رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العميد يسرى عمارة: دمرنا لواءً إسرائيليًا من 73 دبابة فى أقل من نصف ساعة

العميد يسرى عمارة
العميد يسرى عمارة

- قال إن الإسرائيليين كانوا يستخدمون كلابًا مدربة للاستطلاع واكتشاف مواقعنا 

- ضربنا دورية بالمخالفة للتعليمات فأعطانى قائد الكتيبة رشاشًا وقال لى: «ميعدوش من قدامنا تانى»

- أسرنا «نائب رئيس الموساد» ولم نسلمه للعدو إلا بعد انتهاء الحرب

- نفذنا «بروفة على العبور» قبل الحرب بشهر فى ترعة الإسماعيلية

- مجموعتى كانت تحمل مدافع يصل وزن الواحد منها إلى 305 كيلو

- جيهان السادات زارتنى فى المستشفى بعد إصابتى فى المعارك.. وذكّرتنى بها بعد 30 عامًا

للعميد أركان حرب يسرى عمارة مكانة خاصة بين أبطال حرب أكتوبر، فهو لم يكن أحد أبطال سلاح المشاة فى هذا الانتصار العظيم فحسب، بل لُقب بـ«صائد الأسرى»، بعدما نجح فى اصطياد عدد من الجنود والضباط الإسرائيليين فى «حرب الاستنزاف»، ثم فى حرب أكتوبر.

كما أُطلق عليه لقب «الشاشة»، فقد كان يجلس على شجرة «كافور» طوال النهار، وينقل لقادته ما يشاهده من تحركات العدو، وصولًا إلى حرب أكتوبر، التى شارك فيها برتبة نقيب قائد لسرية مضادة للدبابات، وأُصيب خلال المعارك.

حصل العميد «عمارة» على العديد من الأوسمة، منها «النجمة العسكرية»، و«نوط الواجب العسكرى» من الطبقة الأولى، وميدالية «جرحى الحرب»، إلى جانب ميدالية «الخدمة الطويلة القدوة الحسنة».

وفى حواره مع الإعلامى الدكتور محمد الباز فى برنامج «الشاهد»، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، كشف «صائد الأسرى» عن تفاصيل اغتنامه أسيرًا إسرائيليًا، أصبح فيما بعد نائبًا لرئيس جهاز «الموساد».

كما كشف كيف شارك فى تدمير لواء مدرع إسرائيلى مكون من ٧٣ دبابة، متذكرًا فى الوقت ذاته الاستعدادات التى أجروها لبدء الحرب، ومن بينها تنفيذ «بروفة» على العبور فى ترعة الإسماعيلية. 

■ أبدأ معك منذ عام ١٩٦٦ عند التحاقك بالكلية الجوية.. هل كنت تخطط آنذاك لهذه الخطوة؟

- لا.. أنا من مواليد مصر القديمة، ومنها انتقلت وتربيت فى إحدى قرى مركز «تلا» بالمنوفية، ولم يكن بينى وبين قرية الرئيس الراحل محمد أنور السادات سوى نصف كم فقط، وكان فى القرية مهندس زراعى «شيك أوى»، لذا كنت آمل فى أن أكون مهندسًا زراعيًا، أنا وكل طلاب القرية تقريبًا.

بعد حصولى على شهادة الثانوية العامة، لم يكن مجموعى مؤهلًا للالتحاق بكلية جيدة، فتم ترشيحى لدخول المعهد العالى للتربية الرياضية، لذا قررت إعادة الثانوية العامة من جديد، والتحقت بمدرسة الفجالة بالفعل.

فى هذه الفترة شاهدت إعلانًا عن الكلية الجوية فى الصحف، فتقدمت للالتحاق بها رفقة عدد من أصدقائى، وأكرمنى الله بالقبول فى الكلية، لألتحق تحديدًا بالدفعة «٢١ طيران»، وكان معى ٣ أشخاص من المنوفية، أبرزهم الشهيد عاطف السادات.

■ ما الذى تتذكره حينما كنت طالبًا فى الكلية الجوية وقت حدوث نكسة ٦٧؟

- رأيت طيران العدو الإسرائيلى يضرب المطار والطائرات الموجودة على الأرض داخل الكلية، فبدأنا بالركض فى الملاعب ودخول الخنادق، وشعرت وقتها بانهيار شديد.

بعد ذلك جمعونا خارج الكلية، وأخذونا إلى وسط مدينة بلبيس، وكعادة الشعب المصرى الطيب عندما رأونا داخل العربات ألقوا علينا الحلوى، معتقدين أننا ذاهبون إلى الحرب، قبل أن يعرفوا فى المساء ما حدث.

بعد أن هدأت الأمور عدنا مرة أخرى إلى الكلية لمواصلة التدريب، ونحجت فى «إعدادى» وذهبت إلى «متوسط طيران»، وكان هناك كشف دورى مثل كشف الدخول، فأخبرنى الدكتور المختص بوجود ارتخاء فى عصب عينى اليسرى، وأننى سأُصاب بـ«الحول» بعد سن الأربعين، ورغم أننى رغبت بشدة فى الالتحاق بزملائى رفض الطبيب، وتم تحويلى إلى الكلية الحربية.

■ تخرجت فى الكلية الحربية عام ٦٩.. كيف بدأت رحلتك مع القوات المسلحة فى الميدان؟

- تخرجت فى الكلية الحربية عام ١٩٦٩، رفقة زملائى فى الدفعة «٩٥ حربية»، وانضممت إلى الكتيبة «٣٦١ مشاة»، وكانت بين الإسماعيلية والسويس.

أثناء الدراسة كانت الخنادق عبارة عن «سبعات» و«ثمانيات» و«مُسلح»، أما فى الكتيبة فلم يكن الأمر كذلك، فقد كان الخندق من بورسعيد إلى السويس خطًا واحدًا غرب قناة السويس، فقد كان الميدان مختلفًا تمامًا عن الكلية.

■ وماذا عن مشاركتك فى «حرب الاستنزاف» وقتها؟

- عندما كان العدو الإسرائيلى يضربنا فى هذا الوقت، لم نكن نرد بأى صورة، ومن كان يرد يُحال إلى محاكمة، خاصة أن السلاح كان قديمًا، ولا توجد لدينا ذخيرة، والجيش كله يعيش فى معاناة صعبة للغاية، ومع ذلك، كانت هناك عمليات ينفذها الجيش المصرى شرق القناة.

وحينما كانت تخرج دورية استطلاع نكون قلقين للغاية على أفرادها، وأتذكر أننى فى مرة مررت على دوريتى البعيدة ٢ كم، فلم أر أفرادها، واكتشفت أنهم ذهبوا لاستقبال صديق، كان عائدًا من إجازة عرسه، فنهرتهم وأخبرتهم بأن يعودوا إلى أماكنهم بسرعة، لكن العدو أطلق النار باتجاه الصوت بشكل عشوائى، فاختار الله العريس شهيدًا، وأحسست وقتها بأننى السبب فى استشهاده، وبكيت معهم بشدة.

وعقب استشهاد العريس قال لنا «الحكمدار»، وكان شابًا مسيحيًا يدعى «حماية» من المنيا، إنه سيأخذ بالثأر فى الغد، فحذرته من أنه سيُحاكم إذا فعل ذلك، فرد علىّ بقوله: «حاكمنى». ومع دعم «حماية» من كل أفراد القوة قلت لهم: «أنا معكم.. إذا تمت محاكمتى سأُطرد من الخدمة، أما أنتم فستسجنون عامًا أو اثنين وتعودوا مرة أخرى، لكن أنا معكم».

■ ماذا حدث بعد ذلك؟

- كانت إسرائيل تمر من أمامنا فى شرق القناة بسيارتين مجنزرتين تعلوهما طائرة مروحية، كانت مهمتهما الاستكشاف، وكانوا دائمًا ما يعمدون إلى استفزازنا، فما كان من «الحكمدار» إلا أن أمسك الرشاش، وكان وقتها مهيأ لضرب الطيران، فجهزه للضرب على الأرض، ووجه إياه ناحية الدورية حتى اختفت من أمامنا. لم يكن خوفى وقتها من إسرائيل، بل كان خوفى من قائد الكتيبة، وهو الرائد عبدالله عمران، من محافظة المنيا، وكان «شديدًا للغاية»، فنادانى وسألنى عما حدث، فقلت له: «اسأل جارى اليمين»، فقال له: «الضرب ده من عند مين؟» فأخبره بأنه «من جهة يسرى عمارة».

مرت ثلث ساعة ولم يحدث شىء ففرحت بذلك، لكنه جاء إلىّ ووقف أمامى، وهو يعلم جيدًا أننى خائف منه، ثم قال لى: «ضربت بأى سلاح؟»، فأخبرته: «برشاش دفناه فى الرمل بعد العملية»، وكانت إسرائيل قد أرسلت الطيران للرد على ما حدث.

سألنى قائد الكتيبة: «ما الذى دفعكم للضرب؟»، فقلت: «بالأمس استُشهد توفيق، والجنود أرادوا أن يأخذوا بثأره»، فقال لنا: «يعنى الرشاش ده هو اللى عمل الخسائر دى؟.. أنت تعرف أنكم عملتوا خسائر؟»، فأجبت: «لا أعرف.. لكننى رأيت دخانًا يتصاعد، وطائرة هليكوبتر تهبط».

قال لى: «لقطنا إشارة بتقول إن المصريين ضربوا نار على الدورية، وإن هناك إصابات كثيرة، ونحتاج إلى أطباء»، وإنهم أيضًا «ردوا ردًا عنيفًا قويًا على هذه العملية، ودمروا موقع المشاة بمن فيه»، وكانت إسرائيل قد نفذت بالفعل ضربة مركزة بالمدرعات والطيران، ردًا على ما حدث فى شرق القناة من قِبل الحكمدار «حماية».

■ هل عاقبكم قائد الكتيبة على ما حدث من قِبل الحكمدار «حماية»؟

- قائد الكتيبة لم يعاقب أحدًا، ولكنه عندما علم ما فعله الرشاش الذى دفناه فى الرمال قال لى: «سأرسل لك غدًا الرشاش الثقيل، ولا أريد أن أرى الدورية الإسرائيلية تمر من أمامنا مرة أخرى».

وقتها أردت أن أحضنه من الفرحة، لكنى كنت خائفًا منه، وبعد إرسال الرشاش الثقيل «قطعنا خبر» الدورية الإسرائيلية، حتى إنهم أرادوا أن يعرفوا من أى يأتى الضرب لكى يقصفونا وينهوا وجودنا من هناك.

■ هل تتذكر أحداثًا أخرى مشابهة؟ 

- كنا نستطلع الدوريات الإسرائيلية، وكان بصحبة إحداها كلب، ورأيناه يقفز فى القناة، فقال لى أحدهم إن هذا من أخطر أنواع الكلاب، ولم نستطع أن نراه بواسطة النظارات المكبرة، فقيل لى أرسل قناصة، فأخبرتهم بأن القناصة لن تجدى نفعًا، لكن اتركونى أرمه بالبندقية، فضربت على مكان كنت أشك فيه، فأكرمنى الله بإسقاط جندى إسرائيلى، ثم بعدها قتل هذا الكلب، الذى كان مُدربًا على الاستطلاع.

فخرج إلىّ الرائد عبدالله عمران وقال لى: «ما الذى فعلته؟»، فأخبرته بأننى قتلت كلبًا، فقال لى: «هذا الكلب كان يريد أن يتقفى أثرنا، لكى يتم تدمير موقعنا»، وقتها أخذ الجميع مكافآت، أما أنا فلم أحصل على إجازة أو مكافأة.

وأتذكر أننا أخذنا أسيرًا كان عملاق البنية، نزلنا به إلى الملجأ، وكان مذهولًا ولا يستوعب أنه تم أسره، طلب ماءً فأعطيته، ولم أكن أعلم أن المصاب لا يفترض به أن يشرب، وعندما حضر الطبيب وسأل عمن أعطاه الماء، قلت له: «أنا»، فصرخ فى وجهى: «ستتعرض إلى محاكمة عسكرية.. شرب الماء يزيد من النزيف».

وعندما علم العدو الإسرائيلى بأننا أسرنا هذا الأسير، أراد أن يأخذ بالثأر ويرد على هذه العملية، وبالفعل ضرب موقعنا بالطائرات، لكن أشجار الكافور حمت موقعنا، ولم نسجل أى خسائر فى صفوفنا.

وبعد الضربات التى لم تسفر عن خسائر لدينا، ادّعت محطة راديو إسرائيلية أن الضربة التى نفذوها دمرت موقعنا وأسفرت عن خسائر فى الأرواح، فضحكنا جميعًا، ثم وجهت كلامى إلى الأسير قائلًا: «عشان تعرف حكومة مين اللى كدابة بقى».

وظل هذا الأسير لدينا حتى تنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى، بعد انتهاء حرب أكتوبر، ليعود إلى بلاده ويتدرج فى المناصب هناك، حتى أصبح نائب رئيس جهاز «الموساد».

■ كيف كانت الاستعدادات لحرب أكتوبر ٧٣؟

- الاستعداد للحرب كان من أصعب المراحل، كنا نحن والقادة تحت ضغط رهيب، نعلم أننا سنحارب، لكن لا نعرف متى سيحدث هذا، كنا ننفذ العديد من المناورات والتدريبات وعمليات التمويه، حتى أننا كنا نلعب كرة على الأسفلت.

قبل الحرب بشهر واحد فقط، نفذنا «بروفة» على العبور فى منطقة «المحسمة» غرب الإسماعيلية، وكانت مناورة كبيرة جدًا، وقائد الفرقة الثانية وقتها كان العميد حسن أبوسعدة، وعبرنا «الترعة الحلوة» (المسمى القديم لترعة الإسماعيلية) على أنها قناة السويس، والمهندسون جهزوا لنا نقاطًا قوية مثل نقاط العدو، وصوبنا عليها بالفعل، لكن ذلك كان باستخدام ذخيرة تدريب «فشنك».

بعد انتهاء هذه المناورة شعرنا بأن الحرب اقتربت، خاصة أنه كان من المتعارف عليه العودة إلى الثكنات بعد انتهاء المناورات، لكننا وقتها توجهنا إلى منطقة «الكيلو ١١» شمال الإسماعيلية، التى كانت تمثل نقطة ابتداء للهجوم، لتبدأ الحرب بالفعل بعدها بشهر.

■ متى علمت بموعد حرب أكتوبر؟

- صباح يوم ٦ أكتوبر طلب منا قائد الكتيبة أن نذهب إلى اجتماع عاجل، فى العاشرة والخمس دقائق، وبالفعل ذهبنا إلى الخيمة المخصصة للاجتماع، وبمجرد أن دخلنا طُلب منا أن نفطر، ووُزع علينا شاى وتمر، وكان شكله متغيرًا جدًا.

كان يجلس بجوارى الشهيد النقيب فاروق فؤاد سليم، والنقيب منتصر إبراهيم متولى، وطلب منا القائد إبلاغ الجنود بأن موعد العبور هو الواحدة و٥ دقائق ظهرًا، ثم تحدث عن دورنا بعد العبور.

■ ما إحساسكم بعد إبلاغكم بموعد العبور؟

- فى البداية لم نكن نصدق أنه أخيرًا حان الوقت، لكن تأكدنا من العبور بعد مرور الطيران المصرى، وسط هتاف: «الله أكبر»، وبالفعل بدأنا نتحرك إلى طريق القناة، والذى كان يبعُد عن موقعنا حوالى ١٠ دقائق، وفى طريقنا رأينا انفجارات هائلة، والعلم المصرى يرتفع فى سيناء كلها، فكنا نبكى من الفرحة.

ووصل حد الفرحة إلى أن الجنود المعنيين بإمساك القوارب تركوها وذهبوا مع زملائهم وقت العبور، ما سبب أزمة كبيرة، لأن حركة المد والجذر فى قناة السويس أدت إلى تحريك القوارب من مكانها، لكن العقيد محمد حمدى الحديدى وجد «لنش» مدنيًا، وباستخدامه نجح فى جمع القوارب.

بعدها فُرد كوبرى المشاة كى نعبر القناة، وهذا الكوبرى كان «إعجازًا من عند الله»، فقد نُفذ بشكل ضيق وصغير، وكان يتحرك من الجانبين.

وأتذكر أن مجموعتى فى العبور كانت لديها ٤ مدافع وزن الواحد منها ٨٢ كجم، و٦ مدافع وزن الواحد ٣٠٥ كيلوجرامات، وللأسف خسرنا جندى إشارة وقت العبور، من هذه المجموعة.

■ بعد عبوركم إلى شرق القناة.. ما المشاهد المعنوية التى عشتها؟

- كان هناك توجيه معنوى بعد عبورنا منطقة الشرق، يتضمن وقوف مجموعة من الجنود على سواتر عالية، حاملين فى أيديهم مصاحف، ويرددون فى صوت واحد: «يلا يا مصرى، مصر أمانة فى رقبتك، مصر بتناديك»، ما أصاب الجنود جميعًا بالقشعريرة.

كان هؤلاء الجنود من «التوجيه المعنوى»، وجعلونا جميعًا فى حالة حماس شديد، حتى إن مَن كان يقابلنا من العدو الإسرائيلى، يومى ٦ و٧ أكتوبر، يتم دهسه بأعنف الطرق الممكنة.

وفى يوم ٨ أكتوبر، جاءت إشارة بقدوم لواء مدرع للعدو، يجب تدميره على الفور، وبالفعل ضربنا هذا اللواء، ودمرنا له ٧٣ دبابة فى أقل من نصف ساعة، حتى تعرضت للإصابة، لكن بعد قتلى ٣ جنود إسرائيليين، وقتها خرج ٤ إسرائيليين من حفرة، وصرخوا: «إحنا أسرى متضربوش».

■ كيف تم إخلاؤك من المعركة حين تعرضت للإصابة؟

- حين تعرضت للإصابة فى حرب أكتوبر، اضطررت للسير على قدمى ٩ كم، وكان برفقتى جندى مصرى، يحمل سلاحى وسلاحه سويًا، حتى ضللنا الطريق، واكتشفت فجأة أننى أمام قائد الفرقة الثانية، حسن أبوسعدة.

حين التقيت القيادات أخبرتهم بإصابتى، وأن الكتيبة «٣٦١» استطاعت أسر ٤ جنود إسرائيليين، وهنا صُدر أمر بإخلائى من المنطقة، مستقلًا إحدى مدرعات الجيش المصرى، لكن كان قد تم ضرب الكوبرى من قِبل العدو.

ولذلك تم إخلائى بقارب فى البحر، وتوجهت منه إلى مستشفى الجامعة فى محافظة الزقازيق، وكنت فى ذلك الحين رفقة ٣ جنود آخرين من مصابى المعركة، وبمجرد وصولنا استقبلنا الشعب المصرى بترحاب شديد، وأعطونا كل المواد الغذائية، احتفالًا بما نقدمه فى الحرب.

■ ماذا عن زيارة جيهان السادات لك فى المستشفى؟

- زارتنى السيدة جيهان السادات داخل المستشفى، حينما أبلغها الطاقم الطبى بأن هناك أحد الجنود جاء من الحرب، ولديه «أشياء تذكارية» من إسرائيل.

كنت أحتفظ بـ«بطاقة مال» حصلت عليها من جندى إسرائيلى أسير، كذكرى من الحرب المجيدة، وحين جاءت السيدة جيهان السادات للاطمئنان على حالتى الصحية، سألتنى عما أمتلكه من إسرائيل لتراه وتلتقط معه صورة تذكارية.       

جيهان السادات التقطت معى صورة تذكارية حينها، وبعد ٣٠ عامًا من ذلك الموقف وحرب أكتوبر بشكل عام، التقينا مجددًا، وفوجئت بأنها تتذكرنى جيدًا، بل سألت عن الإصابة التى تعرضت لها فى يدى أثناء الحرب.