رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر.. ورسائلها الإنسانية للمواطن الفلسطينى

لقد كانت مصر وما زالت وستظل تتقدم الصفوف في تقديم الجهود والمساندات والمواقف السياسية والدبلوماسية والإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني، وقضية القضايا من أجل تسوية الخلافات وإرساء تحقيق الاستقرار والسلام. 
ولا شك أن وصول السيدتين المحتجزتين بقطاع غزة، بعد الإفراج عنهما إلى معبر رفح البرى، أثبت جدارة مصر كمحطة أمان للعديد من الرعايا الأجانب المحتجزين، في إطار الدفع نحو نزع فتيل الأزمة.
ومعلوم، أن مصر تعتمد في جهودها في مسار مساندة القضية الفلسطينية بعقيدة واضحة، تؤكد أن الصراع المسلح لن يحقق أهداف أو رؤية أي من الطرفين، سواء الاحتلال الإسرائيلي أو الفصائل الفلسطينية في غزة.
وعليه، تسعى مصر جاهدة على مدار أزمنة النزال الدموي والمعارك الصعبة بين الطرفين للدفع في اتجاه تحقيق التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية، فالوقوف بجانب شعب فلسطين مبدأ مصر لم تحد عنه منذ عام 1948، كما تمثل حقوق الفلسطينيين أولوية قصوى لمصر وشعبها، فقد عملت على تبني موقف عربي وإقليمي موحد بشأن رفض التهجير القصري وتحويل الشعب الفلسطيني لجماعات من اللاجئين، ووقف العدوان الإسرائيلي على المدنيين وانتهاكها القانون الإنساني الدولي.
ومنذ اندلاع الأزمة في 7 أكتوبر الماضي حتى اليوم واصلت مصر جهودها الدبلوماسية والإنسانية لتهدئة أجواء الصراع، وفتح معبر رفح البري وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في قطاع غزة، ومعلوم أن الدور المصري في مسار «تهدئة الأوضاع» سيظل متوقفًا على مدى الإرادة الحقيقية لدى طرفي النزاع، وهو ما ظلت مصر تبذله من جهود وما تواجهه من تحديات من أجل مناصرة الشعب الفلسطيني الشقيق.
تتوالى المشاهد الإنسانية والوطنية والعروبية الإنسانية الرائعة منذ الساعات الأولى لقصف غزة مع عبور المساعدات من الجانب المصري إلى قطاع غزة، أو انتظار وصول الجرحى والمصابين ومن ثمّ نقلهم بسيارات الإسعاف إلى المستشفيات، تؤكد دور مصر الكبير في مساندة الأشقاء الفلسطينيين، جراء القصف الإسرائيلي المستمر على عدد من المناطق في قطاع غزة، وأنها لم تغلق المعبر أبدًا.
ولا شك أن مصر لم تدخر جهدًا على مدى الساعة، ولم تغلق المعبر ولكن القصف الإسرائيلي من الطرف الآخر والتعنت الإسرائيلي هو السبب في بطء إيقاع تواصل الشعبين عبر المعبر، فمصر على مر السنوات هي مع الفلسطينيين، وجاحد بشع من يتهم مصر بالتقصير وبالقطع يعاني قصر النظر، ولا يرى الدور المصري الذي تلعبه مصر، لأنها دولة ولها تاريخ حافل عسكري وسياسي واستراتيجي في المنطقة..
ويترقب العالم الآن، عملية اجتياح برى هددت إسرائيل بتنفيذه، بعد أن قطعت عن غزة أدنى سبل الحياة، الكهرباء والمياه وقامت بتهجير قسرى لهم نحو الجنوب، ليس ذلك فحسب، بل استهدفت قوافل النازحين الفارين من الموت على الطرقات، فلم تترك لهم خيارًا للنجاة بأرواحهم، ووصل عدد الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية إلى 2500، وارتفع عدد الجرحى إلى نحو 10150، منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 من أكتوبر الجارى، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
أيضا، قدمت مصر دعمًا إنسانيًا، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي، بتقديم المساعدات الفورية والإغاثة الإنسانية لدولة فلسطين الشقيقة، وانطلقت قوافل التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى وحياة كريمة نحو القطاع، وتضم قرابة 106 قاطرات محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية تتضمن ألف طن من المواد الغذائية واللحوم و40 ألف بطانية بجانب ما يزيد علي 50 ألف قطعة ملابس وأكثر من 300 ألف علبة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وذلك لدعم الأشقاء فى فلسطين جراء أعمال العنف التى شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بالإضافة لإعداد مستشفى ميداني جاهز للتعامل السريع مع حالات المصابين.
نذكر أنه خلال العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة مايو 2021، وجه السيسى بالتنسيق مع الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة للوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها، وفتح المستشفيات المصرية لاستقبال الجرحى والمصابين من قطاع غزة، كما أرسلت وزارة الصحة المصرية طن مساعدات طبية إلى غزة قيمتها 14 مليون جنيه (890 ألف دولار)، وقامت بتجهيز 11 مستشفى بينها 6 في القاهرة تضم 900 سرير، ويعمل فيها 3600 من أفراد الطواقم الطبية لاستقبال الجرحى الفلسطينيين، وعبرت 26 شاحنة تحمل مساعدات غذائية من رفح المصرية إلى قطاع غزة، وأرسلت 50 سيارة إسعاف إلى المعبر لاستقبال الجرحى الفلسطينيين، كما قدمت مصر 500 مليون دولار كمبادرة تخصص لإعادة إعمار غزة.
لقد كانت مصر دائمًا اللاعب الأساسي في منطقة الشرق الأوسط، وصاحبة المواقف الرشيدة، لما تتمتع به من ثقل سياسي وحضور في قضايا المنطقة، بجانب امتلاكها علاقات مع كل الأطراف، وعلى مدار تاريخ القضية الفلسطينية شاهدنا الحضور المصري البارز والقوي، فمصر تعد شريكًا للشعب الفلسطيني في قضيته، ونحرص على تأكيده دومًا، فهي شريك لا مجرد وسيط.
والدور المصري البارز في القضية الفلسطينية نابع من ثقة الشعب الفلسطيني بمصر، وذلك على مستوى كل الفصائل، وكذلك القيادة الفلسطينية تثق بالقيادة المصرية، حيث تستطيع مصر أن تتحدث وتنقل الرسالة وتضع الأمور في نصابها الحقيقي، وتعرضها بشكل واضح على طاولة المفاوضات، ورأينا على مدار الأيام الماضية بل الفترات السابقة، التحرك المصري لوقف العدوان على غزة أو الضفة أو الأقصى، والتنديد بالقصف والهجمات، في إطار محاولات عديدة من مصر لإنقاذ الشعب الفلسطيني، والوساطات المصرية كل مرة هي التي تنجح في إنقاذ شعبنا.
وتواصل الإدارة المصرية بكل أجهزتها جهودها من أجل إنهاء التصعيد العسكري الحالي وتوفير الحماية الدولية للمدنيين من أبناء الشعب الشقيق، وعبر التاريخ لم تتوان مصرعن بذل جهودها الإنسانية، وها نحن نتابع عبر موقعة وكارثة ضرب غزة خلال الفترة الأخيرة جهود مصر للتهدئة وحث الأطراف على إعلاء صوت العقل لوقف نزيف الدماء الفلسطينية، والسعي لإرساء السلام العادل بالدعوة لحل الدولتين، وفقًا لمرجعيات الشرعية الدولية.
ودائمًا نرى المواقف المصرية الداعمة للشأن الفلسطيني متمثلة في تمسك القيادة السياسية ببذل جهود الوساطة المصرية استجابة للمسئولية الإنسانية والدبلوماسية التي تحملها مصر تجاه الأوضاع الإنسانية في القطاع، كما أنها تعكس ما تلعبه مصر من دور حاسم ومحوري في التسوية السلمية للأزمات؛ تمهيدًا للوصول لطريق التفاوض.