رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. محمد الباز يكتب: قعدة مصري.. دعوة إلى حوار عام ومفتوح

جريدة الدستور

على طول سنوات عملى الصحفى تنقلت عبر عدة صحف وعدة أماكن. 

من شارع قصر النيل، حيث جريدة «الدستور» فى إصدارها الأول، إلى شارع ضريح سعد عندما شاركت فى إصدار جريدة «العائلة»، ومن شارع شريف بوسط البلد حيث شاركت فى تحرير جريدة «الجيل» إلى شارع قصر العينى عندما عملت عامًا فى مجلة «صباح الخير»، ومن ميدان لبنان عندما التحقت بجريدة «صوت الأمة» قبل صدورها، إلى شارع بولس حنا فى الدقى عندما أصدرت الأعداد الأولى من جريدة «الغد»، ومن شارع يعقوب عندما كنت أسهم بمقالات فى جريدة «العربى»، إلى ميدان طلعت حرب عندما أصبحت مستشارًا لتحرير جريدة «الخميس»، ومن شارع الغزل والنسيح عندما استدعيت إلى جريدة «الفجر» نائبًا لرئيس تحريرها إلى ميدان فينى، حيث انتقلنا بمقر جريدة «الفجر» إلى شارع مصدق، حيث أصدرت جريدة «البوابة» اليومية، ومن جاردن سيتى حيث عدت مرة أخرى إلى جريدة «الدستور» بعد أن تقلبت عليها السنون والأحوال إلى شارع مصدق مرة أخرى، حيث استقرت بنا الحال ولا تزال حتى الآن. 

بين هذه المحطات الرئيسية كانت هناك محطات أخرى عابرة.. مكاتب صحفية، صحف صغيرة، تجارب غير مكتملة، رسائل لصحف عربية، عمل ممتد عبر سنوات فى مدينة الإنتاج الإعلامى، ولكل منها قصة تستحق أن تُروى.. وأعتقد أنها لا بد أن تُروى يومًا من الأيام. 

فى كل مرة كنت بعد أن أضع أوراقى وأقلامى وكتبى فى مقر الجريدة، أبدأ البحث عن المقهى المناسب القريب من الجريدة، لتبدأ قصة موازية فى المكان الذى أعتبره براحًا كبيرًا لممارسة طقوسى فى القراءة والكتابة. 

وعلى مقاهى حياتى قابلت بشرًا من كل صنف ولون، استمعت منهم وأنصتّ إليهم، حوارات ممتدة، وتعليقات عابرة، غضب بلا حدود وعجز بلا منطق، اعتراض على كل شىء، ورضا بكل شىء، أحلام غير مكتملة وكوابيس تطارد أصحابها، فلسفات محلقة وعدم فهم لما يحدث، اقتراحات وحلول لمشاكلنا المزمنة ويأس من إصلاح أى شىء. 

كانت المقاهى التى عرفتها وعرفتنى ساحة نقاش لا ينتهى، وفى السنوات الأخيرة زاد النقاش وامتد الحوار، استمعت وقُلت، اعتبرتها أكبر «قعدة مصرى» يمكن أن تقابلها فى حياتك، يتحدث الناس على راحتهم عن كل ما يعترض حياتهم، ولأننا لسان الناس الذى يترجم ما يقولونه ويعيد صياغته، فقد قررت أن يكون بيننا لقاء أسبوعى، أنقل لكم فيه بعضًا مما يدور فى هذه «القعدة»، ولكم الحق فى أن تشاركونى أنا ومن تحدثت إليهم بأفكاركم وكتاباتكم وآرائكم، وستجدونها منشورة على صفحاتنا فى «الدستور»، وكما يصل إلىَّ الناس فى عالمى الخاص على المقاهى، يمكن أن تصلوا أنتم أيضًا إلىَّ عبر صفحات التواصل الاجتماعى و«واتس آب» والإيميل، فالطرق بيننا مفتوحة ومتاحة، وإن كنت أرجو ألا تكون مستباحة، فكل ما أرجوه من هذه التجربة أن تكون تعبيرًا عن حوار جاد لحياتنا التى افتقدت فى كثير من جوانبها إلى الجدية. 

«القعدة» هذه المرة ستكون على الورق، ومن خلال الشاشات اللامعة للموقع الإلكترونى وصفحات السوشيال ميديا، ولأننا تعودنا ألا نقول لكم شيئًا لم يحدث، أو نخفى شيئًا حدث، فستجدون هذه القعدة نموذجًا للجرأة والشجاعة فى الطرح والنقاش، فلا حدود يمكن أن تعوق نقاشنا، فتعالوا نطرح كل الأسئلة، ففى حياتنا الآن أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات مقنعة. 

أعرف أننا تعرضنا، خلال السنوات الماضية، التى تبدأ تحديدًا من ٢٠١١ إلى أكبر حملة تغييب وتشويه وشوشرة على كل وأى شىء، ما يجعلنا أسرى للحيرة والاضطراب، وأصبحنا نعيش زمنًا يمكن توصيفه بأننا نصدق فيه ما نسمعه أكثر مما نصدق ما نراه، نشك فيما بين أيدينا، ونتطلع إلى ما فى أيدى الآخرين أو فى أفواههم. 

هذه الحوارات التى أتمنى أن تمتد بينى وبينكم محاولة لوضع النقاط التى تناثرت على الحروف التى تاهت، فرصة لأن نعرف ما الذى يُراد لنا وبنا، فلم يكن ما فعلناه فى ٢٠١٣ قليلًا أو عابرًا، لقد غيرنا واجهة البيت، أعدنا ترتيب الخريطة السياسية، وقفنا أمام العبث بالخريطة الجغرافية، وهو ما لم يسعد كثيرين، فبدأوا حربًا نفسية طاحنة، شككونا بها فى كل شىء من حولنا.

تعالوا نتحدث حتى نستعيد الثقة بأنفسنا. 

تعالوا نتناقش لنعرف أننا على الحق. 

تعالوا نتحاور لنمسك مرة أخرى بطريق الحق وبأحقيتنا فى أن ندافع عن وطن، قررنا أن نصوغه على هوانا، بعد أن خلصناه من أهواء الآخرين وألاعيبهم. 

فى هذه القعدة، أيضًا، سنفتح مساحة كبيرة لمناقشة ما يقال عبر صفحات السوشيال ميديا، وهو كثير ومتناقض ومرهق، فكثير مما ينشر عليها لقيط لا أب ولا أم ولا أصل، أعرف أن هذه مهمة صعبة، لكن من قال إننا نخشى الصعاب. 

لقد بدأت مصر منذ ما يزيد على العام حالة حوار، استمعنا خلالها إلى ما لا يمكن أن يتخيل أحد أن يقال، وتحول النقاش الحاد والصارخ إلى حالة إيجابية يمكننا البناء عليها، وهو ما أغرانى بأن نستكمل هذه الحالة هنا، أنتم جميعًا الشركاء فيها، كل مواطن لديه ما يقوله، ومن حقه أن نستمع إليه، فكلنا شركاء فى وطن نحلم جميعًا أن يكون الأفضل دائمًا. 

يمكننا التواصل على: [email protected]