رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدة رئاسية ثالثة لإطلاق المزيد من إشراقات المواطنة

لعل من أهم قيم المواطنة تتمثل في المساواة الكاملة من دون تمييز، أمام القانون في الحقوق والواجبات التي كرستها المواثيق الدولية، وتضمنتها الدساتير .. 
إضافة إلى قيم المشاركة والحرية والمسؤولية الاجتماعية، بحيث لا تكتمل المواطنة ما لم يصحبها حب الوطن، وخدمة إنمائه وإعماره وتقدمه وحمايته، والشعور العميق بالانتماء إليه، ولا يتأتى هذا الإحساس إلا بالممارسة الفعلية لحقوق المواطنة، ومن هنا ندرك مدى ارتباط مفهوم المواطنة بمفهوم الوطنية، مفهومان مترابطان، يتكاملان عندما نؤمن بأن الوطنية في تجلياتها الأبرز تمثل محصلة رائعة لممارسة قيم المواطنة ..
والمواطنة مفهوم له جوانب ثلاثة: أولها، جانب حقوقى قانونى يرتبط بالمساواة بين المواطنين، وثانيها، جانب سياسي اجتماعي يتعلق بالمشاركة السياسية، وكذلك بالمشاركة في عائد التنمية، وثالثها، جانب رمزي معنوي يتعلق بمعاني الانتماء والارتباط بالوطن ..
ومعلوم أن المواطنة ليست مجرد وضعية قانونية شكلية، وإنما هنا هي إشراقة فكرية وسلوك وثقافة، وقبل ذلك، هي حقوق وواجبات، واحترام متبادل بين المواطنين، واعتراف بالتنوع في المجتمع، وتقاسم في القيم والعادات والتقاليد والهوية الجماعية، وفي ظل تكافل اجتماعي، وتعاضد، وفرص متكافئة في التعليم والعمل والمعاملة والمشاركة ..
والمواطنة الصحيحة، تميز بين مواطن فعال، ومواطن غير فعال، في إطار الحفاظ على المجتمع، ولحمته الاجتماعية، وتنميته، وتطويره، واحترام قوانينه ..
ولعل ما بين شعور الإنسان بالاهتمام والرغبة في المشاركة من جانب، وبين شعوره بالمسئولية من جانب آخر، تترسخ فكرة "المواطنة"، وإذا كان هناك إدراك حقيقي بمفهوم المواطنة فلنعتبرها نقطة الانطلاق، فإن المشاركة تبقى المرحلة الوسيطة للشعور بالانتماء الوطني وتحقيق المساواة، وبالتالى، تظل المواطنة كقيمة عليا مرتهنة بقدرة البناء السياسى على الاستجابة للبناء الاجتماعي الاقتصادي، ومن ثم يتوافر للإنسان القدرة على ممارستها ..
وعليه، يبرز في تلك الحالة الجسر الأهم لتحقيق التواصل عبر وسائط الإعلام المختلفة لتشكيل الوعي، حيث يرتبط الوعى والمشاركة والممارسة ومن ثم تحول المجتمعات نحو الحداثة والديمقراطية بقدرة الإعلام على الاشتباك الإيجابي مع  قضايا المجتمع وتمثيلها من وجهة نظر الجماهير وليس تقديمها عبر منظور حكومي تقليدي، ولهذا السبب، بات الإعلام بوسائله المتعددة المحدثة والمتطورة جزءًا من ملامح ومعطيات واقعنا المعاصر والتي تعد "المواطنة" أهم معطياته..
أتذكر من بين ما حدث في العصر المباركي، وبالتحديد في عام 1992، عندما أصدر مجلس الشورى تقريرا دينيا مهما، وقد تلمست التوصيات بعض جوانب الأمر، وأمسكت بتلابيب المتآمرين، فإن التقرير أُهمل للأسف، والتوصيات أُحيلت إلى النسيان، وكالعادة أيضاً فإن التقرير يستند إلى صحيح الدين الذي لا يعجب البوم الناعق بالخراب والتفريق سواء في التليفزيون، أو على صفحات جريدة يومية  قومية كبرى"، ويذكرنا التقرير بالآيات الكريمة "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"، والآية "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، والآية "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"..
ثم يستند التقرير إلى حقائق التاريخ فيقول "المصريون أبناء وطن واحد، ارتووا بماء النيل، وافتدوا وطنهم دائماً بأموالهم وأنفسهم من الغاصب، وعملوا معاً يداً واحدة على طرد كل الدخلاء" .. "وعندما استخدم الاحتلال كل ما يملك من وسائل القوة والخديعة في التآمر لضرب الوحدة الوطنية في فبراير 1910 .. فإن العقلاء من المسلمين والمسيحيين سرعان ما قضوا على تلك الفتنة لتعود الوحدة الوطنية إلى أصالتها .. ولقد قيل لواحد من أبناء ضحايا عام 1910، وكان قد قام بدور بارز في ثورة 1919، كيف تضع يدك في يد من قتلوا والدك؟ وردد الرجل كلمة رائعة "أضع يدي في يد من قتلوا أبي، ولكني لا أضعها في يد من قتلوا وطني" .. "وما من عمل وطني ناجح، وما من ثورة وطنية في مصر حققت أهدافها، وما من حرب خاضتها مصر، إلا كان سر النجاح والانتصار هو اشتراك أبناء الوطن الواحد جميعاً على قدم المساواة لا فضل لأحد على الآخر إلا بقدر ما أعطى وضحى ..
ويبقى السؤال: كان لدينا  تقرير د. جمال العطيفي الرائع والمتكامل بعد أحداث الفتنة الشهيرة، و تقرير مجلس الشورى الذي استعرضنا هنا بعض الجوانب الإيجابية منه، وأيضاً وثائق الأزهر الشريف التي توافق على موادها وشارك في وضعها  الجميع، أراها جميعاً كرؤى وأطروحات كان يمكن البناء عليها وتحويلها لنواميس تعامل اجتماعي وإنساني، وكانت كفيلة بتجاوز العديد من الفتن التي تشتعل من آن إلى آخر، فلماذا نهدر جهود من شاركوا في وضعها على أرضية وطنية، وتبقى مجرد مجموعة من أوراق الفرص الضائعة ؟!!
وعليه، كان للاشتباك الإيجابي من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسي لمعالجة قضايا تحقيق المواطنة منذ اليوم الأول لولايته حكم البلاد نافذًا وسريعًا عبر قرارات ومبادرات ومواقف رئاسية لا تنتظر لجانا واجتماعات ولا تحرير وثائق، وأستأذن القارئ العزيز لعرض أهمها باعتبارها إشراقات وطنية وإنسانية رائعة على كل الأصعدة، ولعلي كمواطن مصري مسيحي عانى في حقب سابقة تبعات ضرب معظم مبادئ المواطنة والإطاحة بالحقوق التي تكفلها بشكل عام للمواطن المصري وبشكل خاص للمواطن المسيحي للأسف، فكانت تلك الوقفات الرائعة والنبيلة من جانب الرئيس، والتي أشهد بها، وأطالب بمدة رئاسية جديدة لاستكمال تحقيق كل مزايا وحقوق وأهداف المواطنة الكاملة والحقيقية وضع دستور لدولة 30 يونيو، وإشارات واضحة لتفعيل قيم المواطنة فى أكثر من مادة في الدستور المصري 2014.. "مواطنة " ..
• في مطالبة الرئيس السيسي بإصلاح الخطاب الديني والثقافي والإعلامي .. "مواطنة" ..  
• أن ينص توجيه بمثابة قرار رئاسي على بناء مسجد وكنيسة في كل مجتمع عمراني جديد، ونشهد على الأرض تفعيل القرار.. "مواطنة" .. 
• كان قرار الإجهاز على العشوائيات وبناء البديل الحضاري وتسكين أهاليها بنجاح هائل .. "مواطنة" ..
• في إصدار وتفعيل قانون "التأمين الصحي" وبداية التطبيق التجريبي الفعلي في عدد من المحافظات .. "مواطنة" ..
• في إصدار قرارات الإجهاز على "فيروس سي" والتنفيذ بهذا النجاح المذهل وغيرها من المبادرات الصحية الرائعة الراعية للمرأة والطفل وذوى الهمم، ومن كانوا ينتظرون العلاج العاجل والقضاء على قوائم انتظار العلاج والعمليات، وفي تفعيل منظومة إدارية ناجحة في مواجهة “كورونا”.. "مواطنة" ..
• فور أحداث فض رابعة، والإنجاز الرائع بإعادة بناء وترميم بناء ما دمرته معاول الشر الإرهابية من كنائس وملحقات خدمية لها ..  "مواطنة" ..
• إصدار القوانين والتشريعات المنظمة لبناء الكنائس، إلى جانب إصدار قرارات جمهورية بإنشاء هيئة للأوقاف الكاثوليكية والإنجيلية .. "مواطنة" ..
• حضور رئيس الجمهورية احتفالات الأقباط بعيد الميلاد المجيد وزيارة الكنيسة منذ أن أصبح رئيسًا لكل المصريين، والاهتمام والتوجيه ببناء الكنائس في المدن الجديدة، والعمل على تقنين أوضاع الكنائس وملحقاتها في مختلف المحافظات.. "مواطنة" ..
• صدور القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس وملحقاتها تحديدا في 28 سبتمبر 2016، وسط ترحيب من كافة المسئولين وأعضاء مجلس النواب والقيادات الدينية المسيحية باعتبار أن القانون الجديد ينهي مشكلة كانت قائمة منذ عدة عهود مرتبطة بالصعوبات التى تواجهها عملية بناء وترميم الكنائس .. "مواطنة" ..
• زيارة الرئيس السيسي الكنيسة 8 مرات لتهنئة الأقباط دعمًا وبثًا لرسائل الوحدة الوطنية بين كل أطياف الشعب، وكانت أولى هذه الزيارات لكاتدرائية العباسية فى 6 يناير 2015 ووقتها وجّه الرئيس حديثه للحاضرين قائلًا: "كان ضروري أجيلكم عشان أقولكم كل سنة وأنتم طيبين" .. أما الزيارة الثانية للرئيس السيسي إلى الكاتدرائية بالعباسية فكانت فى شهر فبراير عام 2015 لتقديم واجب العزاء فى شهداء العملية الإرهابية في ليبيا .. "مواطنة" ..
• زيارة الرئيس السيسي الكاتدرائية بالعباسية للمرة الثالثة لتقديم التهنئة للبابا تواضروس ومشاركة الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد المجيد .. وفي الزيارة الرابعة للكاتدرائية العام التالى للتهنئة بعيد الميلاد المجيد كان إعلان الوفاء بالوعد الرئاسي بترميم الكنائس، كما وعد خلال هذه الزيارة ببناء أكبر مسجد وأكبر كنيسة بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بالعاصمة الإدارية الجديدة .. "مواطنة" ..
• وفى شهر أبريل عام 2017، كانت الزيارة الخامسة للرئيس السيسي للكاتدرائية بمناسبة تقديم واجب العزاء في شهداء الحادثين الإرهابيين بكنيستى "مارمرقس" بالإسكندرية و"مارجرجس" بأبو النجا في طنطا .. "مواطنة" ..
• وفي أمسية روحية تاريخية عاشها الشعب المصري، افتتح الرئيس السيسي مسجد (الفتاح العليم) وكاتدرائية (ميلاد المسيح) بالعاصمة الإدارية الجديدة.. وتعد هذه الكاتدرائية هي الأكبر حجمًا وسعة بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تقع على مساحة 63 ألف متر مربع وتتسع لأكثر من 8 آلاف شخص .. "مواطنة" ..
• ثم كانت التهنئة فى العام التالى لمشاركة الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بكاتدرائية (ميلاد المسيح ) وسط فرحة غامرة من جانب الحضور .. "مواطنة" ..
• مشاركة الرئيس السيسي في الجنازة الرسمية لشهداء الكنيسة البطرسية، والتى أقيمت في 12 ديسمبر 2016 ، ويومها أعلن عن منفذ العملية الإرهابية محمود شفيق محمد مصطفى، وأن العزاء لكل المصريين ، قائلًا "لن نترك ثأرنا" .. "مواطنة" ..
• وكما وعد الرئيس وعلى طريقة "مسافة السكة" كانت الضربة العسكرية الشهيرة التاريخية للوكر الداعشي المرتكب ساكنوه جريمة ذبح أقباط المنيا على الأرض الليبية .. "مواطنة" ..
• لأول مرة يتم تمثيل الأقباط في البرلمانين بأرقام غير مسبوقة على مدى قرن من الزمان، وتصعيد مواطنة قبطية لمنصب "نائب رئيس لمجلس الشيوخ" وتعيين محافظة قبطية .. "مواطنة" ..
• لأول مرة يتم تمثيل المرأة والشباب بأعداد رائعة في نقلة حضارية بديعة .. "مواطنة" ..
• وفى مراحل سابقة كان إقرار مشروع تنظيم مؤسسات العمل المدني وتيسير إقامة الجمعيات ونظم تشغيلها وتحقيق طفرة في مجال العمل الاجتماعي والوطني الجماهيري .. "مواطنة"..
• دعم وتشجيع العمل التطوعي وتحفيز الجماهير على التعامل مع آليات التبرع الجديدة لدعم الاقتصاد الوطني ولصالح إقامة مشروعات كبرى بإنشاء "صندوق تحيا مصر" .. "مواطنة"..
• ويكفى انتقال مصر من فلسفة إدارية تعتمد أطر نجاح وهمية من خلال انتشار فكر "وضع حجر الأساس" إلى آلية إدارة تقوم كل يوم بإنجازات وطنية عبقرية في كل المجالات، ليشهد مواطن "دولة المواطنة" الافتتاحات المفرحة والمبشرة وانطلاق العمل عقب تلك الافتتاحات مباشرة .. "مواطنة" ..
• الانتقال من فلسفة العمل في جزر منعزلة إلى دعم آليات العمل الجماعي في منظومات عمل وزارية ناجحة .. "مواطنة" ..
• إعلان الدولة على لسان الرئيس وبتوجيهاته للمشروع الأعظم "حياة كريمة" باستثمارات مهولة تقارب 700 مليار جنيه (وأظنها تجاوزت التريليون بحسابات ما بعد تداعيات أزمة أوكرانيا) لتحقيق طفرة عبقرية في تطوير الريف المصري، والمتابع هذه الأيام لما يحدث في صعيد مصر يتأكد له أننا بحق نعيش زمن المعجزات .. "مواطنة" ..
• وأخيرًا أرى أن إطلاق الرئيس السيسي للحوار الوطني، ترسيخ للجمهورية الجديدة التى قامت من أجلها ثورة 30 يونيو .. "مواطنة" ..
وعليه، أكرر مطالبي كمواطن مصري بمدة رئاسية جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسي لاستكمال جهوده في مجال دعم كل قيم المواطنة، والتي منها:
• إنشاء مفوضية عدم التمييز الديني التي أقرها الدستور وتوافق على أهمية دورها رموز كل قوى الحوار الوطني ..
• الاكتفاء بممثلي الكنائس الثلاث لتمثيل المسيحيين، أمر غير منطقي وضد حقوق المواطنة وعليه لا بد من إعادة دور "المجلس الملي" بعد تغيير المسمى العثماني الغريب وتشكيله بانتخابات وطنية من رموز العمل الوطني المسيحي ليكون ممثلًا لمسيحيي مصر ..
• ينبغي إعادة النظر في مسألة قانون بناء الكنائس وسن تشريع لقانون موحد لدور العبادة ..
• تدريس تاريخ ولغة وحضارة الحقب القبطية والتعريف بالرموز القبطية الوطنية على مدار التاريخ ..
•  فتح باب الحوار في قانون ازدراء الأديان لتعديله ..
• إعادة النظر فى النظام الحزبي والتفكير من جديد على عدم الموافقة على قيام أحزاب دينية مسيحية أو إسلامية ..
• حق المواطن المسيحي في الوجود على شاشات وبرامج إعلام بلاده و تغطية طقوس عباداته غلى الهواء، وتناول قضاياه على أرضية وطنية..
• ضبط آليات عمل الإعلام الديني الإسلامي والمسيحي عبر إعداد ميثاق شرف إعلامي ملتزم بسلام وأمن البلاد وعدم دفعها في سراديب التعصب والكراهية والتخلف.