رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تغيرات خلف الكواليس.. لماذا تخشى إسرائيل استفزاز مصر خلال حرب غزة؟

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

قبل 44 عامًا وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام كامب ديفيد، وبالرغم من هذه السنوات لم يتم تطبيع العلاقات أو تطويرها والتي ظلت فاترة لعقود طويلة، كما أنها تضررت بشدة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث تغير خطاب مصر وأصبح أكثر غضبًا وحسمًا في رفض العدوان ومحاولات التهجير، في ظل محاولات إسرائيل الكبرى لتجنب استفزاز مصر خلال عدوانها على غزة أو إثارة غضبها أكثر.

خطاب مصر أكثر غضبًا وتحد كبير لإسرائيل

وبحسب صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية في نسختها الإنجليزية، فإنه خلال الأزمة الحالية أصبح خطاب مصر أكثر غضبًا وتضمن انتقادات لاذعة واتهامات مباشرة لإسرائيل ووصلت لوصف ما يحدث في غزة على أنها جرائم حرب.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي إن القصف الإسرائيلي المستمر على غزة منذ 7 أكتوبر يرقى إلى مستوى "العقاب الجماعي"، واتهم وزير الخارجية سامح شكري إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، حيث قتل أكثر من 11 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب في أكتوبر.

وتابعت أن خطاب مؤسسة الأزهر كان أكثر غضبًا، حيث يُعد الأزهر المركز الأول لتعليم الإسلام في العالم ومعقل تقليدي للتسامح والاعتدال، ولكنه ظل يشير منذ الحرب إلى إسرائيل على أنها "الكيان الصهيوني الإرهابي" أو "الكيان الإجرامي" ويتهمها بارتكاب إبادة جماعية، وهو أمر نادرا ما تم استخدامه من قبل المؤسسات الرئيسية في مصر منذ توقيع معاهدة السلام في عام 1979.

وأضافت أن مصر تحدت إسرائيل في كافة مراحل الأزمة، وخصوصًا في مسألة المساعدات الإنسانية، لتقصف إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني 4 مرات لمنع مرور المساعدات من مصر للقطاع، وهو الأمر الذي نجحت الولايات المتحدة والضغوط المصرية في إصلاحه.

عودة موقف مصر لفترات الحرب

وأوضحت الصحيفة أن الخطاب المصري بشأن العدوان الإسرائيلي عاد مرة أخرى لما كان عليه بين عامي 1948 و1973 عندما واجهت مصر إسرائيل في أربع حروب شاملة، وكانت خسارة عشرات الآلاف من الأرواح سببًا في ترسيخ إسرائيل في الوعي الجمعي لمصر كعدو، وهي الصورة التي لم تتغير كثيرًا خلال السنوات الأربع والأربعين التي مرت منذ توقيع معاهدة السلام.

وتابعت أن الشعب المصري رفض التطبيع مع إسرائيل، وظلت الفكرة على أنها العدو قائمة منذ بداية حرب غزة، التي أشعلتها عملية طوفان الأقصى في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وأضافت أن الغضب الشعبي والحكومي الكبير من إسرائيل انعكس في المظاهرات الضخمة التي خرجت في جميع أنحاء مصر للإعلان عن تأييد فلسطين وغزة.

وأشارت إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة زاد من فتور العلاقات مع مصر، وإلى جانب ما تقول إنها جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في غزة، فإن الخلاف الرئيسي بين مصر وعدوها السابق يتركز على ما تعتبره تكتيكا عسكريا إسرائيليا لدفع الفلسطينيين في القطاع إلى التحرك جنوبا بالقرب من الحدود المصرية كمقدمة لرحلتهم. رحلة إلى شبه جزيرة سيناء الشاسعة في مصر بحثًا عن الأمان.

وتابعت أن الرئيس السيسي استخدم لغة لا هوادة فيها في سلسلة من التحذيرات العلنية ضد دفع الفلسطينيين في غزة إلى سيناء، قائلًا إن ذلك سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية ويعرض الأمن القومي المصري للخطر.

وقال دبلوماسي مصري رفيع المستوى إن "العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ معاهدة السلام اتسمت بالفتور، وما نشهده اليوم يشبه إلى حد ما ما حدث عام 1982 عندما غزت إسرائيل لبنان لطرد الفدائيين الفلسطينيين المتمركزين هناك".

وتابع: "تصرفات إسرائيل في غزة وخطتها المتصورة لدفع سكان القطاع إلى سيناء بحثًا عن الأمان والمأوى كانت مصدرًا رئيسيًا للقلق في مصر، لقد أوضحت مصر للإسرائيليين أن السلام بين البلدين سيكون في خطر كبير إذا استمرت خطة إعادة التوطين".

وأضاف: "ترى إسرائيل في نهاية المطاف أن مصر خصم هائل لا تريد استفزازه أو إثارة غضبه، فآخر ما تتمناه إسرائيل أن تدخل في أي مواجهة مع مصر لأن الوضع سيكون مختلف كليًا، ولكن الحروب لا تخاض فقط في ساحات القتال وإنما في القنوات الدبلوماسية أيضًا".