رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عواصم عالمية تواجه خطر الغرق والجفاف بسبب تغير المناخ

المناخ
المناخ

تغير المناخ واقع مرير يجب أن نتعامل معه، فهو يهدد حياة ورفاهية ملايين الناس في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المناطق الحضرية، التي تضم أكثر من نصف سكان الأرض. فمن جهة، تواجه المدن الساحلية والنهرية خطر الفيضانات بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة تدفق المياه، ومن جهة أخرى، تعاني المدن الجافة والحارة من الجفاف والنقص في المياه الصالحة للشرب والحرارة المفرطة. 

وفي هذا التقرير، نستعرض أبرز المخاطر التي تواجه المدن العالمية بسبب تغير المناخ، وبعض الحلول الممكنة للتكيف معه وزيادة مرونتها.

خطر داهم يهدد المدن الساحلية.. العالم سيشهد زيادة في الفيضانات الكبرى | المحقق الأوروبي

مدن العالم في خطر

تغير المناخ هو واحد من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، وهو يهدد حياة ورفاهية ملايين الناس في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المناطق الحضرية، التي تضم أكثر من نصف سكان الأرض. في هذا التقرير، نستعرض أبرز المخاطر التي تواجه المدن العالمية بسبب تغير المناخ، وبعض الحلول الممكنة للتكيف معه وزيادة مرونتها.

فيضانات تُسبب إغلاق طرق سريعة في نيويورك.. وإدارة الطوارئ توضح الموقف - CNN Arabic

الفيضانات: مصير المدن الساحلية والنهرية

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، فإن معظم مدن العالم، التي تضم ثمانين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تواجه تهديدًا خطيرًا بسبب تغير المناخ، وأشار التقرير إلى أن المدن الكبرى على السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، وغيرها من الموانئ الحضرية، قد تغرق بشكل تدريجي في العقود القادمة من القرن الحادي والعشرين، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن ذوبان الجليد.

واستنادًا إلى مؤشر المدن لتغير المناخ لعام 2050، الذي أصدرته منصة Nest pick المتخصصة في بحوث المناخ، فإن بانكوك هي المدينة الأكثر عرضة لخطر الفيضانات، حيث توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن أكثر من خمسة ملايين من سكانها سيتأثرون بالفيضانات بحلول عام 2070.

وليس فقط المدن الساحلية التي تواجه مخاطر تغير المناخ، بل أيضًا العديد من المدن الواقعة على ضفاف الأنهار، مثل باريس والقاهرة ونيودلهي، التي تتعرض لخطر الفيضانات بسبب زيادة تدفق المياه. 

وقد شهدت هذه المدن في السنوات الأخيرة حالات فيضانات مدمرة، أدت إلى إغلاق الطرق والمواصلات والمرافق العامة، وتشريد الآلاف من السكان.

حالات الجفاف المنسية.. 5 مناطق بإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط قد تواجه صراعًا على المياه - المستقبل الاخضر

الجفاف والحرارة: معاناة المدن الجافة والحارة

وفي المقابل، تعاني المدن البعيدة عن المصادر المائية، مثل فينيكس وبرازيليا ومكسيكو سيتي، من الجفاف والنقص في المياه الصالحة للشرب. وتعتمد هذه المدن على نقل المياه من مسافات بعيدة، مما يزيد من التكاليف والاستهلاك الطاقي. وقد تؤدي الظروف الجافة إلى تفاقم مشاكل الزراعة والأمن الغذائي والصحة في هذه المناطق.

ومن المتوقع أن يزداد عدد المدن التي تتعرض للحرارة المرتفعة بشكل كبير بحلول عام 2030، مما يؤثر على صحة ورفاهية سكانها، ويزيد من خطر الأمراض والوفيات. وتعتبر الحرارة المفرطة من أخطر آثار تغير المناخ على البشر، حيث تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والجفاف والضربات الشمسية والسكتات الدماغية. وقد تسبب الحرارة المرتفعة أيضًا في تفاقم مشاكل التلوث الهوائي والحرائق الغابية وانبعاثات الكربون.

تغيير المناخ – وقتنا

التكاليف الاقتصادية والبشرية لتغير المناخ

في البلدان الأفريقية والآسيوية الناشئة والتي تشهد نموًا حضريًا متسارعًا، سيتعرض الملايين من الفقراء الذين يعيشون في المدن لخطر الفيضانات والمجاعة والأمراض المرتبطة بالحرارة، وسيؤدي ذلك إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة التوترات والصراعات. وقد يضطر الكثيرون منهم إلى الهجرة إلى مناطق أخرى بحثًا عن حياة أفضل، مما يزيد من الضغط على البنية التحتية والموارد في المناطق المستقبلة.

ويمكن أن يؤثر تغير المناخ أيضًا على البنية التحتية والمباني في المناطق الحضرية، حيث تميل المدن إلى أن تكون أكثر سخونة من المناطق الريفية بسبب احتجاز الحرارة والانبعاثات الصادرة عن المباني والمركبات.

وهذا يعني أن الطوابق التجارية وناطحات السحاب والمصانع قد تصبح غير قابلة للعيش أو العمل فيها، وقد تتضرر من الفيضانات والحرائق والزلازل. 

ووفقًا للتقرير، فإن التكاليف الاقتصادية لتغير المناخ على المدن العالمية قد تصل إلى 194 مليار دولار سنويًا، وهذا يشكل عبئًا كبيرًا على الموارد والميزانيات العامة للمدن.

كيف نحارب تغير المناخ بالنظام الغذائي؟

ما الحلول الممكنة للتكيف مع تغير المناخ؟

ومع تباعد احتمال تحقيق هدف اتفاق باريس للمناخ، الذي يهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية أو أقل من 2 درجة مئوية، تحتاج المدن إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع تغير المناخ وزيادة مرونتها. 

وفي هذا السياق، تتبنى بعض الدول خططًا وطنية طموحة للتعامل مع تغير المناخ، فمثلًا، تخطط الحكومة الإندونيسية لنقل عاصمتها من جاكرتا، التي يقع 40% منها تحت مستوى سطح البحر، إلى عاصمة جديدة في جزيرة بورنيو.

خطر الفيضانات يزداد في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية! - RT Arabic

تخضير المدن لتبريدها وتقليل خطر الفيضانات

وتسعى دول أخرى إلى “تخضير” مدنها بإنشاء متنزهات وحدائق ومساحات خضراء، مما يساعد على تبريد المناطق الحضرية وامتصاص المياه الزائدة وتقليل خطر الفيضانات، ومن الأمثلة على ذلك مدينة سنغافورة، التي تعرف باسم “المدينة الحديقة”، والتي تضم أكثر من 300 متنزه وأربعة حدائق وطنية، وتهدف سنغافورة إلى زيادة نسبة المساحات الخضراء في المدينة إلى 45% بحلول عام 2030. وتعتبر مدينة كوبنهاغن في الدنمارك أيضًا مثالًا على مدينة خضراء، حيث تم إنشاء مجموعة من الحدائق المائية والمسطحات الخضراء للتخفيف من آثار الفيضانات والحرارة، وتخطط كوبنهاجن لأن تصبح أول مدينة محايدة من حيث الكربون في العالم بحلول عام 2025.

ظاهرة باتت تتكرر كل صيف بعنف شديد.. حرائق الغابات.. تحبس أنفاس الكرة الأرضية - بوابة الأهرام

التكيف مع تغير المناخ

لكن هذه الحلول ليست كافية لمواجهة تحديات تغير المناخ، فالمدن بحاجة أيضًا إلى وضع استراتيجيات وسياسات وإصلاحات لزيادة قدرتها على التكيف والمرونة، ومن بين الإجراءات الممكنة تعزيز قواعد التخطيط العمراني والبناء، وتحسين الخدمات العامة والصحية والاجتماعية، وزيادة الوعي والتوعية بين المواطنين.

وتحتاج المدن أيضًا إلى زيادة الاستثمار في الدفاعات ضد الفيضانات وحلول هندسة الأراضي والتكنولوجيا الخضراء، التي تساعد على تقليل الانبعاثات والتلوث والاستهلاك المفرط للموارد، ويمكن للمؤسسات المالية الإقليمية والدولية تقديم الدعم والتمويل للمدن في البلدان النامية، التي تعاني من نقص في القدرات والميزانيات.