رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"نبش القبور".. حلقة أخرى في مسلسل الدم برعاية الاحتلال في غزة

نبش الاحتلال للقبور
نبش الاحتلال للقبور الفلسطينية

ارتكاب الجرائم التي لا يتصورها العقل والتي تتنافى مع كافة مبادئ الإنسانية بل مع فطرة الكائنات الحية، هو ذلك النهج الذي انتهجه الاحتلال الإسرائيلي، والذي كشفته حربه الغاشمة الأخيرة ضد المواطنين الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى الآن.

 

من قتل لأطفال أبرياء ورُضّع ونساء وعدم رحمة بمرضى على أسّرتهم داخل المستشفيات، وسحل لرجال وشباب وتعريتهم وخلع سترات النساء، ينسدل سلسال الدم الذي ألقاه الاحتلال في غزة وما زال.

 

لم تكن جثث شهداء غزة هي الحلقة الأخيرة في مسلسل الجرائم الإسرائيلية المتواصل ضد المواطن الفلسطيني بل كان هناك استكمالًا آخر لحلقاته، وهي سرقة أعضاء هذه الجثث لاستخدامها مع مستوطنين إسرائيليين، هذا الهدف كان هو الدافع إلى  ارتكاب المحتل الإسرائيلي جريمة أخرى شنعاء في حق الفلسطينيين، وهي جريمة “نبش القبور”.

 

 إذ أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة رصده جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال خلال حربه للإبادة الجماعية التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهي نبش جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لما يقرب من 1100 قبر في مقبرة حي التفاح (شرق مدينة غزة).

 

حيث قامت آليات الاحتلال بتجريف تلك القبور وإخراج جثامين الشهداء والأموات منها، ثم داستها، وامتهنت كرامتها، وذلك دون أي مراعاة لقدسية الأموات أو المقابر.

 

كما أوضح المكتب الإعلامي الحكومي، أنه بعد نبش تلك القبور وتجريف المقبرة قام جيش الاحتلال بسرقة قرابة 150 جثمانًا من جثامين الشهداء التي دُفنت حديثًا، وأخرجها من القبور ثم قام بترحيلها إلى جهة مجهولة، وهو الأمر الذي  يثير الشكوك مجددًا نحو جريمة أخرى وهي جريمة سرقة أعضاء الشهداء التي تم الإشارة لها من قبل من قبل العديد من المسئولين الفلسطنيين والآهالي.

 

وكان قد أوضح الإعلام الحكومي الفلسطيني أيضًا، أن الاحتلال قد كرر هذه الجريمة أكثر من مرة، وكان آخرها تسليم 80 جثمانًا من جثامين شهداء سابقين كان قد سرقها من محافظتي غزة وشمال غزة، ثم عبث بها، وسلَّمها مُشوَّهة ودفنت في رفح، ورفض تقديم أية معلومات حولها، 

 

وتابع أنه كان قد ظهر على ملامح الجثامين تغيرًا فيها وذلك في إشارة واضحة إلى سرقة الاحتلال لأعضاء حيوية من أجساد هؤلاء الشهداء، كما أضاف أن الأمر نفسه تكرر عندما  نبش الاحتلال سابقًا قبورًا في جباليا وسرق جثامين شهداء أيضًا منها، إلى جانب استمراره في احتجاز عشرات جثامين الشهداء من قطاع غزة.

 

وأدان الإعلام الحكومي بأشد العبارات تلك الجريمة النكراء كما عبر عن بالغ دهشته من المواقف الصامتة من قبل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة تجاه مثل هذه الجرائم الفظيعة التي يرتكبها جيش الاحتلال دون أن تحدد موقفها.

 

يُذكر أنه وفي 4 يوليو 2022 كان قد أثار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قضية استخدام جثامين الضحايا في مختبرات كليات الطب في بعض الجامعات الإسرائيلية، وهو الأمر الذي تسبب في إضافة بٌعدًا جديدًا إلى جرائم الاحتلال، وانتهاكاته وذلك من خلال تورط مؤسسات أكاديمية في جرائم يحظرها القانون الدولي بالإضافة إلى تفشي العنصرية في هذه المؤسسات.

 

وفي أغسطس 2022 أفاد تقرير أصدره المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" أن إسرائيل تتبع ‏سياسة ‏احتجاز الجثامين وسرقة أعضائهم منذ عام 1948، بما يعرف بـاسم "مقابر الأرقام".

 

وأضاف التقرير، أنه منذ عام 2015، بدأت إسرائيل احتجاز الجثامين في الثلاجات ضمن سياسة ممنهجة تتيح لها سرقة المزيد من الأعضاء، أو استعمالها لإجراء تجارب ودراسات في كليات الطب الإسرائيلية.

 

كما أوضح أنه نقلًا عن أهالي ضحايا، وعن تقرير لوزارة الإعلام الفلسطينية، فإنه في 18 أبريل 2022 احتجزت إسرائيل 104 جثامين في الثلاجات، و256 في "مقابر الأرقام"، إضافة إلى احتجاز 13 جثمانًا منذ مطلع 2022.

 

ومن جانبه كان قد اعترف المدير السابق لمعهد أبو كبير للطب الشرعي في إسرائيل يهودا هس، بسرقة أعضاء الفلسطينيين في فترات مختلفة بين الانتفاضتين الأولى والثانية تحت غطاء القانون، وذلك حسب المركز.

 

كما أنه وفي دراستها عن التعامل مع أجساد الفلسطينيين في مركز أبو كبير، والتي نشرتها في كتاب بعنوان "على جثثهم"، قالت الباحثة الأنثروبولوجية ميرا ويس، إنه أثناء وجودها في المعهد "شاهدت كيف يأخذون أعضاء من أجساد الفلسطينيين وفي المقابل يتركون جثث الجنود سليمة".

 

وتابعت: "أنهم يأخذون القرنيات والجلد وصمامات القلب، بشكل يجعل غياب تلك الأعضاء لا يلاحظه غير المتخصصين، إذ يعوضون القرنيات بأجسام بلاستيكية، وينزعون الجلد من الخلف كي لا تراه أسرة الضحية. بالإضافة إلى ذلك، يجري استخدام الجثث في كليات الطب بالجامعات الإسرائيلية لأغراض بحثية".

 

يذكر أن إسرائيل تمتلك أكبر بنك للجلود البشرية في العالم، وهو عبارة عن منشأة طبية تخزن الجلود البشرية لاستعمالها لاحقًا في معالجة الحروق والسرطانات الجلدي، وذلك على الرغم من عدم إقبال الإسرائيليين على التبرع بالجلد بعد الوفاة مما يزيد الشكوك حول الجهة التي تاخذ منها دولة الاحتلال هذه الجلود.

 

وكان قد شيد هذا البنك عام 1986، بإشراف من قطاع الطب العسكري التابع للجيش الإسرائيلي، ويقدم خدماته على مستوى دولي، ويختلف هذا البنك الإسرائيلي عن باقي البنوك حول العالم بأن مخزوناته من الأعضاء الحيوية لا تأتي من متبرعين طوعيين فقط، بل سجلت عمليات سرقة جلود من جثث الضحايا الفلسطينيين.

 

 إذ أنه وحسب تحقيق استقصائي نشره الصحافي السويدي دونالد بوستروم، عام 2001 كشف خلاله أن مخزونات هذا البنك من الأعضاء الحيوية لا تأتي من متبرعين طوعيين فقط، بل سجلت عمليات سرقة جلود من جثث الضحايا الفلسطينيين  والإتجار بها، وكانت هذه أول مرة يجري فيها كشف هذا الأمر للرأي العام الدولي.