رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر عطاء لا ينقطع لفلسطين


كانت مصر وستظل المدافع الأول عن فلسطين وقضيتها المحورية، والداعم الأكبر لحقوق أبناء الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود يونيو1967.
بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكم في 2014، ظلت القضية الفلسطينية قضية محورية في فكر الرئيس.
كانت جهود وزارة الخارجية، وجهاز المخابرات المصرية لوقف إطلاق النار، هي النشاط الرئيسي لها، في معظم الاشتباكات والأزمات التي كانت تحدث بين إسرائيل وغزة، لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها.
ولا يمكن الإنكار أن لمصر دورا بارزا في دعم وتأييد الشعب الفلسطيني، وفى وضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها، حيث واصلت دفاعها ومساندتها القضية الفلسطينية، ليس هذا فحسب، ففضلًا عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني، ظلت مصر تؤكد في كل المحافل الدولية أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وإعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى مدار العقود الماضية، قدمت مصر حوالي 100 ألف شهيد و200 ألف جريح خلال حروبها مع إسرائيل من أجل القضية الفلسطينية.
أما ارتباط مصر بقضية فلسطين فهو ارتباط دائم ثابت تفرضه مقتضيات وضوابط الأمن القومي المصري، وروابط الجغرافيا، والتاريخ، والدم، والقومية، مع شعب فلسطين، لذلك لم يخضع هذا الموقف المصري من قضية فلسطين في أي مرحلة لحسابات مصالح محلية أو لأي اعتبارات أخرى.
على مدار 75 عامًا، هي عمر القضية الفلسطينية، لعبت مصر دورًا كبيرًا على مدى تاريخ تلك القضية، فقد كان لها دور فاعل في المساهمة في إنهاء الأزمات بالمنطقة العربية وإعادة الاستقرار لها، مُرتكزة على ما لديها من قوة ومكانة.
ففي مواجهة قضية هجرة اليهود للأراضي الفلسطينية، قبل إعلان الدولة الإسرائيلية، اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو 7 دول عربية في أنشاص يوم 28 مايو 1946 للتباحث في قضية فلسطين وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية، والذي ينص على وجوب الدفاع عن الدول العربية في حال وقوع اعتداء عليها، وقرر المجتمعون التمسك بالاستقلال لفلسطين. 
وعندما تم الإعلان عن الكيان الإسرائيلي، أعلن الملك فاروق عن مشاركة الجيش المصري في حرب 1948، حيث أدرك أن الرأي العام المصري والعربي لدية رغبة في الإسهام في عملية إنقاذ فلسطين.
في سبعينيات القرن الماضي، وفي يونيو عام  1970واصلت القاهرة جهودها بقبولها مضطرة مبادرة وليام روجرز، وزير الخارجية الأمريكي آنذاك. والتي تضمنت ضرورة إحلال السلام في المنطقة، وإجراء مفاوضات تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق نهائي، وكيفية تنفيذ القرار 242، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
كما كانت نظرة الرئيس أنور السادات وجهة نظر حكيمة، في تقدير العلاقات العربية مع إسرائيل، حيث خاضت مصر حرب أكتوبر 1973 بقيادته، والتي توجت بالنصر فرفع شعار، لتحرير الأرض المغتصبة. 
كما لا يمكن أن نتجاهل مطالبات السادات بحقوق الشعب الفلسطيني خلال خطابة الشهير في الكنيست الإسرائيلي مطالبًا بالعودة إلى حدود ما قبل 1967، خلال مؤتمر القمة العربي السابع الذي عقد  29نوفمبر 1973 في الجزائر، حيث أقر المؤتمر شرطين للسلام مع إسرائيل، هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس؟
وبناءً على طلب تقدمت مصر وقتها أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (3375) بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط.
وفي سبتمبر 1972عززت مصر جهودها في هذا الصدد، باقتراح من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بإقامة حكومة فلسطينية مؤقتة، ردًا على ادعاءات رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك. باختفاء الشعب الفلسطيني. بعد تهجيره في معظم الدول المجاورة.
وكانت آخر جهود السادات هو ما بادر به بدعوة الفلسطينيين والإسرائيليين للاعتراف المتبادل.
وخلال فترة حكم الرئيس مبارك. تطورت مواقف وأدوار مصر لتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية، وكانت البداية مع سحب السفير المصري من إسرائيل بعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا 1982، وفي عام 1989 طرح مبارك خطته للسلام، حيث تضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية طبقًا لقرار مجلس الأمن، ومبدأ الأرض مقابل السلام، مع وقف الاستيطان الإسرائيلي، وفي سبتمبر عام 1993 شارك الرئيس الأسبق مبارك في توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي، وفي 2003 أيدت مصر وثيقة "جنيف" بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة.
وفي عام 2010 عندما تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة رفضت القيادة المصرية فتح معبر رفح، مؤكدة أنه لن يسمح بتحقيق المصالحة على حساب البلاد، واستمر عطاء مصر حتى مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وعد الشعب الفلسطيني بالوقوف بجانبه، بعدما تعرضت غزة مؤخرًا لحرب
ومما لا شك فيه أن محرك مصر المنفرد حيال القضية الفلسطينية، قد استهدف على الدوام تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني اقتصاديًا، كما استهدف أيضًا تحقيق الوحدة الفلسطينية والتوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاسترداد التهدئة الأمنية في أعقاب نشوب المعارك بين الطرفين منذ عام 2009.
أما تحركات مصر الإقليمية والدولية حيال القضية الفلسطينية، فهي طبقًا لمعيار ثابت وراسخ، يقوم على حل الصراع العربي الإسرائيلي وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، التي تقوم على حل الدولتين، وتقرير السيادة الكاملة لهذه الدولة المنتظرة على أراضيها، ما لم يتفق الفلسطينيون أنفسهم على حلول تقوم على مبادلة للأراضي بينهم وبين إسرائيل، لضمان أن تكون الدولة الفلسطينية المنتظرة قابلة للتعايش المشترك.