رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"البناءون الجدد" فى رحاب الجمهورية الجديدة

أنظر بكل تقدير لفكرة ومضمون تخصيص ملك السويد "كارل السادس عشر غوستاف" لــ"جائزة البناءون الجدد"، وتمنح جائزة البناءون بشكل سنوي لأصحاب المشاريع من أصول أجنبية، والذين تمكنوا من تحقيق نجاح في أعمالهم.
ويذكر الملك السويدي، أنه عبر المثابرة والتفكير الاستراتيجي والاستعداد للمخاطرة ، يمكن أن تتحول الأفكار الجيدة في بعض الأوقات إلى متعة ومنفعة لملايين الأشخاص وأن الجوائز الممنوحة، هي طريقة لإظهار التقدير لأولئك الذين يمتلكون الشجاعة والالتزام للانتقال من التفكير إلى العمل وبناء شيء عظيم، على الرغم من كل الصعاب، وهذا كله بواسطة تضحياتهم الشخصية العظيمة.
ونحن نعيش مرحلة عنوانها الأهم والأبرز "البناء"، ويبرز على الطرف المقابل الرذيل من يسفه ويقود حملات حقيرة في الداخل والخارج لإهانة ومهاجمة رموز وأهل "البناء" والنيل من إنجازاتهم، أرى أهمية الذهاب لمثل تلك الأشكال من المتابعة والتقدير والتكريم لكل من تقدموا الصفوف وأبدعوا أنماطًا جديدة في شكل  ونظم تطوير البناء والتفرد الإبداعي في تنمية مشاريع التشييد العصرية وقد دلفنا بوابات دخول عصر جمهورية جديدة نفاخر بما تم من إنجازات عملاقة على أرض الكنانة.
نعم، أعتقد أن المتابع لمنظومة التشييد والبناء على أرض المحروسة.. على كل الأرض المصرية دون مبالغة، ومنذ الأيام الأولى لولاية الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد، يستشعر مدى عبقرية الأداء في تحقيق الأحلام التنموية وفق إيقاع متسارع بديع.. والبناء والتشييد هنا ليس بمعناه المادي والحرفي فقط، وإنما أيضًا بمدلوله التعبيري ليشمل البناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي ..
وأعتقد أن مشروع "قناة السويس الجديدة" أو مشروع توسيع منظومة خدمات تلك القناة العملاقة، والبدء بتنفيذها كان بمثابة توقيع عقد اجتماعي جديد في بداية التفاعل الوطني والإنساني والإداري بين الرئيس والشعب وفق دلالات ومعان ومعايير قياس أوجزها في التالي:
• ضغط مدة التنفيذ وتقليصها لتكون عام واحد فقط..
• دعوة الجماهير للمشاركة المادية مع أجهزة الدولة مما كان يؤشر لبداية عهد جديد للتفاعل الوطني بين أجهزة الدولة ومواطنيها، والتي تلاها الكثير من المبادرات التي تتجاوز سريعًا نظم بيروقراطية الأداء الإداري عبر فكر متجدد خارج الصندوق التقليدي..
• وإذا كنا في زمن اندلاع حرب أكتوبر تلبس شعبنا المصري العظيم حالة من الوجد الوطني أطلق عليها "روح أكتوبر" والتي أصبح بالفعل (الكل في واحد).. الكل مشارك والجميع يعطي بحماس وروح وثابة لإدراك النصر المبين ( تناقصت أرقام معدلات حدوت الجرائم ونشر الفساد).. فإننا مع وبعد مشاركة كل أطياف الشعب في صناعة وإشعال ثورة 30 يونيو قد تعاظمت لدى المصريين أحاسيس ومشاعر وقيم الاعتزاز بالهوية المصرية وتنمية قيم المشاركة المجتمعية وإعلاء مفاهيم الانتماء والولاء لوطن العزة والفخار..
نعم، لقد فجر قرار وتنفيذ شق القناة الجديدة وفق آليات الدعوة وخطوات التنفيذ نقطة انطلاق لتفجير طاقات مواطنينا في مجال إطلاق المبادرات الاجتماعية والعمل التطوعي وتمكين شبابنا والمرأة المصرية من قرارات صناعة الوجود الوطني على أرضهم وتحت سماء وطنهم العظيم ..
وبمناسة "البناء" ورموز البناء في العصر المباركي برز اسم ودور المهندس حسب الله الكفراوي البناء العظيم، وإنجازاته العظيمة في مجال تشييد المدن الجديدة ودعم تأسيس بنية تحتية تتجاوز إخفاقات تلك المرحلة في الاستجابة لمطالب الناس، ولكن ولطبيعة تفهمات ونظم العمل الحكومي في تلك الفترة ما لحق بسبل إصدار القرارات وتنفيذها الكثير من أمراض العمل الإداري والتي من أبرزها العمل في جزر منعزلة، وكأنها كانت مشاريع "كفراوية" فردية فقط وليست مشاريع دولة، وعليه كانت هناك بعض الإخفاقات في معالجات جودة البنية الأساسية ظهرت جلية في عهود لاحقة، ومنها إنشاء بعض المدن التي خلت من الخدمات والسكان أيضًا، وكذلك ماتم من إجراءات وإصدار قرارات أراها سلبية في شأن تنمية الساحل الشمالي والبعد عن النظرة المتكاملة للتنمية السكانية، وكذلك عدم التعامل مع قضايا المناطق العشوائية قبل تزايد مفاسدها..
ومثال آخر كان على يد أحد رموز البناء العظام وهو الدكتور كمال الجنزوري ومشروعه المهم لتنمية وزراعة منظقة "توشكى" ثم التوقف بعد تخصيص موازانات هائلة، وهنا أترك الحديث للرئيس عبدالفتاح السيسي.. قال الرئيس "إن سبب عدم نجاح المسئولين السابقين في تنفيذ مشروعات توشكى وشرق العوينات ليس معناه سوء التخطيط أو عدم تناسبه مع الوضع .. أبدًا ، الكلام اللي كان زمايل لينا حلموا بيه من 20 سنة أو أكثر كان لينا نصيب إننا نحققه، وده معناه أي تخطيط بيتعمل بيتعمل بناس متخصصة ومش معنى إنه موفقش من 20 أو 25 سنة، أن التخطيط غير مناسب، ربما عوامل أخرى منعت تنفيذه، اللي قالوا الكلام ده ساعتها مكانوش غلطانين والتخطيط جيد والأرض اتزرعت وبتنتج، وفي النهاية بالنسبة لحجم الأراضي دي بنتكلم في مليون طن قمح يساوي كام وهما معمولين بنظم ري حديثة وحجم المياه المستخدم فيهم هو الحجم الأمثل للري، عشان كل نقطة مياه نستفيد منها.. إحنا معملناش غير اللي خطط له الدكتور الجنزوري"..
ويكفي عصر البناء الذي أعطى إشارة البدء في وضع لبناته الأولى والعبقرية الرئيس عبدالفتاح السيسي الإشارة فقط للمشروع العملاق "حياة كريمة" بكل أوجهه ومنجزاته على كامل الأرض المصرية عند اكتمال إنجاز مراحله، والقائم على قهر تحديات المعاناة الاجتماعية وإضاءة حياة الناس بإشراقات الأمل والحلم بجودة الحياة وفق منظومة عمل متكاملة وقادرة على تحقيق الاستدامة ..
ولعل من أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو أن الدولة كفلت حرية عمل منظمات المجتمع المدني، والتي تمثلت في قانون الجمعيات الأهلية، فالمادة 75 من الدستور أقرت للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي ، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار وتمارس نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها أو حلها أو حل مجالس إدارتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي، وحيث اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019 صدرت بعد انتظار طويل لتعبر بشكل عادل عن الامتيازات التى حملها القانون للجمعيات الأهلية، والذي يمثل نقلة نوعية فريدة للجمعيات الأهلية في مصر والذي يحاكي في مواده المختلفة قوانين العمل الأهلي فى العالم، بما يتضمنه هذا القانون من مواد داعمة لكل الحقوق الإنسانية ..
وستكمل مصر بإذن الله مسيرة البناء والاستقرار ومواصلة دورها فى دعم وكفالة حقوق الإنسان وحرياته، لذلك جاء قرار رئيس مجلس الوزراء سنة 2018 بإنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان والذي يأتي في صدارة المهام الموكلة إليها إعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تعتبر تلك الاستراتيجية خريطة طريق وطنية وأداة للتطوير الذاتي ، نظرًا لأهمية حقوق الإنسان كجزء مهم في مسيرة التنمية الشاملة التي تستهدف بناء الإنسان المصري ..
ومعلوم أن ثورة 30 يونيو تعد البداية الحقيقية للجمهورية الثانية ولمرحلة جديدة في تاريخ الشعب المصري والدولة ومؤسساتها، بعد أن شهدت البلاد إنجاز العديد من المشاريع العملاقة في أعقاب تلك الثورة ..
ولا شك أن الإنجازات التى تحققت للمرأة بعد ثورة يونيو والاستحقاقات الدستورية لم يكن لها مثيل من قبل، منوهة بتقليد المرأة للمناصب العليا لأول مرة في تاريخ مصر لنصل إلى نسبة 25 بالمائة‏ من السيدات بالحكومة.
وقد شهد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي خلال الفترة الماضية من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي إنجازات متنوعة، حيث بلغ عدد الجامعات الحكومية 27 جامعة حكومية، وشهد تصنيف التايمز البريطانى زيادة عدد الجامعات المصرية الناشئة إلى 12 جامعة، فيما شهد تصنيف "شنغهاى" إدراج 16 جامعة مصرية في مراكز متقدمة ضمن أعلى 500 جامعة عالميًا في 54 تخصصًا علميًا، وشهد تصنيف US News العالمي للعام 2020 إدراج 14 جامعة مصرية.. 
كما شهد تصنيف QS العالمي 2020 للمنطقة العربية إدراج 22 جامعة مصرية من بين 129 جامعة على مستوى المنطقة العربية، ما يؤكد زيادة تمثيل الجامعات المصرية هذا العام لتصل إلى 17.1 في المائة على مستوى تصنيف الجامعات.