رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مايا مرسى: مصر تتبنى "نهجًا شموليًا" لضمان صحة السكان

مايا مرسي
مايا مرسي

شاركت الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، مساء الأربعاء، في جلسة بعنوان "تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين من أجل النهوض بسكان يتمتعون بصحة جيدة". 

جاء ذلك ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية خلال الفترة من 5 ـ 8 سبتمبر 2023 الذي يقام بالقاهرة تحت رعاية الرئيس السيسي.

وقالت د.مايا مرسي في بداية كلمتها: "يشرفني أن أقف أمامكم اليوم لمناقشة موضوع على قدر عظيم من الأهمية ـ تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين ـ وتأثيره على تقدم السكان صحيًا".

وتابعت أن تمكين المرأة ليس مجرد مسألة حقوق، إنها وصفة لسكان أكثر صحة، وأكثر حيوية ومجتمع أقوى، تصوروا معي عالمًا يشجع فيه كل فتاة على أن تحلم بدون حدود وتمنح فيه كل امرأة الأدوات لتحويل تلك الأحلام إلى واقع".

وأكدت رئيسة المجلس: "على الصعيد العالمي، قد يستغرق الأمر الآن 131 عامًا لسد الفجوة العالمية بين الجنسين بعد خسارة "جيل كامل" من التقدم بسبب فيروس كورونا وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، ولا تزال العوامل التي أرجعت المرأة إلى الوراء خلال السنوات الأخيرة بما في ذلك البنية التحتية غير الكافية للرعاية وتعطل القوى العاملة بسبب التكنولوجيات الجديدة والركود في مختلف القطاعات سائدة".

تمكين المرأة 

أوضحت أن تمكين المرأة هو الطريقة الأكثر فعالية لخفض معدلات الخصوبة وتحقيق حجم سكاني مستدام يحترم حدود القدرة الاستيعابية للأرض. فعادة  عدد السنوات التي تقضيها المرأة في التعليم يرتبط  بعدد الأطفال الذين ستنجبهم في حياتها.

أضافت: في 2019 قدرت الأمم المتحدة أن الأمر سيكلف على الصعيد العالمي نحو 264 مليار دولار لإنهاء أسوأ حالات الظلم بين الجنسين: العنف ضد النساء والفتيات، وزواج الأطفال، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ووفيات الأمهات -التي يمكن الوقاية منها- والحاجة غير الملباة من وسائل منع الحمل، وحتى الآن لم نتمكن بتمويل إلا 16% من التعهد المطلوب.

وأشارت أنه وفقًا لما ذكره صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن كل دولار يتم إنفاقه على تلبية احتياجات المرأة في مجال تنظيم الأسرة يؤدي إلى فوائد قدرها 120 دولارًا. فكل شخص إضافي على كوكبنا يؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية ـ ويزيد عدد ضحايا تغير المناخ وخاصة ما بين الفقراء.

برنامج الأمم المتحدة 

وأكدت أنه في مصر كما ذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، فإن التمكين الاقتصادي للمرأة واستقلال المرأة من خلال انخفاض معدلات الخصوبة وزيادة المشاركة في العمل سيؤدي إلى تقليل عدد الفقراء بمقدار 3.8 مليون شخص في العالم. مؤكدة أن الاقتصاد يحصل على دفعة قوية من دخول المزيد من النساء إلى سوق العمل، وفي الوقت نفسه تؤدي زيادة فرص الحصول على خدمات تنظيم الأسرة إلى خفض معدل الخصوبة، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو السكاني، ويؤدي إلى انخفاض عدد الأطفال الذين يولدون في ظل الفقر.

كما أكدت أن مصر تتبنى نهجًا شموليًا وتضع نظامًا بيئيًا لضمان صحة السكان لمعالجة مجموعة واسعة من القضايا المترابطة التي تشمل الرعاية الصحية والتعليم والعوامل الاجتماعية والظروف الاقتصادية وغيرها، قائلة: الآن حان الوقت لإعادة كتابة هذا الواقع، وإطلاق العنان للإمكانات غير المستغلة للنساء والفتيات، وتمهيد الطريق لهن نحو مستقبل أكثر إشراقًا وإنصافًا، فلدى مصر إطار سياسي ممتد من دستور 2014 إلى استراتيجية تمكين المرأة 2030، وكما رأينا بالأمس النساء المستفيدات وعوامل التغيير في الاستراتيجية الوطنية للسكان 2030 التي تم إطلاقها.

وأشارت الى أن تمكين المرأة وتحقيق المساواة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا بل أيضًا واجبًا استراتيجيًا مدعومًا بأعلى إرادة سياسية في مصر" سيادة رئيس الجمهورية"، مضيفة:  فعندما يتم تمكين المرأة، تتعزز الأسر وترقى المجتمعات وتزدهر الأمم. إنه تأثير متضاعف يؤدي إلى سكان أكثر تناغمًا وصحةً واستدامةً ومستقبل أكثر إشراقًا للجميع.

وتابعت: تبنت مصر المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، حيث يهدف الى الارتقاء بجودة حياة المواطنين، وأيضًا تحسين الخصائص الديموغرافية لهم، ويعالج الزيادة السكانية كما أنه ولأول مرة تعتمد فيه الدولة على مكون التمكين الاقتصادي للمرأة.

أضافت رئيسة المجلس أن تمكين المرأة بشكل عام والتمكين الاقتصادي على وجه التحديد هما قوتان متشابكتان تحملان المفتاح لتنمية مجتمع صحي، وعندما يتم تمكين النساء فإنهن لا يكسبن فقط القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهن ورفاهتهن فحسب، بل يسهمن أيضًا إسهامًا كبيرًا في الحيوية الاقتصادية لأسرهن ومجتمعاتهن المحلية.

من خلال ضمان المساواة في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية، مؤكدة أننا نهدف إلى تهيئة بيئة يمكن فيها للمرأة أن تحقق كامل إمكاناتها، وتشارك بنشاط في قوة العمل، وتصبح أحد عوامل التغيير.

أوضحت: عندما تصبح النساء مستقلات ماليًا، فإنهن يلعبن دورًا محوريًا في زيادة دخل الأسرة وهو ما يترجم بدوره إلى تحسين الظروف المعيشية وتحسين التغذية العامة والحصول على الرعاية الصحية الجيدة لأسرهن، وبالتالي، فإن التفاعل بين تمكين المرأة والتمكين الاقتصادي محفز لكسر حلقة الفقر، وتعزيز النتائج الصحية، ورعاية سكان مزدهرين وأصحاء لأجيال مقبلة، مع كل امرأة تخطو إلى ضوء إمكاناتها، تزدهر الصحة الجماعية ورفاهية الأمة.

صحة السكان 

وذكرت رئيسة المجلس أن النهوض بصحة السكان هى مسئولية مشتركة، بمشاركة كل من المرأة والرجل على حد سواء في حين أن تمكين المرأة يعد أمرًا بالغ الأهمية، فلا بد أيضًا من الاعتراف بأن الرجل يلعب دورًا حيويًا في تشكيل صحة المجتمعات ورفاهيتها، مؤكدة أن مشاركة الرجال في تعزيز المساواة لا تمكّن المرأة فحسب، بل تمهد الطريق لأجيال أكثر صحة من خلال تعزيز التواصل المفتوح وتقاسم المسئوليات وإيجاد بيئة أسرية داعمة تعزز الصحة البدنية والعقلية للجميع.

وأكدت أنه يتمثل جوهر تمكين المرأة في الاعتراف بالإمكانات والقدرات الفطرية التي تمتلكها كل امرأة باستخدام 10 مسارات في المشروع القومى لتنمية الأسرة، وهي تبدأ بالتعليم -المفتاح الذي يفتح الأبواب أمام الفرص والمعرفة، وهي قوة تتجاوز الأجيال وتحول الحياة، فعندما تتاح للفتيات فرص الحصول على تعليم جيد، لا يكتفين بتشكيل مصائرهن فحسب، بل أيضًا مصائر أسرهن ومجتمعاتهن المحلية.

وتابعت: الرعاية الصحية هي جانب آخر مهم من التمكين، لأن الحصول على الرعاية الصحية وخدمات الإنجاب وتنظيم الأسرة يمكّن النساء من اتخاذ خيارات بشأن أجسادهن وأسرهن، مضيفة أن وحدات صحة الأم والطفل تساعد المرأة في ضمان صحة الحمل والولادة المأمونة والرعاية بعد الولادة للأمهات، فضلًا عن خدمات صحة المواليد والأطفال المناسبة.

وقالت: تعد التغذية الكافية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ ضرورية للنمو البدني والإدراكي، معالجة قضايا سوء التغذية، سواء نقص التغذية أو فرط التغذية. فعند إعطاء الأولوية لصحة المرأة، يتم إرساء الأساس لتمتع السكان بالصحة، بما يضمن ليس فقط السلامة البدنية بل أيضًا المرونة العقلية والعاطفية، "صحة المرأة المصرية هي صحة مصر" مبادرة السيد رئيس الجمهورية.

وأشارت إلى أن تعزيز الرفاهية النفسية، ومعالجة اضطرابات الصحة النفسية، والحد من وصمة العار التي تحيط بالبحث عن خدمات الصحة النفسية هي جزء لا يتجزأ من تحقيق تحديث شامل للصحة. مشيرة  إلى ضرورة  معالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية مثل الفقر وعدم المساواة في الدخل وظروف السكن وفرص العمل، لأن هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على النتائج الصحية.

وأضافت أن التمكين الاقتصادي يعد منارة الأمم ومحور تقدمها. إن تعزيز الفرص الاقتصادية للمرأة من خلال الإدماج المالي والتدريب الوظيفي ودعم مباشرة الأعمال الحرة والحصول على موارد مثل القروض والأراضي والتكنولوجيا يعزز قدرتها على المشاركة في الأنشطة الاقتصادية وصنع القرار، ويساعدها أيضًا على المساهمة في الاستقرار المالي للأسرة.

وتابعت أن الاستقلال الاقتصادي يعزز من ثقة النساء وقدرتهن على اتخاذ القرار، فيصبحن مساهمات في دخل أسرهن المعيشية، مما يعزز الاستقرار والاعتماد على الذات. وبكسر الحواجز في قوة العمل وتشجيع روح المبادرة التجارية، فإننا لا نخلق مشهدًا اقتصاديًا أكثر عدلًا فحسب، بل نعمل أيضًا على تفكيك المعايير عميقة الجذور التي أعاقت مسيرتنا لفترة طويلة للغاية "برنامج مجموعات الادخار والإقراض: تحويشة" و"رابحة".

واستطردت: مع ذلك، يجب ألا تتوقف جهودنا عند التمكين الاقتصادي فحسب، فنحن نعمل على تحدي القوالب النمطية التي تخلد عدم المساواة. نحن نعزز بيئة من الاحترام والتعاون المتبادلين من خلال تعزيز تقاسم المسئوليات داخل الأسر وتشجيع الرجال على المشاركة النشطة في تقديم الرعاية وفي الواجبات المنزلية، وعندما نعلم أطفالنا أن الشراكات المتساوية هي أساس الأسر القوية فإننا نزرع بذور مستقبل أكثر تناغمًا "برنامج لأني رجل".

وأكدت ضرورة أن نتأكد أيضًا أن تحقيق المساواة يتطلب إطارًا قانونيًا وسياسات لتنفيذ وإنفاذ القوانين التي تصون حقوق المرأة وتحميها من التمييز والعنف، وهذا يشمل القوانين المتعلقة بالملكية والميراث والعنف والتحرش في مكان العمل، وكذلك سن الزواج وهو ما يتطلب تنمية مهارات القيادة لدى النساء ومنحهن القدرة على المشاركة في صنع القرار على جميع مستويات المجتمع  من المنزل إلى الحكومة.

وأشارت إلى أن وسائل الإعلام تؤدي أدوارًا محورية في تشكيل تصوراتنا ونحن نعمل على إعادة النظر والتأثير في عرض وسائل الإعلام التي تصور المرأة على أنها فرد قوي وقادر يسهم بشكل إيجابي في المجتمع، من خلال الاحتفال بإنجازات المرأة، نحن نلهم الجيل القادم من الفتيات لتحلم أحلامًا كبيرةً ولتصل إلى النجوم.

الدعم والشبكات الاجتماعية: يوفر إنشاء شبكات دعم للمرأة مثل الجماعات النسائية وبرامج الإرشاد والمبادرات المجتمعية، فرصًا للدعم العاطفي للمرأة وبناء المهارات والشعور بالانتماء.

المشاركة السياسية والقيادة: تشجيع مشاركة المرأة في صنع القرار على جميع المستويات، من المستوى المحلي إلى المستوى الوطني، يعزز تمثيلها وصوتها في الأمور التي تؤثر على حياتها وأسرتها، وأيضًا كسر السقف الزجاجي وصهر الأبواب الحديدية، هي إحدى تلك الاستراتيجيات.

زيادة الوعي: حول المساواة وحقوق المرأة وفوائد تمكين المرأة داخل المجتمعات يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في المواقف وبيئات أكثر دعمًا.

التربية الإيجابية والتعليم: إن تثقيف الوالدين بأهمية معاملة الأولاد والبنات على قدم المساواة، وغرس قيم الاحترام والمساواة، يساعد على كسر دائرة التمييز القائم على نوع الجنس.

إطار استثمار الفتيات "تحت رعاية السيدة الأولى.. دوّي يا نورة" هي منارة الأمل التي تضيء الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا للفتيات. فهو يجسد التزامنا الجماعي بالاستثمار ليس في تعليمهن فحسب، بل أيضًا في أحلامهن وتطلعاتهن وإمكاناتهن التي لا حدود لها. إنه وعد جريء لكسر الحواجز وتحطيم الأسقف، ويشهد هذا الإطار على إيماننا بأنه عندما نمكِّن الفتيات نمكِّن مجتمعات بأسرها، إنه تذكير بأن نجاح كل فتاة هو درج يمتد بعيدًا ملهمًا الآخريات للوصول إلى تلك النجوم.

حلمنا في المشروع القومى لتنمية الأسرة بأنه بالتصدي لهذه العوامل، يمكن أن تبني المجتمعات بيئةً تمكن المرأة، وتزدهر فيها الأسر، وتصبح فيها المساواة حجر الزاوية للتقدم.

في الختام قالت "تذكروا أن النساء اللاتي تم تمكينهن هن اللائي أنشأن أسرًا أكثر صحةً، ومجتمعات قادرة على الصمود، ومجتمعات أكثر استدامة".

واختتمت: "أشكركم على تفانيكم والتزامكم بهذه القضية الحيوية. ويمكننا معًا أن نبني عالمًا يؤدي فيه تمكين المرأة إلى التقدم للجميع".