رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالمة مصريات: معرض توت عنخ آمون تجربة غامرة في تاريخ مصر

توت عنخ آمون
توت عنخ آمون

أكدت بنديكت لوييه،عالمة المصريات والأستاذ في كلية اللوفر،أن معرض "توت عنخ آمون، التجربة الفرعونية الغامرة"، والذي افتتح السبت الماضي بالمركز الثقافي "جاليري مونبارناس" بباريس، هو فرصة رائعة لاكتشاف تاريخ مصر القديم وإظهار فكرة أنه مازال هناك في مصر العديد من الحفريات الأثرية المهمة والكثير من القطع الثمينة التي يمكن العثور عليها. 

وفي حديثها مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، رحبت لوييه وهي المنسقة العلمية لمعرض "توت عنخ آمون، التجربة الغامرة"، بهذا الإقبال الكبير الذي شهده المعرض منذ اليوم الأول، قائلة: "عندما يخرج الزائر من المعرض ويقول لقد رأيت أشياء لا تصدق، فهذا هدفنا هو إظهار هذا التاريخ وكل هذه الروائع وهذه المتاحف المهمة التي تستحق الحفاظ عليها وتستحق الزيارة، حيث يتولد لدى الزائر رغبة الذهاب إلى مصر لرؤية كل هذه القطع الثمينة على الحقيقة بالمتحف المصري والمتحف المصري الكبير الذي سيفتتح قريبا". 


يسلط هذا الحدث الضوء على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشر فى تاريخ مصر القديم، على يد عالم الآثار والمصريات البريطاني هوارد كارتر فى عام 1922 والذي يعد أهم اكتشاف أثرى فى القرن العشرين، فقد تم اكتشاف مقبرته الرائعة فى وادي الملوك كاملة بكل كنوزها ومقتنياتها والتي تقارب 3500 قطعة، ما أثار اهتمام وانبهار العالم بأسره. 


ومن خلال هذا المعرض، يمكن للزائر أن ينغمس في التاريخ المصري القديم، ويخوض مغامرة ثقافية شيقة ومليئة بالألغاز والقصص التي تسرد رحلة الملك الصغير من الحياة إلى الموت بمجرد الدخول إلى موقع على مساحة 3 ألاف متر مربع، شبيه لمقبرته الشهيرة والتي تتكون من أربعة حجرات: الحجرة الأمامية والحجرة الاضافية وحجرة التابوت وحجرة الكنز.

وقالت بنديكت لوييه إن "الفكرة هي إقامة معرض ولكن في نفس الوقت المشاركة في لعبة، إنها فكرة مبتكرة للغاية، أردنا القيام بشيء جديد.. فمن خلال المعرض، يتم عرض المقتنيات مع وجود شرح لكل قطعة وفي نفس الوقت المشاركة في لعبة، والزوار لن يأتوا إلى المعرض ورؤية القطع الاثرية فحسب وإنما عليهم أيضا التفكير وحل عدد من الألغاز حتى نصل إلى نقطة النهاية وهي اكتشاف الغرفة الأخيرة في مقبرة توت عنخ آمون: حجرة الكنز". 

وتابعت: "لكي نتمكن من ذلك، قمنا بإعادة بناء الحجرات الأربعة بالمقبرة بنفس الشكل ويتعين على الزوار حل الألغاز على مدار رحلتهم بداخل الغرف الثلاث الرئيسية للمقبرة، وإذا تمكنوا من حلها، فسيصلون إلى الحجرة الأخيرة، الخاصة بالكنز". 

وأوضحت "أردنا من وراء ذلك، أن يعيش الزوار الأجواء التي عاشها كارتر عند البحث في مقبرة توت عنخ آمون في عام 1922، فعند البحث عن الحجرة الأخيرة، يتحول الزائر إلى عالم آثار، وبالتالي هناك أيضا فكرة أن نوضح له كيف كان القيام بحفريات أثرية من قبل". 

بالفعل، تم تشييد مقبرة بكل أحجارها لتكون طبق الأصل من المقبرة التي تم اكتشافها عام 1922، وتتضمن مقتنيات من ألف قطعة ثمينة وهي نسخ غير أصلية تم تصنيعها بدقة متماثلة للكنوز والمقتنيات التي تم اكتشافها والموجودة حاليا في المتحف المصري.

هذه المقتنيات تم إعادة تصنيعها بأيد مصرية مبدعة بكل دقة، في ورش المتحف المصري، من خلال فنانين وحرفيين مصريين، حرصوا لمدة ست سنوات، على أن تكون القطع أقرب ما يمكن إلى الأصلي، وهو ما سوف ينقل الزوار عبر الزمن إلى تاريخ اكتشاف المقبرة بأكملها ورؤية التراث والثراء الثقافي لمصر القديمة.

وردا على سؤال حول اختيار القيام بهذه التجربة الغامرة خصيصا مع الملك "توت عنخ آمون"، أكدت أن "الشيء الرائع في هذا الفرعون الذهبي هو أننا لم نعرفه حتى اكتشاف المقبرة، ومنذ لحظة اكتشافها اعتقد أنه لا يوجد يوم واحد على وجه الأرض ولا يردد فيه أحد كلمة توت عنخ آمون". 

وتابعت: "في هذه المقبرة، هناك قطع وكنوز أثارت شغفا وحبا كبيرا لعلم المصريات، بالإضافة إلى ذلك، في كل مرة يذكر فيها اسم توت عنخ آمون، يحقق ذلك نجاحا كبيرا ويظل الحديث عنه وعن القناع الذهبي والمجوهرات والكنوز، فإذا كان هناك عنصرا يسمح لنا بتعريف الزوار بعلم المصريات، فغالبا يكون ذلك من خلال توت عنخ آمون". 

بعد حل الالغاز، يكون بإمكان الزوار إنشاء كلمة مرور تسمح لهم بدخول حجرة الكنز. ولكن هذه ليست نقطة النهاية، وإنما يمكنهم بعد ذلك التوجه إلى حجرة أخرى، على مساحة 140 متر مربع، تسمح لهم بمشاركة رؤية "الفرعون الذهبي" عن رحلته إلى العالم الآخر والخوض في كتاب الموتى (وهو مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التي كانت تستخدم في مصر القديمة، لتكون دليلا للميت في رحلته للعالم الآخر).

في هذا الشأن، أكدت لوييه "أردنا أن يعيش الناس تجربة مذهلة لما يحدث في العالم الآخر كما هو الحال في النصوص الجنائزية المصرية القديمة لإعادة المشهد بالكامل بالصور حتى الوصول إلى الجنة، وإظهار أن هذه هي الفكرة عن الجنة في مصر القديمة.. وهو ما يخلق رابطا بين الزمان والمكان وإبراز فكرة الخلود عند المصريين القدماء". 

وختمت بالقول: "هذا المعرض بمثابة مغامرة يخوضها الزائر ويصبح طرفا فاعلا فيها وليس مجرد زائر يشاهد، لذلك تم تصنيفه على أنه "تجربة غامرة"، وعلى الزائر أن يشعر ويتفاعل، وهو أمر جديد ومبتكر أن يشمل معرض ما جانبا من الترفيه واللعب وجانب آخر يشمل فكرة المعرض التقليدية بمقتيناته الثمينة، وتم الربط بين الجانبين لكي يتمكن الزائر من استكشاف مصر القديمة بطريقة ممتعة وغنية بالمعلومات، بل والسفر إليها في رحلة عبر الزمن".