رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من درب قرمز إلى نوبل.. أحياء سكنت "صاحب الثلاثية"

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

انطلقت أعماله الأدبية من الحارة المصرية ومفرداتها إلى العالمية، ومن خلال تركيز منجزه الأدبي على ذلك في كثير من الأعمال، حصل على جائزة «نوبل» العالمية في الآداب عام 1988، هو أديب نوبل نجيب محفوظ والذي تحل غدًا ذكرى وفاته.

واستطاع عدد من أصدقاء «أديب نوبل» أن يوثقوا ظروف ميلاده ونشأته في حي «الجمالية»، ثم انتقاله إلى «العباسية»، ومنها إلى حي «العجوزة»، وذلك في مؤلفاتهم التي حملت عناوينها الأحياء التي سكنها «محفوظ» وأثرت فيه وفي أعماله الأدبية.

من الجمالية إلى نوبل

ومن أبرز المؤلفات التي رصدت الأحياء التي سكن فيها نجيب محفوظ: «نجيب محفوظ من الجمالية إلى نوبل» للدكتور غالي شكري، و«صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» لرجاء النقاش، و«نجيب محفوظ يتذكر» للكاتب جمال الغيطاني، و«ليالي نجيب محفوظ فى شبرد» للكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز، وغيرها.

نجيب محفوظ يتذكر

وفي كتاب «نجيب محفوظ يتذكر» يرصد جمال الغيطاني علاقته بـ«الأستاذ»، وما ورد في أحاديثهم بشوارع وأزقة القاهرة القديمة، التي شهدت العديد من ذكريات نجيب محفوظ؛ خاصة أماكن رواياته المميزة، وطفولته وقصة حبه الأول، ونشأته في حي الجمالة والحسين والدراسة، وصراعه بين الفلسفة والأدب، وأهم الأحداث السياسية المؤثرة في حياته، والثورة والصراعات بين الاتجاهات والشخصيات السياسية، ثم الأدب والوظيفة.

وقال «محفوظ» عن حي «الجمالية» الذى شهد ميلاده: «لقد وعيت وأدركت قيمة حي الجمالية في حياتي منذ النشأة الأولى، كانت الجمالية أمامي وربما حين كنت أعيشها لم يكن حبي لها مثلما هو الآن، لأنها كانت شيئاً طبيعياً بالنسبة لي، وكان من الطبيعي أن أفتح عيني في الصباح فأجد أمامي بيت القاضي ودرب قرمز، ثم أصعد إلى سطح المنزل فأرى مئذنة جامع الحسين، وأنزل إلى الشارع فأجد نفسي محاطاً من كل جانب بهذا المعمار القديم الذي يميز الحي».

وأضاف: «كم نظرت من ثقوب مشربيتنا، وشاهدت أحداثا عظاما تتم في هذا الحي، شاهدت ثورة 1919 وهي تولد... شاهدت الميدان الهادئ المليء بأشجار الصفصاف، وقد خرج منه الآلاف من الرجال والنساء يهتفون بهتافات لا أفهم معناها جيداً، لأنني كنت مازلت صغيرا، كنت في سن السابعة».

وواصل: «قضيت في الجمالية أجمل أيام حياتي، لقد شهد ذلك الحي العريق هجرة إلى أحياء أخرى حديثة، فقد انتقلت عائلتي إلى حي العباسية، وبدلاً من أن أندمج في الحي الجديد وأصدقائه بدأت أقنعهم بالمجيء معي إلى الجمالية، ليتعرفوا على الحي الذي ولدت فيه».

وأكمل «أديب نوبل»: «وهكذا لم يكن يمر أسبوع دون أن أذهب إلى الحي القديم، فكنا نجلس في قهوة الفيشاوي وقهوة أخرى قديمة كانت في زقاق المدق. كنت أنظر إلى بيتنا القديم فأجده جميلا ومبنيا على الطراز القديم، وتزين واجهته مشربيتان جميلتان. لقد ألهمني بيتنا القديم الكثير من أعمالي, ولكنه أكثر من ذلك كان يمتعني بأهله الذين مازالت فيهم سمات أجدادهم عبر التاريخ الطويل».

مذكرات نجيب محفوظ

ويسرد رجاء النقاش فى كتابه «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» قصة حب «أديب نوبل» الأولى مع فتاة من العباسية، واصفهاً إياها بأنها قصة غريبة، قائلاً: «كلما مرت عليه ذكرى هذه القصة يشعر بالدهشة. بدأت القصة عندما كان في سن المراهقة، وقبل أن يمر بهذه التجربة كانت علاقته بالبنات لا تزيد على مداعبات تتجاوز الحد أحياناً، على حد وصفه. وشرح أن هذه المداعبات كانت تصطدم بالإحساس الديني الذي كان على أشده وقتها، وعاش لأوقات في عذاب مستمر من تأنيب الضمير، واستمرت هذه الحالة إلى أن رأى هذه الفتاة في العباسية».

وأضاف: «كان بيت هذه الفتاة يطل على الساحة التي يلعب فيها نجيب محفوظ كرة القدم، وأثناء اللعب جذبه وجهها الساحر لحظة وجودها في شرفة منزلها»، ناقلاً عن «أديب نوبل» قوله: «كنت في الثالثة عشرة من عمري، أما هي فكانت في العشرين، فتاة جميلة معروفة في العباسية، رأيت وجهها أشبه بلوحة الجيكوندا».

وأتم «النقاش»: «ظل حب أديب نوبل لهذه الفتاة من بعيد ومن طرف واحد، من ناحيته هو فقط، ولم يجرؤ أبدًا على محادثتها أو حاول لفت انتباهها، اكتفى فقط بالنظر إليها. وكانت متعته الكبرى أن يجلس بعد انتهاء المباراة قبل المغرب، ويوجه نظره ناحية شرفتها التي تقف فيها، ويطيل النظر لوجهها الجميل. ودام الحب صامتًا من طرفه هو فقط لمدة عام كامل».