رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مديحة يسري ترسم لوحات سيريالية وتصور البخيل كـ"حمار" يحمل أسفارا

مديحة يسري
مديحة يسري

مديحة يسري،  سمراء النيل التي غنى لها محمد فوزي "يا جارحة القلب بعيونك.. يصونها المولي ويصونك" وأنشد لها فريد الأطرش ساعة بقرب الحبيب.

وقف أمامها نخبة من نجوم السينما المصرية، أبرزهم: عماد حمدي، شكري سرحان، أنور وجدي، فريد شوقي، نجيب سليمان، عمر الشريف، رشدي أباظة٬ أحمد مظهر، حسين رياض، كمال الشناوي. ومن نجمات الزمن الجميل، شادية، فاتن حمامة، ماجدة، سامية جمال وغيرهن.

حكاية مديحة يسري مع السريالية والفن التشكيلي

ومن الجوانب غير المعروفة للكثيرين عن مديحة يسري، ولعها بالفن التشكيلي، حتى أنها كانت تزين جدران بيتها بالعشرات من اللوحات الفنية التي رسمتها بريشتها. وهو ما كشفت عنه في مقال لها نشر في العدد 169 لمجلة الكواكب، والصادر بتاريخ 26 أكتوبر من عام 1954. وفيه روت مديحة يسري، سبب شغفها بالاتجاه السيريالي في الفن التشكيلي.

تقول مديحة يسري: كانت من أعز اللوحات التي رسمتها وآثرها عندي، لوحة صورت فيها حمارا يحمل مجموعة من الكتب، لأرمز بها إلي طائفة من الناس، سواء منهم الجاهل الذي يتظاهر بالتبحر في الآداب والعلوم، أم البخيل الذي يختزن أمواله ويكدسها في البنوك أو "تحت البلاط".

وذات يوم تعرفت بسيدة مصرية في جلسة بإحدي الحفلات، وجري الحديث خول هوايتي للرسم التي كانت بعض الصحف قد عرضت لها ونشرت بعض لوحاتي ومن بينها اللوحة إياها. وأخذت السيدة تطنب في وصف مواهبي التي تزري بمواهب بيكاسو ورافاييل، وكانت من خلال حديثها تحاول أن تظهر لي تعلقها بجمع التحف، ولا سيما إذا كانت لوحة رائعة جرت عليها ريشتي ولا فخر. 

 

وتضيف مديحة يسري: واعترف بأن حديث السيدة بعث في نفسي الزهو، فوعدتها بأن أهديها لوحة الحمار الذي يحمل أسفارا، وحددت لها موعدا لزيارتي لكي نتناول الشاي معا ثم أعض عليها لوحاتي وأهديها اللوحة سالفة الذكر. وعندما عدت إلي المنزل راجعت نفسي فوجدت أنني تسرعت في وعدي بإهدائها اللوحة العزيزة وظللت أدعو الله أن يلهمها نسيان ميعادنا حتي أتخلص من كلمتي وتبقي بركة يا جامع.

ولكن السيدة جاءت في الموعد تماما، وجلسنا نتحدث في الصالون قليلا وأنا أبحث عن مهرب من وعدي، وفيما نحن نتحدث إذ جاءت شقيقتي وأشارت لي بيدها تريد أن تحدثني، فأعتذرت للسيدة وخرجت لأري ماذا تريد شقيقتي، فإذا بها تخبرني بأن الخادم تعثر في السجادة فمالت كوبة الكوكا كولا التي كان يحملها للضيفة وسقط بعض ما فيها فوق مائدة كنت أضع عليها لوحة أتممت رسمها لإناء مملوء بالزهور.

وتستكمل مديحة يسري، وبادرت لأري اللوحة، ويا لهول ما رأيت، رأيت الزهور وقد تناثرت عليها وحولها قطرات بنية اللون فجعلتها أشبه بخرابيش القطط في وجه الطفل. كنت في أشد الغضب لضياع مجهودي هباء بسبب قلة حذر الخادم، ولكنني تكلفت الهدوء حتي تنصرف ضيفتي. وعدت إلي الضيفة لأرحب بها وأدعوها لمشاهدة اللوحة التي أعجبتها، والتي تمنيت لو لم أكن قد وعدتها بإهدائها إليها.

وفي الطريق وقعت عينا السيدة علي لوحة الزهور، وقبل أن أتكلم وأشرح ما حدث، رأيت الإعجاب بملامح السيدة، وبادرت تقول: يا سلام.. مدهشة.. هايلة دي لوحة تجنن. وسألتها: عجبتك؟، فقالت وهي تكاد تلتهم اللوحة بعينيها: جدا.. جدا طبعا قصدك ترسمي جنينة بس بالسرياللزم. وحاولت أن أجيب، ولكنها استطردت: أرجوكي يا مدام مديحة، بلاش صورة الحمار وأديني دي، يا سلام علي النقط البني اللي في الورد دي، دي مدهشة.

وتختتم مديحة يسري، مقالها مشددة على: وبالطبع حمدت الله وأبديت لها منتهي الرضا ما دام الأمر قد وصل إلي ما كنت أشتهيه. وبعد أن تناولنا الشاي وتحدثنا عن السرياليزم الذي لا أفهم منه شيئا، حملت السيدة لوحة الزهور وخرجت ولسانها يردد كلمات الشكر والثناء، وعدت إلي لوحة الحمار الذي يحمل الأسفار وقبلتها.