رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريف شعبان: صناعة النشر في مصر تعاني من مشكلات وعقبات تعطل تطورها (حوار)

دكتور شريف شعبان
دكتور شريف شعبان

ما بين أول الكتب المنشورة وصولا لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبات ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضا المشكلات المتكررة والمتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتي حقوق الملكية الفكرية وغيرها. في سلسلة حوارات تقدمها الــ “الدستور” يحكي الكتاب تجاربهم مع عالم النشر.

وفي هذه الحلقة يحدثنا الكاتب الروائي، والخبير الأثري دكتور شريف شعبان، عن تجربته مع النشر والناشرين. وشعبان سبق وصدر له مؤلفات: كتاب “الدين والحكم”، “النبي المفقود أخناتون”، “يهود مصر القديمة”، “الأسقف ومناظرها الدينية عبر العصور”، “ملك من ذهب .. أسرار توت عنخ آمون”، “المآدب والولائم في مصر القديمة”، بالإضافة إلي روايتين هما: “بنت صهيون”، و"3 نبوءات سوداء".  

ــ ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟ 

في بداية حلم نشر عملي الأول خلال الألفية الجديدة كان الوصول إلى دور النشر الحكومية أمراً غاية في الصعوبة حيث تعمل على نشر موضوعات بعينها بينما كانت دور النشر الخاصة محدودة ولا تتعامل سوى مع الأسماء البارزة والمشهورة لضمان التوزيع والمبيعات في الوقت الذي لم يكن اسمي قد لمع في عالم الأدب والثقافة بعد، كنت قد كتبت رواية بنت صهيون في عام 2005 وهي ذات بُعد سياسي في الوقت الذي لم يكن المناخ السياسي مؤهل لنشر مثل تلك الروايات وهو ما عطل نشر الرواية طيلة 10 سنوات حتى عام 2015، فمع إرسال الرواية لأكثر من دار نشر كان يتم الرد متأخراً بعد أكثر من شهرين بالاعتذار والرفض لأسباب فنية أو إنتاجية أو حتى لم يصلني الرد من الأساس، لذلك كانت رحلة البحث عن دار نشر تغامر في التعامل مع اسم جديد ونشر رواية جريئة لم تكن بالرحلة السهلة على الإطلاق.

ـ ما المشاكل التي واجهتها بخصوص حقوق النشر والملكية الفكرية؟

عادة ما ينص العقد المبرم بين الكاتب والناشر على احترام حقوق النشر من حيث جودة المنتج وسلاسة التوزيع والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع من البعض هو عدم الاهتمام بمثل تلك المعايير ووضع الكاتب أمام أمر واقع من حيث عدم تقدير الحقوق المادية وبخس حق الكاتب المادي بحجة سوء الأوضاع الاقتصادية لسوق النشر أو عدم طباعة العمل أو تسويقه والترويج له بشكل يليق بقيمته العلمية والأدبية وهو ما يؤدي بدوره إلى ضياع قيمة العمل الذي هو جهد أعوام من التفكير والبحث يقضيها الكاتب مقتطعاً من وقته وصحته من أجل خروج منتجه الفكري بشكل لائق، إضافة إلى ذلك، فالكاتب في مصر يلعب كل الأدوار من حيث البحث عن ناشر وعمل دعايا للكتاب وتنظيم حفلات توقيع أو ندوات حول كتابه وهو ما يقتطع من وقت إبداعه.

ــ كيف تواجه هذه المشكلات مع الناشر؟ وما أصعب موقف تعرضت له؟

أغلب من عملت معهم من الناشرين بمثابة أصدقاء لي، لذلك في حالة وجود خلاف بيني وبين أحدهم يتم حل المشكلة بالتراضي وعدم تجديد العقد المبرم بيننا. وأعمل بشكل كبير على انتقاء التعامل مع الناشرين من خلال معرفة سمعة كل ناشر في سوق النشر وتجنب الأسماء التي يدور حولها قدر من اللغط. وكان والدي رحمة الله عليه د. شعبان خليفة أستاذ المكتبات بجامعة القاهرة له باع كبير في مجال النشر وهو ما جلني أدخل مضمار النشر وأتعامل مع أغلب الناشرين منذ سن مبكرة، فكان له العديد من الصداقات من أغلب دور الناشر العامة والخاصة وفي المقابل دخل في صدامات عدة مع عدد من الناشرين والتي أوصلتهم إلى المحاكم نتيجة تزوير كتبه وتسويقها دون علمه على يد دور النشر نفسها وفاز في أغلبها بتعويضات مادية وهو ما عاصرته بنفسي.

ــ هل سبق ووصلت خلافاتك مع ناشر ما إلي ساحات المحاكم؟ 

لم يحدث وأن وصلت خلافاتي مع أي ناشر إلى المحاكم نظراً للعلاقة الطيبة بيني وبين أغلب الناشرين الذين أتعامل معهم، وأتمنى ألا يصل خلاف بيني وبين أي ناشر إلى المحاكم.

ــ هل قمت يوما بسداد كلفة نشر كتاب لك؟

لم أقم ولن أقوم بدفع أية مبالغ من أجل نشر كتابي، ولا أنصح الكتاب الشباب ممن يجرون خلف حلمهم لنشر كتابهم الأول من السعي خلف أية إعلانات أو دعايا لنشر كتابه مقابل تحمله لتكاليف النشر، فبعض من تلك الدور تحصل على مبالغ طائلة مقدماً من الكاتب نظير وعود بخدمة متميزة دون اطلاعه على حقوقه المفروضة في مقابل طباعة عدد نسخ زهيدة سيئة الجودة وتوزيع سيء لا يرقى إلى أغلب المكتبات المحلية أو الخروج بالكتاب إلى المعارض الدولية بالإضافة إلى عدم حصول الكاتب على حقوقه المادية.

ــ ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟

أجد أن حلم العالمية هو سعي أي كاتب يود أن يرى كلماته تُقرأ في العالم كله، ولكن لا نجد سوى عدد محدود من دور النشر المصرية التي تعمل على نشر كتب مصرية بلغات أجنبية أو العمل على ترجمة أعمال مصرية بلغات أجنبية وتصديرها للخارج، لذلك أتمنى أن أصل بكتبي إلى العالمية حيث جودة التوزيع خاصة مع سهولة التواصل والترجمة مع وجود قدر مرموق من الدعايا للكتاب.

ــ في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟

أرى أن صناعة النشر في مصر تعاني من عدة مشكلات وعقبات تعطل تطورها، أهمها أزمة توافر الورق وهو ما يضع سعر الكتاب في مأزق مع القارئ المصري، بالإضافة إلى ضعف قوانين حقوق الملكية التي مازالت مهملة دون تطوير أو تفعيل والتي لا تعطي المؤلف والناشر حقوقهما على السواء، كما أن أغلب دور النشر مازالت تتعاطى مع عملية النشر بشكل بدائي دون تطوير أو مجاراة لأحدث أساليب النشر العالمية وعدم الاهتمام بالنشر الإلكتروني بالشكل المطلوب والذي يعد مستقبل النشر في ظل أزمة الورق وهو ما يجعل صناعة النشر في مصر في حالة تأخر.