رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"اغتيال العارورى".. إسرائيل تريد غسل سُمعتها الأمنية والتوحد وتعدد الجبهات خيار المقاومة

صالح العاروري
صالح العاروري

- الترويج للقدرة على تحقيق انتصارات وتهدئة الرأي العام الداخلي أبرز أهداف الاحتلال
- عمليات الاغتيال تستهدف المسئولين عن ملفات التنسيق العسكري والسياسي والمالي في "حماس"
- تنفيذ عمليات قنص أو دهس أو حتى عمليات استشهادية في عمق الاحتلال الإسرائيلي أبرز خيارات فصائل المقاومة

 

أعلنت الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بشكل غير رسمي، مسئوليتها عن عملية اغتيال صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس في الخارج في منطقة الضاحية الجنوبية بلبنان، والتي تعد أحد أبرز معاقل وتواجد حزب الله اللبناني، كما أعلنت حركة حماس عن أن الاحتلال الإسرائيلي تمكن خلال العملية من اغتيال عدد من كوادرها كانوا برفقة العاروري وهم محمود شاهين ومحمد بشاشة ومحمد الريس وأحمد حمود، بعد أن أكد مسئولون إسرائيليون أن كل من له علاقة بهجوم يوم 7 أكتوبر الماضي سيتم استهدافه.

عملية اغتيال القيادي في حركة حماس لها عدة أوجه، فالاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلالها إلى تحقيق عدة أهداف عقب قرابة 3 أشهر من الحرب على غزة بدون تحقيق نتائج إيجابية واضحة على الأرض تمكنه من الرد على الفضيحة العسكرية والأمنية التي تعرض لها يوم 7 أكتوبر الماضي خاصة بعد أن قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت "إذا لم نحقق انتصارًا في حرب غزة فلن نتمكن من العيش في الشرق الأوسط".

على الجانب الآخر فإن العملية التي أسفرت عن استشهاد "العاروري" ورفاقه من كوادر حركة حماس سيكون لها دور في تغيير خطوات المقاومة خلال المرحلة المقبلة ردًا على التصعيد الإسرائيلي ببدء تنفيذ تهديداتها باغتيال قادة الحركة في الخارج في كل من لبنان وتركيا وقطر، في السطور التالية نستعرض أبرز أهداف وخيارات كل جانب عقب بدء الاحتلال الإسرائيلي في عمليات اغتيال قادة حماس في الخارج.

البداية كانت في تركيا قبل لبنان.. والهدف تنفيذ عمليات اغتيال متتالية

بالرجوع إلى الوراء ساعات قليلة قبل تنفيذ عملية اغتيال "العاروري"، نجد أن إسرائيل كان لها مخطط واسع بدأت تنفيذه على الأرض لتحقيق ما أعلن عنه سابقًا في بداية ديسمبر الماضي رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، بأن إسرائيل ستلاحق قادة حركة "حماس" في قطر وتركيا ولبنان، حتى لو استغرق الأمر سنوات.

هذا المخطط كانت ملامحه قد بدأت تتكشف بعد أن ألقت الأجهزة الأمنية التركية، أمس، القبض على 44 شخصًا تابعين لجهاز الموساد الإسرائيلي، كانوا يخططون لعمليات ضد فلسطينيين متواجدين فى تركيا، وقالت إن المشتبه بهم تابعوا سرًا أشخاصًا ومنظمات فلسطينية فى تركيا للحصول على تعويضات مالية، وقام المشتبه بهم بانتحال صفة موظفين يعملون فى شركات استشارية.
هذه الخطوة التي سبقت عملية اغتيال "العاروري"، تشير إلى أن المخطط الإسرائيلي بخصوص اغتيال قيادات حركة حماس مكتمل وأن المعلومات الاستخباراتية الخاصة اكتملت إلى حد كبير وتم العمل على بدء تنفيذه، ولكن أفشل جزء من هذا المخطط في تركيا بعد القبض على العناصر المشتبه في تبعيتها لجهاز الموساد الإسرائيلي، وهو ما دفع إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى إصدار تصريحات متعددة أمس كان من بينها الإشارة إلى أنه بخير وأن العناصر التي تم القبض عليها في تركيا لم تصل إليه، وهو ما تم نجاح تنفيذه في حالة صالح العاروري.

أهداف الاحتلال الإسرائيلي من بدء عمليات الاغتيال لقادة حماس

بالنسبة لجانب الاحتلال الإسرائيلي تشكل عملية اغتيال صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس في الخارج، خطوة مهمة تحقق من خلالها عدد من الأهداف نوضحها كالتالي:

• غسل سمعة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية، بعد الفضيحة الكبرى التي ُمنيت بها إثر هجوم 7 أكتوبر الماضي، والتأكيد على أنه ما زالت لديها مصادر معلومات صحيحة ويد تصل بها إلى قادة حركة حماس تحديدًا وقادة الفصائل الفلسطينية عمومًا في الداخل والخارج.

• تهدئة الرأي العام الداخلي الذي يمر بحالة غضب وذكر غير مسبوقتين منذ انتصارات حرب أكتوبر 1973، من خلال تصوير أن إسرائيل ما زالت قادرة ولها ذراع طويلة وقوية تستطيع من خلالها ملاحقة من يضر بها، ومن ثم الترويج لأنهم يحرزون نجاحات وانتصارات تتم من خلال اغتيال قادة حماس.
• استهداف قادة حماس والفصائل الفلسطينية الهدف منه خلق فراغ في هيكل الترتيب القيادي، وإحداث خلل في عمليات اتخاذ القرار والتواصل بين قادة حماس والفصائل والكوادر المختلفة.
• تشتيت انتباه وقدرات الفصائل الفلسطينية ما بين متابعة سير مجريات الحرب في غزة والتصدي لها، وما بين العمل على تأمين قادة الصفوف الأولى والبحث عن مصادر تسرب أي معلومات.
• يتبع الهدف السابق، التركيز على استهداف المسئولين عن ملفات التنسيق العسكري والسياسي والمالي، ما قد يساعد على التأثير على مجريات الحرب في غزة ومن ثم تمكن الاحتلال الإسرائيلي من تحقيق أي تقدم يحفظ به ماء وجهه في ظل الخسائر الكبيرة التي مُني بها في أعداد الأفراد والمعدات.

• إطالة أمد الحرب، والتخلص من الضغوط الدولية والأمريكية والوسطاء لوقف إطلاق النار وبدء هُدن جديدة، وضمان استمرار الدعم الأمريكي في ظل سعي حماس والفصائل الفلسطينية والمقاومة في لبنان للرد على عملية الاغتيال.

• التأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ مرحلة جديدة في حربه على حماس وفصائل المقاومة الأخرى في فلسطين وأيضًا لبنان، وأنه لن يتراجع حتى تنفيذ أهدافه المعلنة والخفية من الحرب الدائرة في غزة.

خيارات حماس وفصائل المقاومة للرد على عملية اغتيال "العاروري"

على الجانب الآخر، فإن حركة حماس وفصائل المقاومة لديها عدة خيارات للرد على عملية اغتيال صالح العاروري، تهدف من خلالها إلى التأكيد بأن مثل هذه الخطوات لن تمر دون رد وأن التصعيد قد يقابل بتصعيد جديد يدفع الاحتلال ثمنه في غزة، وفي عمق مدنه، وأبرز هذه الخيارات هو التالي:
• التصعيد في إطلاق الصواريخ المختلفة على عمق مدن الاحتلال، وربما يكون هناك استخدام لأنواع جديدة من الأسلحة من قِبل فصائل المقاومة خاصة في غزة.
• قد تعود حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، إلى تنفيذ عمليات قنص أو دهس أو حتى عمليات استشهادية في عمق ومدن الاحتلال الإسرائيلي، للتأكيد على أن ما يقوم من عمليات اغتيال لن يجلب الأمن الذي يسعى إليه بعد 7 أكتوبر الماضي.
• بحث خيارات التوحد بين كافة فصائل المقاومة الفلسطينية، في ظل البيان الصادر عن الفصائل الفلسطينية أمس، نعت فيه صالح العاروري وأكدت أن المقاومة مستمرة ودعت للرد عليها بقوة من كل الساحات والجبهات، وإعلان الحداد الوطني العام والإضراب الشامل والتحرك الثوري في كل الساحات والجبهات.
• الضغط على الاحتلال الإسرائيلي من خلال مواصلة تكبيده أكبر قدر من الخسائر في العمليات العسكرية في قطاع غزة.
• رفض الإفراج عن أي من الأسرى الموجودين لديهم أو العودة إلى المفاوضات إلا بعد وقف الاغتيالات ووفق شروط المقاومة، ما يزيد من الضغوط الداخلية على حكومة الاحتلال ومجلس الحرب المصغر من قِبل عائلات المحتجزين لدى فصائل المقاومة.
• الاعتماد على فكرة تعدد الجبهات، خاصة أن حزب الله اللبناني قد يُصعد من هجماته ضد الاحتلال الإسرائيلي وربما يستهدف عمق المستوطنات في الشمال بما يمثل ضغطًا إضافيًا على الاحتلال الإسرائيلي.
• احتمال تصاعد الهجمات من جماعة الحوثي والفصائل العراقية، واستهداف السفن في محيط مضيق باب المندب، وتوجيه ضربات للمواقع الأمريكية في دول المنطقة خاصة في سوريا والعراق.