رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«إلى طه حسين المُبصر دائمًا».. صبحى موسى يستحضر «مستقبل الثقافة»

طه حسين
طه حسين

فى كتاب حمل عنوان «تحولات الثقافة فى مصر» يستهل الكاتب والروائى المصرى صبحى موسى عمله بإهداء وجّهه إلى عميد الأدب العربى طه حسين قائلًا: «إلى طه حسين المُبصر دائمًا»، وهو إهداء لا يحمل فقط تقديرًا للمفكر والأديب المصرى الذى مرّ ٥٠ عامًا على رحيله، وإنما يهدف إلى مد خيوط الوصل ما بين مشروع طه حسين فى تحليل «مستقبل الثقافة فى مصر» وسعى المؤلف إلى استكمال ما بدأه العميد عن القضية. 

فى الكتاب الصادر حديثًا عن دارىْ «النسيم» و«بيت الحكمة»، يرصد موسى التحولات التى شهدتها الثقافة المصرية فى العصر الحديث، بدءًا من العهد الملكى وحتى الوقت الراهن، وهى فكرة تبلورت فى ذهنه بالأساس عقب قراءة كتاب طه حسين الشهير «مستقبل الثقافة فى مصر». 

يقول موسى، فى حديثه مع «الدستور»: منذ أن قرأت هذا الكتاب بقيت مشغولًا بالتفكير فيما تحقق مما قاله طه حسين وبما تغير منذ ذلك الحين، ووصلت إلى أن طه حسين كان «مُبصرًا» بواقعنا الراهن، فحتى الآن لم نتجاوز طه حسين فى كل ما طرحه من أفكار، ومجمل الأفكار الأساسية فى كتابه ما زلنا ندور فى فلكها، إذ ما زال شاغلنا قضية الصراع ما بين الفكر الدينى القديم والفكر التنويرى، وقضية الانتماء إلى المحيط الأوروبى أو المحيط الشرقى، وغيرهما مما طرحه العميد بكتابه. 

يوضح «موسى» أن إهداء كتابه إلى طه حسين جاء ليس فقط تقديرًا منه لقيمته واعترافًا بفضله عليه فيما أثاره لديه من تساؤلات، ولكن أيضًا لأنه يعتبر كتاب «تحولات الثقافة فى مصر» استكمالًا لما كتبه طه حسين بكتابه المنشور عام ١٩٣٨، ففيه محاولة للإجابة عن الأسئلة التى سبق وطرحها العميد، انطلاقًا من المتغيرات التى عاصرناها. 

يشير «موسى» إلى أن ثمة تشابهًا بين سياقى الكتابين؛ فبينما نشر طه حسين كتابه، الذى كان بالأساس تقريرًا عن التعليم فى أوروبا، عقب تغيرات فرضتها ثورة ١٩١٩ رغبة منه فى أن ينقل الاهتمام بقضية الثقافة إلى مختلف الأفراد، فإننا نعيش اليوم أعوامًا قد تكون متقاربة عقب ثورة يناير ٢٠١١، وهى لحظة تحتاج إلى تطوير حقيقى للعقل الثقافى بعيدًا عن الأنشطة الكرنفالية والاجتهادات التى لا تؤسس لتطور ثقافى حقيقى. 

من هذا المنظور، ينطلق «موسى» من اعتبار الثقافة الكل المتراكب الجامع، ما يعنى الحاجة إلى خطط ثقافية يتضافر لتحقيقها أطراف عدة، منها مجموعة ثقافية تضم وزارات الثقافة والتعليم والإعلام والأوقاف، بالإضافة إلى الجامعات والأزهر والكنيسة، تعمل على بناء العقل بشكل متناغم وقوى بمعزل عن الثقافة الدينية المغلوطة، فضلًا عن العمل على تغيير قوانين المؤسسات، بحيث يُخصص جزء ضئيل من أرباح كل مؤسسة لتعزيز الاهتمام بالثقافة، مع وجود مجلس أعلى للثقافة يشرف على خطط بناء العقل المصرى.