رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحية للرجال فى عيدهم

تحل هذه الأيام ذكرى عيد الشرطة، والذى ينبغى أن نوجه فيه كل التحايا لرجال الشرطة بكل فئاتها من الجندى حتى الوزير. وبتلك المناسبة أتقدم بالشكر لوزارة الداخلية على اهتمامها بأبنائها العاملين، وأبنائها ممن أوفوا العطاء. فهى لا تنسى رجالها، ومن عملوا فيها.
ولست فى حل لسرد أحداث تلك المناسبة فى يناير 1952. التى استبسل فيها جنود الشرطة فى معركة تم وضعهم فيها بظروف غير متكافئة، لمقاومة المستعمر فى ظروف تم وضعهم فيها، دون تقدير. ولكن سأتحدث عن معاناة رجال الشرطة فى عملهم.
ربما لا يعلم أحد أن ضباط الشرطة هم أكثر موظفى مصر تلقى للتعليمات وتنفيذها بكل دقة، ويتحملون فى سبيل ذلك المسئوليات الجسيمة، التعليمات والمسئوليات مقررة بحكم قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، وبعض تلك التعليمات يعود إلى السنة التى أنشأت فيها وزارة الداخلية عام 1857 فى عهد الخديوى سعيد.
ولكن وزارة الداخلية ظهرت قبل ذلك بخمسين عامًا، عندما أنشأ والى مصر وقتها محمد على باشا عام 1805 ديوانا باسم «ديوان الوالى» لضبط الأمن فى القاهرة... وتطورت المهام، ففى 25 فبراير 1857 عرف ما يسمى بنظارة الداخلية، ثم تحولت إلى وزارة، ورأسها أول وزير داخلية مصرى. 
على مدار تاريخها قدمت المؤسسة الأمنية الآلاف من أبنائها ما بين شهداء ومصابين بذلوا دماءهم فى إطار الإيمان بقدسية واجبهم فى حماية أمن واستقرار البلاد لدفعها دومًا نحو التنمية.
أنشئت مدرسة البوليس بغرض توفير العدد الكافى من الضباط الذين تحتاجهم الداخلية لمباشرة أعمالهم المختلفة، وذلك فى إطار سياسة تحقيق الاكتفاء الذاتى وعدم الاستعانة بضباط الجيش فى أعمالها، وقد صدر أول قانون بوضع نظام للعمل بالمدرسة عام 1911، ويعد تولى عزيز بك المصرى رئاسة المدرسة فى عام 1928 إحدى المحطات المهمة فى تاريخها، حيث عمد إلى تطويرها وتحديثها، مستندًا إلى ماضيه الحربى المُشرف فى العديد من الدول العربية منذ كان ضابطا فى الجيش العثماني، ولم يقتصر دور المدرسة فى بادئ الأمر على تخريج ضباط بوليس فقط، بل شهدت عدة أقسام جديدة لتخريج بعض رجال البوليس فيما دون الضباط، مثل قسم الكونستابلات..
على أيامنا كان على كل ضابط أن يتعامل مع كمية هائلة من الدفاتر التى تقع تحت مسئوليته حسب تخصصه، ومنها على سبيل المثال. كان على الضابط النوبتجى فى كل قسم شرطة أن يتعامل مع عدد كبير من الدفاتر، منها دفتر أحوال المركز. دفتر المضبوطات، دفتر الحجز، دفتر الإحراز. دفتر قيد القضايا والنيابات مع دفتر السيارات، دفتر الخدمات، دفتر السلاح، أعتقد أن الآن الوضع تغير وتم الاستغناء عن هذا العدد من الدفاتر. 
فى الوقت الحاضر وبمناسبة الظروف الحالية تزيد الأعباء على رجال الشرطة بكل تخصصاتهم. ويتحملون فى سبيل ذلك ساعات عمل فوق الساعات المقرر. 
فى وقت من الأوقات بعد يناير 2011 كانت الصحف لا تخلو من حوادث استشهاد رجال الشرطة، ولم يسلم قادة الشرطة وقتها من الاتهامات التى أثبت القضاء كيديتها وعدم صحتها، وفضلًا عن هذا فإن مراكز حقوق الإنسان المصرية، باتت متحفزة ضد رجال الشرطة، وتغاضت عن حقوقهم كبشر فى الدفاع عن أنفسهم.
ولا يوجد فى مصر حزب واحد يتبنى قضايا رجال الشرطة ليصلح من أحوالهم ويعمل على توفير بيئة مناسبة للعمل ويتبنى قضاياهم.
رجل الشرطة يخشى العقاب لو أخطأ حتى فى طريقة تعامله مع تلك الفئات التى لديها حصانات بحكم القانون. 
وهذا يتطلب كما ذكرنا فى مقالات سابقة منح رجال الشرطة حصانة أثناء تأدية عملهم. ليصبح رجل الشرطة غير خائف ولا مرتعش وهو يؤدى عمله. وذلك بأن نفصل بين ما هو سياسى وما هو جنائي، ويختص رجل الشرطة بالشأن الجنائي، ولا دخل لديه بالعمل السياسي. 
وتفعيل دور المجلس الأعلى للشرطة، وعدم خضوع الشرطة أثناء ممارسة عملها الجنائى لوزير الداخلية. 
نريد شرطة لا تتأثر بحزب سياسى ولا باتجاه أيديولوجي، نريدها شرطة لا تخضع إلا للقانون. ولا تهتم إلا بمصلحة المواطن.
وعلى الدولة أن تنشئ لنفسها لها قوات خاصة لمكافحة الشغب وفض المظاهرات، على غرار قوات مكافحة الشغب الفرنسية. بعيدا عن رجال الشرطة، قوات لها طبيعة خاصة، ولها تدريب خاص ومعاملةخاصة، ويتوافر لها نوع من الحماية، حتى لا يتحمل رجال الشرطة وحدهم أخطاء السياسيين. 
وأن تتخفف وزارة الداخلية أحمالها الثقيلة التى تكبل حركتها، ولا نمل من تكرار ضرورة فصل بعض الإدارات عنها.
تحية لكل رجال الشرطة الساهرين على أمن مصر وأمننا. ونتمنى أن تنظر الحكومة إليهم، وترفع من شأنهم؟