رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب غزة تخيم على العالم مع العام الجديد

ستظل حرب غزة تخيم على العالم فى العام الجديد، وستظل مأساة الشعب الفلسطينى تتصدر الأحداث طوال الشهور المقبلة، وفى تقديرى أن الإمعان فى الوحشية الإسرائيلية والمجازر المتواصلة التى ترتكبها إسرائيل، التى وصل عددها إلى ١٥ مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلى خلال ٢٤ ساعة فقط ضد العائلات فى قطاع غزة وراح ضحيتها ٢٠٧ قتلى و٣٣٨ إصابة فى ثانى أيام العام الجديد- سيظل شاهدًا على أن الاحتلال الإسرائيلى هو الذى سجل له التاريخ أكثر الحروب وحشية ودموية فى العصر الحديث.

وبنظرة سريعة على آخر الأرقام من جراء القصف بالطائرات والهجوم البرى على قطاع غزة، فإنها لأبلغ دليل يعكس وحشيتها إذ إنها قد تجاوزت الـ٢٢ ألف شهيد فلسطينى والـ٥٧ ألف مصاب الذين يبلغ ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى رقم غير معلوم تحت أنقاض المبانى التى تم تدميرها وقصفها على رءوس أصحابها عمدًا، ورغم أن حرب طوفان الأقصى قد بدأت ٧ أكتوبر ورغم مرور ٨٨ يومًا عليها فإنها ستظل تخيم بظلالها وأخبارها على العالم طوال هذا العام باعتبارها الحدث المأساوى الذى يشغل كل مهتم بحقوق الإنسان فى العالم وليس بحقوق الشعب الفلسطينى فقط، فهناك شعوب قد خرجت فى مظاهرات مليونية فى معظم المدن الكبرى فى العالم للتنديد بممارسات الجيش الإسرائيلى البربرية ضد المدنيين الأبرياء والعزل.

وفى تقديرى أنه قريبًا جدًا سيتحول نتنياهو إلى أقبح وجه عرفه التاريخ الحديث بعد النازى أدولف هتلر، ونحن ننتظر موقف محكمة العدل الدولية وتحقيق مطلب دولة جنوب إفريقيا التى قدمت منذ ٥ أيام طلبًا إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد إسرائيل لما وصفته بأنه «أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة»، بينما أعربت إسرائيل عن رفضها الاتهام، ومن المعروف أن دولة جنوب إفريقيا من أبرز داعمى القضية الفلسطينية ووجهت مرارًا انتقادات شديدة إلى القصف الإسرائيلى المدمر فى قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس فى ٧ أكتوبر الماضى.

ورأت جنوب إفريقيا أن إسرائيل بمن فى ذلك كبار مسئوليها رئيسها ورئيس وزرائها ووزير دفاعها تُعبر عن نية الإبادة الجماعية، ورفضت إسرائيل طلب جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى، وأوضحت جنوب إفريقيا أنها لجأت إلى المحكمة لإثبات مسئولية إسرائيل عن الانتهاكات لاتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وكذلك لضمان الحماية العاجلة والأكثر اكتمالًا للفلسطينيين، وطلبت أيضًا دولة بريتوريا من المحكمة إعلان إجراءات عاجلة «لحماية الشعب الفلسطينى فى غزة»، وبشكل خاص من خلال إصدار أمر لإسرائيل بالوقف الفورى لجميع الهجمات العسكرية، «ولكن للأسف من ناحية أخرى فإن محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة تفصل فى النزاعات بين الدول، وقراراتها نهائية غير قابلة للاستئناف إلا أنه ليس لديها وسيلة لتنفيذها».

وحتى كتابة هذه السطور فإن الغرور والصلف الإسرائيلى لا يزال مستمرًا بالتواطؤ مع أمريكا وبدعم أمريكا وبمشاركة أمريكا والرئيس الأمريكى بايدن الذى يعطيها الضوء الأخضر لارتكاب مجازرها بما يؤكد لنا أن القتال لن يتوقف الآن، وفقًا لمخططات إسرائيل وأطماعها فى المنطقة، كما أكد ذلك وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت فى آخر تصريح له، حيث أكد أنه «بدون انتصار واضح لن نستطيع العيش فى الشرق الأوسط»، وبما يوضح أنهم مستمرون فى القتال.

وهكذا خيمت حرب غزة على احتفالات رأس السنة وبدء العام الجديد فى كل أنحاء العالم مع توالى بث أخبار هذه الحرب على كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى، التى تصعد فيها إسرائيل من مجازرها وعملياتها العسكرية الدموية على كل الجبهات ومع نية مبيتة بإبادة جماعية للشعب الفلسطينى حتى إنه لكثرة القتلى والأكفان باللون الأبيض فإنها صارت رمزًا لحرب غزة المأساوية.

وفى مصر يسود الغضب الشعبى بين كل الفئات على إسرائيل التى استطاعت بمجازرها الوحشية وجرائمها أن تبث الكراهية حتى بين أجيال الشباب الذين لم يعاصروا جرائمها الوحشية البشعة السابقة حتى قبل إعلان دولة إسرائيل فى ١٩٤٨ على حساب دماء الشعب الفلسطينى، وشهد بلدنا اصطفافًا وطنيًا مع القيادة السياسية رفضًا للتهجير القسرى للشعب الفلسطينى إلى أرض سيناء المصرية، ومؤخرًا أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن مبادرة مصرية لحل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى ووقف القتال.

وفى تقديرى أن الحرب الوحشية التى تصعد منها إسرائيل قد استطاعت جعل القضية الفلسطينية فى صدارة الأحداث العالمية، حيث تتصاعد المظاهرات ضدها وكان أحدثها فى أول يوم من العام الحالى فى مطار نيويورك، حيث اندلعت فى وسط مطار نيويورك الأمريكى مظاهرة تنديدًا بمجازر إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى.

إلا أن سلطات المطار قد أوقفتها، وفى تقديرى أن وتيرة المظاهرات سوف تتصاعد فى المدن الكبرى، وسوف تزيد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية، وسيعلو صوت رفض الجرائم الإسرائيلية البربرية ضد الفلسطينيين والتنديد بها فى كل أنحاء العالم بما يضاعف الضغوط على إسرائيل لوقف عملياتها البربرية فى قطاع غزة، وسوف يبحث العالم عن حلول بما يجعل مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى ممكنة وعلى قمة الحلول المتاحة لحل القضية الفلسطينية ووقف القتال واستكمال عمليات تبادل الرهائن، واستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية الشرعية وإسرائيل، ومن ثم حل الدولتين وإعلان دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية رغم أنف إسرائيل، والبدء فى استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.