رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أستاذ علوم سياسية: انضمام مصر لـ"بريكس" يدعم مصالحها الاقتصادية والتجارية

الدكتور نادية حلمي
الدكتور نادية حلمي

قالت نادية حلمي، الخبيرة فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية - أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف، إن انضمام مصر للبريكس يتيح العديد من الفرص والمزايا، خاصة على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار، باعتبارها واحدة من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، وتعتبر فرصة للقاهرة لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة. 

انضمام مصر للبريكس يحمي مصالح القاهرة 

وأوضحت حلمي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن إحدى المبادرات التي تشارك فيها بريكس حاليا هي تحويل التجارة إلى عملات بديلة قدر الإمكان، سواء كانت وطنية أو إنشاء عملة مشتركة، ومصر مهتمة جدا بهذا الأمر، فضلاً عن أهمية الوجود وسط تكتل يحمي المصالح السياسية والاقتصادية للدولة المصرية ويضيف مزيداً من التعاون وتبادل الخبرات والاستفادة من اتجاه البريكس للتعامل بالعملات المحلية أو بعملات غير الدولار الأميركي، وهذا جزء تحتاج إليه القاهرة نظراً لمشكلة النقد الأجنبي وبالتالي تنويع سلة العملات الأجنبية.             

وتابعت: "كما أن الانضمام للبريكس سيقلص هيمنة الدولار على المدفوعات، التي نوقشت في القمم السابقة، وعاد الجدل إلى الظهور بعد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والحرب الروسية الأوكرانية ما أدى إلى ارتفاع العملة الأمريكية، إلى جانب تكلفة السلع المسعرة بالدولار، من خلال زيادة استخدام العملات الوطنية للأعضاء في التجارة وإنشاء نظام دفع مشترك. ويُنظر إلى هدف إنشاء عملة مشتركة على أنه مشروع طويل الأجل".                 

وأشارت إلى أن الخطوات العملية المصرية للإنضمام للبريكس، بدأت بالموافقة على إتفاقية تأسيس وانضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لتجمع "بريكس"، الاقتصادي المُكون من مجموعة دول "البرازيل وروسيا، الصين والهند وجنوب أفريقيا"، تمثل نحو ٣٠% من حجم الإقتصاد العالمى، حيث وافق بنك التنمية الجديد على قبول مصر كعضو جديد، وتم الإعلان عن ذلك أثناء اجتماعات قمة قادة دول "بريكس" في ديسمبر ٢٠٢١، وأقرت الاجتماعات حينها مصر العضو الرابع الجديد، حيث تم قبول عضويتها ضمن التوسعة الأولى لنطاق إنتشار البنك عالمياً، وسبقتها، منذ سبتمبر ٢٠٢١، كلاً من: بنغلاديش والإمارات العربية المتحدة وأوروغواى.         

وتابعت: "سوف تنظر قمة البريكس القادمة فى جنوب أفريقيا فى مسألة العضوية الجديدة للمجموعة، وتحديد آلية الانضمام، حيث إن ميثاقها الأساسى لا يتضمن بعد قسماً محدداً بشأن إضافة أعضاء جدد. وهناك ما يقرب من ١٩ دولة ترغب فى ذلك، ووفقاً لمندوب جنوب إفريقيا لدى المجموعة هناك ١٣ دولة تقدمت رسمياً بطلب للإنضمام وست دول أخرى تقدمت بشكل آخر، كما أن تجمع البريكس ذاته يتلقى طلبات للإنضمام كل يوم".        

     

حلمي: بريكس تسعى لنموذج اقتصادي ينهي هيمنة القطب الواحد

وقالت إنه منذ تأسيس مجموعة البريكس، تسعى الدول الأعضاء فيها، ولا سيما روسيا والصين، إلى تطوير نموذج اقتصادي جديد ينهي هيمنة القطب الواحد، ويفتح الباب أمام استراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب، واقترحتا بدء عملية توسيع مجموعة "بريكس"، لينضم إلى مشاورات "بريكس+" ممثلون عن الأرجنتين ومصر وإندونيسيا وكازاخستان ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة والجزائر والمملكة العربية السعودية والسنغال وتايلاند، كما تقدمت إيران في  يونيو ٢٠٢٢ بطلب للانضمام.     

وأضافت: "نجد أن الاعتماد فى التبادل التجارى على عملات أخرى مثل اليوان الصينى والروبل الروسي سيخفف الضغط على الدولار الذى تعانى الدولة صعوبات كبيرة فى توفيره حالياً خاصة مع ارتفاع الدولار بشكل غير مسبوق، وأن رأس مال هذا التجمع هو ١٠٠ مليار دولار من الدول الأعضاء وسيكون هناك إضافات اخرى، وبالتالى سيكون له أذرع تمويلية على مستوى العالم والإقتصاد الدولى ومن هذه الزاوية يمكن لمصر أن تحقق طفرة فى التبادل التجارى مع باقى الدول الأعضاء".             

وقالت نادية حلمي إن دخول دول جديدة إلى المجموعة قد يغير التوازنات الجيوسياسية للكتلة. وتشترك بلدان "بريكس" في المطالبة بتوازن اقتصادي وسياسي عالمي متعدد الأقطاب، ومن بين الدول التي تتنافس على العضوية، بلدان غير منحازة تقليديا، مثل إندونيسيا وإثيوبيا. لكن هناك أيضا بلدان معادية علناً للولايات المتحدة وحلفائها، مثل إيران وفنزويلا.         

واعتبرت أن الانضمام للبريكس يمثل خطوة من شأنها أن توفر للدول النامية صلاحيات وقنوات تمويلية هائلة، الأمر سيعزز ثقة المجتمع الدولي ومؤسساته التمويلية، فضلاً عن هيئات التصنيف الائتماني فى اقتصاديات البلدان النامية ومنها مصر.     

وأشارت حلمي إلى أن إنضمام الدول الإفريقية والنامية لمجموعة البريكس سيوفر مجموعة من التسهيلات، أبرزها المنح والقروض الميسرة بفوائد مخفضة، بجانب الاستفادة من الخبرات الإقتصادية للدول المشاركة، والتمويلات الإستثمارية، كما أن إنضمام العديد من الدول الأفريقية والنامية إلى تحالفات مختلفة تجعلها تنوع مصادر الدخل والإقتراض، وسيكون من الأفضل لها الإنفتاح على الآخرين.               

وأضافت: "انضمام تلك الدول لتجمع البريكس، سيساهم فى تأمين إحتياجاتت تلك الدول النامية من السلع الضرورية كالقمح من روسيا والأجهزة الإلكترونية  من الهند والصين، وكذلك البن والشاي من دول أخرى كالبرازيل والمواد الخام وغيرها من دول التحالف،  وكذلك سيكون هناك معاملة تفضيلية في التعامل التجاري مع تلك الدول باعتبار كونها شركاء وحلفاء ضمن تحالف البريكس دون غيرها من الدول الأخرى".           

وقالت إن أبرز التخوفات الغربية والأمريكية بشأن إنضمام وتوسع عضوية العديد من الدول النامية لعضوية البريكس، تتمثل في الخوف من زيادة حجم التعاون الإقتصادى بين دول المجموعة، ستضاهى التكتلات الغربية وستسهم في إزالة هيمنتها، ما يدعم التوجهات الخاصة بنظام إقتصاد عالمى متعدد الأقطاب.       

البريكس تعمل على تحقيق التقدم والتنمية للدول النامية

وأشارت حلمي إلى أن الدول المؤسسة لتجمع البريكس، لا تتصرف من المنطلق الأمريكى المتعالي مع الدول النامية، وإنما تشغلهما المساهمة في تحقيق التقدم والتنمية بتلك الدول. 

وقالت حلمي إن أسهم "مجموعة بريكس" ارتفعت في الآونة الأخيرة إعلامياً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وأضحت عدة دول تبحث عن الانضمام إلى تكتل يحقق نوعاً من القطبية الاقتصادية، خصوصاً مع بحث روسيا عن شركاء داعمين لها في وجه العقوبات الإقتصادية الغربية، وتفضيل مجموعة من الدول إبقاء علاقاتها قوية مع موسكو وعدم مشاركة الغرب في  توجهاته الداعمة لأوكرانيا، وشجعت روسيا كثيرا على توسيع المجموعة حتى تتحول إلى أداة للضغط السياسي، خصوصاً أن روسيا واجهت عزلة دولية في غزوها لأوكرانيا، كما أن دولاً كثيرة صديقة لها لم تعارض القرارات الأممية المدينة للغزو.