديد من أصوات الطائرات والقصف، ومشاهد الشهداء والأشلاء المتناثرة فى الطرقات، كما أن أصوات النساء وهى تصرخ سببت لكل الأطفال مشاكل نفسية كبيرة، بل يمكن القول إننا جميعًا أصبحنا مرضى جراء القصف والدمار والخراب».

وأشار إلى وجود حالة تخوف من اقتحام الحدود المصرية الفلسطينية، باعتبارها آخر ملاذ آمن للأهالى، مضيفًا: «إذا استمر جيش الاحتلال فى القصف والتدمير وإطلاق النار علينا، أكيد سيتجه الجميع إلى الحدود المصرية، وهذا ما نحذر منه».

وأتم بقوله: «نحن لا نريد أن نخرج من بلادنا، لكن إذا استمر الاحتلال فى الضغط لتنفيذ مخطط التهجير، سيكون الأمر خارجًا عن إرادة النازحين، الذين سيلجأون إلى الحدود مع مصر، للنجاة بحياتهم».

يوسف حجازى: الاحتلال يرفض حتى عودتنا إلى الشمال والوسط

اعتبر يوسف حجازى، نازح فى مدينة رفح، أن كل سكان غزة أصبحوا موجودين فى رفح، وسط ظروف معيشية وصحية صعبة للغاية، جراء القصف المستمر من قِبل طائرات الاحتلال الإسرائيلى، الذى أدى إلى وقوع عشرات الشهداء والجرحى.

وأضاف «حجازى»: «الاحتلال رافض تنقل المواطنين بين الوسط والشمال والجنوب، لو تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك لرغبته فى عدم عودة النازحين إلى منازلهم فى شمال أو وسط قطاع غزة».

طالبة الثانوية ديما أبوشرخ: حزينة على ضياع العام الدراسى 

قالت ديما أبوشرخ، الطالبة فى الثانوية العامة، إنه لم يعد لديها أمل فى اجتياز المرحلة الدراسية هذا العام، فى ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة، التى دمرت كل شىء، بما فيها بيتها الذى قُصف بالكامل.

وأضافت طالبة الثانوية: «منذ بداية العام الدراسى جهزت خطتى الدراسية، وحافظت على متابعة دروسى، وأعددت العدة للحصول على معدل دراسى عالٍ، كى أرفع رأس والدىّ، لكن العدوان الإسرائيلى قلب كل أهدافى رأسًا على عقب».

وواصلت: «لم نقضِ سوى شهر دراسى واحد، قبل أن يؤدى استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى تعليق الدراسة حتى إشعار آخر»، مشيرة إلى أن آلاف الطلاب غيرها يعيشون فى حزن شديد، جراء ضياع عام دراسى كامل من عمرهم.

على: القصف متواصل يوميًا.. لا نستطيع النزوح إلى مكان آخر.. والخيام تغرقها الأمطار

أوضح «على. ص»، نازح فلسطينى فى مدينة رفح، أن النزوح أكثر من مرة من أصعب المواقف التى تواجه النازحين، خاصة فى ظل وجود أكثر من عائق، على رأسها عدم وجود أماكن تستقبلهم سوى «المواصى»، التى نزح إليها الآلاف، وما زال هناك العشرات يخططون للنزوح إليها، ما جعلها مليئة بالنازحين، مضيفًا: «وفى حال عثرنا على مكان خالٍ هناك، سنحتاج إلى خيمة، والخيمة غالية جدًا، ومن الصعب الحصول على واحدة مجانية، هذا بجانب صعوبة المواصلات ونقل الأغراض».

وتابع «على»، الذى طلب عدم نشر اسمه كاملًا، حديثه عن الأوضاع المعيشية للنازحين: «الخيمة بها مشاكل كثيرة، خاصة فى ساعات الليل، فحينها تكون باردة جدًا، وفى النهار شديدة الحرارة، وفى حال نزول المطر تغرق».

وأفاد بأن من يعود مرة أخرى إلى وسط غزة ودير البلح هم من يملكون منازل هناك، كما أنهم لا يعلمون إذا كانت هذه المنازل لا تزال موجودة أم دمرها القصف المستمر للاحتلال.

وكشف عن أن قصف رفح مستمر بشكل يومى تقريبًا، محذرًا من أن الهجوم البرى على المدينة سيتسبب فى مجزرة كبيرة، لذا أعرب عن أمله فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قبل دخول الاحتلال إلى رفح، خاصة أن الأهالى لم يعد فى استطاعتهم تحمل العيش وسط الحرب والدمار، وفقد الأبناء والأهل. وعاد للحديث عن العودة إلى غزة، قائلًا: «الكل أصبح يعود مرة أخرى إلى المحافظة الوسطى والنصيرات ودير البلح، خوفًا من اقتحام الاحتلال مدينة رفح، والهجوم على المستشفيات ومراكز النزوح كما حدث فى شمال غزة، الأهالى يخشون من تكرار السيناريو، لكن فى رفح سيكون هذا أشد خطورة، بسبب وجود أكثر من مليون نازح». وأضاف: «كثيرون عادوا إلى خان يونس والوسطى، وتم استهدافهم من قِبل قوات الاحتلال، ليسقطوا بين شهداء وجرحى، فإسرائيل تتحدث عن مناطق آمنة، وفى نفس الوقت الشهداء فى هذه المناطق عددهم كبير للغاية».

وروى واقعة حدثت منذ أيام، حين أرسلت قوات الاحتلال الإسرائيلى شابًا إلى مستشفى «ناصر» الطبى، للحديث مع النازحين ومطالبتهم بالخروج من المكان، والناس رفضوا، وعندما عاد هذا الشاب إلى الاحتلال ليخبرهم برفض النازحين، أقدم الاحتلال على قتله، مختتمًا بقوله: «جيش الاحتلال لا أخلاقى، يعمل كل شىء، ولا يفرق معه أى شخص».