رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخـالـة ياسمين

بهاء الدين حسن
بهاء الدين حسن

بعد أن جمعت دجاجاتها، وأغلقت عليهـا باب العِشــة، سَمِعت طرقًا على الباب، وصوتًا ينـادى:

- يا خالة ياسمين.. يا خالة ياسمين.

أطلّت من السـور المبنى بالطـوب اللَبِن، الذى يحيط سطـح المنزل، كانت أم نشـأت تقف أمام الباب.

- خير يا أم نشأت؟

- مِراة نشـأت جالها الوجـع، خلّى المحروس على ابنــك يــاجى يوصلنــا المستشفى بالتوك توك.

لم تهدأ الخالة ياسمين حتى عـاد على بالتـوك توك من المستشفى، سألتـه: 

- طمنى يا ولدى؟

فقال لهـا... 

- خرجت بالسلامة. 

وبصوت المتلهفة على معرفة نوع المولود، سألت على:

- جابت إيه؟

- جابت ميلاد.

فى الصباح قـامت الخالـة ياسمين، فتحت باب العِشة، وذبحت دجاجة من الدجاجات العتاقى، نظفتهـا ووضعتهـا فى حلـة مــاء وسلقتها، ثـم اتجهت بهــا نحـو منزل أم نشـأت.

عندمـا دلفت برجلها داخـل المنزل، أطلقت زغـرودة، وانحنت على المولود تقبـله، وقامت بدس ورقة نقدية فى يد أم ميلاد.

فقالت أم ميلاد:

- مش كفاية الفروجة يا خالة ياسمين، كمان بتنقطينى بفلوس!

- الفروجة عشان ترُمّى عضمك، ودى حاجة بسيطة، حلاوة وصول ميـلاد. 

أحضرت أم نشـأت زجاجـة كوكاكولا، قالت وهى تقدمهـا للخـالــة ياسمين تمازحها: 

- جـايــة مقفولـة من الدكـان، عشــان ماتقـوليش حـاجــــة نصـارى، ومـا تشربيهاش.

فقالت الخالة ياسمين تعاتب أم نشأت:

- هـو احنا أول مرة ناكل أو نشرب مع بعض يا أم نشأت.. ليــــه بتقولى كده؟

فقالت أم نشأت بأسى:

- أصل فيــه ناس بتعـوف حاجـة النصـارى، أم رقيـة جـات باركت ومشيت من غيـر ما تشرب الشـاى!

عاتبت الخالة ياسمين أم رقية، وقالت:

ـ مالكيش حـق تكسـرى بخاطـر أم نشأت يا أم رقية!

فقالت أم رقية مستفسرة:

ـ إزّاى؟

ـ الست عملت لك شاى، ومشيتى من غير ما تشربيه!

فضحكت أم رقية، ونادت على رقية:

ـ جهزتِ الفطار يا رقية؟

ردت رقية:

- مستعجلة على إيه يا ماما.. لسه باقى كتير على المغرب؟!

فنظرت أم رقية للخالـة ياسمين، وقالت:

- النهاردة الخميس، وأنتِ عارفة إنى باصوم الإثنين والخميس.

فخبطت الخالة ياسمين على صدرها وقالت:

- صحيـح.. بس إزاى ده فـــــات على أم نشـأت، ده النصــارى حـافظيـن مواعيد صيامنا وفطارنـا وصلاتنـا وأعيادنا كويس؟!

بعد أن فطرت أم رقية المغـرب، توجهت بصحبة الخالة ياسمين إلى منزل أم نشأت، تحمـل طبـق بلح منقوع فى اللبن والسمن البلدى.

قالت الخالة ياسمين، وهى تنـادى على أم نشـأت:

- تعالى يا أم نشـأت، عشـان ما تعتبيش على أم رقيـة.

- خيـر يا خالـة ياسمين؟

وهنا تحدثت أم رقيـة، وقالت:

- اتفضلى الأول طبق البلح باللبن والسمن البلدى، عشان أم ميلاد، البلـح بيــرُم عضـم الوالـدة، وإلا ماكنش ربنـا قال للست مـريـم «وهـزى إليـك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا».

ثم قالت الخالة ياسمين: 

- ظلمت أم رقيـة يا أم نشـأت، الست سـابت الشـاى عشـان كانت صايمة، وبعد ما فطرت المغرب جبتهالك، وجينا نشرب معـاكى الشاى.

فقالت أم نشأت تتأسف: 

ـ سامحينى يا أم رقية على سوء الظن.

ثم همّت بالوقوف وقالت:

ـ أما أقوم أعمل لكم شاى.