رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بعد قمة الرياض.. إجماع «عربى- إسلامى» على «خارطة طريق السيسى» لإنهاء العدوان

قمة الرياض
قمة الرياض

التفاف عربى واسع على المستويات الرسمية والشعبية حول مخرجات القمة العربية الإسلامية المشتركة بشأن الوضع فى غزة، التى عُقدت فى الرياض، أمس، واتجهت جميع الأنظار نحوها، باعتبارها امتدادًا لجهود إيقاف العدوان الوحشى على الشعب الفلسطينى فى القطاع، والتى بدأت بقمة القاهرة للسلام فى أكتوبر الماضى.

وقال محللون وخبراء سياسيون، فى حديثهم مع «الدستور»، إن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى اتسمت بالقوة والوضوح والعزم والإرادة على إيقاف حرب الإبادة التى يتعرض لها أهل غزة، وتقديم المساعدات المطلوبة لنجدتهم فى محنتهم، ووضع خارطة طريق لإنهاء الصراع وحل القضية الفلسطينية من جذورها.

رفض القتل العشوائى والتهجير القسرى تحت ذريعة «الدفاع عن النفس».. ولا سبيل إلا حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة

قال رئيس «المجلس المصرى للشئون الخارجية»، السفير محمد العرابى، إن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام القمة العربية الإسلامية المشتركة، سلطت الضوء على الضرورة الملحة لإقرار السلام، وأنذرت بأن العجز الدولى على فرض السلام سيكلف العالم ثمنًا باهظًا.

وأضاف «العرابى» أن كلمة الرئيس السيسى فى القمة حملت ٦ نقاط فى غاية الأهمية، ولخصت بدقة ووضوح ما هو مطلوب لوضع حد للهجوم الوحشى الذى تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلى على المدنيين فى قطاع غزة. 

وأوضح رئيس «المجلس المصرى للشئون الخارجية» أن الرئيس السيسى أعاد التأكيد خلال القمة على إدانة مصر قتل وترويع جميع المدنيين من الجانبين والأعمال المنافية للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، ورفض تبرير الدفاع عن النفس عبر سياسات العقاب الجماعى لأهالى غزة من قتل وحصار وتهجير قسرى.

وأضاف أن الرئيس السيسى سلط الضوء على ازدواجية المعايير، وطالب بوقفة جادة من المجتمع الدولى إزاء الممارسات اللاإنسانية التى يتعرض لها أهل غزة الأبرياء، وهو ما يضع المجتمع الدولى أمام مسئوليته ومصداقيته السياسية والأخلاقية.

وشدد على أهمية ما قاله الرئيس السيسى من تذكير بما قدمته مصر والعرب من مبادرات سلام لعقود وسنوات، ومطالبته المجتمع الدولى بتحمل المسئولية والضغط الفعال لوقف نزيف الدماء الفلسطينية، ثم معالجة جذور الصراع وإعطاء الحق لأصحابه.

وواصل: «خطاب الرئيس السيسى بعث برسالة تحذير من الأجيال الجديدة، التى تولد ولا تجد حولها إلا الكراهية والعداء، لافتًا إلى أن إعطاء الحق لأصحابه هو السبيل الوحيد لكى تعيش جميع شعوب المنطقة فى أمن وسلام».

كما ثمّن النداء الذى وجهه الرئيس السيسى من قمة الرياض، لكى يتحد العالم، حكومات وشعوبًا، من أجل إنهاء الاحتلال وإنقاذ القضية الفلسطينية، بصورة تليق بالإنسانية وتتسق مع قيم العدل والحرية واحترام جميع الحقوق.

واعتبر اللواء عادل العمدة، الخبير الأمنى، أن الرئيس رسم، عبر خطابه فى القمة، خريطة مستقبل لحل الأزمة والقضية الفلسطينية، فى ظل هذا المشهد الملتهب من قتل ودمار وتشريد داخل قطاع غزة.

وأضاف «العمدة» أن كلمة الرئيس أجابت عن الكثير من التساؤلات، وأبرزت موقف مصر الرافض منذ البداية للقتل والترويع والتهجير، الذى يتعرض له الفلسطينيون فى القطاع والضفة الغربية أيضًا.

وأوضح أن الرئيس تحدث عن سياسة ازدواجية المعايير التى اتخذت من قبل المجتمع الدولى، حيال الأزمة التى يعيشها شعب فلسطين، وسلط الضوء على رفض العقاب الجماعى الذى تتخذه إسرائيل مبررًا للدفاع عن نفسها، مذكرًا بأن دولة الاحتلال ليس لها حق فى الدفاع عن نفسها، بل عليها تحمل مسئولية المدنيين المتعرضين للاحتلال.

وواصل: «الرئيس أبرز وجوب استدامة تدفق المساعدات الإغاثية وتحمل المجتمع الدولى ومجلس الأمن المسئولية، خاصة أن الإجراءات التى اتخذها المجتمع الدولى لا تتناسب مع الجرائم؛ وعليه توفير الحد الأدنى من المصداقية». 

وشدد على أن خطابات زعماء الدول العربية وكذلك الدول المحبة للسلام، عبرت عن الغضب العارم إزاء ما تفعله إسرائيل تجاه الأبرياء بقطاع غزة، علاوة على اعتبار الجميع أن استخدام القوة والعنف من قبل الاحتلال؛ يأتى فى غير محله وتجب مجابهته من المجتمع الدولى. 

وثمن دعوة المحكمة الجنائية الدولية بفتح التحقيق فى تلك الجرائم وإحالة المسئولين للمحاكمة، خاصة أن الاتهامات واضحة والتجاوزات فجة، وقد تم توثيقها أمام العالم، مذكرًا بموقف مصر الرافض تهجير سكان غزة؛ الأمر الذى يمثل جريمة مخالفة وصريحة للقانون الدولى ويثبت نية إسرائيل فى الاستيلاء على قطاع غزة.

ونبه إلى ضرورة عدم فصل أراضى الضفة الغربية عن أرض قطاع غزة، حيث إنها قضية كاملة متكاملة الأركان، مختتمًا بالتأكيد أنه لا حل إلا بحل الدولتين، كما أكد رئيس الجمهورية.

مواجهة صارمة للمخطط الأمريكى الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين

رأى الدكتور قاسم العمرو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة «البترا» الأردنية، أن مشاركة الرئيس السيسى والعاهل الأردنى فى القمة العربية الإسلامية المشتركة بشأن الوضع فى غزة تعكس مدى حرصهما على القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المحورية بالنسبة للقاهرة وعمان.

وأضاف «العمرو»: «القمة كانت ذات حضور كبير، وتمثيل دولى عربى وإفريقى وإسلامى يؤشر إلى أهمية القضية الفلسطينية، وكلمات الزعماء العرب فى مجملها كانت إيجابية ومحددة، لكن كلمتى الرئيس السيسى والعاهل الأردنى تحديدًا كانتا واضحتين، وبينتا الأوضاع على أرض الواقع فى قطاع غزة».

وواصل: «مصر والأردن منذ اللحظة الأولى كانتا بالمرصاد للمخطط الإسرائيلى بشأن تهجير الفلسطينيين، لمنع تصفية القضية الفلسطينية، والرئيس السيسى والعاهل الأردنى أرسلا عدة رسائل للعالم، مفادها أن السلام العادل والشامل ووقف القتال هو أساس استقرار المنطقة، وأن القضية الفلسطينية ليست مستحيلة الحل، بل يكون ذلك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية».

وشدد أستاذ العلوم السياسية الأردنى على ضرورة أن يستمع العالم إلى صوت العقل الذى يخرج دائمًا من القاهرة وعمان بشأن القضية الفلسطينية خاصة، والقضايا العربية بشكل عام.

وقال الدكتور نواف الخوالدة، المحاضر غير المتفرغ فى الجامعة الأردنية والمحلل السياسى، إن القمة كانت واضحة فى بيانها الختامى، بشأن ضرورة الوقف الفورى للحرب على قطاع غزة، وليس إقرار هدنة إنسانية مؤقتة.

وأضاف «الخوالدة»: «الرئيس السيسى والعاهل الأردنى كانا واضحين فى رسائلهما إلى العالم، وعلى رأسها أن ما يحدث فى غزة أصبح غير محتمل وغير إنسانى، كما أنهما، سواء على هامش القمة أو قبلها، حرصا على التواصل والتشاور من أجل التوصل إلى حلول لوقف حرب غزة».

وواصل: «مصر والأردن نبها العالم العربى إلى خطورة تهجير الفلسطينيين منذ اللحظة الأولى للحرب، ومن ثم جعل الموقف العربى موحدًا ضد هذه الفكرة الإسرائيلية الأمريكية الغربية».

ونبه إلى ضرورة أن يتبنى مجلس الأمن والأمم المتحدة قرارات القمة العربية الإسلامية المشتركة، باعتبار ذلك هو صوت العقل وطوق نجاة يمنع تدهور المنطقة والعالم، خاصة أن الوضع فى غزة كارثى، وبات من الضرورى العمل على إنهاء هذه الحرب الإجرامية.

الضغط لفتح ممرات لإدخال الغذاء والوقود والمواد الصلبة.. ومؤتمر لإعادة إعمار القطاع 

شدد الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، على أن الفلسطينيين يعولون دائمًا على الأمتين العربية والإسلامية فى تشكيل موقف ضاغط على الاحتلال لوقف حربه وجرائمه التى ما زالت ترتكب بحق الشعب الفلسطينى، خاصة أن العرب يمتلكون أوراق ضغط قادرة على التأثير على المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

وأضاف «عمر»: «الفلسطينيون يحتاجون إلى وقفة جادة من كل العرب لنصرة الحق الفلسطينى ولجم هذا المحتل الذى يضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية»، مشددًا على أن «نتائج القمة ستلعب دورًا بارزًا فى إفشال مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية».

وواصل: «القمة تأتى استكمالًا لقمة القاهرة للسلام التى عقدتها الشقيقة مصر، وتشكل حائط صد منيعًا أمام تنفيذ المخطط الصهيونى، كونه يعمل على تصفية القضية الفلسطينية ويمثل طعنة فى خاصرة الأمن القومى المصرى، إذا ما تمكنت إسرائيل من احتلال قطاع غزة والوصول إلى الحدود مع رفح».

وأشار إلى أن القمة أكدت عدة نقاط مهمة، من بينها حل الدولتين؛ كونه الخيار الأمثل لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى، إلى جانب المطالبة بوقف الحرب والإفراج عن الأسرى من كلا الطرفين، فى ظل أن مصر وقطر ودولًا أخرى تسهم فى الوساطة لإنهاء هذا الملف.

وقال المحلل السياسى الفلسطينى إن القمة شددت على توفير الدعم المادى والإغاثى، إلى جانب الضغط على إسرائيل لفتح ممرات إنسانية لدخول المواد الإغاثية والوقود، فى ظل قرب تعطل القطاع الطبى عن تقديم الخدمة.

وشدد عاكف المصرى، المفوض العام للعشائر الفلسطينية، على أهمية استخدام أوراق الضغط العربية والإسلامية فى مواجهة إسرائيل، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين يرفضون التهجير من غزة أو الضفة الغربية.

وأضاف «المصرى»: «القمة العربية الإسلامية فى العاصمة الرياض ركزت على وقف العدوان وحرب الإبادة أولًا وثانيًا وثالثًا، لأن وقفه يؤدى إلى وقف المجازر وتدفق المساعدات الإنسانية، وإلى أن يتحقق هذا الهدف يمكن البدء بمرحلة أولى، ومن ثم المرحلة الثانية».

ودعا إلى ضرورة فتح معبر رفح وإدخال مئات الشاحنات، التى تحمل الطعام والماء والدواء والوقود ومختلف الاحتياجات يوميًا، وعدم ترك هذا الأمر بيد الاحتلال، علاوة على وقف إطلاق النار بشكل فورى، وانسحاب قوات الاحتلال، والتفاوض على عقد صفقة تبادل أسرى، يتم فيها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل تحرير الأسرى الفلسطينيين، و«تبييض» السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين.

وذكر أن القمة ركزت على عدة ملفات مهمة، منها التمسك بمبادرة السلام العربية، ودعم تشكيل حكومة إنقاذ وطنى بالتوافق بين مختلف الأطراف والفصائل الفلسطينية، لافتًا إلى ضرورة تمكين السلطة الواحدة والموحدة من حكم قطاع غزة، ورفض كل السيناريوهات المعادية التى يجرى تداولها، وتتضمن تجاوز الشعب الفلسطينى ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد.

كما دعا «المصرى» إلى ضرورة تنظيم مؤتمر عربى عالمى لإعادة إعمار قطاع غزة، ليكون استكمالًا لنتائج القمة العربية الإسلامية.

اهتمام واسع بتصريح الرئيس: «ما يحدث فى غزة ممارسات من العصور الوسطى»

أبرزت صحيفتان كويتيتان، أمس، تحذير الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال القمة العربية الإسلامية فى الرياض، من توسع نطاق الحرب فى غزة، وأنه مهما كانت محاولات ضبط النفس فإن طول أمد الاعتداءات وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها.

وذكرت صحيفة «الراى» الكويتية، تحت عنوان: «السيسى يندد بممارسات من العصور الوسطى»، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى ندد بمعاناة سكان قطاع غزة من «ممارسات لاإنسانية تعود بنا إلى العصور الوسطى»، وحذر أمام القمة العربية الإسلامية فى الرياض، أمس، من توسع نطاق الحرب، قائلًا: «مهما كانت محاولات ضبط النفس فإن طول أمد الاعتداءات وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها».

وأضافت الصحيفة أن الرئيس السيسى دعا إلى الوقف الفورى لإطلاق النار بلا قيد أو شرط، ومنع تهجير الفلسطينيين إلى خارج أرضهم، مشددًا على أنه لا يمكن تبرير الحرب فى غزة بأنها «دفاع عن النفس»، وأن «سياسات العقاب الجماعى لأهل غزة من قتل وحصار وتهجير غير مقبولة ويجب وقفها فورًا».

وسلطت صحيفة «الأنباء» الضوء على تحذير الرئيس السيسى من التخاذل عن وقف الحرب فى غزة، وإمكانية أن ينذر ذلك باتساع رقعة الصراع، وإشارته إلى أن «سياسات العقاب الجماعى من قتل وحصار وتهجير قسرى غير مقبولة، ولا يمكن تبريرها، وينبغى وقفها فورًا»، فضلًا عن مطالبته بإجراء تحقيق دولى بالانتهاكات الإسرائيلية فى قطاع غزة.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس السيسى دعا مجلس الأمن إلى تحمل مسئولية مباشرة لتحقيق ٦ نقاط هى: وقف إطلاق النار بلا قيد أو شرط، ووقف كل الممارسات التى تستهدف التهجير القسرى للفلسطينيين، وأن يضمن المجتمع الدولى حماية المدنيين الأبرياء، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وتحميل إسرائيل مسئوليتها كقوة احتلال، والتوصل إلى صيغة لتسوية الصراع بناءً على حل الدولتين، وإجراء تحقيق دولى فى كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولى.