رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جهود مكثفة لمصر من أجل حقوق الفلسطينيين

بينما تتصاعد وتيرة المجازر والعنف التى تشنها إسرائيل على الفلسطينيين فإن مصر عازمة على استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وما خلفته من مأساة إنسانية كارثية، وتبذل مصر حاليًا جهودًا مكثفة مع الدول الأطراف ومع العديد من الدول فى أنحاء العالم لتحقيق عدة أمور حيوية وأساسية تعكس الموقف المصرى الداعم الذى اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اندلاع طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر الماضى واشتعال حرب مسعورة تشنها إسرائيل على المدنيين فى قطاع غزة بهدف التوصل لتصفية القضية الفلسطينية وطرد سكان غزة من الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم ٢٣٠٠٠٠٠ شخص.

بل الدفع بهم إلى خارج أراضيهم وتهجيرهم إلى الدول المجاورة، وتحديدًا إلى مصر والأردن، أما الهدف المستتر فهو خطة شيطانية تحلم بها إسرائيل منذ بدء تنفيذ وعد بلفور البريطانى فى ١٩١٨، الذى يقضى بإعطاء اليهود أرض فلسطين عنوة واحتلالها والقضاء على شعبها وإعلان قيام دولة إسرائيل فيها فى ١٩٤٨ ثم بعد ذلك تحقيق حلم إسرائيل الكبرى وهو الحلم المستحيل تحقيقه. إلا أنه ما زال يراودهم ما يتوهمون أن بإمكانهم تحقيقه وهو «من النيل إلى الفرات». ومنذ بدء الحرب أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى موقف مصر واضحًا وهو يمضى فى بذل جهود مضاعفة واتصالات مكثفة حاليًا ووراءه اصطفاف شعبى وطنى يدعم كل خطواته ومواقفه ووجهة نظره فى الحرب الدائرة فى غزة. إن موقف مصر الواضح للعالم، الذى أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى للعالم تجاه الحرب فى قطاع غزة، يتضمن ٨ نقاط أساسية يمكننى أن ألخصها فى الآتى:

- أولًا: سيادة مصر على كل أراضيها، وهى سيادة لا تمس.. وثانيًا: رفض التهجير القسرى للفلسطينيين إلى أرض سيناء.. وثالثًا: وقف إطلاق النار الفورى فى قطاع عزة.. ورابعًا: رفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض وإدانة المجازر التى يرتكبها نتنياهو وجيشه ضد المدنيين الأبرياء.. وخامسًا: المطالبة بحل عادل للقضية الفلسطينية بإعلان دولتين دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية.. وسادسًا: استئناف المفاوضات بين الطرفين بعد توقف الحرب وتولى السلطة الفلسطينية المشروعة إدارة شئون فلسطين.. وسابعًا: النفاذ الفورى للمساعدات الإنسانية بكميات كافية إلى قطاع غزة لإنهاء معاناة المدنيين فى القطاع.. وثامنًا: مطالبة المجتمع الدولى والقوى الفاعلة بتحمل أعلى درجات المسئولية التاريخية والسياسية والإنسانية بما يضمن إقامة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس منذ بضعة أيام فقط قد التقيا فى القاهرة بقصر الاتحادية فى جلسة مباحثات موسعة فى غاية الأهمية مع وفدى البلدين لبحث مستجدات العمليات العسكرية الإسرائيلية الوحشية التى أسفرت عن مأساة إنسانية لمحاولات إبادة شعب بأكمله وتصفية قضية فلسطين.

وشدد الرئيسان على أن القضية الفلسطينية تمر الآن بمفترق طرق، ما دعاهما لمطالبة المجتمع الدولى للقيام بمسئولياته، والرفض القاطع لأى مساعٍ تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، كما تم تأكيد الدور المحورى الذى تضطلع به السلطة الوطنية الفلسطينية وضرورة اتخاذ كل الإجراءات لتقديم الدعم للسلطة، وسبل وقف العدوان الإسرائيلى، ومن ناحية أخرى فإنه فى داخل إسرائيل تتصاعد حدة الخلافات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية، كما بدأت الأصوات تعلو ضد ممارسات نتنياهو، ولعل أخطرها فى تقديرى مقال رئيس جهاز الموساد السابق، يحذر خلاله نتنياهو من تبعات هذه العملية العسكرية وجرائم الحرب التى يرتكبها.

ومن المؤكد أن هذا المقال سيكون له تأثير فى مجريات الأمور، وسوف تتصاعد وتيرة المعارضة لنتنياهو داخل إسرائيل وخارجها، ما سيضطره إلى البحث عن سبل لوقف القتال الدائر منذ أكثر من ٣ أشهر بين الجيش الإسرائيلى وحركة حماس والموالين لها، إلا أنه حتى الآن لم يرضخ للرأى العام العالمى ولا لمطالبات قادة ومسئولى العديد من الدول والمنظمات المعنية لوقف القتال، ولم يستجب لمظاهرات ومطالبات أهالى الرهائن الذين تحتجزهم حماس بأن تتم إعادة الرهائن بأى ثمن، هؤلاء الذين لا تزال تحتجزهم، فى مكان غير معلوم حتى الآن. وما زال نتنياهو يسيطر عليه جنون العظمة والشراهة فى سفك الدماء ويتصور أنه يمكن أن يقف ضد العالم، وفى تقديرى أن التصدع الأهم فى داخل إسرائيل هو ما قاله وما نشره مؤخرًا منذ بضعة أيام فى صحيفة هآرتس الإسرائيلية رئيس جهاز المخابرات السابق «الموساد» يوسى كوهين، حيث حذر نتنياهو من جرائم الحرب التى يرتكبها، ومن أهم ما جاء فى هذا المقال: 

- «لا أحد فى العالم ينكر ما حدث فى ٧ أكتوبر، هو جريمة بحق الشعب اليهودى ودولة إسرائيل، وقد حصلنا على دعم العالم الحر، وأتى جميع أصدقائنا إلى تل أبيب، ولو كان فى إسرائيل قيادة سياسية على حجم الحدث لكنا اليوم جزءًا من تحالف دولى ضد الإرهاب وكنا قد استطعنا إخراج حماس من غزة، وكنا قد أعدنا حزب الله إلى ما وراء الليطانى».

وأضاف أن التهور المسعور لبيبى جانتس قد حولنا فى نظر العالم من ضحية إلى مجرمى حرب، ومن أصحاب حق إلى قتلة الأطفال، وهو فى تقديرى تمامًا ما كانت تحلم به حماس ومحور الشر من خلفها، اليوم وبعد أكثر من ثمانين يومًا من الأخطاء والتقديرات غير المدروسة تجد دولة إسرائيل لأول مرة منذ حرب ٤٨ فى صراع الوجود واللاوجود، نعم يا بنى وطنى اللاوجود، أنا سأكون أول من يعلق الجرس وليسمعنى اليوم جميع بنى وطنى إذا استمر هذا الفريق فى قيادتنا فنحن عائدون إلى بولندا وروسيا وبريطانيا وأمريكا ذلك إذا سمحوا لنا بالعودة.

إن عملية الاغتيال الأخيرة فى عاصمة حزب الله كانت آخر مغامرة يائسة لبيبى، ولن تكون الأخيرة، إنه يغرق ويأخذنا معه إلى الهلاك، ما زال بيبى يراهن على جر أمريكا إلى هذه المعركة وهذا رهانه الأخير، الأمريكيون لن يأتوا، اسمعونى جيدًا الأمريكيون لن يأتوا، وبالأحرى حين نصحو قريبًا على خبر أن قوات الرضوان قد أصبحت على أبواب عكا، اعرفوا جيدًا أننا جميعًا عائدون إلى دول الشتات من حيث أتينا، لا أحد فى قيادة الجيش ولا فى قيادة الأجهزة الأمنية لديه البأس الكافى ليطلعكم على مدى هشاشة موقفنا على الجبهات.

إن الوقت لم يمضِ على تدارك الموقف فلا يزال أصدقاؤنا معنا، ولكن على القيادة السياسية أن تضع مصلحة الشعب اليهودى قبل مصالحها، وأن تأخذ فورًا قرارات صعبة ومريرة تبدأ بالوقف الفورى للحرب وإعادة أبنائنا الأسرى إلى عائلاتهم، وحتى لو على حساب إفراغ السجون، والدعوة إلى انتخابات سريعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع العمل على أخذ العبر والدروس مما حصل وإعادة بناء جيش جديد بفكر جديد وإعادة اللحمة الداخلية، على القيادة السياسية أن تتحمل الثمن اليوم وإلا سوف يتحمل جميع بنى إسرائيل الثمن ولن يبقى من حلم الدولة اليهودية إلا أحاديث الذكريات ونحن نحتسى القهوة على قارعة الطريق فى أوروبا.

وهكذا يجد نتنياهو انهياره وضغوطًا فى الداخل وفى الخارج ومقاومة فى قطاع غزة وشعبًا فلسطينيًا يتحمل حالة كارثية مأساوية من جراء أطماعه، ومظاهرات شوارع فى مختلف أنحاء العالم ضده ورفضًا مصريًا قاطعًا لكل محاولاته لتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار مصر والأردن، وفى تقديرى أن الساعة قد باتت قريبة لسقوط نتنياهو وأتباعه ومن يوالونه بداخل إسرائيل.