رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلال فعاليات معرض القاهرة للكتاب..

أحمد الجمال: الدولة المصرية أول ظاهرة مستمرة من مصر القديمة حتى الآن

ندوة تراثنا الحي
ندوة تراثنا الحي من حضارتنا القديمة بمعرض الكتاب

تحدث الكاتب الصحفي أحمد الجمال، خلال لقاء “تراثنا الحي من حضارتنا القديمة”، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، عن أن الدولة المصرية أول ظاهرة مستمرة من مصر القديمة حتى الآن.

الأمن المصري يمتد حتى منابع المياه المعكوسة

واستهل أحمد الجمال، حديثه: البعض يخلط خلط شديد بين الآثار وبين التاريخ وإن كان العلمين يكملان بعضهما، فلا يوجد مؤرخ خاصة ــ مؤرخي العصور القديمة ــ يستطيع أن يعمل أو يؤرخ من غير العالم الأثري. والعالم الأثري بدوره مرتبط بالمكان السطح والعمق، بينما المؤرخ يربط المكان بالمحيط والسياق العام الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري.

وأوضح أحمد الجمال: الدولة المصرية أول عنصر مستمر من مصر القديمة منذ أن وحد الملك مينا القطرين في أقدم العصور في التاريخ المصري إلي يومنا هذا. الدولة التي نشأت في مصر، نشأت بجانب النهر ليس كما يفسر البعض بأن طبقة تغلبت علي طبقة واستولت علي السلطة، كما يفسر الماركسيين، لذلك بعض من كتب في السياسة مثل الماركسيين وغيرهم تحدثوا عن نمط الإنتاج الآسيوي والدولة النهرية.

 

الحفاظ على الدولة غريزة راسخة في الوجدان المصري

ولفت أحمد الجمال إلى أن الدولة في مصر نشأت لتضبط حركة نهر النيل وتضبط علاقات البشر من حوله، والأساس لقوة هذه الدولة الأمن بمفهومه الواسع لأن مصر واحة كبيرة في محيط صحراوي ممتد. الأمن والعدل كانا الركيزتين اللتان تأسستا عليها الدولة المصرية القديمة، والعدل ليس فقط علي منصة القضاء، وإنما العدل بما ينضوي تحته من العدل الاجتماعي والعدل في توزيع مياه النهر علي الناس، العدل في كافة مناحي الحياة وعلي رأسه العدل الاجتماعي، والعدل في التمسك بتطبيق القانون على كل الناس. هذه الدولة المركزية مستمرة حتى الآن بدروسها التاريخية.

واستكمل: عندما كان يحدث خلل في الأمن بمفهومه الواسع في العصور القديمة، وهنا لا يقتصر مفهوم الأمن على الأمن الجنائي فقط، إنما يشمل الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الاقتصادي.. إلخ من صور الأمن وأشكاله. عندما كان يحدث خلل في هذا الأمن وخلل في العدل، كان يحدث اهتزاز في الدولة المركزية فيحدث حراك اجتماعي، أو تحدث هزات اجتماعية، كما نراه في هيئة ثورات.

واختتم: المصري عبر عصوره المختلفة لاحظ أنه إذا غاب الأمن والعدل عن الدولة وتحرك في ثورة، الدولة تسقط، وعندما تسقط تنتشر الفوضي وتنتهي مصر. هذا قانون تاريخي من تراثنا الحضاري ومفاده أن الحفاظ علي الدولة المركزية الموحدة، ولذلك يتساءل الكثير من المؤرخين المعاصرين لماذا لا تستمر ثورات للمصريين؟  ما شاء بمعني أن الثورة قد تمتد لأسبوع، شهر، أقصاها 3 شهور كما حدث في ثورة 1919، سرعان ما تنتهي كأن شيئا لم يكن، لا يدركون أن ــ المؤرخين ــ أن لدي المصري قانون تاريخي راسخ في وجدانه غريزي يخبره أنه “كفاية كده”. اللحظة التي يشعر فيها المصري أن الدولة ستسقط سقوطا نهائيا مما يترتب عليه تفتتها وغياب الأمن بمفهومه الشامل الواسع فيتراجع عن ما يؤدي لهذا الغياب. هذا قانون تاريخي راسخ غريزي في جينات المصريين، وإلي ما شاء الله سيظل هذا القانون في الوجدان المصري، وهي الحقيقة التي تأكد منها عبر العصور.