رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اكتشفت مدينة الغردقة بمواقعها وشواطئها الخلابة

لم أكن قد زرت مدينة الغردقة لظروف ارتباطى بانشغالات ومسئوليات كثيرة منذ ٣٠ عامًا.. وأعترف بأننى كنت ممتنعة بإرادتى عن السفر منذ سنة ٢٠١١.
حيث رتبت أولويات حياتى، وعلى رأس هذه الأولويات رعاية والدتى رجاء حجاج، رائدة العمل الاجتماعى والخيرى، بسبب إصابتها بجلطة فى المخ من عام ١٩٩٩، وكانت فى حاجة إلى رعاية مضاعفة بعد وفاة زوجها الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور فى شهر أكتوبر ٢٠١١، وأسفرت الجلطة عن إصابتها بشلل نصفى فى الجانب الأيمن من جسدها، مما تطلب رعاية خاصة لها، ونذرت نفسى وكرست كل جهدى عن طيب خاطر لرعايتها بنفسى، هى وأبنائى وزوجى، هذا بالإضافة إلى عملى ككاتبة وانشغالى بمسئولياتى فى رئاسة قسمين صحفيين فى صحيفة الأهرام ومناصب صحفية مهمة لسنوات عديدة، مما لم يتح لى السفر لرؤية مواقع كثيرة جميلة فى بلدنا، ومنها مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر.
وبعد رحيل والدتى الحبيبة فى ٢٠٢٠، ثم زوجى الكاتب الصحفى عبدالحميد شعير منذ ٤ أشهر، وفى محاولة لمقاومة الحزن العميق والأيام الصعبة التى أواجهها وجدتنى منذ أيام قليلة ألبى دعوة لصديقتى سيدة الأعمال وسيدة العمل الاجتماعى والخيرى سلوى رحمى، حرم رجل الأعمال وحيد رحمى، لزيارة مدينة الغردقة لمدة ٤ أيام، فى محاولة لمقاومة الحزن فى منتجع جميل هو صنى ديز.
وهناك بدأت فى اكتشاف روعة شواطئ الغردقة الرائعة الجمال ومواقعها الخلابة التى تخطف العين والقلب.. وأسعدنى أننى رأيت عددًا كبيرًا من السائحين الذين اكتشفت خلال الحديث مع بعضهم أنهم يستمتعون بوقتهم، وأنهم يقضون أحلى أيام حياتهم حيث الشمس ساطعة على مدار العام والجو عليل، والاستجمام متاح فى أبسط صوره.
وهنا وجدت أهل الغردقة الطيبين الذين يرحبون بالزائر وبالسائح أو السائحة، والذين يجدون فى شواطئها الممتدة فرصة السباحة والغوص، وقضاء أحلى إجازة، والاستجمام والاستمتاع بالهدوء والحياة البسيطة وصوت البحر الذى يبعث على الراحة والخيال.. ورأيت السائحين والسائحات يرقصون مع الأهالى والبدو، ويستمتعون بسماع الموسيقى التى تبعث على البهجة، سواء الموسيقى الأجنبية أو الأغانى المصرية، كلها تبهجهم، فالأجنبى يهتم بالإجازة حتى يستطيع النجاح والاجتهاد فى عمله حينما يعود إلى بلده.. وهكذا فهم فى هذه المدينة الساحرة ينطلقون فى ممارسة هواياتهم، فى سماع الموسيقى والرقص والاستمتاع بها.. فالأجنبى يختلف عن المصرى فى أنه يقدس حريته، ويهوى الاستمتاع بالحياة والبهجة خلال رحلته فى مدينة الغردقة.. وهو يجد أنها من أجمل المدن الساحلية فى العالم، كما قال لى الكثيرون منهم ممن حرصت على التحدث معهم، لمعرفة شعورهم بزيارة مدينة مصرية جميلة.
والحقيقه أننى أؤمن بأن أقدارنا ليست فى يدنا، وإنما هى فى يد العلى القدير، وهكذا ذهبت إلى الغردقة، التى زرتها مع زوجى منذ ٣٠ عامًا، فى محاولة لاسترجاع الذكريات الجميلة، وفى محاولة لمقاومة الحزن أيضًا، ورغبة ملحه فى مشاهدة هذه المدينة الشاطئية الجميلة، وبحثًا عن مكان هادئ قرب البحر، الذى أحب تأمله، والذى يلهمنى دائمًا لكتابة خواطرى أو قصص جديدة دائمًا، فبعض من أحب قصصى إلى نفسى كتبتها وأنا جالسة أمام شاطئ البحر المتوسط.. وهكذا ذهبت إلى مدينة الغردقة.
ووصلت عصرًا، مما أتاح لى ملاحظة التغييرات والتطور الكبير الذى حدث لها.. واكتشفت أنها من أجمل المدن المصرية، التى يهوى زيارتها السائحون الأجانب، للاستمتاع والاستجمام وممارسة الرياضات المائية مثل الغطس والسباحة والصيد، فشواطئها ممتدة على ساحل البحر الأحمر.. ومدينة الغردقة هى العاصمة الإدارية لمحافظة البحر الأحمر، وتشغل ٤٠ كم من مساحة الشريط الساحلى للشاطئ الغربى للبحر الأحمر. تحدها شمالًا مدينة رأس غارب، وجنوبًا مدينة سفاجا، وشرقًا ساحل البحر الأحمر، وغربًا جبال البحر الأحمر.
وبها أيضًا جزر الجفتون وأم قمر ومجاويش وأبورمادة وأبومنقار والفنادير وشدوان، ومن أشهر منتجعاتها الجونة وسهل حشيش وسوما باى ومكادى باى، وتتمثل أحياؤها الرئيسية فى حى الدهار وحى السقالة وحى الأحياء. وكانت قد أنشأت مدينة الغردقة فى عام ١٩٠٥، ولم تضم المدينة قديمًا إلا مجموعة من المنازل البدائية التى يسكنها البدو، والذين تمركزوا بصفة أساسية فى منطقة السقالة للعمل بصيد الأسماك واللؤلؤ، مما أكسب المدينة طابعًا بدويًا مستمرًا معها حتى الآن.
ثم فى عهد الملك فاروق تم تشييد استراحة استجمامية تحولت بعد التأميم فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر إلى مبنى نادى القوات المسلحة للرياضيات المائية، والذى يعد مزارًا سياحيًا متميزًا حتى الآن.. واكتشف البترول فى تلك المنطقة عام ١٩١٣، وبدأ الإنتاج الفعلى له وتصديره عام ١٩٢١، وكانت شركة آبار الزيوت الإنجليزية المصرية المحدودة من أوائل الشركات التى بدأت فى إنتاج النفط بهذه المنطقة.
ومن الأحداث المهمة فى تاريخ مدينة الغردقة أنه فى عام ١٩٧٢، حاولت القوات الإسرائيلية احتلال جزيرة شدوان، إلا أن رجال القوات المسلحة المصرية تصدوا لها، واستطاعوا هزيمتهم وطردهم من الجزيرة خلال ساعات فيما يعرف بمعركة شدوان، وهو التاريخ الذى تحتفل فيه محافظة البحر الأحمر بعيدها القومى.. وفى الغردقة بعض من أهم المعالم الطبيعية والسياحية التى تميزها، وتغطى مدينة الغردقة مساحة٤٠ كم من الشريط الساحلى للبحر الأحمر، وتمتاز بشمسها الساطعة على مدار العام، وشعابها المرجانية الرائعة، بالإضافة إلى عشرات من مواقع الجذب الممتعة التى يتجه إليها السائحون للاسترخاء والراحة، لما تتمتع به المدينة من عوامل جذب منها درجة الحرارة المعتدلة طول العام، ومناخها الصحراوى الجاف، واشتمالها على أدوات المرح الشاطئية والرياضيات المائية الممتعة والنوادى وملاعب الجولف، كما تزخر بالعديد من الجزر والمواقع البحرية التى تعتبر قبلة لهواة الغطس والرياضيات المائية، ومنها شعاب بليندا وشعاب أبوقطرة وشعاب أبونحاس وشعاب أم العش وشعاب أم قمر وشعاب العروف وشعاب طويلة وأبونقاد.
إضافة إلى السيول وسوما باى انضم منتجع سوما باى إلى حيز مدينة الغردقة فى أبريل ٢٠١٥، وهو عبارة عن مجتمع سياحى يقع على بُعد٦٠  كم من الطرف الشمالى لمدينة الغردقة، ويمتد المنتجع على مساحة ١٣مليون متر ليكون خليجًا بديع القسمات مغلفًا بجمال الطبيعة العذراء، ويتمتع المنتجع بالاكتفاء الذاتى وبتخطيط عمرانى ومعمارى ونوعية خدمات تندمج مع ماهية المكان المحيط به بلمسة أوروبية فى شكل فنادق وفيلات وأماكن للرياضة والاستشفاء والترويح يمتلكها رجال أعمال مصريون وعرب، ويضم المنتجع ثلاثة، وانضم منتجع مكادى باى أو خليج مكادى إلى حيز مدينة الغردقة فى أبريل ٢٠١٥، ويقع على بُعد ٣٥ كم جنوب وسط مدينة الغردقة.
ويتمتع هذا المنتجع بشمس ساطعة على مدار العام وشواطئ ممتدة من مياه البحر الصافية والرمال البيضاء الطبيعية، وهو أحد منتجعات الغردقة المثالية لقضاء العطلات وخوض الرحلات البحرية، أما شعاب كارلوس فإنها تعد أحد أجمل مواقع الغطس فى الغردقة بفضل الغابات المرجانية الكثيفة الموجودة بها، وأصناف الأسماك المتنوعة بمياهها مثل قرش المطرقة النادر وأسماك الجاك والتونة والبركودة وأبورمادا، يحمل هذا الموقع أيضًا اسم «حوض الأسماك المائي»، ويتميز بمياهه الضحلة نسبيًا والمسطحة إلى حد كبير، ويعج بالحياة البحرية المذهلة والمتنوعة، حيث تكثر فيه أسماك الجاك والبركودة وقرش الشعاب المرجانية ذو الزعنفة البيضاء، والتونة الصغيرة بأعداد كبيرة.

أما موقع  الفنادير فهو عبارة عن شعاب ضيقة وطويلة وهادئة تقع فى شمال الغردقة، ويمكن الوصول إليها من الجونة، وتتميز بإمكانية ممارسة أى نوع من أنواع الغوص فيها بما فى ذلك الغوص الانجرافى والغوص العميق وغوص المبتدئين.. أما منتجع سهل حشيش فتبلغ مساحته ٣٢ مليون متر، وتقوم على إدارته الشركة المصرية للمنتجعات السياحية، والتى قامت بتخطيطه على ٣ مراحل، ويشتمل المنتجع على غرف فندقية ووحدات سكنية، فيما ينتظر افتتاح ٦ آلاف غرفة فندقية و٦ آلاف وحدة سكنية إضافية تتضمنها مشروعات مستقبلية، كما يتضمن أيضًا مسرحًا مكشوفًا يشتهر بالحفلات الغنائية الضخمة، التى يقيمها كبار المطربين العرب، ويحضرها الآلاف من معجبيهم، أما منتجع الجونة فتعود نشأته إلى عام ١٩٩٠، وطورته شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية، ويشتمل على مجموعة من الجزر، وهي:
- أهم المنتجعات السياحية الواقعة على ساحل البحر الأحمر، وتبعد الجونة عن مطار الغردقة الدولى ٢٢ كم إلى الشمال، ويفصلها عن القاهرة مسافة ٤٧٠ كم، وتتجه الجونة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء عن طريق الاعتماد بشكل كبير على منتجات مزرعة الجونة المقامة على مساحة ١٢٠ فدانًا، والتى توفر احتياجات المنتجع من الخضروات والفاكهة واللحوم والدواجن والأسماك دون استخدام مبيدات، وتشتهر المنطقة بكونها موقعًا للغطس فى الأعماق والرياضات المائية المختلفة، ويوجد بها شاطئان رئيسيان وميناء تنتشر عليه المطاعم والقهاوي، وتشتهر بمهرجانها السينمائى وبطراز معمارى مميز لها، ويأتى إليها الأجانب من مختلف الجنسيات لممارسة الرياضات ولممارسة هواياتهم المفضلة.
أما جزيرة مجاويش، فإنها تقع على بعد ٧،٥ كم جنوب شرق الغردقة، وتمتلك نحو كيلومترين من الشواطئ ذات الرمال الناعمة التى تحتضن مياه البحر الأحمر البكر ذات الأمواج الهادئة، وبها تقع قرية مجاويش السياحية التابعة لشركة مصر للسياحة التى تمتد على مساحة ٨٥٠ ألف متر، منها ٤٥٠ ألف متر غير مستغلة، وتعد أكبر قرى الغردقة وأقدمها، حيث افتتحها الرئيس الراحل أنور السادات فى عام  ١٩٧٩ فى عهد وزير السياحة والطيران المدنى جمال الناظر.. ويقدم المنتجع العديد من الأنشطة السياحية والترفيهية كالغطس وركوب الأمواج والخيل.. أما جزيرة الجفتون فتقع على بُعد ١١كم من شواطئ مدينة الغردقة، وتبلغ مساحتها أكثر من ١٧كم، وتعد الجزيرة الأكثر رواجًا سياحيًا داخل نطاق مدينة الغردقة، لما تمتلكه من شواطئ من طراز خاص يفد إليها العشرات من السائحين يوميًا لقضاء يوم وسط البحر الأحمر، وتعد أهم أماكن الغوص فى الأعماق والغوص السطحى بمدينة الغردقة، ويستخدمها نسبة تزيد على ٣٠% من ممارسى هذه الرياضة والنزلاء بفنادقها، والتى تتكون معظمها من صخور الحجر الجيرى الرملى والشعب المرجانية التى تنتمى إلى عصر البليوسين، وتمثل الجزيرة محمية طبيعية تعد من أهم الأماكن التى تحتوى على أنظمة بيئية حساسة تتضمن الحشائش البحرية، وتتميز بكساء وتنوع كبير للشعاب المرجانية.. وتقطنها أعداد كبيرة من الحيوانات البحرية والطيور التى يعتبر بعضها مهددًا بالانقراض مثل العقاب النسارية والنوارس ذات العيون البيضاء «العجمة»، والتى تقوم بالتعشيش على الجزيرة.
كما توجد فى المنطقة الشمالية والشرقية منها أماكن تعيش فيها السلاحف وعلى الأخص السلحفاة صقرية المنقار، التى تنتمى إلى جزيرة أبومنقار، التى تعود نشأتها إلى عصر الإيوسين، مما يشير إلى أن عمرها لا يقل عن ٣٣ مليون سنة، وتتميز الجزيرة بكثافة الصخور والتركيبات الجيولوجية النادرة بها، وتعود تسمية الجزيرة إلى شكلها العام، حيث يشكل طرفها الشرقى لسانًا رمليًا يمتد داخل البحر بشكل متعرج يشبه إلى حد كبير منقار الطير، وعلى رغم صغر حجمها النسبى إلا أنها تعد من أهم جزر شمال البحر الأحمر لأهميتها البيئية.
تشتهر مدينة الغردقة بشواطئها الجميلة الفيروزية ذات الرمال البيضاء إلى جانب أماكن الخروج التى تزخر بها تلك المدينة، فهى عبارة عن برنامج ترفيهى متكامل لتقضى أسعد أوقاتك من خلال المعالم السياحية والمبانى العريقة عند الميناء ومطاعم الممشى السياحى وأيضًا الجزر التابعة للغردقة، سى وورند الغردقة، جراند أكواريوم الغردقة، متحف مينى إيجيبت، مارينا الغردقة، ممشى مكادي، الممشى السياحى الغردقة، مرسى اليخوت، كورنيش الغردقة، جزر الجفتون، جزيرة مجاويش، اسبلاندا مول، سينزو مول، حلقة السمك، مطعم جرانادا، منطقة السقالة.
وفى تقديرى أنه من الممكن ان تصبح مدينة الغردقة من أهم المدن الساحلية فى العالم، ومن الممكن أن تصبح قبلة لملايين السائحين إذا ما أحسن التسويق لها فى الخارج.. فمدينة الغردقة بشواطئها الخلابة وبرمالها البيضاء الهادئة ومياه بحرها الفيروزية وبتركيبتها الخاصة جدًا، يندر أن تجد مثلها وفى جمالها فى أى مكان فى العالم.
ويندر أن يجد الإنسان هذه الفرص مجتمعة معًا، وهى الاستجمام والراحة والهدوء والشواطئ الخلابة والشمس الساطعة، والاستمتاع بالرياضات المائية والمناظر الطبيعية النادرة الجمال، والرياضات الأخرى المختلفة مثل السباحة والجولف وكرة القدم إلا فى مدينة الغردقة، وما أجمل أن تجد فى بلدك هذه المعالم الرائعة التى تعتبر بالنسبة لى اكتشافًا مهمًا وجميلًا، ومدينة نفخر أنها فى بلدنا، إلا أنها فى حاجة إلى بعض الاهتمام والتطوير والدعاية لها، حتى يأتى السائحون بأعداد أكبر، ولا بد عمل تطوير وتجميل فى الشوارع والمباني، وجعلها بلون واحد، حتى تتميز بلون واضح يليق بها، وحتى تصبح من أجمل مدن العالم.