رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متاهة الانقسامات.. ثقب أسود يبتلع أى توافق لانتخاب رئيس لبنانى جديد

لبنان
لبنان

تتواصل أزمة شغور منصب رئيس الجمهورية اللبناني لما يربو على عام كامل، عقب ترك الرئيس السابق ميشال عون منصبه نهاية أكتوبر الماضي، وسط أزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة تعيشها البلاد.

قبل أيام، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الفرقاء اللبنانيين للحوار لمدة 7 أيام، ثم انتخاب رئيس للجمهورية، وهي دعوة كررها طوال الأشهر الماضية، بعد إخفاق المجلس في هذه المهمة خلال 12 جلسة برلمانية عقدت لهذا الغرض. فيما تباينت رؤى اللبنانيين بين مؤيد للحوار ورافض له.

وقال رئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمال كاسترو عبدالله، إن الأزمة ما زالت مستمرة في النظام السياسي والأنظمة الطائفية والمذهبية أوصلتنا إلى هذا الواقع، واليوم ليست المرة الأولى بالفراغ الرئاسي، وقبل ذلك قضينا عامين ونصف، وهذا الأمر سوف يتواصل طالما بقيت هذه القوى السياسية في المشهد.

مساوئ الطائفية

وأضاف عبدالله في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن المساعي المبذولة لانتخاب رئيس جمهورية محمودة، ونحن ننتظر المنقذ، الذي يأتي بحكومة من أصحاب الكفاءة والذمة المالية النظيفة؛ لاستعادة الأموال المنهوبة، وإنهاء حالة تشتت الدولة.

النّقابي العمالي كاسترو عبد الله لـ'النهار العربي':كيف يعيش العامل اللبناني  بأقل من 700 ألف ليرة شهرياً؟ | النهار العربي
كاسترو عبدالله

وأشار إلى أن الفرقاء في البرلمان اللبناني يتبادلون الأدوار، ومواقفهم معروفة، ينتظرون من يحركهم من الخارج، عاجزون عن الحوار فيما بينهم، لكنهم يخضعون حين يفرض عليهم هذا الحوار من الخارج، وبلدنا يدفع الثمن. داعيا إلى تغليب الحس الوطني والذهاب إلى انتخاب رئيس جمهورية. 

وحذر عبدالله من أن الانهيار والمجاعة على الأبواب، ومبادرة بري كان يمكن الدعوة لها منذ بداية الأزمة، لكن مجيئها المتأخر أفضل من عدم وجودها بالأساس، مشدد على ضرورة أن يكون الحوار على أسس واضحة وشفافة، لبناء الدولة وإنقاذ البلد، والحفاظ على الثروة النفطية، ومحاسبة كل الفاسدين.

وتابع بقوله: الخسارة كبيرة بالنسبة للشعب اللبناني والمقيمون من العمال المهاجرين واللاجئين، والاقتصاد ينزف، وبهذا الوقت ينشط الاقتصاد غير المنظم، والتهرب الضريبي في ظل الانهيار المالي، وإقفال المؤسسات الرسمية، والكهرباء شبه مقطوعة، وكذلك الاتصالات والخدمات العامة.

حوار مرفوض

من ناحيته، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني جورج العاقوري، إن التوافق المطلوب في لبنان هو احترام الدستور والآليات التي ينص عليها لانتخاب رئيس الجمهورية، ويجب على رئيس البرلمان نبيه بري أن يحترم دوره كرئيس للمجلس، لا كرئيس لحركة أمل، وأن يدعو لانتخاب الرئيس بدلا من تعطيل النصاب، والخروج من الجلسات دون نتيجة كل مرة.

العاقوري: ألفتريادس يتوهم حرباً كونية ضده وعليه هو ان يعتذر
جورج العاقوري

وأضاف العاقوري في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن التوافق على انتخاب رئيس كما كان يجري منذ اتفاق الطائف، ولبنان عاش نتائج الصدامات السابقة، وأي توافق اليوم غير مطروح وفق الصيغة السابقة، والمبادرة الأولى أن يتراجع حزب الله وفريقه عن التمسك باسم سليمان فرنجية، وأن يقتنع أن مسألة قوة السلاح لن تفيد، وإذا استخدموا القوة لفرض رئيس لن تفضي إلى الاستقرار المنشود.

واعتبر مبادرة بري التفافا جديدا على الدستور، وكان طرحه سابقا وتم رفضه، والسؤال لماذا لا يبدأ بجلسات لانتخاب رئيس ثم بعد ذلك إطلاق حوار وطني، وابتداع أعراف غير دستورية، وإن تم التوصل لعقد الحوار الذي يدعو إليه فهو مبتور، وسيكون بين فريق واحد إلى حد ما. 

وأوضح العاقوري، أن المعارضة وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية التي تمتلك الكتلبة الأكبر في البرلمان لن تشارك، وكذلك حزب الكتائب اللبنانية، ولا شيء يمنع وجود موالاة ومعارضة في البلاد، ولكن يجب أن يتحملوا نتائج هذا التأخير في الإصلاحات. 

واختتم بالقول: لبنان فقد مفهوم الدولة التي أصبحت متآكلة، والسقوط العامودي مستمر، وهذا الفراغ يساهم في الإسراع في السقوط، ويجب وضع حد له، وهذا يبدأ بانتخاب رئيس، وكل ما عدا ذلك لن يؤدي إلى أي تقدم للأمام في عملية إنقاذ لبنان.

السبيل الوحيد

في المقابل، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني علي عبدو، أنه وسط زحمة المحادثات والمبادرة الفرسية المنبثقة عن اللجنة الخماسية المهتمة بالشأن اللبناني، تبقى مبادرة بري السبيل الوحيد للخروج بحل ينهي ملف الشغور الرئاسي، وهي ليست دعوة عبثية إنما جادة وهادفة لإنقاذ ما تبقى من لبنان، ولا سبيل للخروج من الأزمات إلا بالحوار.

هل باتت الظروف مواتية لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان؟
علي عبدو

وأضاف عبدو، في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أن بري عبر عن خطورة الوضع اللبناني، وقال إننا لا نملك ترف الوقت، والأمور ذاهبة إلى الانسداد الكامل للأفق السياسي، والأزمات أدت لتداعي مؤسسات الدولة، والتحديات حولنا كثيرة، منها أحداث مخيم عين الحلوة، دون أسباب واضحة، وبري نبه لخطورة الأمر، وبادر لإيقاف النزف الفلسطيني داخل المخيمات، وكذلك ملف النازحين واللاجئين السوريين، وعودة داعش وخلاياه النائمة للمنطقة.

وأشار إلى أن الجيش اللبناني وهو المؤسسة الأولى التي يعمل عناصرها للحفاظ على الوحدة الوطنية للبلد، يعاني، فهل يعقل استمرار هذا الوضع، معتبرا أن من يرفض الدعوة إلى الحوار ينفذ أجندات خارجية بالوكالة، حسب وصفه.

ومضى عبدو قائلا: الرئيس بري قادر على جمع الأضداد، وترسيخ الوحدة الوطنية، وإخراج البلاد من الأزمات، و70 في المئة من القوى السياسية تؤيد الحوار، مقابل رفض البقية، دون طرح البديل، أو أي آلية واقعية للخروج من الأزمة، في حين حوار بري بدون شروط مسبقة.

انهيار اقتصادي

ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا هو الأسوأ في تاريخ البلاد، فاقمه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، فيما يحول الصراع على الحصص والنفوذ بين القوى السياسية دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفًا لـ ميشال عون.

ورجح البنك الدولي في تقرير سابق، من أن هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وحذر البنك الدولي من أنه في مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الإنقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلًا والسلام الاجتماعي الهش.