رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المُعضلة.. ما الخيارات أمام إسرائيل لتحرير الرهائن المُحتجزين فى غزة؟

الرهائن
الرهائن

نفذت حركة حماس هجومًا غير مسبوق متعدد الجبهات على إسرائيل فجر يوم السبت الماضي، حيث أطلقوا آلاف الصواريخ بينما هاجم العشرات وتسلل عدد من مقاتلي حماس إلى الحدود شديدة التحصين في عدة مواقع، مما أسفر عن مقتل المئات من الإسرائيليين، واختطاف مدنيين وجنود وإسرائيليين.

أثار أسر مقاتلي حماس عشرات الجنود والمدنيين الإسرائيليين – نساء مسنات وأطفال وعائلات بأكملها – صدمة للإسرائيليين بشكل أعمق من أي أزمة أخرى في تاريخ إسرائيل، وشكل مُعضلة مستحيلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

حيث ادعت الحركة أن لديها أكثر من 100 مدني وجندي إسرائيلي محتجزين كرهائن في قطاع غزة، وهو ما أكدته إسرائيل والولايات المتحدة، دون تأكيد العدد الدقيق، فيما قالت حماس إنها تحتجز "أكثر بكثير مما يعتقد نتنياهو". وأضافت أنها تحتفظ بالرهائن الـ163 داخل أنفاق في جميع أنحاء قطاع غزة"، فيما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وهي جماعة مسلحة أصغر حجما وأكثر جرأة من حماس، أنها تحتجز وحدها 30 رهينة.

المُعضلة

لقد استهلك خطف الحركة في عام 2006 على المجند الشاب، جلعاد شاليط، إطلاق سراح أكثر من 1000 سجين فلسطيني في نهاية المطاف، كما قامت إسرائيل بشن هجوم غير مسبوق على غزة حينذاك، لكن الآن الوضع مختلف، فقد اختطف حكام حماس في غزة العشرات من المدنيين والجنود الإسرائيليين كجزء من هجوم صادم متعدد الجوانب.

سيمثل الرهائن بيد حماس أيضًا ورقة مساومة قوية جدًا، كما إنه في الماضي، مسألة الرهائن الإسرائيلية شكلت أزمة وسببت في إشعال حملات ضغط شعبية واسعة النطاق، الأمر الذي دفع الحكومات إلى الموافقة على تبادلات غير متناسبة، وشمل ذلك صفقة شاليط في عام 2011، وصفقة تبادل عام 1985، حيث تم استبدال 3 إسرائيليين مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني.

الصفقة

أعلنت حماس بالفعل أنها تسعى إلى إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية – وهم يقدرون بحوالي 4500 معتقل، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” – مقابل الأسرى الإسرائيليين. وقال خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية: "إن إطلاق سراح أي سجناء سيكون بمثابة صفقة كبيرة بالنسبة لحماس"، وأضاف أن ذلك "سيعزز موقف حماس في الشارع الفلسطيني ويقلل من قوة وشرعية" السلطة الفلسطينية.

ومن غير الواضح الآن، كيف سيتعامل نتنياهو مع هذه الأزمة، فيما تعارض حكومته اليمينية المتطرفة أي لفتات تعتبرها استسلامًا للفلسطينيين، بينما كانت هناك آراء تشير إلى أن نتنياهو سيفرج عن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين لتحرير الرهائن الإسرائيلية.

خيارات صعبة 

الوضع المعقد واحتجاز الرهائن يعوق إسرائيل في شن هجمات قوية، فرغم وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن حرب انتقامية قوية ضد حماس، فإن وجود الرهائن في قطاع غزة من شأنه أن يؤدي بلا شك إلى تعقيد العمليات العسكرية، ويثير مخاوف على سلامة المدنيين الإسرائيليين المنتشرين في أماكن غير معلنة عبر قطاع غزة المكتظ بالسكان، لدرجة أن إسرائيل يجب أن تتوقع بالضرورة عملية "طويلة وصعبة"، على حد تعبير رئيس الوزراء، فيما ذكرت حركة حماس أنها تعتزم استخدام المدنيين كدروع بشرية محتملة لصالحها، مشيرة إلى أن أي توغل إسرائيلي في غزة سيكون له "عواقب مباشرة على الرهائن".

وقال مايكل ميلستين، الرئيس السابق للقسم الفلسطيني في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، عن وضع الرهائن: “سيحد هذا من الاتجاهات والمناطق التي يمكن أن ينشط فيها الجيش الإسرائيلي، "سيجعل الأمور أكثر تعقيدا بكثير".

وقال المعلق السياسي الإسرائيلي المخضرم إيهود يعاري: "هذه معضلة خطيرة". "الخوف هو أنه إذا بدأت عملية برية، فإن حماس ستهدد بإعدام الرهائن كل ساعة، وكل ساعتين، وسيصبح ذلك جدلًا ساخنًا حقًا".

فيما علق المحلل الاستراتيجي رون بن يشاي أن الاعتبار الرئيسي للحكومة والرتب العسكرية هو المختطفون في قطاع غزة والرهائن في المستوطنات. الوضع غير واضح، وبالتالي فإن الرد ليس كبيرا في الوقت الراهن.

كيف سيتم تحريرهم؟

تم إنشاء مركز بحث من قبل الجيش الإسرائيلي لمتابعة ملف المختطفين، كما افتتحت الشرطة والدفاع المدني الإسرائيليان "مركز قيادة للأشخاص المفقودين" قرب مطار بن جوريون، كما تم تعيين غال هيرش، وهو عميد احتياط قاد الفرقة 91 في حرب لبنان الثانية، عام 2006، للإشراف على تولي ملف الإسرائيليين المفقودين والمختطفين، وفق "تايمز أوف إسرائيل".

وفي حين ظل المحللون العسكريون منقسمين حول كيفية إيجاد مخرج لنتنياهو من معضلته، فإن الإجابة كانت واضحة بشكل مؤلم للإسرائيليين بأنه لا يوجد مخرج حالي.

ولكن هناك سيناريو قد يكون صعب تنفيذه، وهو تحرير – عدد من الرهائن- عن طريق عمليات للقوات الخاصة الإسرائيلية على غرار عملية عنتيتي، لكن تحديد موقع الرهائن الإسرائيليين في غزة - وهو الأمر الذي فشلت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية في القيام به في حالة شاليط - يفرض المزيد من التحديات. على الرغم من أن غزة صغيرة، وتخضع للمراقبة الجوية المستمرة وتحيط بها القوات البرية والبحرية الإسرائيلية، إلا أن المنطقة التي تبعد ما يزيد قليلًا عن ساعة من تل أبيب تظل غامضة إلى حد ما بالنسبة لوكالات الاستخبارات الإسرائيلية، كما يقول الخبراء.