رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"بحوث الصحراء" يكشف عن مشروع حقن التربة الرملية وعلاقته بطمي بحيرة ناصر

حقن التربة
حقن التربة

قام الفريق البحثى لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين، برئاسة الدكتور علي عبد العزيز الاستاذ المساعد بشعبة مصادر المياه والأراضي الصحراوية بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي منذ انطلاقه في ٢٠١٧ بدراسة وحصر وتصنيف مصادر الطين المختلفة فى مصر وتحليلها لتحديد أفضلها على الإطلاق وترتيب أولويات استخدامها لاستصلاح الأراضي الصحراوية.

مشروع حقن التربة

وقال تقرير لمركز بحوث الصحراء إنه لضمان استدامة المشروع، تم تقسيم مصادر الطين في المشروع إلى نوعين: مصادر طين رطبة، وتشمل تكريك طمى بحيرة ناصر والاستفادة منه، وكذلك نواتج تكريك وتطهير القنوات والترع والمصارف، ومصادر طين جافة، وهي منتشرة في الصحارى المصرية بكميات كبيرة جداً.

وتشكل معوقات استخدام أهم مصادر الطين الرطبة، التي تتمثل في تكريك طمى بحيرة ناصر واستخدامه في مشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين، بحيرة ناصر التي يبلغ طولها ٥٠٠ كيلومتر طولي، ويقع الجزء الأكبر منها داخل الحدود المصرية بحوالي 350 كيلومتراً، وحوالي 150 كيلومتراً طولياً داخل الحدود السودانية. كما يلاحظ أن الرواسب الطميية المستهدفة في بحيرة ناصر تبلغ حوالي ٧ مليار متر مكعب، و ٩٠٪ من هذه الكمية تقع داخل الحدود السودانية. كما أن أغلب الرواسب الطميية تقع أقصى جنوب الأراضي المصرية في آخر 150 كيلومتراً بين مصر والسودان، والأعلى منها في آخر 50 كيلومتراً. وجميع كميات الرواسب الطميية داخل الأراضي المصرية تقع أسفل منسوب تشغيل السد العالي الأدنى (منسوب 147 متر).

كما أوضحت دراسات الهيئة الهندسية أن كمية الرواسب الطميية الموجودة داخل الأراضي المصرية، والتي منسوبها أعلى من منسوب السد العالي الأدنى، لا تتجاوز 60 مليون متر مكعب. كما أن عمق بحيرة السد يبلغ 180 متر مكعب، وبالتالي يرتفع التكلفة الاقتصادية لعمليات التكريك لاستخراج الرواسب الطميية من بحيرة ناصر. حيث إن عمق التكريك فيها أضعاف عمليات التكريك في قناة السويس الجديدة، والتي يبلغ عمقها 24 متر. علمًا بأن الدراسة الاقتصادية التي قمنا بها في المشروع أثبتت أن عمليات استصلاح الأراضي الصحراوية باستخدام هذه الرواسب لا تتجاوز 400 ألف فدان فقط. 

كما أن تكاليف النقل قد تصل إلى خمسة أضعاف تكاليف الاستخراج، وبالتالي تتوقف جدواها الاقتصادية عند منطقة توشكى فقط، ولا يمكن الاستفادة من هذه الرواسب الطميية في مناطق الاستصلاح الحديثة مثل محافظة الوادي الجديد، والتي تمثل حوالي 44% من مساحة مصر، أو الأراضي المستصلحة في شبه جزيرة سيناء، والتي تمثل 6% من مساحة مصر، أو حتى أحد المشروعات التنموية مثل مشروع المليون ونصف فدان أو مشروع الدلتا الجديدة. كما قام الفريق البحثي للمشروع بأخذ حوالي 15 عينة من الرواسب الطميية لبحيرة ناصر في آخر 150 كيلومترًا من الحدود المصرية السودانية (بمعدل عينة لكل 10 كيلومترات)، وتم تحليلها وتحديد نوع المعادن الطينية السائدة فيها ونسبة كل معدن.

وأوضحت الدراسات أن الفريق البحثي توصل إلى أن معدن الطين السائد في هذه العينات هو معدن الكالونيت وهو معدن طين 1:1 ضعيف جدًا في الاحتفاظ بمياه الري والأسمدة المعدنية عند إضافته إلى الأراضي الرملية المستصلحة بهذه الطريقة، ويحتاج إلى أحقاب جيولوجية ليتحول إلى معدن طين المونتموريلونيت 1:2 وهو معدن قوي في مسك مياه الري والأسمدة الكيميائية كما حدث في تكوين أراضي الدلتا المصرية الخصبة جيدة الاحتفاظ بالأسمدة بمياه الري والعناصر الغذائية اللازمة للنبات مما ينعكس على ارتفاع إنتاجيتها.

وأشارت الدراسات إلى أن وجود التماسيح في بحيرة ناصر يمثل خطرًا كبيرًا على القائمين بعملية التكريك للرواسب الطميية لبحيرة ناصر، حيث بلغت أعدادها حسب الدراسات التي أُجريت مؤخرًا من 6000 إلى 30 ألف تمساح، ويقال إنها من أحد أهم أسباب انخفاض انتاجية بحيرة ناصر من الثروة السمكية، وقد تم تقديم العديد من المشروعات الجيدة لتنمية بحيرة ناصر، منها الصيد المحدود للتماسيح البالغة في البحيرة دون الأخلال بالتوازن البيئي وتصدير جلودها ولحومها إلى الخارج، ويعد هذا المشروع ذو جدوى اقتصادية مرتفعة مقارنة بتكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر، كما يجب التوجه نحو الاهتمام بتنمية الثروة السمكية في البحيرة، حيث بها حوالى أكثر من 50 نوع من الأسماك والتي انخفضت إنتاجيتها من الأسماك تدريجيًا لتصل حاليًا إلى 25 ألف طن سنويًا فقط بعدما كانت تبلغ إنتاجيتها عند إنشائها حوالى 50 ألف طن/سنويًا.

وذكرت الدراسات أنه يجب الاهتمام بإقامة المشروعات الأخرى مثل إنشاء السدود الركامية عند مداخل الأخوار والتي قد تقلل مسطح البحيرة بأقل تكاليف ممكنة، ومن ثم تقليل فواقد البخار وغيرها والذي يمكن معه زيادة الضغط الهيدروليكي على توربينات السد العالي بنفس حجم المياه المخزنة، وبالتالي زيادة معدلات توليد الطاقة الكهرومائية من محطة توليد السد العالي. كما سيوفر هذا الحل مساحة من الأراضي تقدر بحوالي 300 ألف فدان خلف السدود الركامية يسهل ريها بالراحة حال امتلاء بحيرة السد بالمياه. ولكن استصلاح هذه الأراضي سيكون له تأثير سلبي على مياه بحيرة ناصر نتيجة لصرف هذه الأراضي الزراعية على مياه البحيرة. كما أن وجود مجتمعات سكانية حول البحيرة يلوث مياهها، فيجب مراعاة ذلك عند إقامة مثل هذه المشروعات.