رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجارديان: البريكس يدعم تحول المشهد الجيوسياسى العالمى.. وتنهى أنانية الغرب

بريكس
بريكس

أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن تكتل بريكس يشكل تهديدًا حقيقيًا للدولار في ظل عزم أعضاء التكتل الجدد، إنهاء السلوك الغربي الأناني، حيث بدأ التحول في المشهد الجيوسياسي من خلال الدول التي تمت دعوتها للانضمام إلى نادي البريكس في القمة التي عقدت الأسبوع الماضي.

وتابعت أنه خلال الأسبوع الماضي، شهد العالم عقد قمتين كبيرتين، أولهما المؤتمر الذي عقد في منتجع جاكسون هول في روكي ماونتن، حيث أرد الغرب التأكيد على قبضة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، وكان الحدث الآخر الأكثر أهمية هو قمة البريكس في جوهانسبرج الذي كان دليلًا على التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة من دول الأسواق الناشئة الرائدة.

وأضافت أن ما حدث في جاكسون هول، كان بمثابة رسالة مفادها بأن معركة العالم ضد التضخم لم تنته بعد، وأن المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة أمر محتمل، ولكن بحكم مكانة الدولار باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، فإن ما يفعله جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وزملاؤه في الأشهر المقبلة سيؤثر على الحياة في باقي دول العالم.

وأشار التقرير إلى أنه يتم تسعير السلع مثل النفط والقمح والحبوب بالدولار، ومن الممكن أن تشهد البلدان التي تقترض بالدولار ارتفاعًا كبيرًا في مدفوعاتها إذا ارتفعت قيمة العملة الأمريكية، بينما تستخدم البلدان التي لديها فوائض في الحساب الجاري العائدات لشراء سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يمكن الولايات المتحدة من إدارة عجز تجاري هائل في الميزانية.

 

سيطرة أوروبية وسلوك أناني غربي ورفض شرقي 

وأفادت الصحيفة بأن هذه الطريقة التي عمل بها النظام المالي الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، ومن غير المستغرب أن ترغب واشنطن في استمرار الوضع الراهن، لأنه يسمح لها بتمويل عجزها المزدوج من دون الاضطرار إلى اتخاذ الإجراء الانكماشي الصارم الذي قد تطلبه البلدان الأقل حظًا، وهو ما يجعل الولايات المتحدة بهيمنتها المالية على العالم لا تحظى بشعبية، وكان هذا أحد أسباب إنشاء العملة الأوروبية الموحدة اليورو لتكون منافسة للدولار، واليوم اجتمع أعضاء البريكس في محاولة لتقديم عملة موحدة للشرق وتحدي النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وتابعت أن ثمة العديد من الأسباب التي دفعت الدول النامية للجوء إلى المعسكر الشرقي، حيث سيطرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ تأسيسهما في عام 1944، إلى حد أن كل مدير إداري لصندوق النقد الدولي كان أوروبيًا وكل رئيس للبنك الدولي أمريكيًا، وبموجب مقاعدها الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تستطيع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا استخدام حق النقض ضد أي مبادرات لا تعجبهم، وفيما بينهما، تستطيع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يمنعا الدول النامية الرائدة من ممارسة أي نفوذ حقيقي في منظمة التجارة العالمية.

وأضافت أن العالم لم يعد أحادي القطب كما يتصور صناع السياسة الأمريكية، حيث برزت الصين كمنافس حقيقي، ونجحت في توسيع نطاق نفوذها، ومن الأمثلة على ذلك الخريطة العالمية التي أنتجتها شركة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية، والتي تقسم العالم إلى دول متحالفة بقوة إما تميل نحو الولايات المتحدة أو الصين.

وتابعت أنه خارج الدول الغنية والمتقدمة في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان وأستراليا، هناك عدد قليل من الدول المتحالفة بقوة مع الولايات المتحدة، والاقتصادات الناشئة الوحيدة ذات الأهمية التي تميل نحو واشنطن هي الهند وفيتنام، ولكن على النقيض من ذلك، يُنظر إلى معظم إفريقيا على أنها منحازة أو تميل نحو الصين، كما هو الحال مع معظم آسيا وجزء كبير من أمريكا الجنوبية.

وأضافت أن تنامي نفوذ تكتل البريكس جاء من السلوك الأناني لدول مجموعة السبع ــ الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وكندا ــ عندما قامت بتخزين اللقاحات خلال أزمة مرض فيروس كورونا 2019.

وأوضحت أن التحول في المشهد الجيوسياسي تجلى من خلال الدول التي تمت دعوتها للانضمام إلى نادي البريكس في قمة الأسبوع الماضي: ثلاث منها منتجة للنفط (المملكة العربية السعودية، وإيران، والإمارات العربية المتحدة)؛ اثنان منها من إفريقيا (مصر وإثيوبيا) وواحد (الأرجنتين) من أمريكا الجنوبية.

وأشارت إلى أن الأمر يستغرق سنوات قبل أن تتمكن مجموعة البريكس من إنشاء بنية تحتية مالية مماثلة لتلك التي تدعم الدولار، فإنه يتعين على المستثمرين الاستعداد للاحتفاظ بسندات مقومة بعملة غير الدولار بقدر استعدادهم للاحتفاظ بسندات الخزانة الأمريكية، حيث إن هيمنة الدولار أصبحت محل شكوك.

وتابعت أن التوسع الجديد للتكتل وضم كبار منتجي النفط في العالم، هو تهديد مباشر وحقيقي لهيمنة الدولار، حيث شهدت العلاقات الأمريكية العربية مؤخرًا فتورًا ملحوظًا، ومن المتوقع أن يقبل السعوديون بشكل متزايد على دفع ثمن النفط من أعضاء البريكس الآخرين بعملاتهم الخاصة.

وأعربت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، عن مخاوفها بشأن العواقب طويلة المدى لاستخدام العقوبات المالية كأداة للسياسة الخارجية الأمريكية، قائلة إن هناك خطرًا "مع مرور الوقت يمكن أن يؤدي إلى تقويض هيمنة الدولار".

وأكدت الصحيفة أن مخاوف وزيرة الخزانة الأمريكية في محلها، لأن وجود عملة احتياطية واحدة قوية يتلاءم بشكل غريب مع عالم متعدد الأقطاب، لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها، لكن التحدي الذي يواجه الدولار قادم لا محال.