رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسام الضمرانى يكتب: تغيير فكرة الإسكان فى مصر.. يبدأ من "الاستديو"

الكاتب الصحفي حسام
الكاتب الصحفي حسام الضمراني

تقدم شاب لخطبة زميلته بعد تخرجهم من الجامعة؛ ولم يكن يمتلك سوى "ستوديو".. والاستوديو عزيزى القارئ  عبارة عن  - شقة من غرفتين وصالة علي الأكثر؛ وهي فكرة تنتشر بين ربوع الشباب على نحو خاص والسكان على نحو عام في جميع أرجاء أوروبا لكنها تعثرت كثيرًا في مصر في العقود الماضية لأسباب مختلفة من أهمها نسبة التعداد السكاني بمصر التي كانت أقل بكثير من الآن.. لكنها وفي رأيي فكرة تعد بمثابة المفتاح السحري لحل أزمة الإسكان في وطننا العزيز الآن.. ولكن.. دعنا من فكرة الاستوديو الآن سنعود إليها بعد قليل.. ولكن يؤسفني أن أخبرك عزيزي القارئ أن تعرف أن صاحبنا الشاب الذي تقدم لخطبة زميلته تم رفضه من أسرتها إلا لو حقق لهم ما طلبوه منه بأن يوفر شقة من ثلاث غرف وصالة وريسيبشن كبير.. بمنافعهم!

أعلم عزيزي القارئ أنك حزنت لما علمته مما حدث لصاحبنا صاحب الاستوديو.. لكن لا تحزن تعال سأصحبك في جولة قصيرة لنتعرف سويًا عما حدث في ملف الإسكان في مصرنا العزيزة في الماضي...

ولكن دعني أقل لك قبل الانطلاق في جولتنا هذه إننا الآن تعدادنا السكاني الآن أصبح 109 ملايين و300 ألف مصري؛ هذا بخلاف ضيوف مصر الأعزاء من الفلسطينيين والسوريين والسودانيين واليمنيين وغيرهم، وأن حوالي 60% من تعدادنا السكاني؛ أي ما يقرب من 60 مليون مواطن من الشباب.. وأنت تعلم عزيزي القارئ أن الشباب يحتاج لأن يّكون أسرة مستقرة تنعم بسكن ووظيفة؛ وأيضًا ومن باب العلم بالشيء أن لدينا حوالي 12 مليون شقة مغلقة بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2018؛  يمتلكها عدد من المصريين لأغراض عدة؛ من بينها أنها شقق خارج نطاق الخدمة لا يتم فتحها إلا عند بلوغ أبنائهم سن الزواج او لحين آشعار آخر.

وأنه في حال إذا تم الاستفادة منها ستضاف 12 مليون شقة إلي ما توفره وزارة الإسكان في مصر وإلي الوحداث السكنية التي توفرها الدولة المصرية في مشروعاتها السكنية؛ والتي تشرف علي جزء كبير منها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وتبذل كل غال ونفيس في سبيل حل أزمة الإسكان في مصرنا الحبيبة؛ ودعني هنا أشير إلي أنها مشروعات انطلقت من فكرة "مثلث الرعب" وهو مثلث أضلاعه تقوم علي "الإدارة المنًجزة التي تقوم علي الحوكمة + التكلفة الأقل+ الإنجاز وفي وقت أسرع"، وهي فكرة أو قاعدة انطلق منها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بداية توليه إدارة شؤون البلاد، وقام بتطبيقها في كافة مؤسسات الدولة بهدف العبور إلي التنمية وحققت نقلة نوعية في كافة مناحى الحياة في الدولة المصرية منذ عام 2014 وإلي الآن.. ومازالت مستمرة.

إذا.. هل أنت جاهز لنبدأ في جولتنا هذه ؟.. فلننطلق

بالنظر إلي سن الزواج في مصر مؤخرًا؛ سنجد أنه أصبح من سن 30 إلي 40 سنة، وأحيانًا من سن 35 سنة، وهو ما يختلف بالطبع عن سن زواج المصريين في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي عندما كان بين سن 20 الى 30 علي أقصي تقدير، كما يختلف أيضًا عن سن الزواج في مجتمعنا المصري قبل ذلك بعقود وعندما كان بين سن 16 و17 سنة وفي ظل ظروف كانت مختلفة عما نحن فيه الآن وسياق مغاير.

في الوقت نفسه؛ دعني هنا في هذه المساحة أن أنقل لك عزيزي القارئ أمنية غّلفت حديث اللواء أركان حرب أحمد العزازي، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أثناء مشاركته في مناقشة إحدي رسائل الماجستير بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وهي أمنية تكشف عن رؤية مستقبلية تسير نحو تحقيقها الدولة المصرية وجني ثمارها جموع المصريين في المستقبل القريب والمتوسط والبعيد ضمن خطة مصر للتنمية المستدامة 2030 و2050؛ حيث قال: "أتمنى تغيير فكرة الإسكان لدي أوساط الشباب المصري، بل والأسر المصرية ككل فماذا يمنع أن يبدأ الشاب حياته وزوجته في بداية حياتهم بالسكن في "ستديو" ومع الوقت وتوسع نشاطهما في الحياة من نجاحات أن ينتقلا إلى شقة أكبر ومنها لفيلا أو حتي قصر، ولماذا نلزم الشاب المتخرج حديثًا عند التقدم لخطبة بنت من بناتنا أن يكون لديه شقة 3 مطارح وأكثر".. وهنا نتساءل مرة ثانية هل من المطلوب من أي شاب مقبل علي الزواج أن يقوم بالاقتراض من البنوك لتلبية متطلبات الزواج؟.. الإجابة ليس مطلوبًا في حقيقة الأمر أن يفعل ذلك خاصة حتي نساهم في حل أزمة السكن في مصر والتي تتفاقم مع زيادة عدد السكان.

إذا ما المطلوب؟

ان نبدأ ومن الآن في وسائل إعلامنا علي إعداد خطة إعلامية استراتيجية ومستدامة لنشر ثقافة تغيير فكرة الإسكان في مجتمعنا المصري، وتحديدًا تغييرها بين أوساط الشباب؛ لأنهم يمثلون الكتلة الأكبر في هذا المجتمع، وذلك من خلال تضافر الجهود مع وزارات التنشئة الاجتماعية مثل الثقافة والشباب والرياضة والتربية والتعليم، وغيرها، خاصة في ظل ما طرأ علي مجتمعنا من تغيرات اقتصادية وثقافية ومجتمعية ليست بعيدة عما يجري في كل أنحاء العالم، وما يشهده العالم من أوضاع اقتصادية صعبة تلقى بتبعاتها على الاقتصاد المصري والعربي وغيره من الاقتصاديات.

ويجب أثناء بلورة هذه الاستراتيجية الاعتماد بشكل وثيق علي ما يصدر عن وزارة الإسكان في مصر، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من إحصاءات محُدثة؛ تتعلق بملف الإسكان وتحدياته ومتطلباته، وأن تًصاغ وفقًا لآليات لا تغفل متطلبات طالب خدمة السكن، وأن تكون الخدمة المُقدمة متضمنة لمتطلبات متلقي الخدمة أيضًا، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر فكرة الترويج لأن يسكن الشباب في "الشقة الإيجار" التي تقترب من فكرة التمليك وليكن لخمس سنوات في بداية حياته الزوجية من خلال ضمانات توفرها لهم البنوك الوسيطة بين وزارة الإسكان والمستأجر؛ حتي تتغير حياة مستأجر الشقة بعد السنوات الخمس لينتقل بعد ذلك لمكان يتناسب ودخله المادي وتوسعاته في عمله مع الوقت.