رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعره "10" قروش .. حكاية أول كتابه أهداه "هيكل" لـ عبد الناصر

هيكل
هيكل

محمد حسنين هيكل، الصحفي الأبرز في التاريخ المصري، ويحتفل بمرور 100 عام على ميلاده اليوم، واحد من ألمع نجوم الصحافة العالمية و"الجورنالجي" كما كان يحب أن يلقب، وتخطى الكتابة الصحفية إلى ما هو أبعد من ذلك، فكان مستشارا سياسيا لمعظم رؤساء الجمهورية المصرية، وكاتم أسرارهم الأمين.  

ربطت علاقة صداقة متينة الأواصر بين محمد حسنين هيكل والرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، حتي أنه ألف عن أكثر من مؤلف، وكان من أكثر وأكبر المدافعين عن عصره وزمنه.

بدأت علاقة هيكل بـ عبد الناصر، كما روى “هيكل” ــ بنفسه للكاتب الروائي يوسف القعيد، والتي ضمنها في كتابه “هيكل يتذكر”: “ في عراق المنشية، في الفالوجا، في فلسطين، بالتحديد في قسم بوليس عراق المنشية وفي البدروم، كان هذا تحديدا في شهر أغسطس سنة 1948، وكان معي مصطفى كمال صدقي، كنت عائدا من عند قوات البطل أحمد عبد العزيز، وفي طريقي إلى المجدل، توقفت في منطقة عراق المنشية، ولأنه كانت هناك معركة تجري في وقت مروري، توقفت وسألت من الذي يقود هذه المعركة؟، وخاصة وأنهم كانوا يتكلمون عن معركة مجيدة مع العدو الإسرائيلي قادها ضابط شاب”. 

ويضيف هيكل: “قالوا لي إن الذي قادها هو الصاغ جمال عبد الناصر، كان معي الزميل المصور الأستاذ محمد يوسف، وكنا في سيارة جيب تقطع القطاع الأوسط من شمال النقب وبيت جبريل إلى المجدل، وسألت عن مكان الصاغ جمال عبد الناصر، قالوا إنه في القيادة في عراق المنشية”. 

تابع: “كان المكان عبارة عن قسم بوليس من أقسام بوليس الفلسطينيين القديمة التي أقامها الإنجليز، وجمال عبد الناصر كان قد نزل للأسفل في البدروم، وفرش بطانية ولف بطانية أخرى على شكل مخدة من أجل أن ينام ويضع رأسه عليها، دخلت عليه للكلام معه، كان ناقدا للصحافة بصورة شديدة من زاوية تناولها لأخبار وتطورات الحرب، كنا من وجهة نظره نبالغ ونكتب كلاما عير مضبوط، سألته: هل قرأت ما أكتبه عن الحرب؟ قال لي: لا، ثم أكمل: أنا لا أقصدك أنت، كلامي بصفة عامة، ونحن نعرف الأمور من الجرائد، وما ينشر فيها لا يصح ولا يصلح، جلسنا نصف ساعة لم تكن سعيدة أبدا، ثم أكملت طريقي إلى المجدل”.      

 

ــ سعره “10” قروش .. حكاية أول كتاب أهداه “هيكل” لـ عبد الناصر

ويمضي محمد حسنين هيكل في حديثه عن بدايات تعرفه على عبد الناصر وعن اللقاء الثاني معه:  “جاء إلي ــ عبد الناصر ــ مع زكريا محيي الدين، كان زكريا محيي الدين يريد أن يطلعني على مسألة تتعلق بما تقوم به إسرائيل، أما جمال عبد الناصر فقد جاء يطلب مني نسخة من كتابي (إيران فوق بركان)، لأن ثمنه كان غاليا بالنسبة له”.

أضاف هيكل: “كان ثمن الكتاب 10 قروش، وقد قدمت له الكتاب فعلا، هنا ترى رجلا يريد أن يقرأ، وإن كنت لا تعرف إن كان مثقفا أم لا، كانت العشرة قروش مبلغا كبيرا في هذا الوقت حتى لو كان ذلك بالنسبة لضابط في القوات المسلحة، ربما كان مرتبه أربعين جنيها وعشرة قروش من أجل كتاب قد تكون مبلغا كبيرا فعلا، عندما تحاول أن تفكر في قيمة النقود في ذلك الوقت، فإن عشرة قروش في سنة 1949 تساوي علي أقل تقدير 12 أو 15 جنيها اليوم”.