رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الصحافة تحت النيران".. صحفيون فلسطينيون يواجهون محاولات الإبادة من الاحتلال

أرشيفية
أرشيفية

تستهدف قوات الاحتلال يوميًا عناصر الصحافة الفلسطينية والدولية، مما يؤدي إلى إصابات ووفيات في صفوفهم، وذلك في محاولة منع نقل الحقيقة إلى العالم حول الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لذا نحاول توثيق المعاناة التي يتكبدها الصحفيون الشجعان في سبيل نقل الأحداث على مدار الساعة رغم المخاطر الجسيمة.

بحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني، في 9 يناير الجاري، فالاحتلال ارتكب 1944 مجزرة، راح ضحيتها 30210 شهداء ومفقودين، منهم 112 شهيدًا من الصحفيين، واعتقال 10 آخرين.

وتشير الأحداث الأخيرة إلى استهداف ممنهج وواسع النطاق للصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال، حيث شهدنا استهداف أكثر من 150 مؤسسة إعلامية في قطاع غزة، ومطاردة وترويع الصحفيين وعائلاتهم في المدن الفلسطينية بشكل يومي، في محاولة إسكات أصوات الصحافة الفلسطينية.

محمود أسعد: فقدت عائلتي في مجزرة خلّفت 43 شهيدًا

قصتنا الأولى كانت مع المصور الصحفي محمود أسعد أبو حصيرة، 35 عامًا، صاحب الخبرة في الصحافة الفلسطينية لمدة 12 عامًا، واتجه إلى التصوير الصحفي بشكل خاص، حرص على توثيق لحظات القصف التي ألمت بغزة ليكون أحد عيون العالم على المجازر التي يرتكبها الاحتلال في حقهم، إلا أنه كان على موعد مع فاجعة في 4 نوفمبر الماضي.

أصبحت عائلته هي الخبر الذي يوثقه، حينما استهدف القصف في هذه المرة الصحفي محمد أبوحصيرة، ابن عمه وجميع أبنائه وإخوانه، وفاضت روحهم جميعًا إلى وجه الله تعالى، فكانت مجزرة بشعة استشهد فيها 43 شهيدا من عائلته، ولم يسلم هو الآخر فقد كان في البيت المجاور، وأصيب في ظهره.

يحدثنا "أبو حصيرة" بنبرة يملؤها الحزن، فقال: "أُصبتُ في بداية الحرب بإصابة في ظهري، عندما اسُتهدف بيت عمي، وفي ديسمبر الماضي أُصبتُ في قدمي بينما كنتُ أصوّر في خانيونس، الحمد لله على قدره ومشيئته، فالإصابة وإن كانت مؤلمة لركبتي إلا أنها ليست خطيرة"، ومن هنا اتخذ قراره بالسفر إلى مصر للعلاج، في 20 ديسمبر الماضي، لكن في 2 يناير الجاري، أصيب مرة أخرى إصابة طفيفة في القدم اليسرى من قبل طيران استطلاع أثناء تصوير في منطقة خاينونس.

محاولات السفر إلى مصر لم تكن سهلة، إنما وصل عدد محاولاته إلى 10 مرات، لكن لم يسمح له الجانب الفلسطيني بالسفر، فحاول التواصل مع أصدقاء له لمساعدته في الحصول على موافقة السفر من الجانب الفلسطيني، للعبور إلى الجانب المصري وتلقي العلاج على نفقته الشخصية، بسبب عدم وجود رعاية صحية في فلسطين، بعد أن دمّر الاحتلال سبل الرعاية الصحية، فأراد السفر للعلاج والعودة لاستكمال مهمته الإعلامية لتصوير فظائع الاحتلال، ولكن حتى الآن لم يُسمح له بالعبور..

ويضع المصور الصحفي أمامنا مشهدا مريعا حول محاولات جيش الاحتلال لتكميم أفواه الصحفيين في فلسطين، إما بالاتصال بهم بشكل مباشر وتهديدهم كما حدث معه، أو بقصف بيوتهم أو عائلاتهم أو الإثنين معًا، أو باستهدافهم بشكل مباشر.

محمود أسعد

حسين كرسوع: إصابتي تحتاج إلى عملية تعويضية للرباط الصليبي

بقلوب حزينة، انتقلنا إلى قصتنا التالية التي رواها الصحفي حسين عبد الجواد كرسوع، 48 عامًا، أمضى ما يزيد عن 20 عامًا في المجال الصحفي، وهو متزوج وأب لـ4 أطفال، ويعمل مصور في وحدة الإعلام الميداني، يعاني من مرض السكري. وأصيب في السابق أكثر من مرة أثناء عمله، ولم يسلم هذه المرة أيضًا، فقد أصيب في اليوم الخامس والثلاثين للحرب أثناء تغطيته للعدوان على غزة، وقد تم تصنيف إصابته في القدم اليسرى قطع بالرباط الصليبي مع وجود شظية في الركبة اليمنى والإصابة تحتاج إلى عملية تعويضية للرباط الصليبي.

وفي محاولة منه للعلاج والعودة إلى عمله الميداني لفضح الممارسات الصهيونية في غزة، تقدم للخروج من معبر رفح في غزة للوصول إلى الأراضي المصرية، إلا أن الجانب الفلسطيني رفض خروجه، رغم محاولاته لأكثر من ٥ مرات لكن بدون نتيجة، واعتقد أن الأزمة في تقديم العلاج على نفقة الحكومة الفلسطينية فعرض أن يكون علاجه في مصر على نفقته الشخصية، خاصة وأن هذه الإصابة تقيد حركته بشكل كبير جدًا، لكن سلطة "حماس" في غزة رفضت خروجه بحجة "لم تقم بعمل تنسيق للسفر".

تلك المعاناة الكبيرة ليست الوحيدة التي يعاني منها، إنما يتعرض وزملائه باستمرار لمحاولات من الاحتلال بمنعهم من التغطية لهذا العدوان إما بتهديدهم بشكل مباشر -كما حدث معه- أو بقصفهم وعائلاتهم بشكل متعمد بغرض قتلهم والقضاء على أي عيون تفضح الإبادة الجماعية التي يقومون بها ضد أهل غزة.

حسين كرسوع

مناشدات للعبور إلى "رفح" المصري

"محمود" و"حسين" تقدما بمناشدة إلى الجهات المعنية في معبر رفح، طالبين السماح لهما بعبور المعبر والتوجه إلى الأراضي المصرية، وذلك بعد مكوثهم في المعبر لأكثر من 28 يومًا بانتظار السماح لهم من الجانب الفلسطيني بالعبور، على الرغم من حصولهم على تسهيل مهام من الجانب المصري للعلاج هناك؛ نظرًا لإصابتهما خلال العدوان الأخير على غزة، طالبين الخروج للعلاج على نفقتهما الخاصة، وليس على نفقة الحكومة، حتى يتمكنا من العودة ومواصلة رسالتهم في نقل جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، خاصة وأن القانون الدولي يكفل حرية تنقل الصحفيين.