رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من هم اليهود وأين يقعون في العائلة البشرية؟.. هذا الكتاب يجيب

جمال حمدان
جمال حمدان

من هم اليهود؟ وأين يقعون في العائلة البشرية؟، ما العلاقة بين يهود التوراة ويهود اليوم؟ وإلى أي مدى ينتسب يهود القرن العشرين بعد الميلاد إلى بني إسرائيل القرن العشرين قبل الميلاد؟ وغيرها من الموضوعات التي يبحثها كتاب “اليهود انثروبولوجيا”، للمفكر الراحل جمال حمدان.

علاقة يهود اليوم بيهود التوراة

 

يستعرض “حمدان” في كتابه، السمات الجسمانية المميزة للجنس اليهودي، وكيف يغلب عليها قصر القامة، والسمرة، والتي لا تعني سمرة البشرة، بل يقصد بها سمرة الشعر والعينين. ويلفت إلي أن الأنف الضخم الذي يتميز به اليهودي هو سمة اجتماعية اكتسبها من “الجيتو” أو العزلة التي اختار اليهود العيش فيها بديلا عن الاختلاط بمن حولهم في المدن أو الأماكن التي يقطنونها.

 

وفي طرحه لمسألة من هم اليهود؟ وما علاقة يهود اليوم بيهود التوراة يشير “حمدان” إلي: إذا بدأنا عرضنا التاريخي من البداية، نجد أن يهود فلسطين التوراة تخلطوا في عقر دارهم مع جيرانهم من الفلسطينيين (كما تدل قصة شمشمون اليهودي ودليلة الفلسطينية) مع جيرانهم من العموريين والحيثيين. 

وبوجه عام نجد منذ بداية التاريخ أن الرفض للزواج المختلط بين اليهود والجنتيل لم يكن أبدا جنسيا بل دينيا، بحيث يتنهي إذا تحول الجنتيل إلي اليهودية، والواقع أنه في أيام اليهودية الأولي لم يكن الزواج من غير المؤمنين ممنوعا أبدا.

 

ويشدد “حمدان” علي: الثابت أن التحول والاختلاط كانا من المظاهر المتفشية قبل العصر المسيحي مباشرة وفي قرونه الأولي. فحين تشتت اليهود في العالم المتوسطي وجدوا أنفسهم إزاء اختيارين: إما أن يرتدوا وثنيين كجيرانهم الجدد، وإما أن يحتفظوا بديانتهم. وهنا أصبح الكثيرون، ربما الأغلبية وثنيين، وفي حالة التحول كان اليهود يفقدون كيانهم الجنسي جنبا إلي جنب مع كيانهم الديني، ويصبحون جزءا لا يتميز عن الأمة التي أقاموا بينها. أما إذا ظلوا علي يهوديتيهم، فأنها إذن العزلة الاجتماعية، ومن ثم فلا تزاوج إلا إذا تحول الوثنيون إلي اليهودية، وهذا بالدقة ما حدث مررا وتكرار لأن اليهود قاموا بكثير من التبشير بنجاح عظيم عبر قرون طويلة، وهذا ما يفسر جزئيا تنوعهم وتباينهم الجنسي.

 

أما في أوروبا فالأدلة التاريخية تشير بكل قوة إلي أن أجداد الأشكناز اختلطوا مع أبناء غرب أوروبا إلي ما قبل الحروب الصليبية الأولي، اختلاطا أقوي من اختلاط أجدادهم مع أبناء البلاد السلافية في شرق أوروبا. فغزارة شعر اللحية والجسم وتموج شعر الرأس، إلي جانب عرض الرأس، تدل علي تأثير جنسي فرنسي أو ألماني أكثر منها مؤثرات سلافية. 

 

أصول اليهود الحديثة

 

ويمضي جمال حمدن في حديثه عن من هم اليهود؟ وما هي أصولهم في العصر الحديث، لافتا إلي: أما في عصرنا الحديث فتتوافر الأدلة والأحداث الثابتة التي تؤكد التزاوج والتحول علي حد سواء. فمع الهجرة إلي العالم الجديد تحول الكثير من الهنود الحمر والزنوج في أمريكا الوسطي والجنوبية إلي اليهودية، ولا علاقة لهم حنسيا ودمويا باليهود أصلا. ومع اختفاء التعصب الديني في أوروبا الصناعية، وأكثر منه مع العلمانية المطردة، انهارت الحواجز أمام التحول والزواج وتوسعت العلاقات غير الشرعية. وإذا كانت التحولات الجماعية بالجملة قد قلت، فقد زادت بصورة لافتة للنظر التحولات الفردية في العصور الحديثة، وفي روسيا القيصرية كان حصول اليهود علي المساواة المدنية رهنا بتحولهم إلي المسيحية.

 

ويشدد حمدان في مسألة من هم اليهود؟ علي: ومن الأدلة القاطعة بل والمثيرة علي مدي اختلاط اليهود في العصور الحديثة والوسيطة في أوروبا ما كشفت عنه تجربة النازي في ألمانيا. فقد كان علي المرء الذي يبغي اثبات الدم الآري فيه أن يقدم نسبا يخلو لعدة أجيال من العناصر غير الآرية، ويعني هنا بالتحديد اليهودية، ولكن المفاجأة أن التجربة كشفت أن عددا ضخما من الحالات من المواطنين الألمانيين إلي أقصي حد، ثبت أن أجدادهم وأجداد أجدادهم تجري في عروقهم الدماء اليهودية.

 

ويوضح “حمدان”: أن ظاهرة ذوبان وانصهار اليهود واندماجهم أو امتصاصهم في شعوب العالم المعاصر الحديثة، وموقف الصهيونية السياسية منها. فالصهيونية إذ تحاول عبثا أن تجعل من اليهودية العالمية شعبا وقومية وأمة بل وجنسا مستقلا، وليس مجرد طائفة دينية تقطع عبره وتجمع بين عشرات الشعوب والقوميات والأمم والأجناس، لا تزيف حقائق التاريخ والواقع فقط، ولكنها تقاوم وتحارب حتمية التاريخ التقدمية وتسعي إلي تجميد تطور المجتمع الإنساني.

 

اليهود يتألفون من دماء مختلطة

 

ويخلص “حمدان” في بحثه عن من هم اليهود؟، إلي أنه: اليهود يتألفون من دماء مختلطة كأشد ما يكون الاختلاط، وإذا كان ثمة خلاف في هذا، فرنما يدور حول المدي والدرجة وإلي أي حد، هنا نجد رأيين أساسيين: فيري “ربلي” أن اليهود يأخذون أينما كانوا صفات السكان الذين هم يقيمون بينهم وأبرز ما يتمثل هذا في شكل الرأس، الأساس الأنثروبولوجي الأول والجوهر، ثم إلي حد ما في لون البشرة، وبناء علي هذا يقبل رأي لامبروزو القديم من أن اليهود جنسيا آريون أكثر منهم ساميين، وبتعبير آخر أنهم أوروبيون تهودوا أكثر منهم يهود تأوربوا. 

 

وإلي نفس هذه المدرسة ينتمي مؤلفوا كتاب “نحن الأوروبيين”، والذين يؤكدون أن اليهود من أصل مختلط، وقد ظلوا باستمرار يزدادون اختلاطا. كان هناك قدر معين من التزاوج بين اليهود وغير اليهود من سكان البلاد التي أقاموا فيها. بحيث أن عدد من الجينات المستمدة من اليهود المهاجرين يتوزع بين مجموع السكان، وأن المجتمعات اليهودية أصبحت تشبه السكان المحليين في كثير من الخصائص. وبهذه الطريقة أصبح يهود أفريقيا وشرق أوروبا وأسبانيا والبرتغال.. ألخ مختلفين بوضوح عن بعضهم البعض في النمط الجسمي.

 

والنتيجة أن يهود المناطق المختلفة ليسوا متماثلين جينيا، وأن السكان اليهود في كل بلد يتداخلون ويتشابكون مع غير اليهود في كل صفة يمكن تصورها. وكلمة يهودي صحيحة كوصف اجتماعي ــ ديني أو شبه قومي أكثر منها كتعبير أثنولوجي في أي معني جيني.