رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

برامج بطعم شاى بـ"الكمون".. وأخرى وجبات دسمة

دائمًا ما يبحث المشاهد في وسائل الإعلام عن المعلومات التي تهمه في فهم أمور حياته اليومية، وبناء عليه يلهث وراء البرامج  التي تلبي احتياجاته، وهنا يتجلي دور الإعلام في تقديم رسالته سواء كانت مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، في الغالب الإعلام المرئي هو الأسرع رغم أن السرعة من مقومات الإذاعة المسموعة.. فإن الحرص الدائم على تلبية رغبة المشاهد هو هدف رئيسي  للقائمين على صناعة الإعلام، وروشتة النجاج تبدو بسيطة لمحترفي الإعلام، تبدأ بتحديد الموضوع وأهميته، ومن ثم يكون اختيار الضيوف بعناية وتحقيق الهدف الرئيسي من الرسالة الإعلامية ألا وهو وصول المعلومة الصحيحة والأكثر دقة.. لنلقِ نظرة على بعض البرامج المختلفة على قنوات متعددة، نتعرف من خلالها عن مواطن القوة أو الإخفاق لتلك البرامج التي تهتم بالمشاهدين من خلال رسالتهم الإعلامية.
• ناقشت الإعلامية ياسمين الخطيب في برنامجها "شاي بالياسمين" المذاع على قتاة "Ten" قضية خطيرة وهي ارتقاء الفن بالذوق العام، إنها قضية من أهم قضايا القوة الناعمة المؤثرة على تشكيل وعي ووجدان المشاهد أو المتلقي بما ينعكس على المجتمع بالسلب أو بالإيجاب.. كان موضوع الحلقة تأثير أغاني المهرجانات على الذوق العام.. الحقيقة أن موضوع الحلقة في غاية الأهمية، ولفريق البرنامج كل الحق في اختيار القضية محل النقاش ولا سيما أن مقدمة البرنامج تناقش فوضي أغاني المهرجانات وإعادة تنظيم النوتة الموسيقية بعيدًا عن ضوضاء السلم الموسيقي.. جاء  اختيارالإعلامية "ياسمين الخطيب" موفقًا في طرح مثل هذه الأغاني ومضمونها ومن ثم تأثيرها على الذوق العام.. أتفق معها في أهمية هذا الموضوع. ولكن!.. حتى نناقش القضية بمعايير مهنية علينا أن نراعي كيفية اختيار المضمون الإعلامي من حيث أطراف القضية محل النقاش، وكيفية اختيار الضيوف وطبيعة الأسئلة التي توجه لهم... بالتطبيق العملي على حلقة الخميس الماضي من "شاي بالياسمين" كان اختيار الضيوف ينقصه الكثير من موضوعية النقاش، دائمًا يحرص صناع الإعلام على التوازن بين الرأي والرأي الآخر، ذلك باستضافة المتخصصين والمعنيين بالأمر حتى تكون الحلقة منطقية تخاطب عقل المشاهد وتصل إلى الرسالة الإعلامية بدون تشويش.. ما قامت به مقدمة البرنامج أن استضافت عينات عشوائية من العاملين بمجال أغاني المهرجانات، ووجهت لهم أسئلة على طريقة المحاكمة والاتهامات المباشرة بأن ضيوفها هم من أفسدوا الذوق العام، ولم تتوقف عند هذا الحد بل قامت باستضافة الداعية الإسلامي الدكتور محمد علي ليعلق برأيه على أغاني المهرجانات، وبدأ الداعية في انتقاد الضيوف وتأثير هذه الأغاني على إفساد الذوق العام، ثم عرج على حرمانية هذه الأغاني وإطلاق فتاوى دينية تذهب بهؤلاء إلى النار وبئس المصير، ونال ما نال الضيوف من أحكام ذات صبغة دينية وأخلاقية وكأنهم السبب الرئيسي في تدهور حياة المصريين.. هكذا كانت الحلقة  بطعم "الشاي بالكمون" مع الأخذ في الاعتبار أن الإعلام لا يحاكم أحدًا أو ينصب لهم الشباك، صيغة المحاكمة مرفوضة، والنقد الموضوعي هو أصل النقاش.
•  برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا" من أهم البرامج الاجتماعية على مدار 12 عامًا مضت، يذاع على قناة "cbc"، ناقش البرنامج أهم القضايا التي تهم الأسرة المصرية على مدار تاريخه،  يتميز "الستات مايعرفوش يكدبوا" بالتنوع والابتكار ومذيعات اعتاد المشاهد على متابعتهن في فترة ما بعد الظهيرة.. برنامج يمتلك كل مقومات النجاح، ولا سيما بعد انضمام المذيعة هبة الأباصيري ثلاث حلقات فقط لانشغالها بأمور خاصة كما صرحت "الأباصيري" فهي إعلامية  تمتلك طاقة لم تستنفد بعد، أيضًا الإعلامية "إيمان عزالدين" اختيارها مناسب لطبيعة هذا البرنامج، والقديرة "منى عبدالغني"  من مؤسسي "الستات مايعرفوش يكدبوا" منذ بدايته حتى الآن، بما تمتلكه من خبرة والتعامل مع الشاشة... استمرارًا لمصداقية "الستات مايعرفوش يكدبوا" بحاجة إلى إعادة  تطوير"فورمات البرنامج"، ومناقشة قضايا اجتماعية بطريقة أكثر عمقًا، بعيدًا عن الاستسهال حتى لا يفقد البرنامج بريقه.

• الداعية الإعلامية الدكتور"نادية عمارة"، مقدمة برنامج "قلوب عامرة" من أهم البرامج الدينية التي تقدم على الفضائيات المصرية، يستهدف فقه المرأة في الإسلام، إضافة إلى القضايا الأخرى، كما يركز على تربية النشء، وتقديم مادة علمية دينية مبسطة... الدكتورة "نادية عمارة" صاحبة إطلالة متميزة من هدوء النفس والحضور الراقي على الشاشة، كما أنها تقدم الآراء الفقهية الوسطية التي تتناسب مع مجتمعنا، فضلًا عن اختيار التوقيت المناسب لإذاعة البرنامج. 
• برامج الخميس والجمعة "الويك إند" لها طبيعة خاصة تقدم خلال يومي الإجازة الأسبوعية،  تختلف كثيرًا "فورمات" أو فقرات البرامج اليومية، كما تتميز بالعمق والتحليل بالنسبة للبرامج الحوارية. الأمثلة كثيرة منها ما تقدمه الفنانة "إسعاد يونس" "صاحبة السعادة" والإعلامية "منى الشاذلي".. التنوع والثراء في الفقرات ومضمون الحلقة.. برامج نهاية الأسبوع من فئة برامج المنوعات Entertainment في الغالب، تحتاج لجهد كبير من الإعداد والتنوع وأن تكون لها هوية خاصة تميزها عن باقي البرامج المماثلة، فضلًا عن أنها تحتاج إلى إنتاج ضخم، يتحقق هذا بالمضمون الجيد والمختلف.
• أهم ما يميز برنامج (في المساء مع قصواء) المذاع على قناة cbc أنه مرتبط بالأمور اليومية المتعلقة بحياة المواطن، "قصواء" تحلل، توضح، تفسر، تتواصل بالمسئولين أطراف القضية.. باختصار، "قصواء" تمتلك مساحة إعلامية بعيدًا عن باقي البرامج المسائية، في الغالب  تتبنى وجهة نظر المواطن بلمسه نقدية ترصد الإخفاقات والأخطاء وتقدم قضيتها باحترافية عالية. هذا النموذج الإعلامي نحتاج إليه، "قصواء" تذاكر جيدًا كل الموضوعات ولا تترك لك كمشاهد أن تبحث عن سؤال، فهي تجيب بموضوعية عن التساؤلات من خلال ضيوفها الذين تختارهم بعناية.. وحين يكون السؤال الصح وفي الصميم تأتي الإجابة واضحة ومنطقية. 
برنامجها ينقسم لقسمين الرباط بينهما جائز إعلاميًا، الجزء الأول تعليق على الأخبار التي تتصدر الصحف والمواقع اليومية، أما الجزء الثاني فهو مائدة حوار من خلالها تحقق وتستقصي مع ضيوفها عن أهم القضايا في كل المجالات التي تهم المواطن.. بطلاقة لسان ولغة عربية رصينة تتخللها كلمات عامية منتقاة بعناية يكون حديثها مع ضيوف ندوتها.. "قصواء الخلالي"، هكذا يكون عمل المذيع المهني المحترف.