رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدكتورة نيفين مسعد: فترة «الإخوان» كشفتهم وعلى الدولة تبنى مشروع ثقافى لملء الفراغ

الدكتورة نيفين مسعد
الدكتورة نيفين مسعد

رأت الدكتورة نيفين مسعد، أستاذ النظم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن المجتمع بحاجة ماسة لمشروع ثقافى لملء الفراغ، ومواجهة أفكار التحريم والتشدد.

واعتبرت مقررة لجنة «حقوق الإنسان والحريات العامة» بالحوار الوطنى، خلال حديثها لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على فضائية «إكسترا نيوز»، أن الطبقة الوسطى أصبحت تعانى حاليًا بين طرفين، المنعزلين الذين يعيشون بعيدًا عن المجتمع، ومن أصبحوا يعيشون فى الداخل ويفكرون كالخارج.

ورأت أن توظيف الدين لخدمة السياسة فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات تسبب فى تشوه الشخصية المصرية، مشددة على أن إحدى فضائل فترة حكم جماعة «الإخوان» لمصر أنها كشفت حقيقة الجماعة وفشلها.

■ هل سهولة الحصول على المعلومات فى الوقت الحالى تؤدى لمزيد من الالتزام أم الاستسهال؟

- هناك مثل يقول «اللى بيعمل عمل وما يتمه تموت أمه»، والملتزم بهذا المثل لا بد أن يكون على درجة عالية من المسئولية، وهذا هو شعورى وشعور جيلى، فلا يجوز أن أقف فى منتصف الطريق ولا بد أن أنهى الشىء الذى بدأته.

وهذا المثل كنت أسمعه من والدتى، وكنت أنهى أى عمل أقوم به خوفًا من أن أفقدها، لكن المجتمع الطلابى الآن فيه درجة عالية من الاستسهال، لأن كل شىء أصبح فى متناول أياديهم، عكسنا زمان، فنحن كنا ننسخ المعلومة التى نحصل عليها بأيدينا، لأن تصوير الورق كان قليلًا، أما حاليًا فهناك التصوير والنقل وحتى برامج الذكاء الاصطناعى، مثل «شات جى بى تى»، ما جعل المعلومة فى أيدى الجميع.

وفى الحقيقة لا أعرف إن كانت التكنولوجيا من هذه الناحية أفادت أم أضرت، لأننى أستخدم الإنترنت فى الحصول على المعلومة لكنى أضع لنفسى مجهودًا لا بد أن أبذله، وأكمله من خلال اتصالاتى ومعارفى والاستعانة بأصدقاء ووسائل المساعدة وإشغال الذهن.

وسهولة الحصول على المعلومات قد تؤدى إلى الالتزام أو الاستسهال لدى الطلاب، وهذا يتوقف على ظروف التنشئة، فالطالب لو نشأ فى بيئة تؤكد أهمية التعليم وأنه يترتب عليه تحسين الوضع فإننا نجده ملتزمًا، أما لو نشأ فى بيئة تتراجع فيها قيم التعليم فإنه سيذهب للاستسهال.

وقد زرت مؤخرًا البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، لتهنئته بالعام الجديد، وقال لنا إن جيل هذه الأيام لا يتطلع لأن يكون مدرسًا أو له علاقة بمهنة التعليم، وأننا نعيش فى عصر الأقدام ولسنا فى عصر الأقلام، لكن حتى كرة القدم تحتاج إلى مهارة.

■ عندما ترين الطلاب الآن هل تطمئنين على المستقبل أم تخافين منه؟

- عندما أرى الطلاب الآن يكون لدىّ مزيج من المشاعر المتضاربة، فالشباب أحيانًا يفاجئوننى بأسئلة وأفكار لا أعمل لها حسابًا، وهناك بعض الممارسات المقترنة بالجيل الجديد تجعلنى أتخوف من الاستسهال وعدم حضور المحاضرات واعتمادهم على الآلة بدلًا من الإعداد والتحضير، وقد أجد الطالب يقرأ من هاتفه وعندما أطالبه بالتحضير يعتبر أننى كائن من الفضاء.

كما أن المعلومات الأساسية لدى الطلاب يتلقونها من مواقع التواصل الاجتماعى، وهذا فى منتهى الخطورة، لأنها مواقع يختلط فيها الحابل بالنابل، وتظل مسألة التدقيق فى منتهى الأهمية، خاصة مع التطور فى مجال الذكاء الاصطناعى، لأنه من الممكن بسهولة تزييف الحقائق.

ومنذ شهرين، كنت أسأل طالبة عن بعض الأخبار فردت علىّ بأنها لا تشاهد التليفزيون، وعندما سألتها: كيف تأتين بمعلوماتك؟، فأكدت أنها من مواقع التواصل الاجتماعى، وهنا نلاحظ أن كل شخص أصبح يمسك قاموسًا به مجموعة من المفردات وإذا لم يتحدث بها يكون خارج السياق، وأصبح كل شخص يُنصب نفسه قيّمًا على غيره، وهذا أمر شديد الوضوح، لذا فمواقع التواصل يوجد بها تناحر وتنافر، والناس تقف لبعضها، وتحتاج لتبرر وتوضح لماذا تفعل هذا أو ذاك.

وأصبح من خصائص البيئة التى نعيشها انتهاك الخصوصية، فلا توجد خصوصية لأى شىء، فحياتنا الخاصة أصبحت على وسائل التواصل الاجتماعى، وهذا سبب التغير فى الشخصية المصرية، لأن مواقع التواصل حطمت كل شىء.

■ لو قارنت بين نيفين مسعد الطالبة ونيفين مسعد الأستاذة فما الفارق بينهما؟

- وقتما كنت طالبة كنت أتحرك فى سياق اجتماعى، والتنشئة والأسرة كانت لديهما قيمة أساسية هى التعليم لتغيير الوضع للأفضل، لأننى كنت من أبناء الطبقة الوسطى، والوسيلة الوحيدة للحفاظ على المستوى الاجتماعى أو رفعه كانت بالحفاظ على التعليم، وكان هذا هو الأمر فى أسرتى وكل الأسر المحيطة، وكذلك فى المجتمع كله وقتها، وكنا نجد أنفسنا مدفوعين له، لأن هناك مستوى معينًا فى التعليم يساعدنا على ذلك، وكان المدرس والمدرسة يقومان بدورهما، وكانت الدروس الخصوصية نادرة، لكنها الآن أصبحت أساسية.

والأسرة بنت المجتمع، وكنت الأولى فى الثانوية العامة على مستوى الجمهورية سنة ١٩٧٤، وكنا وقتها «متأسسين»، وكان هناك اهتمام شديد بتكوين شخصية الطالب وليس تعليمه فقط، وكانت لدينا حصة تسمى «حصة الحياة»، كنا نتحدث فيها عن تجاربنا وما قرأناه خارج نطاق الدراسة، وهذا ليست له علاقة بالتكوين الدراسى ولكنه يشجع الطالب على اكتساب مهارات التواصل، وكنا نتخرج فى المدرسة جاهزين للجامعة.

أما اليوم، فاختلف دور الجامعة والمدرسة، وهناك أسر تعمل على «تغشيش» أبنائها، وكان هذا أمرًا مستحيلًا فى زماننا، فالغش كان وصمة عار، كما أن دور الأسرة اختلف مع الأبناء فى الوقت الحالى، وأصبح الإنجاز هو النجاح وليس بذل المجهود.

■ فى رأيك.. كيف أثر العامل السياسى على الحركة التعليمية؟

- العامل السياسى كان له دور بعد عام ١٩٥٢، فكان هناك نظام الحزب الواحد والمشروع الواحد والحركة النشطة على مستوى السياسة الخارجية لكن الوضع اختلف فى عهد الرئيس أنور السادات، وأصبحت هناك تعددية حزبية مع الانفتاح الاقتصادى والثراء السريع، وقصة الفراخ والأطعمة الفاسدة كانت قضية الثمانينيات، والعامل الاقتصادى كان شديد التأثير، وسياسة الانفتاح أضرت بشكل كبير ومنها بدأ طرف الخيط الذى أدى لذلك الناتج.

وفى فترة السادات حدث خلط الدين بالسياسة، وتوظيف الدين لخدمة السياسة، وهذا من عوامل تشويه الشخصية المصرية، لأن الشعب المصرى متدين ووسطى ومحب للحياة لكن انتشرت بعدها أفكار التجريم والتحريم والتشدد.

■ كيف كانت الجامعة قبل وجود الجماعات المتطرفة وكيف أصبحت بعدها؟

- فى الفترة من ١٩٧٤ إلى ١٩٧٨ كانت الجماعات الإسلامية موجودة بالجامعة، وكانوا يمنعون الحفلات، إلى أن شعر السادات بالخطر، وكان هذا يمثل تشويهًا للشخصية المصرية وترويعًا لكل من يتذوق الفن أو يتعاطى مع القيم الجميلة، والمجتمع كله أصبح محافظًا، والمحافظ أصبح صوته أعلى، والجامعة فى النهاية بنت المجتمع.

وحاليًا أصبحنا نجد مظهرًا خارجيًا يدل على الاعتدال لكن بلا قيم حقيقية مثل التى كانت موجودة زمان، فالطلاب يسيرون عكس التيار، وقد نجد البنات وحدهن والشباب وحدهم، وعندما نكون مجموعة عمل أو دراسة نجد الشباب فى مجموعة والبنات فى مجموعة أخرى، ونحن نحاول كسر ذلك، لأن الجامعة مختلطة والاختلاط أمر صحى، والجامعة مثل المدرسة لا تقوم بالفصل بين الطلاب لأنه عندما تتشكل المجموعات على أساس نوعى فهذا يمثل مشكلة، والتعليم هنا لا يؤدى دوره، لأنه من أدوات الدمج فى المجتمع، أى أنه مثل المؤسسات العسكرية، فالكل يدخل التدريب وتذوب الفوارق بين الطبقات.

وهذه الفوارق أيضًا نجدها بين الطلاب فى التعليم المدفوع وغير المدفوع، فهناك إحساس لدى طلاب التعليم المدفوع بأن لديهم تميزًا عن غيرهم، وهنا توجد المشكلة حين نريد تنفيذ عمل مشترك بين طوائف وطبقات الشعب.

وكل ذلك هو من آثار سياسة الانفتاح الاقتصادى، بعد أن رفعت الدولة يدها تمامًا عن الاقتصاد وتركت المواطن لحاله وتوقعت أن الاختلالات ستصحح نفسها، وهذا أمر غير صحيح، فحتى الدول الرأسمالية تنظم مجتمعها وتبدأ برامج فيها نوع من أنواع الدعم، مع النظر للطبقات المهمشة والمحرومة، كما أن الأنظمة الاقتصادية تتطور مع تطور الدولة نفسها.

■ بالحديث عن العوامل الاقتصادية والاجتماعية التى شوّهت الشخصية المصرية.. كيف حدثت «الدروشة» فى الشارع المصرى من وجهة نظرك؟

- إذا انتقلنا من الحديث الاقتصادى والاجتماعى إلى العامل الثقافى سنجد أن هناك حالة فراغ ثقافى بالتأكيد، وهى حالة لا يمكن أن تستمر، ففى الماضى، كان الذهاب للمسرح والسينما طقسًا من طقوس الأسرة المصرية لكنه اختفى الآن، والجميع أصبح يفضل مشاهدة التليفزيون والاشتراك فى قنوات، وكان الذهاب للمسرح والسينما طقسًا رائعًا تشترك فيه الأسرة بأكملها، وكان مناسبة للترويح عن النفس والفرجة على الأعمال الجديدة، والتواصل بين أفراد الأسرة، ولكن كل هذا اختفى حاليًا وتقلص عدد المسارح ودور السينما.

وإن نشأت مثلًا فى حى المنيل بالقاهرة قديمًا ستجد أنه كان مكتظًا بالسينمات حتى فترة قريبة لكن اختفى معظمها الآن، ولم يعد موجودًا إلا بعض السينمات فى شوارع مغمورة، وعندما اختفت هذه السينمات اختفت معها عناصر الإبهار والرسالة الثقافية وخروجات الأسر.

وعنصر الدروشة ظهر، وجاء من نشاط المشروع الدينى طوال الوقت، فهو ممول وله داعمون، أما المشروعات الثقافية الأخرى، التى تتحدث عن الخير والجمال والخيال والكتب وأشياء من هذا القبيل فقد اختفت، كما أن السيطرة على أى شخصية بالدين سهلة، وتحديدًا فى ظل تكوين الشخصية المصرية، وبهذا أمكن السيطرة على الشارع المصرى وكسب ثقته.

والأمر لم يتوقف عند الدروشة، وإنما حدث انسحاب، فهناك نظرة استغناء تجاه فكرة التردد على السينما ومشاهدة الأفلام وأشياء من هذا القبيل، فيما أصبحت هناك استجابة لبعض الأفكار التى أدخلها الفصيل الدينى، منها أن الاحتفالات برأس السنة حرام، رغم أن مصر جزء من العالم ولديها تقويم هجرى وتقويم ميلادى، وليس هناك خطأ فى الاحتفال بالانتقال من سنة قديمة لسنة جديدة.

فى المقابل، ومنذ أيام حجزت فى أحد الأماكن للاحتفال برأس السنة، وعندما ذهبت وجدت المكان لا يشبهنا فى طبيعة القيم التى تربينا عليها، وهذا أمر جديد على المجتمع ولم يكن موجودًا من قبل.

والمجتمع حدثت فيه مشاهد شاذة عنه، فهناك حدان مختلفان، وهما الأشخاص المنعزلون الذين يرفضون كل شىء، وفى الناحية الثانية هناك أشخاص لا يعيشون مع المجتمع، بل أصبحوا جزءًا من الخارج فى تفكيرهم، فهم لا يتحدثون العربية من الأساس، وتفكيرهم مختلف.

وكل ذلك أدى إلى انكماش متتالٍ للطبقة الوسطى، التى تتواجد بين هذين الحدين المختلفين، وتصارع حتى تجد لنفسها مجالًا أو مساحة من الحركة وسطهما، فهى لا تستطيع أن تنعزل أو تخرج خارج هذا المجتمع، فهذه معضلة.

ومثل ما قال أرسطو فإن من يحفظ توازن المجتمع هو الطبقة الوسطى، بالمعنى الاقتصادى والثقافى والاجتماعى والقيمى، والكاتب جلال عامر عبّر تعبيرًا صادقًا وأمينًا عن المشكلة التى يعانى منها المجتمع، وقال إن هناك أشخاصًا يعيشون بأجسادهم فى نفس الوقت والمكان، وأشخاصًا يعيشون فى القرن السابع، وآخرين فى القرن الحالى.

■ ما ت قييمك لتجربة الجماعات الإسلامية فى مصر؟

- أزعم أن إحدى فضائل فترة حكم جماعة الإخوان فى مصر هى أنها كشفت فشلها، رغم كل المشكلات التى صاحبت تلك المرحلة، ولكن ربما لو لم يصل هؤلاء إلى الحكم لظلت فكرة أن هذه الجماعة مظلومة ومحرومة من الوصول إلى السلطة مستمرة فى الأذهان، وربما كان هناك تقدير أعلى لقدراتها، لأن هذه الجماعة طوال فترة كونها فى المعارضة كان أداؤها جيدًا وممتازًا، فدائمًا «اللى على البر عوام».

وحتى الرئيس الإخوانى محمد مرسى عندما كان يقود المعارضة فى البرلمان كان أداؤه جيدًا، لأنه يرفض طوال الوقت، ولكن عندما طلب منه التصحيح وتنفيذ المسار الذى ينادى به لم يجد شيئًا ليقدمه، وكثيرًا مما كان ينتقده وجد أن الواقع يأخذه إليه، وهذه الفترة كانت سيئة جدًا، فهى جماعة تحكم بمنطق القبيلة والطائفة.

والإخوان المسلمون كانوا يحتكرون صفة الإسلام لأنفسهم، لكن ماذا عن جموع المسلمين الآخرين فى المجتمع؟، لهذا كانوا يعيشون فى مجتمع مغلق كأنهم يحتكرون الدين ولا يثقون إلا فى بعضهم بعضًا.

كانت تلك التجربة فى منتهى الغرابة على المجتمع المصرى، ومن أكثر الفترات التى شاركت فيها فى الشارع، عندما شعرت بالخطر، وكنت أهاجم هذا النمط الغريب جدًا على الشخصية المصرية، لأن هذا كان تفكيرًا مختلفًا وأسلوب حياة مختلفًا، كما أن فكرة الجماعة التى تحكم كل شىء هو أمر فى منتهى الاستفزاز، خاصة أنها جماعة مترابطة مع بعضها بأواصر التجارة والزواج والمصالح، وهذا لا يصلح لدولة.

■ الجامعات ظلت مصدرًا أساسيًا لتوريد الشباب لتلك الجماعات الإسلامية.. فهل أنت مطمئنة للأوضاع داخل الحرم الجامعى؟

- الفكر المحافظ موجود، لكن هناك رفض لـ«الإخوان»، وعلينا هنا الفصل بين العضوية التنظيمية والفكر، فالعضوية التنظيمية، سواء لـ«الإخوان» أو غيرها، لا توجد حاليًا، وبالأخص «الإخوان»، لأنه أصبح هناك رفض لها، لكن بالخروج من مساحة التنظيم للفكر فهذا حديث مختلف، لأن هذه الجماعات لا تستسلم بسهولة، بل تكمن ثم تعود، ولا بد من الانتباه لتلك الجزئية، وأن نملأ الفراغ الثقافى، ونبدأ فى التفكير والتغيير، وإيجاد مساحات للشباب يدخلون فيها تغنيهم عن الانصياع وراء هذه الجماعات.

وللأمانة، فإن الدولة تقوم بمجهود جيد فى التطوير والتكوين للشباب، وتعطى فرصًا كبيرة لهم فى مجالات مختلفة، ولأول مرة نرى أعمار المسئولين فى مرحلة الشباب، ولكن الجزء الثقافى لم يصل إلى المستوى المنشود، وأتمنى أن يكون هناك مشروع ثقافى، تشترك فيه كل المؤسسات المنشودة فى الدولة، من وزارات التعليم والإعلام والشباب والرياضة والمؤسسات الدينية، لدمج الشباب فيه، فهذا أمر مهم لا بد أن يوجد على الساحة.

■ هل تموضع الجماعات الدينية أخّر التكوين السياسى الصحيح فى مصر؟

- هناك جماعات تتحدث بمنتهى الصراحة وتقول إن الديمقراطية كفر، مثل على بن حاج من الجبهة الإسلامية للإنقاذ فى الجزائر، وهذا معلن، ولكن هناك جماعات تعتبر أن الديمقراطية وسيلة للوصول إلى السلطة، وهذه الجماعات خطورتها فى أنها تضفى شرعية على ما تقوم به من أفعال سياسية بالاستناد إلى الدين والنص، فهى تطوع النص لأغراضها.

وهذا أمر فى منتهى الخطورة، لأننى يمكن أن أسيطر على مواطن عادى بأن أقول له قال الله وقال الرسول، أى عندما أغلف السياسة بهذا الغلاف الدينى، وهذه الجماعات حيثما حكمت فشلت، مثلما حدث فى مصر وتونس والسودان والمغرب، وفشلها يعود لأنها ليست صاحبة رؤية ولا يوجد لديها شىء لتطرحه، كما أن من يحكم لا يكون بمفرده على الساحة.

وعادة ما تكون هناك جماعات دينية أخرى، وكل جماعة منها تدعى أنها أكثر تعبيرًا عن صحيح الدين، وبذلك تجدها تتصارع فى دول مثل سوريا وليبيا وتونس، وفى مصر كان صراع بين الإخوان والسلفيين، وانقسام بين جماعات العنف السياسى.