رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجارب الحركات النسائية فى الخروج من الأزمات

شاركت فى مؤتمر عن تبادل الخبرات، من خلال التجارب النسائية فى الخروج من الأزمات تحت شعار (على هدى: المرأة- الحياة- الحرية)، الذى أقيم فى العاصمة اللبنانية بيروت يومى 18 و19 أغسطس 2023، وذلك بدعوة كريمة من رابطتى جين النسائية، ونوروز الثقافية الاجتماعية.
حضر المؤتمر أكثر من 100 من النساء والفتيات، من منظمات نسائية من 11 دولة من المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منها مصر وتونس والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق والسودان وتركيا، وحضرت متحدثة لكل من أفغانستان وإيران من خلال الفيديو كونفرانس، وتحدثت كل منهما عن التحديات التى تقابل النساء والفتيات فى إيران وأفغانستان.
ومن مصر شاركت الدكتورة راندا فخر الدين (نائب رئيس مركز العرب 2030 للأبحاث والدراسات، ومديرة ائتلاف الجمعيات الأهلية لمناهضة ختان الإناث)، كما شاركت كاتبة هذا المقال وقدمت ورقة للمؤتمر حول «أوضاع النساء فى إفريقيا».
وفى السطور التالية سألخص أهم ما جاء فى هذه الورقة التى يتضح منها أن التحديات التى تقابل النساء فى بلداننا واحدة قد تختلف نسبتها من بلد لآخر ولكنها متشابهة.
ينص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على أن البشر يولدون جميعا أحرارًا، ومتساوين فى الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات العامة، المقررة فيه دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومى.
والمقصود بجريمة التمييز «كل من قام بعمل أو الامتناع عن عمل يكون من شأنه، إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس، بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو العقيدة، أو الانتماء السياسى، وترتب على هذا، إهدار لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، ولا تسقط الدعوى الجنائية فى جرائم التمييز، ولا الدعاوى المدنية الناشئة عنها بالتقادم».
نصت القوانين الدولية لحقوق الإنسان على المساواة بين الجنسين، وأكدت الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدرته، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية.
وعرَّف القانون العنف ضد المرأة بأنه «كل اعتداء مادى أو معنوى أو جنسى أو اقتصادى ضد المرأة أساسه التمييز بسبب النوع، الذى يتسبب فى إيذاء أو ألم جسدى أو نفسى أو جنسى أو اقتصادى للمرأة. ويشمل أيضًا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات، سواء فى الحياة العامة أوع الخاصة».
ويزداد العنف والتمييز ضد المرأة فى كل الدول بدءًا من تعرضها للعنف الأسرى والمجتمعى، والعنف الناتج عن الهجرة غير الشرعية، ونتيجة للصراعات والنزاعات والحروب التى تؤدى إلى النزوح واللجوء والإقامة فى مخيمات تفتقر لأبسط مظاهر الحياة من توافر مياه نظيفة وأدوية وغذاء، يعيشون تحت قيظ حرارة الصيف وشدة برودة الشتاء وأمطاره، وانتهاءً بمواجهة الأوبئة والمجاعات.
كل هذا بجانب ما تتعرض له الأسيرات فى سجون الاحتلال الصهيونى من عنف وقهر وتعذيب ومنع الزيارات والأدوية، وتعرض النساء والأطفال والمسنين الفلسطينيين لجرائم الاعتقال والطرد من منازلهم وتدميرها واقتلاع زراعاتهم على يد العدو الغادر. 
وفى المنطقة العربية يتزايد العنف ضد المرأة نتيجة لاستمرار ثقافة مجتمعية ظلامية رجعية لا ترى فى المرأة غير الجسد، ما يعرض النساء والفتيات للتحرش بكل أشكاله سواء فى الأسرة أو الشارع أو المدارس والجامعات أو أماكن العمل.
اعتمدت الأمم المتحدة «بروتوكول حقوق المرأة فى إفريقيا» لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقى، وذلك أثناء انعقاد قمتها العادية الثانية فى مابوتو عاصمة موزمبيق فى 11 يوليو 2003.
ويدعو البروتوكول فى مواده إلى القضاء على كل تمييز ضد المرأة، وكفالة حقوقها وفقًا للمواثيق الدولية، ووفقًا لحقوق المرأة المعترف بها فى العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية واتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة.
وينص البروتوكول فى مادته الثانية على «تحظر كل أشكال التمييز، العرق، واللون، والدين، والجنس، واللغة، والرأى، السياسى، والمنشأ الوطنى أو الاجتماعى أو الثروة أو المولد، أو أى وضع آخر».
وفى المادة 11 وتحت عنوان «حماية المرأة فى النزاعات المسلحة» ينص على أن تتعهد الدول الأطراف بضمان احترام قواعد القانون الإنسانى الدولى وحماية المدنيين، فى أوضاع النزاعات المسلحة، بمن فيهم النساء، بغض النظر عن الفئة السكانية التى ينتمين إليها، وحماية طالبات اللجوء واللاجئات والعائدات والمشردات داخليا من كل أشكال العنف، والاغتصاب، والاستغلال الجنسى، وضمان اعتبار أعمال العنف هذه جرائم حرب و/أو إبادة جماعية و/أو جرائم ضد الإنسانية، وتقديم الجناة للعدالة. هذا بجانب أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير اللازمة لضمان مشاركة أى طفل، خاصة الفتيات اللاتى لم يبلغن سن 18 عاما فى الأعمال العدائية وعدم تجنيد أى طفل كجندى.
كما ينص البروتوكول فى مواده على كرامة النساء وحظر استغلال المرأة أو تحقيرها أو الاتجار بها، والحق فى الحياة والسلامة والأمن الشخصيين، وذلك باتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، لضمان منع جميع أشكال العنف ضد النساء، والمعاقبة بشأنها والقضاء عليها، بجانب التعزيز الفعال لتعليم السلام، من خلال المناهج الدراسية، من أجل القضاء على جوانب المعتقدات والممارسات التى تضفى شرعية على العنف ضد المرأة.
وفى المواد الخاصة بالقضاء على الممارسات الضارة والزواج ينطلق البروتوكول من حظر أشكال الممارسات الضارة من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)، مع توفير الدعم اللازم للضحايا صحيا ونفسيا واجتماعيا. كما ينطلق البروتوكول من أن يكون الحد الأدنى لسن زواج المرأة هو 18 سنة، وأن تتمتع المرأة بحقوق متساوية مع الرجل، فيما يتعلق بجنسية الأطفال وفى المشاركة فى حماية الأسرة وحماية الأطفال وتعليمهم.
ويتعرض البروتوكول فى مواده على كل الحقوق الخاصة بالعدالة والمساواة أمام القانون، والحق فى المشاركة السياسية وصنع القرار، والحق فى التعليم والتدريب، والتمكين الاقتصادى، والحقوق الصحية والإنجابية، والحق فى العمل والسكن، وبيئة صحية مستدامة.
كما تعهدت الدول الأطراف على كفالة حماية حقوق الأرامل والحق فى الميراث وحماية الكبار والمسنات وحماية خاصة لذوات الإعاقة.
بالطبع من يتجول فى صفحات هذا البروتوكول وغيره من المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة، يجد أنه فى أحيان كثيرة لا تنقصنا تشريعات أو قوانين، ولكن ما ينقصنا هو تفعيل وتنفيذ هذ القوانين، بل الأهم التوعية المجتمعية بها.
تعانى النساء فى كل أنحاء العالم من التمييز ومن العنف (الجسدى والجنسى والنفسى)، وذلك فى الأسرة والمجتمع وأماكن العمل، لذا تمتد مسيرة نضالية طويلة للنساء من أجل عالم خال من العنف، عالم يقوم على المساواة وعدم التمييز والمواطنة والعيش مع الآخر والتسامح، عالم يسوده السلام والخير للإنسانية جمعاء. وللحديث بقية حيث نستكمل فى المقال القادم، التحديات التى تقابلها المرأة فى بلدان إفريقيا.