رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إمام وخطيب المسجد الحرام: عالم المخدرات مظلم الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود

الدكتور صالح بن عبدالله
الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد

أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، أن عالم المخدرات عالم مظلم، الداخل فيه مفقود، والخارج منه مولود، وأن المخدرات جماع الشر ومجمع الضر ومستودع المفاسد وملتقى المصائب ومكمن الشرر، وأن كل بلاء يصغر دونَها، هي آفة العصر ومصيبة الدهر وقاصمة الظهر، تذهب بالعقول وتهلك النفوس وأصل كل بلية وأساس كل رذيلة ومفتاح كل شر ورجس من عمل الشيطان، توقع في العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وعن كل عمل صالح في الدين والدنيا.

وقال فضيلته - في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام - سبحان من خلق الإنسان وصوره، وبالإيمان زينه ونوره وبالعقل كرمه فهداه وبصَّره، العقل هو قطب رحى التكليف وبفقده ترفع التكاليف، وسمي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن اقتحام الشهوات والإقدامِ على المكاره والمضرات، العقل - عباد الله - أساس إنسانية الإنسان، وقِواَم فطرته، ومَنَاط تكليفه به يفكر، وبه يدرك وإليه يتوجه خطاب الشرع وتكليفاته، ومن زال عقله رفع عنه القلم.

وأضاف "إذا كان ذلك كذلك فإن المخدرات مما يهدم أركان مقاصد الإسلام يزلزل بنيانها، ويهد كيانها وذلك يشمل جميع أنواع المخدرات والمسكرات من مشروب ومأكول ومستنشق ومحقون، وسواء أكان سائلاً أم جامدا أم أقراصا أم مسحوقا أم غازيا، وأخرج الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن الله لم يحرم الخمر لاسمها، وإنما حرمها لعاقبتها، فكل شراب يكون عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام كتحريم الخمر".

وبين أن كل ما غطى العقل وستره فهو خمر، وكل ما أسكر فهو خمر، وكل خمر حرام، فكل أنواع المخدرات داخلة في اسم الخمر ومسماه وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" وفي الحديث المتفق عليه (كل شراب أسكر فهو حرام).

وأكد أنه من أجل هذا أجمع فقهاء الإسلام على تحريم المخدرات وزراعتها وتصنيعها وتعاطيها، ناهيكم بتهريبها وترويجها - عياذاً بالله - بل قال ابن عابد رحمه الله في حاشيته: من قال بحل الحشيشة فهو زنديق مبتدع.

كما شدد أن المبتلى بهذه القاذورات لا يملك تفكيرا سوياً، ولا قدرة على حسن الاختيار، ألعوبة بيد تجار الموت، الذين يجنون الأموال الملوثة والملونة بدماء الضحايا هذا المبتلى يخسر نفسه ودراسته ووظيفته وماله وسمعته وصحته وأهله، يعيش حياة الانعزال والإهمال والكسل والقلق والاضطراب، حياته خمول وعدوانية واكتئاب وخوف وهلع، محطم الإرادة لأضرار بدنية ونفسية واجتماعية واقتصادية وبيئية، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وتابع "ومع هذا كله فإن المبتلى مريض يجب علاجه، وليس مجرما يلزم عقابه"، موضحًا أن من أهم وسائل العلاج التمسك بالدين والقيم الأخلاقية، والاستقامة على أمر الله والالتزام بشرعه وأداء ما افترض الله والبعد عن ما حرم الله ، وإذا ضعف وازع الدين سهل تقبل الأفكار المنحرفة، والقيم الفاسدة.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الإسهام في العلاج والتوعية مسئولية الجميع، فالجهات المختصة لها دورها ومسئوليتها أعانهم الله وسددهم، المدرسة وأهل العلم في المساجد، وأصحاب القلم والرأي والحقوق والاقتصاد والصحة، والأندية الرياضية والثقافية والجمعيات المهنية بأنواعها رجالية ونسائية والمؤسسات الثقافية والإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي والجمعيات الخيرية، وكل غيور ومحب لدينه وبلده وأهله، كل هؤلاء عليهم مسئولياتهم في المتابعة والتبليغ والعلاج، كما ينبغي النظر في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتهيئة فرص العمل، والنظر في مشكلة الفراغ والبطالة.