رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثمة حالة اغتراب يومية..

قراءة في ديوان "قبل أن يروض الاعتياد أحبالي الصوتية" لـ حفصة الرفاعي

بورتريه للشاعرة حفصة
بورتريه للشاعرة حفصة الرفاعي

 

صورة ل غلاف ديوان قبل أن يروض الاعتياد أحبالي الصوتية للشاعرة حفصة الرفاعي.

عن دار الأدهم للنشر والتوزيع صدر للشاعرة حفصة الرفاعي ديوانها الشعري الأول" قبل أن يروض الاعتياد أحبالي الصوتية والذي يقع في مائة وأربعة صفحة من القطع الصغير ويحتوى على ثمانية وأربعين قصيدة تنتمي في غالبيتها لتيار قصيدة النثر.

وفي ديوانها ثمة حالة اغتراب يتم اجترارها من اليومي والمعاش والمكرور والذي يصدر سوداوية ما،  تتلفح بالآمال وزرع الأحلام مناصرة لعيش مكرور اصطبغ بالأذى والحسرة والسأم.

الشاعرة "حفصة الرفاعي،  تتعدد طموحاتها بالرفض محاولة تغيير صورة العالم والوجودي، عبر الكتابة /الشعر/ الفلسفة، والتي تعتبرهم الشاعرة، قوارب نجاة تتعالى لمناطحة البؤس، حيث تكثيف اللحظة ولملمة المعيشي المكرور بدفقات حسية تتخذ من تقنيات المراوغة والإرجاء والقبض، والذي يليه الدفع  بلحظات العيش الحقيقي لترمي بمكنونها الفلسفي في صور بلاغية، تتأرجح مابين طبقات من الحداثة اللغوية المصبوغة بدفقات حياتية حيث نرى قصيدة الصفحة الواحدة وقد استطالت لتكون وجهة نظر الشاعرة تجاه الموقف، من عالم اليوم الرافض للأحلام والخاضع لرؤى مأساوية لا تنفك_ تحيط مقومات الدفاع عما يجهض الحلم والإنطلاق صوب حقيقة الوجود بزرع اليومي والعادي في بنية فوقية تتعالى لمناطحة سديم الفراغ.

حيث تقول في قصيدتها " أسئلة وجودية، أنا لا أملك سوى بياض الورق ورائحة الكتب وصدى اللحن الذي لا يمل التردد، اتخذت الشاعرة من كلاسيكيات الشعر في تقنيات تجمع مابيت عمق الكلاسيكية ورؤى القنص والخطف والإيقاع اللاهث والمتروي في آن_ والذي يميز بل وتنفرد به قصيدة الحداثة الشعرية ومابعدها، كإيقاع وصور مهتزة تخرج من نفس مهزومة تأبى الإستسلام وتتمسك بالخلاص الفردي عبر الرمي بالمجازات والكناية من أجل تحول الفردي لجماعي، والشخصاني والحياتي_ لوجودي والواقعي، أيضًا_ لسوريالي، يحرك الجمود والثابت بل والمسكوت عنه في عالم صارت المادة والبراجماتية هي لغات للتواصل، وماهي إلا أدوات للنفور وتقسيم العالم والوجود لشبه جماد.

الديوان يمثل نافذة لماهية، كيف يكون الشعر حاملًا للداء/ والدواء بل الأمل والرجاء ورجرجات يقين مخاتل يتأرجح مابين المأساة والملهاة ولحظات ترقب نادرة/ لإطفاء أنوار صالة السينما/ العالم/ الوجود...فالشاعرة في ديوانها، تراهن على الفن والكتابة ونقاء صفحتها البيضاء كمعادل موضوعي للمرسل والمستقبل لفداحات العالم_ كبعد مواز لهدم الكآبة وهذا مع محاولات رؤيوية كاشفة لفظاعة المشهد الإنساني في الآني وخاصة كل ماهو مرتبط، بجروح وقروح السياسة والثقافة والحروب بالإنابة لتحطيم الثوابت الجمالية في العالم الواقعي من أجل تشييد بنية جمالية لا تدين الشخصي بشكله الظاهر فقط، بل عبر  أليات مباشرة للإدانة عبر اللغة والرمز، وبنفس القدر، يفتح مسارات للأمل والتحقق والخلاص. بل وتوسيع رقعة التلقي حيث المتلقي هنا هو المنصت والمستقبل للخطاب التنويرى فيما يخص دور الجمال والفن والإبداع في حياة البشر.